عليان الهندي[*]

صدر عن مركز أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي في جامعة تل أبيب التقييم الإستراتيجي السنوي الذي اعتاد المركز على نشره منذ عام 2009 حتى اليوم. وقد حل التقييم الإستراتيجي، مكان ما يعرف بالتقرير الإستراتيجي السنوي، الصادر عن المركز نفسه، الذي سمي حينها مركز الأبحاث الاستراتيجية “يافة”.

ومصطلح التقييم هنا، هو المصطلح المستخدم في أجهزة الأمن الإسرائيلية، خاصة في جهاز الاستخبارات الذي يعد تقييماً سنوياً يقدم لأصحاب القرار في إسرائيل، يشرح فيه التهديدات والفرص المتاحة أمام إسرائيل، ويقدم التوصيات المطلوب تبنيها من قبل المستوى السياسي في كل عام جديد. والتقييم الحالي الصادر عن المركز يحاكي التقارير المذكورة بشكل كبير جداً، خاصة أن كاتبي التقرير كانوا في معظمهم من كبار ضباط الجيش الإسرائيلي الذين يقف على رأسهم الجنرال المتقاعد عاموس يادلين رئيس المركز.

وحسب المحررين (العميد شلومو بروم وعنات كوارتس)، وجه التقييم الحالي لأصحاب القرار وأجهزة الأمن وموجهي الرأي العام والمجتمع الأكاديمي المختص بالشؤون الأمنية في إسرائيل والعالم، والجمهور الإسرائيلي المعني بذلك. شارك في كتابة التقرير 19 كاتباً ومختصاً شغلوا في السابق مناصب عسكرية وأمنية وسياسية ودبلوماسية وأكاديمية رفيعة.

كُتب الشق الفلسطيني من التقرير، من قبل أربعة من كبار باحثي المركز هم العقيد احتياط غلعاد شير، رئيس الطاقم الإسرائيلي للمفاوضات مع الفلسطينيين في عهد حكومة إيهود براك، والعميد احتياط شلومو بروم والدكتور كوبي ميخائيل والدكتورة عَنَات كوارتس، بينما كتب الجنرال احتياط عاموس يادلين الفرص والتحديات التي تواجه إسرائيل عام 2018.

وتضمن التقرير مقدمة وتسعة مواضيع هي: الجبهة الشمالية – التحدي الأمني الأساسي، الميزان الاستراتيجي لإيران وخصومها، وانعكاسات ذلك على الساحتين الإقليمية والإسرائيلية، الهزيمة العسكرية للدولة الإسلامية وانعاكاساتها المختلفة، لاعبون دوليون جدد في الشرق الأوسط –التقاء مصالح، مواجهة تحدي نشر الأسلحة النووية: إيران وكوريا الشمالية، العلاقات الإسرائيلية-الأميركية، إسرائيل والشرق الأوسط – إمكانية التوصل لحلول وسط في المسيرة السياسية وتعزيز العلاقات مع دول الإقليم، الدولة اليهودية الديمقراطية والخلافات حول الأمن القومي، والتقييم الاستراتيجي الشامل: عشرة تصميمات وعشرة تحديات، عقبات وتوصيات.

ولا بد من الإشارة، إلى أن التقرير كتب قبل تصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترامب التي اعترف فيها بأن القدس عاصمة دولة إسرائيل، وأمر بنقل السفارة الأميركية من تل أبيب إلى القدس، التي اعتبرها الرئيس الفلسطيني مقدمة لـ”صفعة القرن” بدلا من “صفقة القرن”، وصرح أن الإدارة الأميركية بهذا الاعلان أخرجت نفسها كوسيط في عملية السلام، وهو ما تطلب قراءة إسرائيلية جديدة. رغم ذلك، لم يفقد التقرير أهميته، نظراً للكثير من التفاصيل والتحليلات المختلفة المتعلقة بالقضية الفلسطينية، التي أخذ بعضها، بعين الاعتبار، ما صرح به الرئيس الأميركي، من دون تحليل أو تأثير ذلك، على مجمل مسيرة السلام مع الفلسطينيين.

أما المواضيع التي عالجتها القراءة فهي: إمكانية التوصل لحل وسط في المسيرة السياسية وتعزيز العلاقات مع دول الاقليم، الدولة اليهودية الديمقراطية والخلافات حول الأمن القومي، والتقييم الاستراتيجي الشامل: عشرة تصميمات وعشرة تحديات، عقبات وتوصيات.

وخلال القراءة، حرصتُ على استخدام المصطلحات الإسرائيلية كما هي، لمساعدة القارئ على فهم أوسع للموقف الإسرائيلي، علما أن لا المصطلحات ولا المواقف المذكورة تعبر بأي شكل من الأشكال عن الرأي الشخصي لكاتب هذه الورقة.

القضية الفلسطينية

لم يستطع رئيس الحكومة الإسرائيلية الحالي بنيامين نتنياهو القيام بأية خطوة سياسية مهمة وحقيقية، خلال ترؤسه للحكومة طيلة السنوات السابقة، نتيجة تركبيتها اليمينية الرافضة لأي حل مع الفلسطينيين، ما دفعه إلى تخليد الأمر الواقع، والتمسك بإدارة النزاع كأساس لعمل الحكومة.

ورغم تصدي بنيامين نتنياهو للتوجهات الداعية لضم مناطق في الضفة الغربية لدولة إسرائيل، خشية المواقف الدولية، إلا أن الواقع يسير باتجاه الدولة الواحدة، التي تتميز بعدم المساواة بين الفلسطينيين والإسرائيليين، ما يهيء الأرضية لنزاع طويل وعنيف بين الطرفين.

ونجحت إسرائيل في إخماد انتفاضة الأفراد، نتيجة استخدامها قدراتها الاستخبارية في الكشف عن المخاطر الممكنة وبواسطة الردود العسكرية المدروسة، ما مكنها من خلق واقع أمني مريح لها.

كما أفشلت إسرائيل التوجهات الفلسطينية الرامية لتدويل القضية الفلسطينية، أو إدانة إسرائيل في المحافل الدولية، بفضل الرئيس الأميركي الجديد دونالد ترامب.

وفي الجانب الفلسطيني، ما زال الانقسام سيد الموقف، رغم توقيع اتفاقية المصالحة بين فتح وحماس، اللتان تعانيان من أزمة ثقة الجمهور بهما.

وتعاني الحركتان من حالة ضعف ووهن، حيث ضعفت حركة فتح نتيجة فشل نهجها السياسي الذي اعتمدته لايجاد حل للقضية الفلسطينية على أساس دولتين لشعبين، ولحالة الفساد المستشري الذي تمر به السلطة الفلسطينية، والعمر المتقدم للرئيس الفلسطيني الحالي محمود عباس، الذي شارفت حياته السياسية على الانتهاء، ويجري البحث عن وريث له.

في حين فشل، جدول أعمال حركة حماس القائم على مقاومة إسرائيل، خاصة بعد موجة الحرب الأخيرة على القطاع، ما أدى إلى تأزم الأوضاع في قطاع غزة. ولم يعد الجمهور الفلسطيني، يميز بين حالة ضبط النفس التي تمارسها حركة حماس، وعدم المقاومة.

وإجمالا يمكن القول، إن حركتي فتح وحماس معنيتان، هما أيضا، بالمحافظة على الوضع القائم بينهما، ومع إسرائيل لعدم قدرتهما على إيجاد بدائل حقيقية لما تمر به الضفة الغربية وقطاع غزة. لكنهما تعملان على تحسين صورتهما في أوساط الجمهور الفلسطيني من خلال تحركات للسلطة الفلسطينية في الساحة الدولية لتحقيق إنجازات، في حين ترغب حماس بتحسين سمعتها من خلال فك الحصار عن قطاع غزة وتحسين الأوضاع الاقتصادية فيه، وفتح المعابر الحدودية مع مصر.

وعلى صعيد القيادتين، الإسرائيلية والفلسطينية، تتميز العلاقات بينهما بعدم الثقة في أي تحرك يقومان به، ما دفعهما إلى البحث عن حلول بديلة لخيار دولتين لشعبين.

الحلول المرجوة

رغم تأييد معظم الجمهورين، الإسرائيلي والفلسطيني، لحل دولتين لشعبين، إلا أن النخب الحاكمة بدأت في البحث عن حلول، ففي الجانب الفلسطيني، بدأت فكرة الدولة الواحدة تحتل حيزا مهما في الحوار الداخلي خاصة في أوساط المثقفين، كحل نهائي للقضية الفلسطينية.

أما في الجانب الإسرائيلي، لا بد من الإشارة أن الخلاف داخل إسرائيل على الحل النهائي، ليس خلافا أيديولوجيا، فالجميع متفقون حول أرض إسرائيل، والخلاف بين التيارات المختلفة يتمحور بين تيار يريد السيطرة على أرض إسرائيل من دون أي اعتبار لحقوق الآخرين، بينما يرى تيار أخر بضرورة إيجاد مثل هذا الحل، رغم ايمانهم بـ “أرض إسرائيل”.

وفي السياق المذكور، هناك تيار قوي جدا داخل الحكومة والكنيست الإسرائيلي، يتمثل بأحزاب اليمين والأحزاب الدينية، وأوساط من حزب الليكود يطالبون بضرورة ضم مناطق C إلى إسرائيل مع ضمان استمرار السيطرة الأمنية على المناطق الخاضعة للحكم الذاتي ذي الصلاحيات المحدودة، أو إقامة دولة واحدة في إطار اتحاد كونفدرالي أو فيدرالي مع الفلسطينيين، للتهرب من منح الفلسطينيين حقوقاً وطنية وسياسية واقتصادية واجتماعية، أي دولة لجميع مواطنيها.

رغم أن الحل المذكور يستجيب لمعايير تعزيز القيم اليهودية، ويمنح إسرائيل إمكانية الاستيطان في كل “أرض إسرائيل” الكاملة، ويلبي الاحتياجات الأمنية، إلا أنه يؤدي إلى قلق وخوف دائمين من الغليان الفلسطيني، ويضع قيوداً على الحقوق المتساوية، ويعزز الخطر الديموغرافي، رغم اعتباره هروبا من هذا الخطر.

الحل المذكور، دفع القوى والتيارات الديمقراطية والليبرالية الإسرائيلية، إلى رفض حل الدولة الواحدة، لتعارضه مع إمكانية قيام دولة يهودية ديمقراطية، وتطالب بالانفصال عن الفلسطينيين، ومنحهم حق تقرير المصير، بدلا من حل يقيد حريتهم وتحركهم ويمس بكل الحقوق الأخرى، ما يدفع في نهاية المطاف إلى انتفاضة.

عوامل كسر الجمود السياسي 

  1. رغم عوامل الضعف في السياسية والتأثير الأميركي في منطقة الشرق الأوسط، لا يوجد بديل للولايات المتحدة الأميركية. وفي السياق المذكور فشلت كل الجهود والمقترحات الداعية للعودة إلى المسيرة السياسية التي طرحت من قبل الكثير من الأطراف، خاصة من دول مثل روسيا وفرنسا والصين، لعدم امتلاكهم القوة الكافية لتحل مكان الولايات المتحدة في المنطقة.
  2. أظهر الجانب الفلسطيني ليونة معينة من أجل التقدم في مسيرة السلام، حيث تخلى عن وقف بناء المستوطنات كشرط للعودة إلى طاولة المفاوضات، وجمد توجهه نحو المؤسسات الدولية للانضمام اليها.
  3. ساهمت التغييرات التي حدثت في قيادة حركة حماس، وتبني وثيقتها الجديدة الداعية إلى إقامة دولة على حدود عام 1967 مع عدم الاعتراف بدولة إسرائيل، في الدفع نحو محاولة العودة إلى طاولة المفاوضات ومحاولة كسر الجمود.
  4. موقف الدول السنية المعتدلة، التي لا تريد للنزاع الفلسطيني-الإسرائيلي أن يمس بإمكانية التحالف مع دولة إسرائيل في مواجهة تهديد الخطر الشيعي الإيراني والسلفية الجهادية والاخوان المسلمين. ويقود هذا التوجه دول الخليج بقيادة المملكة العربية السعودية والأردن وجمهورية مصر العربية. لذلك، تبدي الدول المذكورة استعدادا أكثر من أي وقت مضى للانخراط في المسيرة السلمية.

وتبينت قدرة الدول المذكورة في الشأن الفلسطيني، عندما ضغطت باتجاه التوصل إلى المصالحة الفلسطينية-الفلسطينية، التي تمت بالتنسيق مع الإدارة الأميركية الجديدة التي اعتبرت عودة السلطة إلى قطاع غزة شرطاً ضرورياً للعودة إلى مسيرة السلام.

المخاطر والفرص

عدم التوصل إلى حل يؤدي إلى مجموعة من المخاطر من أهمها:

  • انزلاق إسرائيل نحو الدولة الواحدة، ما يدفع باتجاه موجة عنف جديدة، وتوجه نحو شن عمليات إرهابية، وتحويل الصراع إلى صراع ديني، بدلا من صراع سياسي، بعد التطورات الحادثة حول “هار هبيت”.
  • ضم مناطق C لدولة إسرائيل وفق ما تطالب به أحزاب اليمين، ربما يؤدي إلى اندلاع أزمة حقيقية تدفع الفلسطينيين نحو وقف كافة أشكال التنسيق بين الطرفين. ويكلف إسرائيل ثمنا باهظا في الساحتين الدولية والإقليمية، ويعرض العلاقات مع مصر والأردن إلى الخطر.
  • فشل المبادرة الأميركية التي تحدث عنها ترامب، خاصة إذا ركزت على إجراء المفاوضات المحكومة بالفشل مسبقا. وهنا لا بد من الإشارة، أن الاعتراف الأميركي بأن القدس عاصمة إسرائيل، ونقل السفارة الأميركية من تل أبيب إلى القدس، عقد الأمور.
  • انسداد الأفق السياسي وتصوير إسرائيل على أنها رافضة للسلام، يدفع باتجاه زيادة الضغط عليها في المحافل الدولية المعارضة لسياسات إسرائيل تجاه الفلسطينيين.
  • انهيار اتفاق المصالحة بين فتح وحماس، يدفع باتجاه العودة إلى المواقف السابقة، ما يعزز من حالة عدم الاستقرار في المنطقة، خاصة أن الوضع في قطاع غزة متدهور، وربما يدفع الأطراف الفلسطينية المختلفة إلى شن عمليات انتحارية في الضفة، وقصف صاروخي من قطاع غزة.
  • زعزعة الاستقرار في الضفة الغربية في أعقاب استقالة محمود عباس لأسباب صحية، أو نتيجة قرار سياسي بعد فشل الولايات المتحدة بتحريك مسيرة السلام.

الفرص

  • ربما تدفع المبادرة الأميركية، إلى تحريك مسيرة السلام وتخلق واقعاً يخدم مصالح إسرائيل، من دون التوصل لحل نهائي. لكن المؤشرات تفيد بأن طاقم السلام الأميركي المكون من جيرارد كوشنير وجيسون غرينبلات يدركان، أنه لا يمكن التوصل لحلول نهائية، خاصة بعد الاعتراف الأميركي بالقدس عاصمة لإسرائيل، لكنهما سيقدمان أفكاراً عامة في الأشهر القادمة من عام 2018، من أجل التفاوض على بنودها، أو ربما يتم تبني خطوات تدريجية.
  • الوضع الاستراتيجي المحسن لدولة إسرائيل، وعلاقاتها الجيدة مع الإدارة الأميركية ومع غيرها من الدول العظمى، والتعاون الاستراتيجي مع الأردن ومصر التي ستساعد في التوصل لصفقة تبادل أسرى جديدة.
  • تملك إسرائيل قوة عسكرية ضخمة، تمكنها من تقديم تنازلات محسوبة المخاطر من أجل التقدم بالمسيرة السلمية.
  • سياسة الدول السنية المعتدلة (الرباعية العربية) الراغبة بدفع مسيرة السلام تلبي أحد المطالب الإسرائيلية، وتوفر الشرعية التي يحتاجها الفلسطينيون من أجل تقديم تنازلات.
  • استعداد الرئيس الفلسطيني بتقديم تنازلات من أجل التقدم بعملية السلام إلى الأمام.
  • التغييرات التي تمر بها حماس، في القيادة والسياسات، تزيد من احتمال استقرار الوضع في القطاع، واستيعاب حماس يمنع التنظيم من التشويش على المسيرة السلمية.

توصيات لسياسات

رغم الفرص الجيدة المتاحة لإسرائيل، إلا أن احتمال التوصل لحل نهائي بواسطة المفاوضات ما زالت ضعيفة، حيث تستغل إسرائيل كل التطورات لعدم العودة لطاولة المفاوضات. وعليه فإن التقدم نحو الأهداف الاستراتيجية لإسرائيل، هو بالتقدم تدريجيا وبطريقة محسوبة بدقة من أجل خلق واقع يؤدي في نهاية المطاف لحل دولتين لشعبين. وعلى كل الخطوات الإسرائيلية أن تهدف إلى منع الانزلاق نحو الدولة الواحدة أو الدولة ثنائية القومية، من خلال:

  1. منع سن أية قوانين تدفع باتجاه ضم الضفة الغربية وتوسيع المستوطنات خارج الجدار الأمني، أي خارج الكتل الاستيطانية الأساسية القريبة من الخط الأخضر.
  2. نقل تدريجي للصلاحيات على مناطق C للسلطة الفلسطينية، التي لا توجد لإسرائيل فيها مصالح، أو على الأقل تمكين الفلسطينيين من تطوير هذه المناطق من دون المس بمكانتها، وتوسيع الصلاحيات الفلسطينية في مناطق B واستكمال بناء الجدار، وتطوير البنى التحتية، للمساعدة في بناء قدرات الحكم الفلسطيني.
  3. التخلي عن مبدأ “كل شيء يتم الاتفاق عليه، لا ينفذ إلى حين الاتفاق على كل شيء” لصالح مبدأ ” كل شيء يتفق عليه ينفذ إلى أن يتم التوصل لحلول نهائية”، وأكبر مثال على ذلك هو اتفاقية المياه التي وقعت مع السلطة الفلسطينية التي بدئ بتنفيذها مباشرة.
  4. التوصل لسلسلة اتفاقيات جزئية، يتم تنفيذها تدريجيا لانعدام الثقة بين الطرفين. ويرافق الاتفاقيات الجزئية خطوات إسرائيلية أحادية الجانب، أو يتم التنسيق بخصوص بعضها، بهدف تعزيز الثقة المتبادلة بين دولة إسرائيل والفلسطينيين.
  5. المحافظة على الأمن، الذي يلعب دورا مهما بنجاح الخطوات التدريجية للوصول لواقع دولتين لشعبين، يتطلب بناء الجدار الفاصل، مع المحافظة على القدرات والصلاحيات الأمنية لإسرائيل في الضفة الغربية، خلال تنفيذ الاتفاقيات المرحلية والأحادية الجانب.
  6. تقليص النشاطات الأمنية الإسرائيلية في مناطق A و B طالما حافظت الأجهزة الأمنية الفلسطينية على التزاماتها، بما فيها منع تطور بنى تحتية إرهابية في المنطقة، والعمل على استمرار التنسيق الأمني وتحسينه.
  7. المحافظة على الاستقرار الأمني في قطاع غزة ومنع تطور الأحداث فيه إلى أعمال عنف، على أن يعتبر تنفيذ اتفاق المصالحة بين فتح وحماس جزءاً من هذا الاستقرار.
  8. تبنّي إسرائيل لهذا الخيار يتطلب تجنيد الدول الإقليمية والدول العربية السنية المعتدلة لمساعدة الفلسطينيين في تنفيذ التزاماتهم، ودعم بناء قدرات الحكم. كما أن إشراك الدول العربية المعتدلة يساعد في إقناع الجمهور الإسرائيلي بفوائد الاتفاق المتمثلة بإقامة علاقات جديدة مع دول عربية.
  9. الخطوات التدريجية والحل النهائي المنشود يجب أن تُنسق مسبقا مع الإدارة الأميركية، على أن تكون موجهة نحو واقع دولتين لشعبين. ومن المهم، إشراك دول أخرى في الحل، ليحصل على شرعية دولية تساعد الطرفين على تحمل تبعات هذا الحل.

نجاح مثل هذه الخطوات، يخلق واقعاً ويرسم حدوداً ولو مؤقتة في محيط كتل المستوطنات الأساسية، وينهي بشكل تدريجي ومضبوط وآمن استمرار السيطرة على الشعب الفلسطيني، ويؤدي إلى حدوث اختراق في مسيرة السلام المُعطلة.

والأهم بالنسبة لإسرائيل أن تبني خطة تؤدي إلى التوصل لاتفاق مستقبلي يضمن لها المبادئ الأربعة الأساسية القائمة عليها دولة إسرائيل وهي: دولة يهودية وديمقراطية وآمنة وعادلة.

بيئة استراتيجية مريحة

الحالة الإسرائيلية

تعتبر إسرائيل دولة قوية عسكريا، وتشهد استقراراً أمنياً وحدودها هادئة، وما زالت تحتفظ بتفوقها العسكري وقدرتها على ردع أعدائها. وعُبّر عن قوتها العسكرية من خشية الدول أو التنظيمات من شن هجمات عليها، خوفا من حجم الدمار الهائل الذي تلحقه إسرائيل بمناطقهم. كما تتمتع إسرائيل بنمو اقتصادي كبير، مقارنة مع اقتصادات الدول العربية المدمرة – عدوها الطبيعي.

ولإسرائيل علاقات دولية جيدة نسبيا، رغم عدم حل القضية الفلسطينية التي تؤثر على علاقات إسرائيل بالعالم.

وعلى الصعيد التكنولوجي، تشهد إسرائيل نموا تكنولوجيا كبيرا وضعها في مصاف الدول في هذا المجال.

كما تشهد العلاقات الإسرائيلية مع الدول السنية (مصر والأردن ودول الخليج) المعتدلة مصالح مشتركة تتمثل بأن إيران والإسلام المتطرف هما العدو المشترك الواجب مواجهته. ومن أجل إخراج هذه العلاقة إلى دائرة العلن، على إسرائيل أن تتقدم بمسيرة السلام مع الفلسطينيين، كشرط أساسي لهذه التحالفات.

وفي المقابل، يشهد المجتمع الإسرائيلي، خلافا داخليا حول الحل الأنسب للنزاع الإسرائيلي-العربي، بين تيار يرى بأن الحل يكمن في أرض إسرائيل الكاملة، وبين تيار يرى بإمكانية التوصل لحلول وسط. والاعتقاد السائد في أغلبية أوساط الإسرائيليين هو أن على إسرائيل العيش بدولة يهودية توفر الأمن لمواطنيها، وتقدم تنازلات إقليمية لا تكون على حساب الأمن.

وفي المقابل تزداد الأصوات الداعمة لقيام دولة واحدة مع حرمان الفلسطينيين من حقوقهم، ومنحهم حكماً ذاتياً موسعاً، من دون منحهم مكانة مساوية لليهود.

ورغم الاتفاق على هوية الدولة من الناحية الوطنية –دولة يهودية. يتعمق الخلاف حول مكانة الدين في الحياة العامة، ومستوى تدخل الدولة فيها. وامتد هذا الخلاف إلى جميع المؤسسات بما فيها مؤسسة الجيش، التي تشهد خلافا حول بلورة القيم وحول صلاحيات الحاخام وصلاحيات الضابط، وتجنيد النساء.

كما يتعمق الخلاف داخل المجتمع الإسرائيلي على شكل الدولة اليهودية المستقبلية بين المتدينين والعلمانيين، وأي قوانين ستحتل الأولوية –قوانين الديمقراطية أم قوانين التوراة. وتشهد إسرائيل، موجة من القوانين المتناقضة مع الديمقراطية، هدفها المس بالتوازن القائم بين الجميع وإضعاف وسائل الإعلام. وفي السياق المذكور، تسمع أصوات متطرفة تصرخ دائما، وكأن هناك أزمة داخلية تتطلب الحل.

وفي سياق مختلف تشهد علاقات العرب مع دولة إسرائيل توترا متزايدا، حيث تتجاهل المؤسسة الرسمية الكثير من مشاكل العرب في مجال البناء، وفي مسألة إخلاص عرب إسرائيل لدولة إسرائيل، وفي مسائل هوية الدولة، وحول استمرار الصراع مع الفلسطينيين. وهناك تيار يطالب بإخراجهم من المعادلة الإسرائيلية.

وتشن حرب ناعمة على إسرائيل، في أوروبا وأميركا والشرق الأوسط، يقودها اليسار واليمين الأوروبي والإسلام المتطرف، الهادفة لإفقاد إسرائيل شرعية وجودها، مستخدمين في حربهم النزاع الإسرائيلي-الفلسطيني، لاتهام إسرائيل بالتمييز العنصري وبجرائم الحرب والابادة الجماعية.

ولتجاوز المذكور أعلاه، على الحكومة الدفاع عن مؤسسات الدولة القضائية وتطبيق القانون، وعدم توفير مظلة لمن يهاجم مؤسسات الدولة المختلفة، بما في ذلك أحزاب المعارضة ووسائل الاعلام.

وعلى التيارات اليهودية المختلفة في إسرائيل، إجراء حوار داخلي وجوهري حول التوازن بين القيم اليهودية، وبين القيم الديمقراطية، تأخذ مصالح وشرعية كل طرف بعين الاعتبار.

وفي مجال عرب إسرائيل، على الحكومة والمؤسسات الرسمية دعم خطط دمج العرب وعدم المس بمكانتهم، وإجراء حوار يهودي عربي دائم لوضع قواعد لممارسة الأدوار في الساحتين، السياسية والاجتماعية، لتقليل حدة الاستقطاب بين الجانبين، والتوصل لحلول وسط تضمن بقاء إسرائيل دولة يهودية ديمقراطية، تمنح مواطنيها العرب مساواة في الحقوق.

وفي مجال مواجهة محاولات إفقاد إسرائيل شرعيتها، عليها البحث عن ردود شاملة رسمية وشعبية، تشمل اليهود وغيرهم في الخارج. كما يجب تحسين جمع المعلومات الاستخبارية والتنسيق مع الجهات المؤيدة لإسرائيل في المجالين الرسمي والشعبي، لمواجهة ومحاربة هذه الظاهرة.

العلاقات مع الولايات المتحدة

مع انتخاب الرئيس الأميركي دونالد ترامب، تحسنت العلاقات الإسرائيلية-الأميركية كثيرا، نظرا لوجود رئيس متعاطف وودي، والأهم من كل ذلك هو تبنيه للرؤية الإسرائيلية الاستراتيجية في كل ما يتعلق بالشرق الأوسط خاصة في مجالات:

  • اعتبار ايران العدو المركزي، والمهدد للاستقرار في المنطقة، وهو ما يجب وضع حد له، من خلال تحالف يضم الدول العربية المعتدلة وإسرائيل.
  • العمل العسكري ضد نظام بشار الأسد في حال استخدم الأسلحة الكيماوية في سوريا.
  • دعم إسرائيل ديبلوماسيا في مجلس الأمن وفي المؤسسات الدولية الأخرى.
  • الاعتراف بالقدس عاصمة لدولة إسرائيل.

الاتفاق النووي مع إيران

حافظت الأطراف الموقعة على الاتفاق النووي مع إيران، رغم محاولات الولايات المتحدة الخروج من الاتفاق، أو على أقل تقدير تحسين الاتفاق. أما إيران فما زالت تعتبر تنفيذ الاتفاق من مصلحتها.

وفي السياق المذكور، على إسرائيل استغلال الاتفاق النادر بين الاستراتيجيتين، الأميركية والإسرائيلية، اللتين تعتبران إيران مهددة لمصالح الدولتين للمطالبة بتعديل الاتفاق وليس بإلغائه، بحيث يتضمن:

  • تحسين الرقابة على المواقع غير المذكورة في الاتفاق، بهدف منع إيران من الحصول على السلاح النووي.
  • المس بالقدرات العسكرية الإيرانية التقليدية، ومعالجة مسألة الصواريخ الإيرانية بعيدة المدى.
  • منع إيران من ممارسة نشاطات تخريبية في المنطقة، ووقف دعمها للإرهاب.

سوريا ولبنان

  • خسرت داعش مواقعها الاقليمية في العراق وسوريا، لكن الفكرة ما زالت سائدة.
  • خرج نظام الأسد منتصرا من الحرب التي لم تنته بعد. وخلال هذه الحرب ضعفت المعارضة، والعملية السياسية ذاهبة باتجاه التعقيد.
  • فشل المعسكر السني المعتدل في ايقاف المد الشيعي في العراق وسوريا واليمن.
  • فشل محاولات الدول السنية المعتدلة بفسخ الشراكة بين قطر وإيران وتركيا والإخوان المسلمين.
  • التحدي الحقيقي لإسرائيل بكل ما يجري في سوريا، هو بتواجد إيران القوي فيها، ما يزيد من احتمال توجيه تهديدات لإسرائيل من منطقة الشمال.

يشار أن انتهاء الحرب مع سوريا، يضع إسرائيل أمام تحدٍّ كبير يتمثل بالوجود الإيراني وحزب الله على حدودها في سوريا ولبنان، ويعتبر التحديان هما الأهم بالنسبة لإسرائيل في السنوات القادمة، وربما يؤدي ذلك إلى اندلاع حرب لبنان الثالثة.

حرب لبنان الثالثة – فيما يتعلق بالحرب القادمة، فستكون أوسع من الحروب التي خاضتها إسرائيل في العقد الماضي حيث ستواجه إيران وسوريا وحزب الله.

لكن لا بد من الإشارة أن إسرائيل وحزب الله غير معنيين بالحرب في الوقت الحاضر، وربما تدفع الهجمات الإسرائيلية الهادفة إلى وقف تدفق السلاح ورفض إسرائيل مأسسة سوريا كقاعدة لإيران، دافعاً لحرب جديدة، ربما تمتد لعدة جبهات بما فيها قطاع غزة وستكون الحرب إذا نشبت، أوسع من حرب عام 1973، وعلى إسرائيل الاستعداد لثلاثة سيناريوهات هي:

  • حرب مع حزب الله فقط.
  • حرب تشارك فيها سوريا ولبنان والميليشات الشيعية في سوريا.
  • حرب شاملة تشارك فيها إيران وسوريا وحزب الله.

ولا بد من الإشارة أن إسرائيل أوضحت للجهات المختلفة أنها ترى في لبنان كتلة سياسية واحدة، وبالتالي فإن كل لبنان أهداف إسرائيلية. وبخصوص الوضع على الجبهة السورية فسيكون الهدف إسقاط نظام بشار الأسد.

واستعداداً لحرب قادمة، على إسرائيل أن تناقش وتحدد أهدافها من المعركة المرتقبة قبل الحرب وليس خلالها، كيف ستبدأ وكيف ستنتهي، وما هي قيودها ووسائلها قبل إندلاعها.

الدور الروسي

عوضت روسيا خسارتها السياسية والاقتصادية في أوروبا بعد احتلالها جزيرة القرم، بتعزيز مكانتها في الشرق الأوسط، وبتعبئة الفراغ الذي خلفته الولايات المتحدة وراءها، وبإقامة علاقات مع جميع دول المنطقة، تشمل علاقات مع إيران وإسرائيل والسعودية وتركيا والأكراد.

وفيما يتعلق بالعلاقات مع إسرائيل فهي علاقات معقدة. فمن جهة نجحت بفتح حوار استراتيجي وإنشاء قنوات مناسبة على الأرض، تمكنها من تنفيذ عمليات عسكرية من دون الاحتكاك مع روسيا، وتتقاسم معها مصلحة أساسية لاستقرار المنطقة المحاذية لها وإبعاد شبح الحرب عن حدودها. ومن جهة أخرى، ظل الخلاف الاستراتيجي مع روسيا على حاله، حيث تعمل على:

  • تعزيز مكانة إيران والتنظيمات التابعة لها في سوريا.
  • تأييد الفلسطينيين بشكل تقليدي.
  • رفض دعم إسرائيل في المؤسسات الدولية.

الدور الصيني

تعمل الصين على تثبيت قوتها الاقتصادية في آسيا وفي منطقة الباسفيك، على حساب الولايات المتحدة. وتركت الشأن السياسي والعسكري في منطقة الشرق الأوسط للولايات المتحدة وروسيا، لكنها تعمل على تعزيز علاقاتها الاقتصادية مع دول المنطقة. وتشير توجهاتها لبناء قوة عسكرية وقواعد عسكرية خارج الصين إلى نيتها التدخل فيما يجري بالشرق الأوسط مستقبلا.

خلاصة وتعريفات استراتيجية لصالح إسرائيل

  1. تعتبر إسرائيل دولة قوية وتشهد استقراراً أمنياً، وتعمل كدولة بشكل طبيعي وتتمتع إسرائيل بنمو اقتصادي كبير، مقارنة مع معظم دول الشرق الأوسط، والكثير من دول العالم.
  2. علاقات حسنة مع الإدارة الأميركية، في ظل رئيس متعاطف، يتفق مع رؤية إسرائيل بمعظم القضايا الاستراتيجية في منطقة الشرق الأوسط.
  3. علاقات جيدة مع روسيا وحوار فعال مع قيادتها.
  4. علاقات اقتصادية متنامية مع الدول العظمى في آسيا –الهند والصين.
  5. توسع المصالح المشتركة بين الشرق الأوسط العربي وبين إسرائيل، ما يساعد بتحسين بدء حوار وتحسين العلاقات والتعاون المشترك -في إطار منخفض نوعا ما.

خلاصة  

تتحدث إسرائيل عن منطق الأمن القومي، وكأنها دولة عظمى ليس فقط في الشرق الوسط، بل في العالم. والتقارير الاستراتيجية الصادرة عن مراكز الأبحاث الإسرائيلية المختلفة، وتصريحات قيادتها تصور إسرائيل، وكأنها قوة اقليمية لا يمكن هزيمتها، مستعينة بذلك، بهزيمة الجيوش العربية في الحروب المختلفة التي خاضتها معهم.

لكن الأديب الإسرائيلي الأشهر عاموس عوز، كان أكثر الشخصيات الإسرائيلية العامة صراحة، عندما ألقى محاضرة قيمة حول ما يسمى بالأمن القومي الإسرائيلي، رفض فيها وجود شيء اسمه أمن قومي إسرائيلي، مُرجعا بقاء إسرائيل إلى “عدم وضع العرب والمسلمين دولة إسرائيل على جدول أعمالهم”!!

وأضاف عوز أن العرب والمسلمين يمكنهم تدمير دولة إسرائيل والسيطرة عليها، من دون استخدام أسلحة، بواسطة مسيرات تحرير تضم عشرات ملايين المسلمين والعرب، التي كانت المظاهرات والمسيرات التي انطلقت من دمشق باتجاه الحدود الإسرائيلية مع بداية الحرب الأهلية في سوريا نموذجا مصغرا لها.

في المجال الفلسطيني، تخلت إسرائيل عن السياسات التي اتبعها حكومات اليمين المتطرف في إسرائيل القاضية بالانفصال عن الفلسطينيين في قطاع غزة، وبالتخلي عنهم في الضفة الغربية وتجريدهم من حقوقهم الوطنية، مع المحافظة على كل المناطق الفارغة في تلك المنطقة التي تشكل أكثر من 55% من مساحتها، لصالح سياسات تدعم ضم المستوطنات والمناطق الفارغة في الضفة الغربية، رسم مسارها وخرائطها المستوطنون المدعومون من قبل الإدارة الأميركية برئاسة الرئيس الأميركي دونالد ترامب وطاقمه للسلام الذي يضم ثلاثة من غلاة المتطرفين اليهود -جيرارد كوشنير وجيسون غرينبلات وديفيد فريدمان- الذين تطوعوا وخدموا في المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية.

السياسات المذكورة، لن يكتب لها النجاح، وستفشل كما فشلت السياسات الإسرائيلية التي رسمت معالمها قبل أكثر من خمسين عاما لتحديد مستقبل الضفة الغربية وقطاع غزة. التي حلت مكانها سياسات تدعو لإحلال اليهود مكان الفلسطينيين، وممارسة التمييز العنصري بأبشع صوره بدعم أميركي وصمت أوروبي وعجز عربي وإقليمي.

استمرار السياسات المذكورة، سيعيد الصراع إلى مربعه الأول، أي صراع على كل فلسطين، ما يتطلب من الفلسطينيين البحث عن وسائل أخرى غير المفاوضات لتحقيق أهدافهم الوطنية، التي يجب أن تتجاوز حل دولتين لشعبين، لصالح استراتيجية جديدة تأخذ بعين الاعتبار الوجود والانتشار الفلسطيني في كل فلسطين التاريخية، والعمل على إلغاء التقسيم الإسرائيلي للشعب الفلسطيني القائم منذ عام 1948.

وحول التحالفات التي تعقدها إسرائيل مع بعض الدول العربية بطرق سرية، وتحاول تعميقها وإخراجها إلى العلن، لمواجهة ما يسمى بالخطر الإيراني في المنطقة، سيظل الفلسطينيون وبالرغم من حالة الضعف والوهن التي يمرون بها، يملكون القدرة على إفشال هذه التحالفات، مدعومين بذلك برؤية الشعوب العربية والإسلامية التي تعتبر إسرائيل الخطر الأول عليهم، وعامل عدم الاستقرار الأخطر في الشرق الوسط، وليس إيران.

وفيما يتعلق بالحرب القادمة، من الواضح أن إسرائيل حددت وجهتها مسبقا، وهي حرب في شمال فلسطين، مع لبنان الذي أصبحت، تصرح صبحا وعشيا، أن كل لبنان أهداف مشروعة لأسلحتها، وليس فقط أهداف حزب الله، أو حرب مع سوريا بمشاركة حزب الله والمليشيا الشيعية المؤيدة للنظام السوري هناك، بعد أن استقرت الأوضاع لصالح النظام تقريبا. لكن الوجود الروسي في سوريا وحجمه وقوته ستمنع إسرائيل من توجيه ضربة عسكرية نحو هذا البلد المنهك بفعل الحرب الأهلية، ما يجعلها تفضل الجبهة اللبنانية لإعادة ما تسميه إسرائيل الهيبة العسكرية الإسرائيلية في صراعها مع حزب الله.

[*] عليان الهندي: باحث في الشؤون الإسرائيلية ومترجم لغة عبرية، مقيم في رام الله – فلسطين.