د. محمد اشتية

 مقدمــــة

جاءت المبادرة الفرنسية التي أطلقها الوزير الفرنسي لوران فابيوس بتوجيه من الرئيس فرانسوا اولاند في أيلول 2014 وبعد محادثات مع الرئيس أبو مازن لتصبح “اللعبة الوحيدة على الطاولة”.  وجاء في رسالة الدعوة التي وجهتها فرنسا للدول المشاركة، والبالغ عددها حوالي 28 دولة على مستوى وزراء الخارجية، والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والجامعة العربية “أن الهدف هو تجمع دولي من أجل إحياء الملف الفلسطيني الإسرائيلي والحفاظ على حل الدولتين”.

وكانت القيادة الفلسطينية قد رأت أن المفاوضات الثنائية لم تعد قادرة على إنهاء الاحتلال وأن الخروج من المفاوضات الثنائية أمر لا بد منه.  وعلى ضوء نجاح المفاوضات المتعددة (5+1) مع إيران والتجمع الدولي من أجل سوريا أصبح نموذج المفاوضات المتعددة نهجاً بديلاً يمكن الاسترشاد به، حيث كتب د. محمد اشتية مقالاً نشر في 5 سبتمبر 2013 في جريدة نيويورك تايمز وجريدة هآرتس بعنوان: “إذا كان هناك مؤتمر لإيران في جنيف ومؤتمر لسوريا في جنيف، لماذا لا يكون هناك مؤتمر دولي لفلسطين في جنيف أيضا؟”  وكان المقال يعبر عن توجهات الرئيس أبو مازن والقيادة الفلسطينية التي رأت عجز المسار الثنائي عن تحقيق الحل المتمثل بإنهاء الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية وحق العودة.

المؤتمر الدولي في باريس مهم لأنه يكسر احتكار واشنطن للعملية السلمية ويخرج الطرف الفلسطيني من التفاوض العبثي مع طرف إسرائيلي لا يريد التفاوض أصلاً.  ويسطر مرجعية مهمة للمسار السياسي مستندة إلى قرارات الأمم المتحدة ومبادرة السلام العربية التي حاولت إسرائيل  إلهاء المجتمع الدولي بالحديث عن تعديلها وكان الرد السعودي الرافض للتعديل قد لجم اللعبة الإسرائيلية – الأمريكية حول الموضوع.  إذ أرادت إسرائيل من تعديل المبادرة البدء بالتطبيع مع العرب دون الانسحاب من الأراضي العربية التي احتلتها عام 1967. ورغم إدراكنا ان بعض العرب يطبعون من تحت الطاولة مع إسرائيل الا أن من المهم بمكان ما قاله الوزير السعودي حول رفض المملكة أي تعديل على المبادرة العربية للسلام وكذلك قرر وزراء الخارجية العربي “أن تبقى مبادرة السلام العربية كما هي”.

الجانب الفلسطيني رحب بالمبادرة الفرنسية قبل أن يرى حتى ملامحها لأنها خروج من الثنائي إلى المتعدد ولانها أعادت فلسطين إلى المنصة الدولية بعد ان دفعتها أحداث المنطقة العربية إلى الأولويات المتأخرة، ولأن إسرائيل أعلنت من البداية رفضها هذه المبادرة.

إن المبادرة الفرنسية تطرح عدة أسئلة لا زالت بدون إجابات:

  • مدى جدية المجتمع الدولي بإنهاء الاحتلال الإسرائيلي على فلسطين.
  • مدى قدرة المجتمع الدولي بإلزام إسرائيل بقراراته.

جـ) مدى قدرة العرب بالانتقال من الاستجداء للمواقف الدولية إلى استخدام لغة المصالح المشتركة مع العالم حول فلسطين.

د) هل المبادرة الفرنسية حصان طروادة للعودة إلى المفاوضات الثنائية، أم أن المسار المتعدد سيحسم القضايا السياسية في تصبح المفاوضات الثنائية فنية فقط؟

وسنعالج في هذه الورقة مختلف مفاصل المبادرة الفرنسية من ناحية أسسها ومراحلها واعتبارات فرنسا بطرح تلك المبادرة والرفض الإسرائيلي التكتيكي لها ونخلص إلى ما العمل الذي يجب أن يبدأ الآن وحتى انعقاد المؤتمر الدولي.

أسس المبادرة الفرنسية

حتى هذه اللحظة ليس هناك مضمون كامل وواضح للمبادرة الفرنسية، واقتصر الأمر على بعض التصريحات والتسريبات الصحفية. لكن جوهر المبادرة يقوم على إعادة الصراع إلى المحافل الدولية من خلال مؤتمر دولي تشارك به الدول المعنية لمساعدة الطرفينبالوصول إلى حل.

وتتكون مبادرة السلام الفرنسية من مرحلتين: الأولى اجتماع تحضيري، تم عقده فعلا بحضور 28 دولة ومنظمة في باريس في الثالث من حزيران بغياب الفلسطينيين والإسرائيلين، للتحضير للمرحلة الثانية وهي مؤتمر دولي قبل نهاية العام يشارك فيه الطرفان.

وجاء في ملخص البيان الختامي المقتضب للإجتماع التحضيري، نقاط هامة تشمل:

* إن هناك إجماعا على ضرورة انقاذ حل الدولتين “الذي يشكل السبيل الوحيد لتحقيق السلام”.

* الإشارة إلى ضرورة إنهاء الاحتلال الإسرائيلي للمناطق المحتلة عام 1967.

* بناء المستوطنات يهدد حل الدولتين.

*التأكيد على ضرورة حل جميع قضايا الوضع النهائي بما فيها اللاجئين والقدس والمستوطنات.

* الإشارة لضرورة الارتكاز لمبادرة السلام العربية، وقرارات الأمم المتحدة.

*دعوة الاطراف المشاركة لبذل الجهود لإنجاح المؤتمر الدولي، وتقوم فرنسا بتنسيق هذه الجهود.

كما يُفهم من الوثيقة التي أعدتها وزارة الخارجية الفرنسية ووزعتها على ممثلي الدول الـ28 المشاركة في المؤتمر التحضيري، أن الحكومة الفرنسية حاولت تحديد جدول زمني لكل مفاوضات مستقبلية حول الاتفاق الدائم بين إسرائيل والفلسطينيين، ولكن يبدو أنها أخفقت في ذلك خلال المؤتمر.

وبهذا السياق، قال وزير الخارجية الفرنسية جان مارك ايرولت بالمؤتمر الصحفي عقب الاجتماع، بأن نقاشا مطولا دار حول الإطار الذي يؤمل ان يتم من خلاله استئناف المفاوضات. وبالنسبة إلى فرنسا، حسب ايرولت، هذا الإطار واضح ويتمثّل في القرارات التي اتّخذها المجتمع الدوليّ، أي القرار 242 والقرار 338 والقرارات الأخرى لمجلس الأمن، واتّفاق مدريد، ومبادرة السلام العربيّة، وخارطة الطريق للرباعيّة الدوليّة.

وتقترح وثيقة الخارجية الفرنسية التي تم تسريبها، سلسلة من العمليات التي يمكن المجتمع الدولي القيام بها لمساعدة الطرفين بالوصول إلى الحل، وعلى رأسها تعريف مبادئ حل المسائل الجوهرية للصراع (الحدود، الأمن، اللاجئين، المستوطنات والقدس والمياه)، التي ستجري على أساسها كل مفاوضات مستقبلية.

ماذا تريد فرنسا من المبادرة:

ظهر الاهتمام الفرنسي بتحريك عملية السلام خلال العامين الماضيين، بمبادرة من الوزير الفرنسي السابق فابيوس، الذي كان لغيابه أثر سلبي على التوقعات منها، فقد أمسى الموقف الفرنسي أكثر تصالحا وخضوعا للموقف الاسرائيلي، ويظهر ذلك جليا بتراجع فرنسا عن الاعتراف بالدولة الفلسطينية تلقائيا حال فشل المبادرة، الأمر الذي أعلن عنه فابيوس بداية العام قبل استقالته بأسابيع. ويظهر أيضا بالموقف الاعتذاري الذي ابدته فرنسا بعد تصويتها على مشروع قرار في اليونسكو لصالح الاعتراف بالحائط الغربي (حائط البراق) كمعلم أثري مقدس تابع للدولة الفلسطينية.

ولكن أهمية تدخل فرنسا لقيادة الجهود في العملية السلمية يعتبر خرقا للاحتكار الأمريكي لهذا المضمار، بعد فشل جهود جون كيري في التوصل إلى اتفاق بين الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي قبل 3 أعوام، ورغم أن البعض عزا الاهتمام الفرنسي لمسعى وزير الخارجية السابق فابيوس لتسجيل إنجاز تاريخي له، إلا أن بقاء المبادرة بعد رحيله عن المنصب يدل على انها ناتجة عن نية فرنسية حقيقية لكسر الجمود السياسي والأمر الواقع الذي تفرضه إسرائيل، في ظل العنف الذي تعيشه المنطقة بأكمالها.

وللحزب الاشتراكي الفرنسي الحاكم بالتأكيد اعتبارات سياسية داخلية، كتسجيل إنجاز سياسي مع قرب الانتخابات التي ستجري العام القادم، خصوصا بعد تعرض البلاد العام الماضي لهجمات إرهابية دموية.

الرفض الإسرائيلي:

رفضت إسرائيل المبادرة الفرنسية منذ بدء الحديث عنها كما ترفض التعاطي مع أي مبادرة دولية، فبنيامين نتنياهو يرفض إجراء مفاوضات تحت رعاية دولية، ويخشى من جمهرة دولية ضد الاحتلال، ويفضل أن يبقى الأمريكي هو الراعي الحصري لأي مفاوضات تجنبا لأي ضغوط أو التزامات.

لذا، قال نتنياهو ردا على المبادرة الفرنسية: “إن طريق السلام لا يمر بمؤتمرات دولية تحاول فرض تسوية وتجعل المطالب الفلسطينية أكثر تشددا، فالطريق إلى السلام يمر بتفاوض مباشر بين الطرفين بدون شروط مسبقة”.

لكننا نرى أن هذا الرفض تكتيكي ومحاولة لابتزاز الفرنسيين والعالم للحصول على مكتسبات قبل موعد مؤتمر باريس الدولي. ونتوقع أن تشارك إسرائيل في المؤتمر نهاية العام لتخريب المبادرة وتفريغها من مضمونها، مثلما حصل في مؤتمر مدريد حيث قال إسحاق شامير إنه سيبقي المفاوضات 10 سنوات والآن نحن بالسنة العشرين.

فإسرائيل ترغب باستمرار المفاوضات إلى ما نهاية، كغطاء على استيطانها وقضمها لمزيد من الأراضي الفلسطينية، وفرض الأمر الواقع على الأرض، وكذلك تلميع صورتها على الصعيد الدولي على أنها تحافظ على العملية السلمية. ونعلم أن ما تريده إسرائيل هو “اللاحل” من جهة وتقويض إمكانية اقامة دولة فلسطينية من جهة أخرى.

وبالمقابل، يعول نتنياهو على تعديل مبادرة السلام العربية وتفريغها من محتواها من خلال علاقات إسرائيل الآخذة بالنمو مع بعض الدول العربية نتيجة التحالفات الجديدة في المنطقة المبنية على التنسيق من أجل محاربة الإرهاب وغيره، لكن وزير الخارجية السعودي، عادل الجبير، قطع الطريق على نتنياهو نافيا إمكانية التعديل على المبادرة.

لكن من جانب آخر، كانت أحزاب إسرائيلية قد انتقدت رفض نتنياهو للمبادرة الفرنسية، مثل المعسكر الصهيوني الذي اعتبرها “كفيلة بتخفيف الضغط الدولي على إسرائيل، وتجعلها أكثر تحديداً لمستقبلها”.

لماذا حضر كيري وغاب لافروف؟

لم تكن الولايات المتحدة الأميركية منذ البدء متحمسة للمبادرة الفرنسية، لكنها تجاوبت معها بشكل فاتر، من خلال حضور كيري للاجتماع التحضيري في باريس، والذي عمل فيه جاهدا على إضعاف البيان الختامي. ومن المتوقع أن تقوم الولايات المتحدة بخطوات لضرب المبادرة الفرنسية وبضغط إسرائيلي، من أجل إعادة الأمور من أجل إعادة الأمور لى نمطها القديم المتمثل بالمفاوضات الثناية.

أما بخصوص لافروف، فرغم الإعلان المسبق عن نيته المشاركة بالمؤتمر إلا أنه تغيب وأرسل أحد نوابه. وقد يكون تأجيل فرنسا لموعد عقد المؤتمر ليتوافق مع برنامج كيري هو ما أثار استياء لافروف ومنعه من الحضور. أما غياب الوزيرين الألماني والبريطاني فكانا لأسباب أخرى.

الموقف الفلسطيني

رحبت السلطة الوطنية ومنظمة التحرير والعديد من الفصائل على رأسها فتح بالاجتماع التحضيري الذي عقد في باريس تمهيدا للمؤتمر الدولي، إذ رأت فيه بارقة أمل، لإنهاء الاحتلال. وأكدت الرئاسة في بيانها بعد الاجتماع على أن الموقف الفلسطيني يقوم على إنهاء الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود 1967 وعاصمتها القدس، ويشمل الموقف كذلك عدم المساس بمبادرة السلام العربية والحفاظ على الحقوق الوطنية الفلسطينية.

من جانبها، نددت كل من حركة (حماس) والجهاد الاسلامي والجبهتان الشعبية والديموقراطية بالمبادرة الفرنسية في بيان مشترك، مستنكرة “محاولات فرض مبادرات جديدة لما يسمى تسوية الصراع مع الاحتلال”. واعتبرت أن المبادرة “تضرب في العمق وتحت الحزام ثوابت الشعب الفلسطيني وخصوصا حق العودة والتنازل عن بقية الارض الفلسطينية”.

على الصعيد الشعبي، لا تحظى المبادرة الفرنسية باهتمام الشارع فقطاع واسع لا يعرف الأفكار التي يطرحها الفرنسيون، وهناك مخاوف بشأن إعادة إنتاج مفاوضات ثنائية بلا هدف ونهاية واضحين.

خطوات مقترحة

انتهى المؤتمر التحضيري في باريس ببيان يحمل كثيراً من العموميات المهمة ومن هنا فإن ساعة العمل للقيادة الفلسطينية يجب أن تبدأ.  ولولا تدارك اللحظة الأخيرة من أجل إدخال تعديلات هامة على البيان، حيث هبت القيادة الفلسطينية من خلال الأصدقاء المشاركين لإجراء التعديلات حيث كانت المسودة الأولى للبيان هزيلة وخالية من أية مضمون بل تعيد الأمور إلى مربع المرحلة الانتقالية التي تعيشها السلطة اليوم.

إن القيادة الفلسطينية مطلوب منها العمل على:

أولا: حراك دولي واسع مع مختلف اللاعبين وعلى رأسهم فرنسا وبقية شركائنا في العملية السياسية من أجل ضمان مخرجات المؤتمر الدولي على أساس المنظور الفلسطيني والمتمثل في إنهاء الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية على حدود 1967 وحق العودة للاجئين كما نصت على ذلك الشرعية الدولية.

ثانيا: العمل مع الأطراف الدولية المشاركة في مؤتمر باريس من أجل أن يخرج المؤتمر الدولي:

  • إطار زمني لإنهاء الاحتلال مستنداً إلى خطة عمل.

ب.آليات تنفيذ للقرارات الدولية الصادرة عن المؤتمر الدولي.

جـ. آلية متابعة ومراقبة تشمل في مرجعيتها القضايا المتعلقة بالأمور السياسية والميدانية بما في ذلك الاستيطان.

ثالثا: تكثيف العمل ضد الاستيطان من أجل وقفه الآن وحتى الوصول إلى المؤتمر الدولي وإقناع المجتمع الدولي بأهمية ذلك كأساس لبرهان جدية مؤتمر باريس،  مع تعزيز نهج مقاطعة البضائع الإسرائيلية دوليا بما فيها بضائع المستوطنات.

رابعا: التنسيق مع أصدقائنا الروس من أجل ضمان توازن بيان اللجنة الرباعية المنتظر ليكون منسجماً مع الموقف الفلسطيني ومنع محاولة الولايات المتحدة زج موضوع “يهودية الدولة” في البيان أو محاولة تقزيم المبادرة الفرنسية وإخراجها من إطارها الرامي لإنهاء الاحتلال.

خامساً: العمل على إنجاز المصالحة قبل عقد المؤتمر الدولي لتنفيس حجج إسرائيل وحلفائها والادعاء بأن القيادة الفلسطينية لا تمثل غزة.  فالوحدة الفلسطينية تعطي صورة مشرقة للعالم عن فلسطين رغم إدراكنا أن الكرة في هذا الموضوع هي بيد حماس.

سادساً: العمل على إنجاز اجتماع المجلس الوطني الفلسطيني وضمان مشاركة الجميع في هذا الاجتماع من أجل تعزيز النفس الوحدوي وحماية الشرعية وذلك قبل المؤتمر.

سابعاً: المراجعة الجدية للوضع الاقتصادي الفلسطيني ووضع رؤية وطنية شاملة لذلك مع تعزيز دور المؤسسة الوطنية واستمرار بناء المؤسسات وتعزيز الوجود الوطني في القدس والعمل على رفع الحصار عن قطاع غزة.

ثامناً: تشكيل لجان تحضيرية لإنجاز الدراسات والمواقف المتعلقة بمجموعات العمل التي نص عليها البيان، وهي: المجموعة الاقتصادية ومجموعة الأمن ومواجهة العنف ومجموعة الأمن الإقليمي إضافة إلى مجموعة الضمانات الدولية.

تاسعا: إن توقيت عقد المؤتمر الدولي غير واقعي حيث تكون الولايات المتحدة منشغلة بالانتخابات الرئاسية وكذلك الحال في فرنسا، وبناء عليه يجب التوجه إلى مجلس الأمن من أجل قرار ملزم بإنهاء الاحتلال قبل عقد المؤتمر.

عاشرا: التحضير لحملة إعلامية تعري الموقف الإسرائيلي الرافض للمبادرة.

كلمة ختامية: إن المبادرة الفرنسية هي “اللعبة الوحيدة” على الطاولة ومن المهم العمل على تحويلها من محاولة لإدارة الأزمة إلى جهد دولي لإنهاء الاحتلال، وأن يرافق ذلك إعادة تفعيل الحراك الشعبي بموازاة الحراك الدولي.

ملاحق

 نص البيان المشترك الصادر عن المؤتمر

  • نص المؤتمر الصحفي لوزير الخارجيّة الفرنسي عقب المؤتمر
  • مقال سابق للدكتور اشتية حول مؤتمر دولي لفلسطين

مبادرة السلام في الشرق الاوسط

باريس، 3 حزيران 2016

بيان مشترك

في اجتماعهم المنعقد في باريس يوم 3 حزيران 2016، أعاد المشاركون التأكيد على دعمهم لحل دائم وعادل وشامل للصراع الإسرائيلي – الفلسطيني.

وأعاد المشاركون التأكيد على أن السبيل الوحيد لتحقيق السلام الدائم هو حل الدولتين المتفاوض عليه، بحيث تعيش الدولتان، اسرائيل وفلسطين، جبناً إلى جنب بسلام وأمن. وأعرب المشاركون عن خوفهم من أن الإجراءات على أرض الواقع، خاصة أعمال العنف ضد المدنيين المستمرة والاستيطان الاسرائيلي المستمر،  تحول دون تحقيق حل الدولتين.

وأكد المشاركون على أن الوضع الراهن غير مستدام، وشددوا على أهمية أن يظهر الطرفان عبر السياسات والأفعال التزاماً حقيقياً بتحقيق حل الدولتين من أجل إعادة بناء الثقة بينهما وخلق ظروف تفضي إلى انهاء الاحتلال الاسرائيلي الذي بدأ في عام 1967 بشكل كامل، وإيجاد حل لجميع قضايا الوضع النهائي عبر مفاوضات مباشرة مبينة على أساس قرارات مجلس الأمن رقم 242 (1967) ورقم 338 (1973)، وأيضاً بالرجوع إلى قرارات مجلس الأمن ذات العلاقة. كما أكد المشاركون على أهمية تطبيق مبادرة السلام العربية.

وناقش المشاركون الطرق التي يمكن للمجتمع الدولي بواسطتها المساهمة في المضي قدماً نحو تحقيق السلام، ومنها توفير حوافز جادة للطرفين لتحقيق السلام. وأبرز المشاركون إمكانية تحقيق السلام والأمن في المنطقة وفقاً لمبادرة السلام العربية.

كما أكد المشاركون الدور الرئيسي الذي تلعبه الرباعية الدولية والأطراف الإقليمية الرئيسية ذات المصلحة. ورحبوا باستعداد الدول الراغبة في المساهمة بهذه الجهود، كما رحبوا أيضاً بعرض فرنسا للتنسيق لها، في سبيل عقد مؤتمر دولي قبل نهاية العام.

مؤتمر صحفي لوزير الخارجيّة والتنمية الدوليّة، السيّد جان مارك إيرولت حول مبادرة السلام في الشرق الأدنى (باريس، 3/6/2016)

سيّداتي سادتي،

اجتمعت هذا الصباح مع 28 وزيرا وممثلا عن منظمات دوليّة مع جدول أعمال مكرّس للصراع الإسرائيلي الفلسطيني.

تعمل فرنسا على هذا المؤتمر منذ شهور عديدة.

لقد زرت إسرائيل وفلسطين. وقام أيضا مبعوثي الخاص، بيير فيمونت، بعمل مكثّف جدا مع كافة الشركاء ومع طرفي الصراع نفسهما.

لقد قمنا بحراك واسع يدلل على أنّه في الوقت الذي بات فيه الشرق الأوسط مسرحا لصراعات كثيرة، وفي الوقت الذي يهدد فيه الإرهاب سكّان المنطقة، يظلّ الصراع الإسرائيلي الفلسطيني في قلب اهتماماتنا.

وأكثر من أي وقت مضى، نتحرك في سبيل إيجاد حلّ لهذا الصراع ولإعطاء فرصة جديدة للسلام.

وأتاح هذا الاجتماع مراجعة كافة الجهود الجارية.

ورحب الجميع بالتزام وزير الخارجيّة الأمريكي، جون كيري، الذي أجرى جولة مكوكيّة خلال أشهر مع الإسرائيليين والفلسطينيين، وأشاد الجميع بجهود الرباعيّة الدوليّة التي ينبغي أن تنشر تقريرها قريبا، وأيضا بحضور شركاء عرب كبار من خلال مبادرة السلام العربيّة التي أشاد بها كافة المشاركين.

ويتفق الجميع على أن كل نيّة حسنة مرحب بها. ويتجلّى هذا في عدد البلدان والمنظمات الحاضرة اليوم. وكان بإمكاننا أن نكون أكثر عددا.

حيث قمنا باستعراض الوضع وبحث ما يمكن فعله انطلاقا من هذا الحراك الدولي الذي لم يفتأ يتقدّم طوال الأشهر الأخيرة من العمل الذي تطرّقت إليه للتوّ.

وسينشر بيان اعتمده جميع المشاركين، في نهاية هذا المؤتمر الصحفي.

وتمخّضت ثلاثة رسائل كبيرة عن أعمال اليوم.

الرسالة الأولى تتمثّل في أن الرؤية المهيمنة لدى كافة الأطراف هي أن حلّ الدولتين في خطر ماحق.

فنحن نقترب من نقطة اللاعودة، والتي سيمسي بعدها هذا الحلّ مستحيلا.

لذلك لا بدّ من فعل كل ما يلزم من أجل الحفاظ على هذا المنظور، وبغية تحقيقه، لا بدّ من إعادة تحريكه قبل فوات الأوان.

حيث أن منظور حلّ الدولتين، إسرائيليّة وفلسطينيّة، تعيشان جنبا إلى جنب، في سلام وأمن، يبتعد يوما بعد يوم.

يبتعد مع تقدّم ثابت للاستيطان، ويبتعد أيضا في الأذهان والقلوب، من خلال عدم الثقة، والتحريض على العنف، والتعصّب.

ويعلم الجميع أخطار هذا المأزق، فقد اندلعت ثلاثة حروب في ستّ سنوات في غزة، وتسيطر أعمال العنف على المشهد اليومي.

فمن الضروريّ التحرّك العاجل لحفظ حلّ الدولتين.

ولا بدّ من أن يظهر طرفا الصراع تمسكّهما بهذا الحلّ. فينبغي عليهما تحمّل كافة مسؤوليّاتهما.

والرسالة الثانية لهذا الاجتماع، هي أنه بفعل غياب أية مفاوضات منذ سنوات، وبفعل المسافة المتزايدة بين الطرفين، من الملحّ إعادة تهيئة الظروف، وإستعادة الثقة حتى يتحاور الإسرائيليّون والفلسطينيّون من جديد وبشكل فعليّ ويعودوا إلى طاولة المفاوضات.

لنكن صريحين، هم فقط من يمكنهم صنع السلام، ولا يمكن لأحد أن يصنعه مكانهم، لكن بإمكاننا مساعدتهم في هذا الأمر.

لا فرنسا ولا أي مشارك آخر في هذا الاجتماع اليوم، يرمي إلى أن يحلّ محلّ الطرفين أو يرغب في أخذ مكان المفاوضات المباشرة، أو يفرض هذا الرأي أو ذاك.

لكن إظهار الرغبة بالمفاوضات المباشرة، والمطالبة بها كل يوم، لا يكفي، فلا بدّ من عقد هذه المفاوضات.

الرسالة الثالثة، وهي خلاصتنا، تتمثل في أنّه بإمكاننا، جميعا، المساهمة في هذا الأمر.

يمكننا اقتراح إطار وأشكال دعم تمكّن، في الفترة القادمة، من عقد مفاوضات مباشرة بين إسرائيل وفلسطين.

ولهذا اقترحت على شركائنا الشروع في العمل على الحوافز والضمانات التي قد يتم عرضها على الطرفين :

–      فيما يتعلّق بالاقتصاد، حيث بإمكان الاتّحاد الأوروبيّ، الشريك التجاري الرئيس لإسرائيل، تقديم الكثير على سبيل المثال.

–      فيما يتعلّق بالتعاون والأمن الإقليمي، وهو موضوع تنخرط فيه بشدة الجامعة العربيّة واللاعبون الإقليميّون.

–      فيما يتعلّق بتعزيز قدرات الدولة الفلسطينيّة المستقبليّة.

بين أيديكم المواضيع الأساسيّة التي يمكننا العمل عليها. وليس المقصود إجبار الطرفين على التفاوض، لكن ليس محكوم علينا بالّا نفعل شيئا. وليس محكوم علينا بأن نظلّ مكتوفي الأيدي. وليس محكوم علينا بأن نظل مراقبين، أو بكلّ بساطة، أن نظلّ نعبّرعن ندمنا.

لا نريد أن نستسلم لتآكل حلّ الدولتين. ولهذا السبب كنّا هنا هذا الصباح. ولهذا رغب الكثير بالاستجابة للحضور هنا، وآخرون كانوا مستعدين لهذا الأمر أيضا. ويعي الجميع النتائج الجمّة التي قد يحملها هذا الأمر إلى سكان المنطقة برمّتها.

وما نقوله، اليوم، هو النقيض للاستسلام. فقد اتّخذنا خيار محاربة انعدام الثقة، ومحاربة القدريّة. فاليوم، نختار أن نحرّك الخطوط العريضة من جديد. ونختار اليوم الأمل حيث لا يوجد في بعض الأحيان سوى الشكّ والغضب.

والكثير من شركائنا مستعدّون للمساهمة في هذا العمل.

وقد وعدت بأن تبدأ هذه الأعمال قبل نهاية الشهر.

كافّة الأفكار، وكافة التوصيات مرحّب بها.

هدفنا هو تضافر جهود الجميع، وتحقيق رزمة شاملة من الحوافز والضمانات، لعرضها على الإسرائيليين والفلسطينيين خلال مؤتمر دوليّ سينعقد قبل نهاية العام.

لقد ناقشنا مطوّلا الإطار الذي نأمل أن يتم خلاله استئناف المفاوضات. وبالنسبة إلى فرنسا، هذا الإطار واضح ويتمثّل في القرارات التي اتّخذها المجتمع الدوليّ، أي القرار 242 والقرار 338 والقرارات الأخرى لمجلس الأمن، واتّفاق مدريد، ومبادرة السلام العربيّة، وخارطة الطريق للرباعيّة الدوليّة. ويظهر لنا من الضروريّ أن يكون هناك جدول زمني واضح، لأن الوقت ليس في مصلحتنا وكلّ يوم نضيعه يبعدنا عن حلّ الدولتين. وهذه الضرورة لإيجاد إطار وجدول زمنيّ واضح، تشكّل رؤية يتشاطرها الكثير منّا، وأصرّ عليها البعض بشدّة هذا الصباح.

ومن هنا وحتى انعقاد المؤتمر الدوليّ، سنواصل بكلّ تأكيد مشاوراتنا مع كافّة الشركاء، ومع كلّ المعنيين، ومع كافة الحاضرين والآخرين، وبالتأكيد مع طرفي الصراع.

وقد خططت لأن ألتقي سريعا جدا برئيس الوزراء الإسرائيليّ والرئيس الفلسطيني لأبلغهم بمضمون أعمالنا، وباستنتاجاتنا، وبرغبتنا بالعمل عن كثب معهم في الخطوات القادمة.

وتقترح فرنسا تنسيق الجهود التي ستمكننا من أن نعرض على الطرفين مساهمة جماعيّة للمجتمع الدولي لاستئناف المفاوضات.

سيداتي سادتي، هاكم أملنا، وهدفنا هو أن يتمكّن هذا المؤتمر من إحداث انطلاقة جديدة، وخطوة أولى نحو حوار جديد بين الإسرائيليين والفلسطينيين، وإطلاق ديناميّة للسلام.

كنّا اليوم تسعة وعشرين بلدا ومنظّمة دوليّة. وقد اخترنا أن نمدّ يدنا إلى الإسرائيليين والفلسطينيين، آملين بأن يمسكوها. وسنفعل كلّ شيء حتى يمسكوها، لأنّ السلام على المحكّ، وسلامهم هو سلامنا.

 “جنيف ايران، جنيف سوريا، لماذا لا يكون مؤتمر لفلسطين في جنيف؟”

للدكتور محمد اشتية، نشر في جريدة نيويورك تايمز وجريدة هآرتس، 9 أيلول 2013

لقد كان قرار قبول حل الدولتين صعبا على الشعب الفلسطيني، وكذلك كان قرارنا بإعلان الاستقلال عام 1988، والذي تضمن إعلان قيام دولة فلسطين على حدود عام 1967، تنازلا كبيرا ومؤلما من اجل تحقيق السلام مع اسرائيل.

حتى يومنا هذا لم نشهد أي رد إيجابي حول مقترح التسوية هذا من قبل الجانب الإسرائيلي، وفي الواقع فقد شهدنا عكس ذلك تماما. ومن المؤسف جدا أننا لم نشهد إلا القليل من التدخل الدولي على هذا الصعيد.

لم يحظى مقترح التسوية الفلسطيني التاريخي بالقبول من قبل أيٍ من الحكومات الاسرائيلية المتعاقبة، منذ العام 1967 فقد تمحورت السياسة الإسرائيلية حول هدف واحد: الا وهو مصادرة اكبر قدر من الأراضي الفلسطينية، والتي يعيش عليها الفلسطينيون، ومن ثم العمل على تحويل حياة هؤلاء الفلسطينيين إلى جحيم لا يطاق، مما يدفعهم، إما بصورة مباشرة أو غير مباشرة الى هجرة أراضيهم.

إن هذه العملية الاستعمارية، والتي تعتبر جريمة حرب بموجب القانون الدولي، تعتبر أكبر عائق أمام تحقيق حل الدولتين، وهو الحل المولود  بناء على الاجماع الدولي.

إن الحكومة الاسرائيلية ملتزمة ومتمسكة بالكامل بمشروعها الاستيطاني غير الشرعي وغير القانوني، وهذا يعني بحكم الامر الواقع رفض حل الدولتين.

إن بنيامين نتنياهو، رئيس الوزراء الإسرائيلي، ومن خلال توظيفه للكلام الفارغ واستخدامه لإساليب التضليل، يقترح الدخول في مفاوضات بدون شروط مسبقة، كما أنه يواصل تمويه الموضوع من خلال إثارة موضوع ايران بشكل دائم.

وفي الوقت الذي يواصل فيه نتنياهو إطلاق تصريحاته المخادعة، فإن حكومتة منقسمة إلى قسمين، حيث يعمل القسم الاول على تشجيع توسيع المستوطنات، بينما يواصل القسم اللآخر الانضمام الى المسيرات والمظاهرات المناوئة للافراج عن الاسرى الفلسطينيين.

نحن ملتزمون بعدم نشر أية تفاصيل عن العملية التفاوضية، ولكنني اعتقد أن استقالتي من المفاوضات قد حدثت بسبب عدم جدية الجانب الإسرائيلي، على الرغم من إنه لم يكن قرارا سهلا، حيث إنني عندما اقابل الناس واتحدث اليهم، فإنني اخبرهم واذكرهم دائما بانه لا احد يستفيد من السلام اكثر من الفلسطينيين، حيث أننا وبعد كل شيء، الشعب المحتل.

لقد كان من الممكن أن يكون قراري بمغادرة طاولة المفاوضات غير ضروري في حالة وجود شريك اسرائيلي جدي، شريطة أن يكون ذلك الشريك مستعدا وقادرا على اتخاذ القرارات اللازمة لإعداد الاسرائيليين لقبول اتفاق الوضع النهائي مع الفلسطينيين.

نحن نتحدى نتنياهو بالعمل على إجراء تصويت داخل مجلس وزرائه ومع الأطراف التي اختارها ليكونوا اعضاء في حكومتة، حول إنهاء الاحتلال الذي بدأ عام 1967، والقبول بقيام دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة.

لقد كان عجز نتنياهو عن قبول حل الدولتين، ليس فقط بسبب التزامه الأيدولوجي نحو توسيع المستوطنات، ولكن في الواقع، فإنه في حالة قيام مجلس وزرائه بالتصويت، فإنه سوف يصوت لصالح نظام الفصل العنصري ضد الشعب الفلسطيني.

بعد مرور عشرين عاما على توقيع اتفاقية اوسلو، فان سلوك إسرائيل لم يتغير، لقد حان الوقت لقبول الواقع بشكل رسمي: إن الدولة النووية المحتلة مثل إسرائيل مرتاحة في الوضع الحالي للمفاوضات. وفي الواقع فإنه لا يتم الضغط على الحكومة الاسرائيلية للتحرك، وذلك بسبب التفاوت الهائل في القوة بين اسرائيل والفلسطينيين، وكذلك بسبب قوة ضغط اللوبي الصهيوني على أغلبية أعضاء الكونجرس الأمريكي، والذي يعمل على دعم الموقف الإسرائيلي بشكل دائم.

ان نجاح محادثات جنيف حول الموضوع الايراني، وإمكانية نجاحها في موضوع القضية السورية، يجعلنا نتسائل لماذا لا يتم اجراء محادثات دولية في جنيف حول القضية الفلسطينية؟

نحن نفضل استبدال وضع المفاوضات الثنائي الحالي إلى مؤتمر متعدد الأطراف، حيث يمكن أن تتدخل قوى اخرى، مثل روسيا، الصين، الاتحاد الاوروبي، اتحاد دول امريكيا الجنوبية، واتحاد دول البركس، الذي يضم بالإضافة الى روسيا والصين كل من الهند، البرازيل وجنوب افريقيا. حيث أنه يمكن لهذه الدول المساهمة في تحقيق سلام عادل ودائم بين اسرائيل وفلسطين وبقية الأطراف في المنطقة.

من شأن هذه العملية العمل على تدويل الحل، بحيث لا يصبح دور المجتمع الدولي مقتصرا على لعب دور الدول المانحة فقط، وانما تصبح ناشطة في مجال تنفيذ القرارات المتعلقة باسرائيل وفلسطين من أجل إنهاء الاحتلال.

من أجل التوصل إلى اتفاق سلام نهائي، يجب على الإسرائيليين والفلسطينيين الاتفاق على إنهاء الصراع، إنه لا يمكن الانكار انه الشرط الأساسي المفقود في المفاوضات. كما أن وجود دور دولي نشط في اطار مؤتمر متعدد الاطراف ممكن ان يحدد وينفذ المتطلبات والالتزامات للسلام، بدلا من منح الحصانة للطرف القوي في المعادلة، التي تمكنه من انتهاك الاتفاقيات، دون وجود اي نوع من آلية التحكيم.

لقد قبل الجميع بصيغة حل الدولتين على حدود عام 1967 باستثناء اسرائيل. هذا وتتفق جميع التكتلات الإقليمية على أن أساس الاستقرار الإقليمي يعتمد على إنهاء الاحتلال الإسرائيلي، ولكن طالما استمرت إسرائيل بالتمتع بالحصانة والإفلات من العقاب بشكل دائم، سوف لن يكون لديها حافزا لقبول الإطار الدولي المقترح للسلام.

ولا زالت سياسة إسرائيل المطبقة على أرض الواقع، هي رفض المقترح الفلسطيني التاريخي للتسوية، وتهدف هذه السياسات وبكل وضوح إلى تقويض الجهود التي يبذلها جون كيري، وزير الخارجية الأمريكي، كما أنها تهدف إلى وضع مسمار في نعش حل الدولتين المدعوم دوليا. ولم يعد هذا سرا على أحد، وإنما يعبر عن الموقف الرسمي لغالبية أعضاء الحكومة الإسرائيلية.

في الختام يجب الطلب من إسرائيل أن تقرر فيما إذا كانت تريد مبدأ حل الدولتين على حدود عام 1967، وفي نفس الوقت، يجب على العالم أن يدرك أن المفاوضات الثنائية ليست هي الحل. وحيث إن الإطار المتعدد الأطراف لمحادثات جنيف قد نجح في أماكن اخرى، فلماذا لا يمكن اعتماده في موضوع قضية فلسطين؟