Why Israel’s War in Gaza Has Been So Deadly for Journalists

 

Why Israel’s War in Gaza Has Been So Deadly for Journalists

 

يتناول هذا المقال المخاطر غير المسبوقة التي يتعرض لها الصحفيون في غزة، حيث ارتقى المئات منهم خلال الحرب الإسرائيلية على غزّة بينما كانوا يؤدون مهامهم المهنية، موضّحا كيف يتحمل الإعلاميون الفلسطينيون وحدهم مسؤولية نقل الحقيقة في ظل الحظر المفروض على الصحافة الأجنبية، ويعرض تقارير حقوقية تؤكد أن الاستهداف متعمد ضمن سياسة للسيطرة على السردية الإعلامية. كما يناقش غياب المساءلة الدولية وما يترتب على ذلك من تهديد عالمي لحرية الصحافة. فيما يلي ترجمة تلخيصيّة للمقال

شهدت السنوات الأخيرة واحدة من أكثر الحروب دموية وخطورة على الصحفيين، تمثلت في الحرب الإسرائيلية المستمرة على قطاع غزة، التي لم تقتصر على المدنيّين، بل طالت بشكل مباشر الإعلاميين الذين حاولوا توثيق الحقيقة وسط الدمار. ففي 25 آب/ أغسطس 2025 مثلا، قُتل خمسة صحفيين في قصف مزدوج على مستشفى ناصر جنوب القطاع، وهو أسلوب يعرف بالضربة المزدوجة التي تستهدف المسعفين والمراسلين بعد الضربة الأولى مباشرة، ويعتبر وفق القانون الدولي جريمة حرب متعمدة. كشفت الحادثة مرة أخرى حجم المخاطر التي يتعرض لها الصحفيون الفلسطينيون الذين يتحملون وحدهم مسؤولية نقل ما يجري إلى العالم، في ظل حظر شبه كامل على دخول الصحافة الأجنبية إلى غزة منذ نحو عامين. ولعل هذه الحرب باتت تُسجَّل في التاريخ الحديث كالأكثر دموية للصحفيين، حيث تجاوز عدد القتلى منهم المئة والتسعين منذ اندلاع المواجهة في تشرين الأول/ أكتوبر 2023، وهو رقم صادم وغير مسبوق في النزاعات المعاصرة.

أثارت هذه الوقائع نقاشا واسعا حول ما إذا كانت إسرائيل تتعمد استهداف الصحفيين ضمن استراتيجية أوسع للسيطرة على السردية الإعلامية ومنع نقل الحقيقة إلى الخارج. فبينما تقدّم إسرائيل تبريرات متناقضة، من الحديث عن «أخطاء مؤسفة» إلى اتهام بعض الضحايا بالانتماء إلى جماعات مسلّحة، يرى خبراء ومنظمات حقوقية أن هذه الممارسات تكشف عن سياسة متعمدة لإسكات الشهود على الجرائم، بل إن بعض المؤسسات الصحفية العالمية مثل رويترز وأسوشيتد برس قدّمت رسائل احتجاج رسمية طالبت فيها بتحقيقات شفافة، مؤكدة أن زملاءهم القتلى كانوا في مهمتهم المهنية داخل المستشفى. ورغم ذلك، يبقى غياب المحاسبة سمة ثابتة؛ إذ لم تشهد العقود الماضية أي مساءلة حقيقية عن قتل الصحفيين بنيران الجيش الإسرائيلي، ما يعزز شعورا بأن هذه الانتهاكات تُرتكب في مناخ من الإفلات الكامل من العقاب.

بين التبرير الرسمي والشهادات الحقوقية

أحد أبرز الأمثلة على الاستهداف المباشر كان مقتل الصحفي أنس الشريف، المراسل البارز لقناة الجزيرة والحائز على جائزة بوليتزر، إثر قصف خيمة صحفية في غزة. وقد ادعت إسرائيل حينها أنه قيادي في خلية تابعة لحماس دون أن تقدم أدلة ملموسة، بينما كان الشريف نفسه قد أعرب قبل أسابيع من اغتياله عن مخاوفه من حملة تشويه ممنهجة تهدف إلى وصمه بالإرهاب تمهيدا لتصفيته. عكست شهادته للجنة حماية الصحفيين بوضوح أن إسرائيل تسعى لاغتيال الصحفيين معنويا قبل استهدافهم جسديا، وأن تغطيته لجرائم الاحتلال أضرت بصورة تل أبيب دوليا. هذه الواقعة ليست معزولة، بل تكررت في أشكال مختلفة، إذ تتراوح الرواية الرسمية عادة بين مزاعم «الأضرار الجانبية» أو إطلاق اتهامات غير مثبتة بالإرهاب، فيما تتفق المنظمات الحقوقية على أن الأمر يرتقي إلى سياسة منظمة تهدد حرية الإعلام عالميا وتفتح الباب أمام سابقة خطيرة قد تُستنسخ في نزاعات أخرى.

تعكس الأرقام والحقائق التي وثقتها لجنة حماية الصحفيين خطورة المشهد، فبحسب المنظمة قُتل ما لا يقل عن 197 صحفيا منذ تشرين الأول/ أكتوبر 2023، في حين يجري التحقيق في 26 حالة يُعتقد أن الجيش الإسرائيلي استهدف فيها الصحفيين بوعي تام. هذه الأرقام غير مسبوقة وتعني أن غزة أصبحت أخطر مكان على وجه الأرض للعمل الإعلامي. وتقول جودي غينسبيرغ، الرئيسة التنفيذية للجنة، إن «الصحفيين مدنيون قبل كل شيء، واستهدافهم يندرج ضمن جرائم الحرب». لكن المشكلة لا تكمن فقط في القتل، بل أيضا في حرمان الصحفيين الأجانب من دخول القطاع، ما يجعل المراسلين الفلسطينيين وحدهم في مواجهة آلة الحرب، يعيشون الظروف نفسها من قصف وتشريد وجوع وفقدان للأقارب، ومع ذلك يُطالبَون بالاستمرار في توثيق الحقيقة. المفارقة المؤلمة أن الصحفي في غزة قد يجد نفسه مضطرا لتغطية وفاة زميله أو أحد أفراد أسرته في اليوم نفسه، ما يجعل مهنة الصحافة هناك مرادفا للتضحية المطلقة.

السيطرة على السردية ومنع نقل الحقيقة

إلى جانب الاستهداف المباشر للصحفيين، تلجأ إسرائيل إلى أدوات أخرى للسيطرة على الرواية الإعلامية. فهي لا تكتفي بالتشكيك في نزاهة الإعلاميين الفلسطينيين، بل تعمد أيضا إلى معاقبة المؤسسات الإعلامية الناقدة في الداخل الإسرائيلي نفسه، كما حدث مع صحيفة هآرتس التي فرضت عليها الحكومة عقوبات بسبب تغطيتها المنتقدة للحرب. وترى غينسبيرغ أن هذه السياسة تعكس استراتيجية متعمدة للرقابة على المعلومات، تشمل استهداف المرافق الإعلامية، إغلاق القنوات، ومنع دخول الصحفيين الأجانب، بل والتحكم فيما يُسمح بنشره داخل إسرائيل ذاتها. ويصف مراقبون هذه الإجراءات بأنها محاولة لإنتاج «حقيقة رسمية» واحدة، ومنع أي رواية بديلة قد تُظهِر حجم الكارثة الإنسانية في غزة. وفي ظل غياب التغطية الخارجية المستقلة، يصير الاتهام الموجه للصحفيين الفلسطينيين بأنهم غير موثوقين أمرا «مناسبا ومريحا» للحكومة الإسرائيلية، على حد تعبير غينسبيرغ، رغم أن هكذا اتّهام لا يُوجَّه لصحفيين أميركيين أو بريطانيين عندما يغطون أوطانهم.

يتقاطع هذا التوجه مع صمت أو تردد المجتمع الدولي، ولا سيّما الدول الغربية التي تكتفي بتصريحات دبلوماسية عن دعم حقوق الفلسطينيين، بينما تواصل تزويد إسرائيل بالأسلحة التي تُستخدم ضد المدنيين. وتؤكد غينسبيرغ أن تغيير سلوك إسرائيل يتطلب مواقف أكثر صرامة تتعلق بوقف تزويدها بالسلاح أو فرض ضغوط اقتصادية وتجارية جدية، لأن التصريحات وحدها لا توقف القصف ولا تعيد الحياة للضحايا. كما توجهت برسالة قوية إلى وسائل الإعلام الغربية: «قوموا بعملكم. لا تكتفوا بنقل ما يقوله المسؤولون، بل انقلوا ما يحدث فعلا على الأرض.» وهي رسالة تختزل جوهر الأزمة؛ إذا لم يكن هناك ثمن دولي لهذه الانتهاكات، فإن القواعد الأساسية للقانون الإنساني ستصبح بلا معنى، وستفتح الباب لنسف حماية الصحفيين في النزاعات الأخرى حول العالم.

خاتمة

تكشف مأساة الصحفيين في غزة عن أبعاد تتجاوز كونها مجرد خسائر بشرية في صفوف العاملين بالإعلام؛ إذ تعكس معركة على الحقيقة ذاتها، حيث تسعى إسرائيل إلى فرض روايتها الرسمية بأي ثمن، حتى لو كان ذلك عبر إسكات الشهود على الأرض. الأرقام الصادمة، الشهادات الميدانية، ورسائل الاحتجاج الدولية جميعها تؤكد أن ما يجري ليس حوادث معزولة، بل سياسة متكررة تهدد جوهر حرية الصحافة في العالم. وبينما يبقى الإعلاميون الفلسطينيون وحدهم في الميدان يوثقون القصف والجوع والنزوح، تستمر الدعوات الحقوقية لمساءلة إسرائيل عن هذه الجرائم دون أن تلقى صدى حقيقيا في المحافل الدولية.

إن استمرار هذا الوضع بلا محاسبة لا يمس بحرية الإعلام في فلسطين فحسب، بل يوجّه ضربة خطيرة إلى المنظومة الدولية بأكملها، إذ يخلق سابقة مفادها أن استهداف الصحفيين يمكن أن يمر من دون عواقب. لهذا، فإن حماية الصحفيين في غزة ليست قضية محلية تخص الفلسطينيين وحدهم، بل هي اختبار عالمي لمدى قدرة القانون الدولي على حماية الحقيقة ومن ينقلها. وإذا فشل المجتمع الدولي في هذا الاختبار، فإن الثمن سيدفعه الصحفيون في نزاعات أخرى قادمة، وسيظل السؤال مفتوحا: من يحمي حماة الحقيقة؟

Why Israel’s War in Gaza Has Been So Deadly for Journalists