رائد محمد حلس[*]

 يعتبر الشباب موردًا بشريًا مهمًا لتقدم الأمم والشعوب، فالمجتمع الذي يمتلك هذا العنصر الثمين يمتلك القوة والحيوية والتقدم على سائر الأمم، كونهم يشكلون مخزونًا استراتيجيًا قادرًا على مواجهة كافة التحديات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية الحاضرة منها والمستقبلية، فهم الأقدر على الدفاع عن القضايا العامة، وتحصيل الحقوق المختلفة لكافة شرائح المجتمع، وهم من يصنعون القرارات من خلال مشاركتهم السياسية بالانتخاب وصنع القرار، كما أنهم يوفرون الأيادي العاملة اللازمة لبناء الدولة وإنعاشها اقتصاديًا وتقوية دخلها، والمساهمة في المشاريع التعاونية والتطوعية والخدماتية وغيرها.

يضاف إلى ذلك مشاركة الشباب في نشر الثقافة والتغذية الفكرية والثقافية، وتعزيز حب الوطن والتعريف به، والمساهمة في تبادل الثقافات والاستفادة من الخبرات والتجارب وتكوين نقاط القوة التي تدعم التقدم والتطور.

ويشكل الشباب نسبة هائلة في المجتمع الفلسطيني، تصل إلى 30% من إجمالي عدد السكان، وهذا يعني أن المجتمع الفلسطيني مجتمع فتي، بالتالي لا بد من إبراز دور الشباب واستغلال طاقاتهم بشكل إيجابي لمواجهة التحديات ومتطلبات الحياة والصمود.

وبالرغم من تلك النسبة الكبيرة إلا أن الشباب يعاني من تحدياتٍ سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية وتعليمية وأسرية والتي كان أخطرها الانقسام الذي أفضى إلى مزيدٍ من التعقيدات والتحديات على فئة الشباب، فهم وقود الاقتتال وضحاياه، وهم مادة الاستقطاب وأدواته، إضافة إلى آثاره السلبية التي ألقت بظلالها على كافة مناحي الحياة ومتطلباتها.

أولًا: واقع الشباب الفلسطيني

تعتبر فئة الشباب هي الفئة الأكثر تأثيرًا في المجتمع الفلسطيني، والقوة الكامنة القادرة على صنع التغيير وبناء المستقبل، إذ يشكلون المورد الوحيد والاستثمار الحقيقي للشعب الفلسطيني، لذا يتوجب على كافة مؤسسات المجتمع (الحكومية، الخاصة والأهلية) الاستثمار بهذه الفئة من أجل إحداث تنمية حقيقية ومستدامة، حيث أن عدم الاستثمار في هذه الفئة المنتجة وتركها دون الرعاية المطلوبة سوف ينعكس سلباً على المجتمع وعلى هدف تحقيق التنمية، خاصة وأن تهميش طاقات الشباب وتركهم دون تمكين يحولهم إلى عناصر هدامة للتنمية في الحاضر والمستقبل (حلس، 2016، ص117).

30% من المجتمع الفلسطيني شباب

يمثل الشباب شريحة كبيرة من المجتمع الفلسطيني الذي يصنف على أنه مجتمع فتي، إذ تشير البيانات الصادرة عن الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني عشية يوم الشباب العالمي 2016، أن نسبة الشباب في فلسطين من الفئة العمرية (29-15) عامًا، تشكل 30% من إجمالي السكان المقدر بنحو 4.82 مليون نسمة في منتصف العام 2016، ومن بين هذه الفئة 37% في الفئة العمرية (19-15) عامًا، و63% في الفئة العمرية (29-20) عامًا، ويتوزعون بحسب الجنس بواقع 104.1 ذكور لكل 100 أنثى (الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، 2016).

72% من الأسر الفلسطينية لديها شاب واحد على الأقل

تشير بيانات مسح الشباب الفلسطيني 2015، إلى أن 72% من الأسر الفلسطينية لديها شاب واحد على الأقل، بواقع 71% في الضفة الغربية 74% في قطاع غزة. كما أشارت إلى أن 37% من الشباب ملتحقون حالياً بالتعليم، بواقع 36% في الضفة الغربية 38% في قطاع غزة.
وأظهرت النتائج أيضاً أن نسبة الشباب الذين أنهوا مرحلة التعليم الجامعي “بكالوريوس فأعلى” قد بلغت 13% (11% للذكور مقارنة مع 14% للإناث) من إجمالي الشباب في هذه الفئة.
وأشارت إلى أن 5% من الشباب في فلسطين انقطعوا عن الدراسة لفترة تزيد عن أربعة شهور خلال التحاقهم بالتعليم بواقع 5% في الضفة الغربية مقابل 6% في قطاع غزة (الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، 2016).

45.6% من الشباب الفلسطيني في صفوف البطالة

فقد سُجلت أعلى معدلات للبطالة في صفوف الشباب من الفئة العمرية (24-20) عامًا، حيث بلغت 45.6% في الربع الثالث 2016، (الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، 2016، ص5) وهذا يوحي أن نسبة كبيرة من العاطلين عن العمل هم من الداخلين الجدد لسوق العمل، بالإضافة إلى أن ارتفاع معدلات البطالة في أوساط الشباب يدفع العدد الأكبر منهم للتفكير بالهجرة، وبالتالي خسارة الموارد البشرية الشبابية التي تعتبر عماد المجتمع الفلسطيني وعنصرًا أساسيًا في عملية تحقيق النمو الاقتصادي.

وفي هذا السياق تشير العديد من تقارير منظمة العمل الدولية إلى تأثير الخسائر المترتبة على بطالة الشباب، ليس على الاقتصاد في مجمله فحسب، بل على قطاعات ومؤسسات محددة بشكل أكثر حدة، فهذه البطالة تعني بالنسبة للحكومات أن الاستثمارات في مجال التعليم والتدريب قد ذهبت سدى وأن قاعدة عائداتها الضريبية تدنت، وأن تكاليف الرعاية الاجتماعية قد ارتفعت، وأن تأييد ناخبيها من الشباب قد تضاءل (العجلة والخضري، 2016، ص11).

وبالنسبة إلى منظمات العمال، فإن بطالة الشباب تعني فقدان عضوية محتملة لضمان حقوق أفضل، وظروف عمل وحماية محسنة، إضافة إلى ذلك قد تؤدي مستويات البطالة المرتفعة والمتزايدة بين الشباب إلى عدم الاستثمار الاجتماعي وإلى ازدياد تعاطي المخدرات وارتكاب الجرائم، كما تسهم بطالة الشباب وندرة الوظائف في رفع مستويات الفقر (منظمة العمل الدولية، 2005، ص6).

وإذا كانت بطالة الشباب تترك آثاراً بالغة الضرر على الاقتصاد والمؤسسات فإن توفر فرص العمل اللائق للشباب ومعالجة هذه البطالة، يؤدي إلى نتائج مضاعفة اقتصادياً واجتماعياً، سواء على صعيد تحفيز الطلب الاستهلاكي، أو زيادة العائدات الضريبية والنجاة من دائرة الفقر وتكوين الأسر والإسهام الفاعل في نشاط المجتمع.

أمام هذا الارتفاع في معدلات البطالة وفي ظلّ عدم قدرة القطاع العام على استيعاب هذا الكم من العاطلين عن العمل، نتيجة تدنّي إنتاجيته، ومعاناته من البطالة المقنّعة، وبسبب الأوضاع السياسيّة المحليّة والدوليّة، الّتي تسبّبت في إغلاق أسواق العمل الخارجيّة أمام العمالة الفلسطينيّة، بالإضافة إلى سياسة الحصار والإغلاق المستمرّ، الّتي فرضتها إسرائيل على قطاع غزة، بجانب الاعتداءات المتكرّرة خلال السنوات الأخيرة، فإنّ القطاع الخاص يصبح الملاذ الوحيد المعوّل عليه في حلّ مشكلة بطالة الشباب، خاصّةً وأن عرض العمالة في تزايد مستمرّ، خصوصاً من خرّيجي الجامعات والمعاهد العليا.

إن نجاح القطاع الخاص في حل مشكلة بطالة الشباب يتطلب تدخّل الحكومة الفلسطينية بشكل قوي وفعّال، لتعزيز دور القطاع الخاص كفاعل هام وأساسي في عمليّة التشغيل، من خلال إقامة علاقة شراكة حقيقيّة بين القطاعين العام والخاص، تستند إلى تكامل الأدوار بينهما، وذلك للشروع في معالجة التشوّهات الهيكليّة طويلة المدى في سوق العمل.

كذلك ضرورة العمل على ربط الجهد الإغاثي بالنشاط التنموي، بحيث تتّجه الحكومة إلى توجيه نشاطات الإغاثة نحو القطاعات والنشاطات الاقتصاديّة الإنتاجيّة، الّتي تخلق طلباً كبيراً على العمالة هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى العمل على دعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة، من خلال إنشاء صندوق يرعى برامج الإقراض التنموي لهذه المشاريع، وتقديم التسهيلات الائتمانيّة والخدماتيّة، والمساعدات الفنيّة والتدريبيّة، والاستشارات التسويقيّة لهذه المشاريع.

كما يجب التركيز على إصلاح النظام التعليمي والتدريبي، من خلال ربط نظام التعليم والتدريب المهني، باحتياجات أسواق العمل المحليّة والخارجيّة، وتوفير برامج تدريبيّة متنوّعة ومتطوّرة لرفع كفاءة القوى العاملة، وتوفير برامج لإعادة تدريب العاطلين عن العمل لتحسين مهاراتهم وقدراتهم الفنية والعملية، والعمل على توفير البيئة الاستثماريّة الملائمة والمحفّزة، والجاذبة للاستثمارات المحلّيّة والأجنبيّة.

فرق جوهري بين الذكور والإناث الشباب حسب مستوى السنوات الدراسية

 فقد سجلت الإناث اللواتي أنهين 13 سنة فأكثر أعلى معدلات بطالة حيث بلغت 54.4% من إجمالي الإناث المشاركات في القوى العاملة لهذه الفئة، في المقابل بلغ معدل البطالة للذين أنهوا 13 سنة فأكثر من الذكور نحو 20% من إجمالي المشاركين في القوى العاملة لنفس الفئة (الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، 2016، ص5).

 مما يدل على أن هناك فرقاً جوهرياً بين الذكور والإناث العاطلين عن العمل بالعلاقة مع سنوات الدراسة، إذ في حين تنخفض بين الذكور مع ارتفاع سنوات الدراسة، فإن الصورة معكوسة عند الإناث.

وعليه يمكن القول إنه ما يزال الفرق بين الذكور والإناث في معدلات البطالة كبيراً لصالح الذكور، وهذا الأمر يتسبب في التفكك الاجتماعي وعدم تحقيق العدالة والتكافؤ في الفرص الاقتصادية، لذا فإن التباين والتفاوت القائم في المجتمع بسبب اختلاف الجنس يشكل تحدياً جوهرياً أمام تحقيق تنمية شاملة ومستدامة في المجتمع الفلسطيني، خاصة وأن متطلبات تحقيق التنمية الشاملة في المجتمع تتطلب بذل مزيد من الجهود لتعزيز التماسك الاجتماعي وتحقيق العدالة الاجتماعية والتكافؤ في الفرص الاقتصادية وجسر التباين والتفاوت القائم في المجتمع.

معدلات البطالة في صفوف الشباب الخريجين مرتفعة

وبالنظر في مسح القوى العاملة للربع الثالث 2016 نلاحظ أن معدلات البطالة بين الخريجين الشباب مرتفعة، وتنتشر في جميع التخصّصات، حيث بلغ معدل البطالة بين الخريجين الشباب في فلسطين 35% خلال الربع الثالث 2016، بواقع 44% في قطاع غزة و28.2% في الضفة الغربية، وقد سجل الخريجون تخصص العلوم التربوية وإعداد المعلمين أعلى معدل للبطالة في فلسطين بنسبة 49.8%، بينما سجل الخريجون تخصص القانون أدنى معدل بطالة بنسبة 15.2% (الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، 2016، ص10).

ويمكن تفسير ارتفاع معدّلات البطالة في جميع التخصّصات، إلى أنّ سوق العمل الفلسطيني يعاني من التوسّع الكمّي في مؤسّسات التّعليم ومخرجاته، فقد أدّى تزايد الرغبة والإقبال على التعليم العالي، إلى استقبال أعداد متزايدة من الطلّاب، دون النظر إلى الحاجة إليهم بعد التخرّج، ودون النظر إلى الأعباء الماديّة الّتي تتحمّلها الدّولة في مواجهة هذا الموقف من تكاليف باهظة.

بالإضافة إلى أنّ هذا التزايد المستمرّ في أعداد الخرّيجين، تزامن مع تدنّي القدرة الاستيعابيّة لسوق العمل الفلسطيني، ومحدوديّة حجم هذا السوق، وعدم قدرته على استيعاب معدّلات النموّ المتسارعة في قوّة العمل الفلسطينيّة (حلس وعيسى، 2014، ص15).

الشباب والمشاركة في الانتخابات

حول إمكانية مشاركة الشباب بأي استحقاق انتخابي، واستنادًا إلى نتائج مسح الشباب 2015، أفاد 40% من الشباب في الفئة العمرية (29-15) عامًا بأنهم سيشاركون في الانتخابات، بواقع 29% في الضفة الغربية و57% في قطاع غزة، في حين أفاد 29% بأنهم ربما يشاركون، و13% ربما لا يشاركون، و18% قطعًا أنهم لن يشاركوا، بواقع 16% في الضفة الغربية و21% في قطاع غزة (الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، 2016).

وتشير نتائج المسح إلى أن نسبة كبيرة من الشباب في فلسطين لا يولي اهتماماً بالمشاركة بأي استحقاق قائم نتيجة الوضع السياسي المتأزم وعدم إجراء الانتخابات المحلية والتشريعية والرئاسية في أوقاتها المحددة وغياب دور الشباب في المشاركة السياسية الفاعلة والحقيقية الجادة، الأمر الذي يتطلب بذل مزيد من الجهود لتوعية الشباب بضرورة المشاركة في الانتخابات والعملية الانتخابية لا سيما أولئك الذين لم يسبق لهم المشاركة في الانتخابات، كونهم بناة المستقبل  والقادرين على التغيير في المجتمع نحو الأفضل.

ثانيًا: التحديات التي تواجه الشباب الفلسطيني

يواجه الشباب في فلسطين جملة من التحديات المتداخلة والمترابطة ومن أهمها:

التحديات السياسية

يعاني الشباب الفلسطيني من تحدياتٍ سياسية عدة أهمها ظاهرة الفئوية الحزبية في أوساط الشباب، والقيود على حرية التنقل والسفر، واستغلال الأحزاب السياسية لطاقات الشباب، وضعف دور المجلس التشريعي في معالجة قضاياهم، وعدم توفر قانون يحمي الشباب، وعدم توفر تشريعات تستجيب لاحتياجات هذه الفئة، وضعف دور مؤسسات المجتمع المدني في معالجة قضايا الشباب، ومحدودية فرص تقلد الشباب في المناصب العليا، والقيود التي تواجههم في مجال حرية الرأي والتعبير، وضعف الممارسات الديمقراطية داخل المؤسسات الحكومية وداخل الأحزاب السياسية، وغياب فئة الشباب عن قيادة المؤسسات الشبابية، وضعف القيادات الشبابية، وضعف الممارسات الديمقراطية داخل المؤسسات الأهلية، وضعف المشاركة السياسية (صافي، 2008، ص11).

لقد كانت نهاية العام 2006 نقطة تحول ويعد العام الأسوأ منذ الاحتلال الإسرائيلي في العام 1967، خاصة وأن هذا العام شهد أحداثاً ساهمت بشكل كبير في تردي أحوال الفلسطينيين السياسية والاقتصادية، وهذا نتج عن عدة عوامل، أهمها (ماس وآخرون، 2007):

  • استمرار إسرائيل في انتهاج سياسة العنف والتصعيد وتكريس أعمال الاغتيال والحصار والإغلاق، وشل حرية الحركة للأفراد والبضائع على المعابر الفلسطينية، والامتناع عن دفع مستحقات السلطة الوطنية الفلسطينية من عائدات الضرائب (أموال المقاصة) التي تجبيها إسرائيل نيابة عن السلطة الفلسطينية بموجب بروتوكول باريس الاقتصادي، والذي حرم السلطة الفلسطينية من أكثر من 60% من إيرادات الحكومة الفلسطينية وما ترتب على ذلك من عدم قدرتها على تأمين فاتورة الرواتب للموظفين العموميين، كما أن الجانب الإسرائيلي عمد إلى انتهاج سياسة التجاهل بشكل واضح لسياسة ضبط النفس والتهدئة والدعوة إلى مائدة المفاوضات التي التزمت بها السلطة الفلسطينية ومعظم فصائل المقاومة.
  • استمرار المقاطعة الدولية للحكومة الفلسطينية المنتخبة ديمقراطياً، وما نتج عن ذلك من عدم وصول المساعدات العربية والدولية إلى الشعب الفلسطيني، ووصول المساعدات بطريقة غير مباشرة دون المرور بوزارة المالية.
  • فشل حركتي فتح وحماس في التوصل إلى اتفاق سياسي يحدد أولويات المشروع الوطني الفلسطيني في هذه المرحلة، وما تأتى عن هذا الفشل من حدوث فراغ سياسي كبير، نجم عنه فلتان أمني خطير واقتتال وخراب ودمار.

بعد الفشل الذريع بين حركتي فتح وحماس في التوصل إلى اتفاق سياسي، انقلبت حركة حماس على السلطة الفلسطينية في 14 حزيران (يونيو( 2007، وأحكمت سيطرتها بالكامل على قطاع غزة، مما أدى إلى وجود انقسام فلسطيني داخلي ووجود حكومتين، الحكومة الفلسطينية في رام الله وحكومة أمر واقع في غزة تدير شؤونها حركة حماس.

لقد شكل الانقسام الفلسطيني ضربة قاسية للمشروع الوطني الفلسطيني، ترتب عليه نتائج سلبية خطيرة ألقت بظلالها الثقيلة على كافة مناحي الحياة، وتتمثل النتائج السلبية فيما يلي:

  • انقسام جغرافي بين الضفة الغربية وقطاع غزة ووجود حكومتين واحدة في الضفة والثانية في غزة.
  • قصور في الممارسات الديمقراطية في المؤسسات الحكومية والأحزاب السياسية ومؤسسات المجتمع المدني، ومجلس تشريعي يعاني شللاً تاماً في إصدار قانون واحد يستجيب لطموحات ومشكلات المواطنين.
  • انتشار ظاهرة الفئوية السياسية، وانتشار ثقافة العنف والتعصب والكراهية ورفض الآخر.
  • غياب الشباب عن المشاركة في صناعة القرار، والمشاركة في الحد الأدنى من تفاصيل الحياة اليومية.

ورغم الانفراج النسبي نتيجة توقيع اتفاق الشاطئ في الربع الثاني من عام 2014 بين حركتي فتح وحماس وتشكيل حكومة توافق وطني، ظل إرث هذا الانقسام يلقي بظلاله على الاقتصاد ويعقد اكتمال مشروع الاستقلال وبناء الدولة، كما أدى إلى إرباكات تخطيطية ومسؤوليات مالية غير متوازنة ولا تتواءم مع الالتزامات الواجبة تجاه المجتمع الفلسطيني ككل، كذلك ظل تعطل المجلس التشريعي يعيق منظومة تشريعية عصرية وموحدة بين شطري الوطن، تكون منسجمة مع المعايير الدولية (سلطة النقد الفلسطينية، 2014، ص5).

جراء هذا الوضع الكارثي، فإن شريحة الشباب، وتحديداً أولئك الذين يقطنون في قطاع غزة الذي تعرض إلى حصار مطبق منذ العام 2006، وتزامن الحصار مع الانقسام، قد كانت هي أبرز ضحايا هذا الوضع والأكثر تضرراً.

وحسب تقرير مجلس حقوق الإنسان فإن شريحة الشباب في قطاع غزة تتعرض لانتهاكات لحقوقهم الأساسية، كالحق في الحياة، والحق في العمل، والحق في الأمن الشخصي، والحق في مستوى معيشي مناسب، والحق في الحرية الشخصية، والحق في السكن، والحق في حرية الرأي والتعبير، والحق في حرية الحركة والتنقل، والحق في الرعاية الصحية .. وغيرها من الحقوق الأساسية (مجلس حقوق الإنسان، 2007).

التحديات الاقتصادية

تعتبر التحديات الاقتصادية من أهم التحديات التي تواجه الشباب الفلسطيني نتيجة انعدام اليقين وغياب الأفق السياسي والاقتصادي، ويمكن تلخيص هذه التحديات فيما يعانيه الشباب الفلسطيني من مشكلات اقتصادية وهي: ارتفاع معدلات البطالة وخاصة في صفوف الخريجين الجامعيين، وارتفاع أسعار السلع، والحصار الاقتصادي المفروض على قطاع غزة منذ العام 2006، وانخفاض مستوى المعيشة، وارتفاع أجور المواصلات، وتدني مستوى الرواتب والأجور، وعدم توفر الاحتياجات المعيشية الأساسية، والعمل في مجالات خارج نطاق التخصص الأكاديمي، والفساد الإداري والمالي في المؤسسات الحكومية، ومحدودية الدعم المقدم للمؤسسات الشبابية، ومحدودية ما يخصص لتنمية وتطوير الشباب في موازنة الحكومة الفلسطينية، وظاهرة الفساد الإداري والمالي في المؤسسات الأهلية (صافي، 2008، ص11).

ويعتبر الاحتلال الإسرائيلي من أخطر التحديات التي تواجه مجمل العمل الفلسطيني نتيجة ممارساته المجهضة للتنمية، والمعوقة لأي ازدهار مستقبلي حقيقي، فالاحتلال لا يزال مستمراً في فرض حصار شديد على قطاع غزة، وفي سيطرته على أجزاء كبيرة من الأرض الفلسطينية في مناطق الضفة الغربية، بما فيها المنطقة “ج” والقدس الشرقية، وفي بناء جدار الفصل العنصري والاستمرار في بناء المستوطنات ومصادرة الأراضي، ومحاولات عزل وتهويد القدس الشرقية ومقدساتها، كما لا يزال الاحتلال يتحكم بمقدرات الشعب الفلسطيني من حدود وأراض زراعية وموارد طبيعية وأجواء ويقطع أوصاله ويقيد تجارته وحركته، ملحقًا بذلك الاقتصاد الفلسطيني بالاقتصاد الإسرائيلي (سلطة النقد الفلسطينية، 2014، ص4).

لقد أدى الوضع السياسي والاقتصادي القائم في فلسطين إلى تراجع الوضع الاقتصادي العام وانعكس ذلك في انخفاض معدلات النمو، وفي زيادة معدلات البطالة والفقر وفي إفقار شريحة كبيرة من الشعب الفلسطيني، وفي تراجع حجم الاستثمار، وتراجع الوضع المعيشي العام للسكان.

إن تزايد معدلات البطالة في فلسطين والتي سجلت أعلى معدل لها في صفوف الشباب والخريجين الجامعيين، كان سبباً رئيسياً لدى شريحة كبيرة من الشباب للتفكير في الهجرة للخارج، إذ أن الحصول على فرصة عمل سيفضي إلى تحسين الظروف المعيشية والحد من البطالة والفقر، لكن معدل البطالة وخاصة في صفوف الخريجين لا يزال مرتفعاً في فلسطين وذلك نتيجة فقدان التنسيق بين احتياجات السوق المحلية من العمالة وما بين أعداد الخريجين الذي يتضاعف عاماً بعد آخر مسبباً ارتفاعاً متزايداً في أعداد العاطلين عن العمل.

وبذلك شكلت معدلات البطالة المرتفعة واحدة من أخطر المشكلات التي تواجه المجتمع الفلسطيني بما فيها شريحة الشباب، حيث وصلت إلى معدلات غير مسبوقة وتعد من أعلى معدلات البطالة في العالم، فحسب الإحصائيات الرسمية الصادرة عن الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني فإن عدد العاطلين عن العمل في فلسطين وصل إلى 384900 نسمة في الربع الثالث من العام 2016 بواقع 166900 نسمة في الضفة الغربية 218000 نسمة في قطاع غزة.

ولعل عدد العاطلين عن العمل يُظهر التفاوت الكبير في معدل البطالة بين الضفة الغربية وقطاع غزة، إذ بلغ معدل البطالة في قطاع غزة 43.2% في الربع الثالث من العام 2016، مقابل 19.6% في الضفة الغربية، واللافت للانتباه أن معدلات البطالة في صفوف الشباب من الفئة العمرية (24-20) سجلت أعلى معدل لها بنسبة 45.6% (الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، 2016، ص5).

مع غياب الأساس الاقتصادي الإنتاجي لدولة مستقلة ذات سيادة تتفاقم في ضوء المتغيرات الأخيرة مشكلات البطالة، الفقر والشباب هم أبرز ضحاياه، وطبقًا لسيناريوهات البنك الدولي والمرصد الإنساني من المتوقع أن يشهد الاقتصاد الفلسطيني في غضون عامين انهيارًا كاملًا بسبب الحصار المالي والاقتصادي الخارجي، وبسبب استمرار سياسة الإغلاق والحصار الإسرائيلي بما في ذلك الامتناع عن إعادة المستحقات المالية للسلطة الفلسطينية (عائدات الضرائب) التي تجبيها إسرائيل نيابة عن السلطة بموجب بروتوكول باريس الاقتصادي، كذلك بسبب ضعف النظام الفلسطيني وتفاقم الأوضاع الأمنية الداخلية (جودة، 2016، ص10).

التحديات الاجتماعية

ترتبط التحديات الاجتماعية بالتحديات الاقتصادية ارتباطاً طردياً، فالبطالة وتراجع المستوى المعيشي بالرغم من كونها من العوامل الاقتصادية إلا أنها ذات انعكاسات اجتماعية، ويمكن تلخيص التحديات الاجتماعية التي تواجه الشباب الفلسطيني، فيما يعانيه الشباب من اتساع دائرة الفقر في أوساط الشباب، وارتفاع تكاليف الزواج، والتعصب في أوساط المجتمع الفلسطيني، والتعصب في أوساط الشباب، والتمييز في المجتمع الفلسطيني على أساس الخلفية السياسية، ومحدودية فرص مناسبة لاستغلال أوقات الفراغ، والعنف في المجتمع، وثقافة حب الذات وتضخيم الذات، وغياب ثقافة الحوار، والعشائرية والقبلية، والتدخل في زواج الأبناء والبنات، وقلة الأجسام الشبابية الضاغطة، وثقافة الاستعراض، وتجاهل حقوق المتطوعين من قبل مؤسسات المجتمع المدني، وضعف دور الشباب في قيادة الإصلاح المجتمعي، والتمييز على خلفية موقع الإقامة، والمشكلات داخل الأسرة، وظاهرة كراهية الآخر، وسيادة المجتمع الأبوي أو التسلطي، والتمييز في مجال الميراث وخاصة للفتيات، والتمييز على خلفية الجنس، والعنف داخل الأسرة، والعنف ضد المرأة (صافي، 2008، ص12-11).

هذا الكم الهائل من المشكلات الاجتماعية التي تعاني منها شريحة الشباب الفلسطيني، يدفع بالكثير من الشباب إلى فقدان الأمل والضياع، لذلك لا بد من معالجة هذه المشكلات من منطلق أن التدهور في العلاقات الاجتماعية والرعاية الصحية ورأس المال البشري يؤثر سلباً على جميع المواطنين، في حين أن الاستثمار في الخدمات والحماية الاجتماعية بشكل شمولي، يؤدي إلى استدامة التنمية والنمو الاقتصادي (شبانة، 2016، ص49).

ويتطلب ذلك رسم سياسات اقتصاد كلي قادرة على توليد فرص العمل اللائق، وتوفير فرص عمل للمجموعات المهمشة، والتقليل من الفرص الهامشية التي يتركز فيها النساء والشباب، إضافة إلى الإصلاح التشريعي لتعزيز العدالة، والتصدي للممارسات الاقصائية ومعالجة التمييز، وصياغة سياسات اجتماعية بما في ذلك الإحاطة وتوفير الحماية للعمل غير المنظم، والامتثال للتشريعات المتعلقة بالحد الأدنى للأجور ومكافحة التمييز، وتحسين خدمات التعليم والتدريب عالي الجودة، لتعظيم رأس المال البشري، وتعزيز برامج الحماية الاجتماعية، ليس فقط ضد الانخفاضات الحادة في الدخل نظراً لحالات الطوارئ كالمرض والإعاقة والاحتلال وإجراءاته، بل أيضاً انخفاض الدخل المتعلق بأسباب هيكلية كغلاء المعيشة والتضخم.

كما يتطلب من السلطة الفلسطينية تعزيز إمكانية الوصول إلى المعلومات والمعرفة، وإعادة توزيع الدخل، من خلال اعتماد موازنات حساسة للنوع الاجتماعي، وموازنات محابية للشباب، وإصلاح المنظومة الضريبية لصالح الفقراء، وتطوير أدوات المراقبة وتقييم السياسات الاقتصادية وأثرها على الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وتمكين الشباب وضمان مشاركتهم الفاعلة في صناعة القرار، وتعزيز الحوكمة والمساءلة والشفافية.

إن الوضع الفلسطيني القائم بحاجة إلى خلق شراكات إبداعية تعزز الصمود وتتغلب على العوائق والمشكلات التي تواجه شريحة الشباب، من أجل تمكين الشباب وخلق فرص عمل جديدة لهم، وهذه الشراكات لا بد أن تكون إبداعية بمعنى يتجاوز الشراكات التقليدية، فمثلاً قطاع غزة بحاجة إلى خلق شراكات تستفيد من العمالة وهي في مكانها نظراً للحصار الإسرائيلي، وفتح أسواق عمل خارجية غير تقليدية تتيح العمل من داخل القطاع، كما أن صندوق التشغيل قد يشكل مظلة لمبادرات عديدة تتضمن شراكات إبداعية تشمل مشاريع مشتركة لدعم الأجور والعمل، وصندوق إغاثة للمشاريع الأسرية الصغيرة، لا سيما في قطاع غزة والقدس ومناطق “ج” وضمان تسهيلات مصرفية استثمارية للفئات المهمشة، ودعم التدريب المهني والتقني للشباب الأفقر والأقل حظاً (شبانة، 2016، ص57).

التحديات الثقافية والتعليمية

تعتبر الثقافة التقليدية السائدة بوجه عام في المجتمع الفلسطيني غير داعمة لتطور الشباب وتنميتهم وإشراكهم في تحديد خياراتهم المستقبلية، وتبرز هنا نزعة التسلط الأبوي واحتكار الحقيقة والقرار، كما أن الانفتاح الثقافي بدوره عبر وسائل وتقنيات الاتصال والحوسبة يطرح تحديات جدية تتعلق بالأنماط السلوكية والقيميَة، التي لا تنسجم مع منظومة القيم الاجتماعية الفلسطينية (جودة، 2016، ص10).

وترتبط التحديات التعليمية بالمشكلات في المناهج التعليمية، إذ يعاني التعليم بأساليبه التربوية التقليدية من مشكلة ذات أبعاد متعددة في فلسطين من حيث الكم والنوع والمناهج وأساليب وطرق التدريس، ومن المشكلات الواضحة أيضًا انخفاض أعداد الطلاب في مدارس التعليم المهني، وهي تتركز داخله في التعليم التجاري، كذلك  هناك مشكلة طبيعة التخصصات الجامعية ومدى ملاءمتها مع احتياجات سوق العمل، حيث تشير إحصاءات التربية والتعليم إلى أن 62.2% من مجموع الطلاب متخصصون في برامج العلوم الاجتماعية والتجارية والقانونية والتربوية، وتحظى التربية وحدها بـ31% من مجموع الطلاب، بينما بلغت نسبة الطلاب في برامج الهندسة والصناعة الإنتاجية 7%، والعلوم 11% (الموقع الإلكتروني لوزارة التربية والتعليم، http://www.mohe.ps).

هذا الخلل في هيكل التخصصات خلق مشكلة عدم المواءمة بين الخريجين وسوق العمل، لذا من الضروري أن تدرك الجهات التربوية أن المهارات التي يحتاجها الشباب تتعدى القراءة والكتابة والمهارات الحسابية التقليدية، حيث أصبح العالم أكثر تعقيدًا، تلعب فيه المهارات الحياتية كإدارة المفاوضات، وحل المشكلات، والتفكير الإبداعي، دورًا مهمًا في دخول الشباب لسوق العمل وكرافعة للتعليم القليل في معالجة المخاطر التي ترافق الدخول الأول لسوق العمل.

التحديات المؤسسية والتشريعية

تبرز هذه التحديات في إقصاء الشباب الفلسطيني عن مواقع صنع القرار في مختلف المؤسسات ومستوياتها القيادية، وهناك ثمة ثغرات في التشريعات الناظمة لحقوق الشباب وواجباتهم، وانعدام المؤسسات الوسيطة القادرة حقًا على تمثيل الشباب اجتماعيًا واقتصاديًا وثقافيًا، ومحاولة المؤسسات القائمة احتواء الشباب والالتفاف على مصالحهم وقضاياهم الحقيقية واستغلال قدراتهم ومواهبهم، والتباطؤ في الإقرار بقدراتهم وفتح فرص الاندماج والتطور والمشاركة الحقيقية أمامهم (جودة، 2016، ص10).

وإضافة لما سبق، لا توجد تشريعات تكفل تفعيل دور الشباب في المجتمع، ولم يرَ قانون رعاية الشباب النور حتى اليوم، والمسودة الأولى التي وصلت للجنة القانونية في المجلس التشريعي وأثارت الكثير من السخط والاستهجان من العاملين في مجال رعاية الشباب والاتحادات الشبابية لا تبشر بوجود توجه لإقرار قانون عصري يعمل على التمهيد لتصحيح الخلل في المجتمع، ويعزز مشاركة الشباب في أماكن صنع القرار.

ثالثًا: اتجاهات ومقترحات لتمكين الشباب الفلسطيني  

لا شك أن تمكين الشباب لا يقتصر على السلطة والحكومة فقط، فتمكين الشباب يحتاج تضافر جميع الأطراف، الحكومة ومؤسسات القطاع الخاص ومؤسسات الشباب، والمؤسسات الأهلية والجامعات، وفيما يلي توضيح دور كل جهة ذات علاقة بتمكين الشباب:

دور محوري للسلطة والحكومة

يتمثل دور السلطة والحكومة في وضع سياسات وطنية وبرامج لمعالجة بطالة الشباب تتضمن التوسع في خلق فرص العمل والتشغيل وكذلك التأهيل والتدريب للعمل الريادي، وبالتالي المساواة في توفير فرص العمل بحيث تكون عادلة للجميع وتتلاءم مع قدرات الشباب الحقيقية وتنميتها، وهذا يشمل أيضًا الاهتمام بتنمية الإبداع لدى أصحاب المشروعات الصغيرة والاستفادة من الفرص التي توفرها ثورة تكنولوجيا المعلومات لتغطية احتياجات الفئات المهمشة من أجل الوصول إلى كافة فئات الشباب فيما يتعلق بتمكينهم عن طريق تنمية المعارف والمهارات واكتساب الخبرات والتجارب.

كذلك أن تقوم الحكومة بتبني سياسات مالية إيجابية تشمل إعفاءات ضريبية لتشجيع المشاريع الشبابية والإبداعية وإنشاء صندوق لدعم المشاريع الريادية (الشبابية) وتشجيع البنوك على إقراض الشباب وفق نظام يراعي مصالح الطرفين.

إشراك القطاع الخاص

لا بد للسلطة الوطنية من إشراك القطاع الخاص في معالجة البطالة في إطار الشراكات الإبداعية التي تتيح للقطاع الخاص التعبير عن ذاته، والتأثير في طبيعة مخرجات التعليم، بحيث لا يتطلب من الخريجين الجدد مراحل تأهيل إضافية لدخول سوق العمل.

الحكومة تستطيع الالتزام طويل المدى بالتعليم والتدريب، ولكن شركات القطاع الخاص تستطيع تحديد العوامل التي تجعل من الخريج الجديد قابلًا للتشغيل، كذلك فإن مشاريع مكافحة البطالة لا بد أن تتجاوب مع احتياجات القطاع الخاص فيما يتعلق بمحتوى المناهج التعليمية التي لا بد أن تواكب التطورات السريعة في الطلب على العمل في القطاع الخاص.

دعم مؤسسات الشباب

 يعد مطلب دعم مؤسسات الشباب مطلبًا هامًا في تفعيل السياسة الوطنية وتطويرها على مستوى قياداتها والعاملين فيها، وعلى هذه المؤسسات أن تكون مخلصة في الوفاء للشباب وتتطلع إلى احتياجاتهم وأن تكون للعمل من أجل الشباب وليس فقط من أجل مؤسسة ذات هيكلية تنفذ سياسات معينة.

توسيع دور المؤسسات الأهلية

يشمل توسيع دور المؤسسات الأهلية توسيع عمل المؤسسات المالية وتسهيل عملية الإقراض، وتطوير مهارات وقدرات الشباب وتوعيتهم بأهمية دورهم في عملية اتخاذ القرار، وتوفير الدعم الخدماتي للجانب التسويقي محليًا وخارجيًا.

دور الجامعات

يتمثل دور الجامعات في تمكين الشباب في إعادة النظر في المناهج الدراسية والتخصصات ودراسة سوق العمل وتطوير دور مراكز التدريب ودوائر التعليم المستمر وخدمة المجتمع، وإعداد الدراسات حول قضايا تمكين الشباب وإنشاء حاضنات لتبني ودعم مشاريع الطلاب الإبداعية بالتنسيق مع مؤسسات ممولة.

خاتمة

لقد أصبح علميًا وعالميًا أن الشباب لهم خصوصية يجب مراعاتها في صنع السياسة العامة وخصوصًا في مواجهة التحديات الراهنة، لذا يتوجب على كافة المؤسسات الوطنية والمؤسسات التي تعنى بأمور الشباب الاهتمام بهم والعمل على تحسين أوضاعهم الاقتصادية، وتشجيعهم على المشاركة في الشؤون السياسية والاقتصادية في أماكن صنع القرار ليساهموا في إحداث تنمية مستدامة، لذلك يتوجب على كافة مؤسسات المجتمع (الحكومية، والخاصة والأهلية) الاستثمار به من أجل إحداث تنمية حقيقية ومستدامة، حيث إن عدم الاستثمار في هذا العنصر المنتج وتركه دون الرعاية المطلوبة سوف ينعكس سلباً على المجتمع وعلى هدف تحقيق التنمية، خاصة وأن تهميش طاقات الشباب وتركهم دون تمكين يحولهم إلى عناصر هدامة للتنمية في الحاضر والمستقبل.

 المراجع

  1. حلس، رائد (2016)، هجرة الشباب الفلسطيني وتداعياتها الاقتصادية، مجلة شؤون فلسطينية، العدد 265، رام الله، خريف 2016.
  2. الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني (2016)، بيان صحافي بمناسبة يوم الشباب العالمي 2016، رام الله، الموقع الإلكتروني: http://www.pcbs.gov.ps.
  3. الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني (2016)، النتائج الرئيسية لمسح الشباب الفلسطيني 2015، رام الله، الموقع الإلكتروني: http://www.pcbs.gov.ps.
  4. الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني (2016)، مسح القوى العاملة دورة (تموز– أيلول 2016) الربع الثالث 2016، رام الله.
  5. حلس، رائد وعيسى، محمود(2014)، مصادر الاختلالات الهيكلية في سوق العمل الفلسطيني: بحث مقدم إلى المؤتمر الفلسطيني الرابع لتنمية الموارد البشرية – شركاء في تحدي البطالة وتأمين مستقبل أفضل للخريجين، مركز تنمية الموارد البشرية– جامعة فلسطين الأهلية، بيت لحم، 26-25 حزيران 2014.
  6. العجلة، مازن والخضري، إيمان (2016)، بطالة الشباب في قطاع غزة (تطورها– خصائصها– سبل علاجها)، سلسلة قراءات إستراتيجية السنة الثامنة، العدد الثامن عشر، مركز التخطيط الفلسطيني، غزة.
  7. منظمة العمل الدولية (2005)، الشباب: سبل الوصول إلى العمل اللائق، مكتب العمل الدولي، جنيف.
  8. صافي، يوسف، متطلبات النهوض بحالة حقوق الشباب الفلسطيني: دراسة قطاع غزة كنموذج، مركز هدف لحقوق الإنسان، 2008.
  9. معهد أبحاث السياسات الاقتصادية الفلسطيني– ماس وآخرون (2007)، المراقب الاقتصادي والاجتماعي العدد (9)، رام الله.
  10. سلطة النقد الفلسطينية (2014)، التقرير السنوي 2013، رام الله.
  11. مجلس حقوق الإنسان: تقرير 29 كانون الثاني (يناير) 2007.
  12. جودة، وسام (2016)، ورقة مرجعية حول أثر تعطل المجلس التشريعي على قطاع الشباب، شبكة المنظمات الأهلية الفلسطينية، غزة.
  13. شبانة، لؤي (2016)، المشهد الاجتماعي الفلسطيني في سياق الحد من البطالة ومكافحة الفقر وجسر الفجوات الاجتماعية، مؤتمر ماس الاقتصادي 2016: نحو رؤية جديدة للنهوض بالاقتصاد الفلسطيني، معهد أبحاث السياسات الاقتصادية الفلسطيني– ماس، رام الله.
  14. وزارة التربية والتعليم، إستراتيجية التعليم والتدريب المهني والتقني، الموقع الإلكتروني: http://www.mohe.ps.

[*] باحث ومختص في الشأن الاقتصادي، غزة – فلسطين.