
- عن المركز
- دراسات وأبحاث
- متابعات
- مراجعات
- إصدارات المركز
- وثائق
- مركز الإعلام
- مؤتمرات
هاني رمضان طالب- باحث دكتوراه في العلوم السياسية
ملخص:
في ظل تلاشي مسار حل الدولتين، وصعود اليمين الصهيوني بزعامة "بنيامين نتنياهو" لسدة الحكم في إسرائيل، وتعالي أصوات المستوطنين والمتطرفين الصهاينة المطالبة بتطبيق خطة الضم الفعلي للضفة الغربية، تستمر الرسمية الفلسطينية بالتعويل على قرارات الشرعية الدولية.[1] لذا، قد يتبادر إلى الذهن بعض التساؤلات، حول قيمة هكذا مواقف وقرارات أممية ما دامت لا تجد طريقاً لها للتنفيذ، والكيان الصهيوني يواصل احتلاله وممارساته الاستيطانية والعنصرية في الأراضي الفلسطينية منذ عام 1967م. فما معنى الشرعية الدولية؟ وما موقف طرفي الصراع منها؟ وهل يمكن تغير الوقائع على الأرض من خلال قرارات الشرعية الدولية؟ أم آن الأوان لإسقاط مفهوم الشرعية الدولية من قاموس العمل النضالي والسياسي الفلسطيني؟
وفي سبيل معالجة إشكالية الدراسة التي يمكن صياغتها على هيئة التساؤل التالي: ما دور وجدوى الشرعية الدولية كأداة رئيسية من أدوات النضال الفلسطيني في إطار مواجهة مشروع الاحتلال والاستيطان الصهيوني في فلسطين، في ظل ازدواجية المعايير القائمة على سياسة المصالح للقوى العالمية الكبرى، والانحياز الأمريكي لصالح إسرائيل؟
كلمات مفتاحية: الشرعية الدولية، الاحتلال الصهيوني، القانون الدولي، الفلسطينيين.
مقدمة:
يرى البعض أن ظهور مفهوم الشرعية الدولية قد صاحب تأسيس نظام الدولة القومية الويستفالي عام 1648م، إذ أنه مفهوم متعلق بالدول ذات السيادة بصفة أساسية، وهناك من يرى بظهوره الحقيقي بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية في العام 1945م، وتطور قواعد القانون الدولي، إذ أُنشأت المؤسسات والمنظمات الدولية، الحكومية والغير حكومية، التي كان من أهمها منظمة الأمم المتحدة، كهياكل تنظيمية تنفيذية، للمشاركة في إدارة علاقات دولية لعالم أُنهكت قواه إثر مآسي الحربين العُظميين، وذلك من أجل المساعدة في تقليل فرص وأسباب استخدام القوة، ومن ثم، اندلاع الحروب بين الدول، وذلك من خلال ترسيخ مبادئ القانون الدولي في إطار مباشرة العلاقات الدولية داخل النظام الدولي الحديث.
ولقد شهدت فلسطين التي كانت خاضعة للانتداب البريطاني منذ انتهاء الحرب العالمية الأولى عام 1920م، اندلاع حرب دامية بين المهاجرين الصهاينة من جهة، والأصلانيين الفلسطينيين أصحاب الأرض من جهة أخرى، خلال محطات زمنية متعددة، كان من أبرزها، في نوفمبر من العام 1947م، وذلك بسبب صدور قرار (181) عن الجمعية العامة التابعة لمنظمة الأمم المتحدة القاضي بإنهاء الانتداب وتقسيم أرض فلسطين إلى ثلاث كيانات، كيان يهودي تبلغ مساحته ما يماثل حوالي 57.7%، ودولة عربية مساحتها ما يماثل حوالي 42.3%، ومدينتي القدس وبيت لحم والأراضي المجاورة لهما تحت وصاية دولية.[2] ثم توالت القرارات الأممية بعد ذلك، التي صدرت في سياق حالة مقاومة مشروع الاستعمار الاستيطاني الصهيوني في المنطقة، منها على سبيل المثال لا الحصر، قرار (194) القاضي بعودة اللاجئين عام 1949م، والقرارين (242) و(338)، والقرارين (3089) و(3236)، المتعلقين بالحقوق الفلسطينية غير القابلة للتصرف، والقرارين (2649) و(2672) الصادرين عن الجمعية العامة عام 1970م، واللذين يتناولان حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره، والقرارات (605) و(607) و(608) الصادرة أثناء انتفاضة الحجارة عام 1987م، وغيرها من القرارات والتوصيات الصادرة عن المنظمة الدولية.[3]
ولا زالت القضية الفلسطينية تحتفظ بزخمها في أروقة المنظمة الدولية، والهيئات المنبثقة عنها حتى اللحظة الراهنة، إذ استمرت الجمعية العامة للأمم المتحدة في تبني وإصدار قرارات تتعلق بالحقوق الفلسطينية، كان من آخرها مثلاً، اعتماد اللجنة الرابعة -لجنة المسائل السياسية الخاصة وإنهاء الاستعمار- للدورة السابعة والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة، خمس قرارات متعلقة باللاجئين الفلسطينيين، وتمديد ولاية الأونروا حتى عام 2026، وحول لا شرعية الأنشطة الاستيطانية في فلسطين المحتلة.[4] كما صدرت قرارات تطالب اللجنة المختصة بحقوق الشعب الفلسطيني بحشد التضامن والدعم الدوليين لقضيته العادلة، وقرار آخر يطلب من (شُعبة حقوق الشعب الفلسطيني) بالأمانة العامة، بتكريس أنشطتها لإحياء ذكرى "النكبة" الخامسة والسبعين، بما في ذلك، إقامة حدث رفيع المستوى في قاعة الجمعية العامة في 15 أيار 2023، ويدين نص القرار كذلك قتل الصحفية الفلسطينية "شيرين أبو عاقلة"، ويدعو إلى المساءلة، ويرحب بقرار تسمية برنامج الأمم المتحدة التدريبي للصحفيين الفلسطينيين باسمها تكريماً لها. بالإضافة إلى اعتماد اللجنة الثالثة للجمعية العامة قراراً يؤكد حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره، وقراراً ثاني لصالح فلسطين حول السيادة الدائمة على مواردها الطبيعية.[5] هذا، وقد صدر قرار أممي يعد الأخير حتى تاريخ كتابة هذه السطور، الموافق 31/ ديسمبر/ 2022م، عن الجمعية العامة تحت رقم 77/400 الذي طلب إلى محكمة العدل الدولية إصدار فتوى بشأن ماهية الاحتلال الإسرائيلي للأرض الفلسطينية بما فيها القدس الشرقية.[6] حيث تأتي هذه القرارات، تتويجاً لاستمرار نضال الشعب الفلسطيني، ولتؤكد التفاف المجتمع الدولي، واتساع إسناده دعماً للحقوق الكاملة للشعب الفلسطيني.
أولاً: مفهوم الشرعية الدولية.
تقوم فلسفة الشرعية الدولية كما حددها ميثاق الأمم المتحدة على سمو أحكامه على القوانين الوطنية والاتفاقات الدولية، إذ يعكس الفصل الأول من الميثاق الملامح الأساسية لهذه الشرعية ويجسدها في حفظ السلم والأمن الدوليين، وإنماء العلاقات الودية بين الدول على أساس احترام المساواة في الحقوق بين الشعوب وعلى رأسها الحق في تقرير المصير، والتعاون الدولي لحل المشاكل الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والإنسانية، وتعزيز احترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية، وعدم التمييز بسبب الجنس أو اللغة أو الدين، وأن تكون الأمم المتحدة هي المستودع لتحقيق هذه الأهداف على أساس المساواة بين الأعضاء والتزامهم بمبادئها، وتحريم الحرب وحل المنازعات بالوسائل السلمية والامتناع عن التهديد باستعمال القوة أو استخدامها ضد سلامة الدول وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول (باستثناء تدابير الفصل السابع).[7]
وهناك من يرى بأن الشرعية الدولية تُعبر عن ممارسة راسخة بعمق داخل المجتمع الدولي، لذلك، فإنها تعد بمثابة قيد قوي على السلوك الدولي. لكن، هذا لا يعني أنها لا تعاني من بعض الانتهاكات، أو أن الدول لا تعاني من القيام ببعض الأعمال الغير شرعية في ظل وجود الشرعية الدولية، إنما ما يعنيه ذلك هو أن المجتمع الدولي يستطيع فرض بعض العقوبات أو التكاليف على الانحرافات، أو يضطر أيضاً في بعض الحالات إلى تحمل بعضها، وهذه التكاليف هي مؤشر واضح للانتهاك الذي حدث للشرعية الدولية. وبالتالي، فإن الشرعية الدولية تجعل العمليات السياسية أكثر كفاءة على المستوى العالمي، من خلال تقليل كُلفة فرض الامتثال أو الإذعان للقانون. لكن إذا كان الأمر كذلك، فإن العكس صحيح أيضاً، إذ أن الخروج عن تلك الشرعية يجلب تكاليف إضافية، ومن ثم، يجعل العمليات السياسية أقل كفاءة. وبالتالي فإن غياب الشرعية الدولية يولد نوعاً من الخلافات أو الصدامات في إطار السياسة الدولية.[8]
ولتقدير مفهوم الشرعية الدولية على نحو كاف، يجب تفسير الفرق بين القانون الدولي والشرعية الدولية. فالقانون الدولي هو حقائق تنطلق من الاتفاقيات الدولية وقرارات الأمم المتحدة، بما في ذلك تلك التي لا تملك سلطة لفرض عقوبات فعلية، ومن ثم، يندرج حكم محكمتي الجنايات والعدل الدوليتين فيهما. ولقد اختارت السلطة الوطنية الفلسطينية، باعتبارها الممثل لدولة فلسطين، تبني استراتيجية تعتمد على مناشدة الهيئات الرسمية التي تمثل القانون الدولي، من دون نتائج ملموسة حتى الآن، لكن هذه العملية تشهد تطوراً بارزاً في الآونة الأخيرة، حيث تبنت الجمعية العامة للأمم المتحدة بتاريخ 31/ 12/ 2022، قراراً يطلب فتوى قانونية من محكمة العدل الدولية بشأن الآثار القانونية الناجمة عن انتهاك الاحتلال الإسرائيلي لحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره، وكذا احتلالها طويل الأمد واستيطانها والتدابير الإسرائيلية لتغيير الوضع الديمغرافي في القدس المحتلة، بما في ذلك التشريعات والتدابير الإسرائيلية التمييزية. وقد حصل القرار على تأييد 87 دولة ومعارضة 26، مقابل امتناع 53 دولة عن التصويت. وجاء تبني القرار بناءً على توصيات اللجنة الرابعة التابعة للجمعية العامة، التي تبنت قراراً مشابهاً الشهر الماضي، وحصل على تأييد 98 دولة، ومعارضة 17، وامتناع 52 دولة عن التصويت.[9]
على أساس أن القانون الدولي مفهوم واضح، بخلاف مفهوم الشرعية الدولية، يعرف "مارتن وايت" مفهوم الشرعية الدولية على النحو التالي: "إن الشرعية الدولية هي فكرة ضبابية ومراوغة، تقع على التخوم بين الأخلاق والقانون، ويمكن وصفها بإيجاز بأنها المقبولية الأخلاقية".[10] مقبولة لمن؟ لبقية أعضاء المجتمع الدولي. إذ تعد جنوب أفريقيا في ظل نظام الفصل العنصري مثالاً جيداً لدولة شرعيتها مشكوك فيها. لكن ليس هناك شك في أن نظام جنوب أفريقيا قانوني Legal، وذلك أن الخطوات التي نشأ من خلالها ذاك النظام لم تخالف القانون الدستوري. ومع ذلك، فقد جرى شجبه بإجماع الرأي الدولي الذي عبرت عنه عدة قرارات صادرة عن الأمم المتحدة ومنظمة الوحدة الافريقية، فلقد كانت جنوب افريقيا دولة منبوذة، لكنها على الرغم من ذلك، كانت منبوذة ومزدهرة. فبما أن ليس للشرعية الدولية هيئات رسمية خاصة، فإنها لا تتبع الاعراف الرسمية.
كما يمكن تشبيه الاختلاف بين الشرعية الدولية والقانون الدولي، من نواح عدة، من خلال الاختلاف بين فعل المقاطعة، باعتباره فعل مجتمع مدني، والعقوبات من حيث أنها تمثل إجراء تنفذه حكومة دولة ما. فمثلاً إن مسألة تحويل فعل المقاطعة إلى سياسة عقوبات هو ما تحاول حركة مقاطعة إسرائيل وسحب الاستثمارات منها BDS، جاهدة، لتحقيقه في نهاية المطاف. على المنوال نفسه، في حالة جنوب أفريقيا، احتاج العالم إلى تعريف "الأبارتهايد" في عام 1972، لأن الحكومات الغربية رفضت تأييد دعم مقاطعة المجتمع المدني لنظام جنوب أفريقيا من خلال سياسة فرض عقوبات، وهو الأمر الذي حصل لاحقاً بعد سنوات. فبمجرد استبدال جنوب أفريقيا بإسرائيل، والتفكير في موقف المجتمع المدني، وليس الحكومات، ستجد أن المعنى الكامل للشرعية الدولية أضحى أقل غموضاً.[11]
بصفة عامة، يعني مصطلح الشرعية الدولية الالتزام بمجموعة المبادئ والقوانين التي تحكم وتوجه العلاقات الدولية، من خلال منظمة الأمم المتحدة، وبما تصدره هيئاتها المكلفة بحفظ السلم والأمن العالميين، ومن أهمها مجلس الأمن الدولي. وتجد الشرعية الدولية، كما هي متداولة اليوم، أساسها في الطابع التوافقي التعاقدي للقوانين الدولية والمعبر عنه في المعاهدات والاتفاقيات الدولية التي تعتمدها الدول، وتوافق عليها وتلتزم بتطبيقها، بحكم أن الدولة هي المخاطب الرئيسي بالقانون الدولي العام.[12]
ثانياً: مواقف الطرفين من قرارات الشرعية الدولية.
ان قرارات الشرعية الدولية وتوصياتها وبياناتها هي كل ما صدر عن هيئات أممية رسمية، وتشمل القرارات الصادرة عن منظمة الأمم المتحدة بشكل رئيسي، والهيئات المنبثقة عنها، مثل، مجلس الأمن، والجمعية العامة، ومجلس حقوق الانسان، وأحكام محكمة العدل الدولية وآرائها الاستشارية وأوامرها، وقرارات المجلس الاجتماعي الاقتصادي. إضافة إلى قرارات القمم العربية، وقرارات منظمة التعاون الإسلامي.[13]
وتعتبر قرارات الشرعية الدولية أحد أبرز الأدوات الدبلوماسية لحل الصراع الفلسطيني/ الإسرائيلي، ورغم ذلك فقد أسقطت مسيرة التسوية مرجعية العديد من هذه القرارات، فخضعت لتوازن القوى، وبالتالي، لإملاءات إسرائيل واشتراطاتها المستمرة. إذ جرى الانتقال من الشرعية الدولية إلى ما يمكن تسميته بالشرعية التفاوضية، وفي ظل غياب مبدأي العدل والإنصاف في مجال تطبيق القانون الدولي، فضلاً عن اختلال موازين القوة، فلا يوجد ما يمنع إسرائيل، ليس فقط من الاستمرار في التنصل من التزاماتها والإفلات من العقاب، بل وفرض شروط جديدة، وحتى صيغة إسرائيلية للحل النهائي.
ففي حين أن مفهوم الشرعية الدولية بشكل عام حاضر بقوة في الخطاب السياسي الفلسطيني، والبيانات الرسمية للسلطة الفلسطينية، ومواقفها، ولقاءاتها مع قادة وسياسي العالم.[14] يلاحظ العكس تماماً في الموقف الإسرائيلي، الذي لا يعتبر هذه الشرعية الدولية أو قراراتها عاملاً من العوامل التي تصيغ أجندته السياسية. فبدل العودة إلى قرارات الشرعية الدولية كناظم لمستقبل العلاقة بين إسرائيل والفلسطينيين، فإن الأحزاب السياسية الصهيونية تتلاعب في أحد المبادئ (الديمقراطية) التي من المستبعد أن يرفضها المجتمع الدولي، وهي (الاستفتاء الديمقراطي)، التي تعني، أنه حتى لو اضطرت أحد الأحزاب السياسية أو الحكومات في إسرائيل إلى الدخول في مفاوضات نهائية تتعلق بمصير الأراضي المحتلة عام 1967م، أو التوصل لاتفاق يقضي بإقامة دولة فلسطينية يوماً ما، فإن هذه الحكومة ستلجأ إلى المجتمع الإسرائيلي كحكم نهائي، له قيمة ديمقراطية عليا، لا يمكن للعالم أن يرفضها.[15]
ان سقوط حكومة "أيهود باراك" في العام 1999م، واندلاع الانتفاضة الثانية، وانهيار معسكر اليسار الصهيوني لأسباب متعددة، كان يعني، ولا يزال، أن المجتمع الصهيوني في إسرائيل في غالبيته العظمى يتراوح ما بين اليمين الجديد المتطرف واليمين التقليدي والمعسكر الوسط – اليمين، الأمر الذي يجعل من إمكانية الخروج بقرارات لصالح الفلسطينيين، نابعة من استفتاء شعبي في إسرائيل لإنهاء الاحتلال هو بمثابة ضرب من الخيال. إذ تعكس نتيجة استطلاع للرأي نفذه المركز الإسرائيلي للديمقراطية أن نظرة الجمهور الصهيوني فيما يتعلق بموقفه من (حل الدولتين) هي نظرة سلبية تشاؤمية، حيث وصلت نسبة مؤيدي حل الدولتين في إسرائيل إلى أعلى مستوياتها خلال عامي 2007 – 2008، ووقفت عند حد 70%، لكنها بدأت بالتراجع، خصوصاً أثناء فترة حكم "بنامين نتنياهو"، وتحول الاستيطان إلى قضية تلقى شبه إجماع شعبي في إسرائيل، ففي نهاية عام 2018م وصلت نسبة مؤيدي حل الدولتين في إسرائيل إلى نحو 46.8% فقط.[16]
ولا يمكن فهم المواقف الإسرائيلية المختلفة تجاه الشرعية الدولية وقراراتها بشكل أكثر وضوحاً، إلا إذا أدركنا كُنه هذه الدولة وطبيعتها، أولاً بوصفها دولة خارج القانون، فممارساتها تجعلها في مصاف الدول الاستعمارية، وثانياً، بوصفها دولة تمارس نظام الفصل العنصري، وأخيراً، بوصفها دولة ذات سجل إجرامي. وقد عبرت قيادات إسرائيلية بشكل صريح عن هذه العدوانية. فعلى سبيل المثال صرح "ديفيد بن غوريون" يوماً "إن صراعنا مع الفلسطينيين واضح البساطة، نحن وهم نتنازع على نفس قطعة الأرض، والفرق بيننا وبينهم أننا سنكسب إما بالحرب وإما بالسياسة وإما بالخديعة". وبعبارة مقتضبة عبرت "تسيفي ليفني" عن ردة فعلها على قرار مجلس الأمن رقم (1860) الصادر بتاريخ 9/1/2009، والذي طالب بوقف فوري لإطلاق النار خلال العدوان العسكري على قطاع غزة، بقولها: "إسرائيل عملت وتعمل فقط بموجب اعتباراتها الأمنية وحقها في الدفاع عن النفس".[17]
لقد تكون الموقف الإسرائيلي من الشرعية الدولية وفقاً لبعض العوامل الأساسية، منها على سبيل المثال: اعتبارات أيديولوجية مستمدة من مرتكزات مشروعها الصهيوني، وقدرتها على التنكر والتنصل مع الإفلات من العقاب بالاستناد إلى دعم الدول الغربية عموماً، ودعم الولايات المتحدة على وجه الخصوص، فضلاً عن غموض قرارات الشرعية الدولية. وبالعموم، يتضح بأن المعالم الرئيسية للموقف الإسرائيلي تجاه الشرعية الدولية تتمثل في:[18]
من جهة أخرى، وعلى صعيد الموقف الفلسطيني من الشرعية الدولية، إلى جانب حضور مفهوم الشرعية الدولية بقوة في الخطاب السياسي الفلسطيني، والبيانات الرسمية للسلطة الفلسطينية، ومواقفها المعلنة أيضاً، فيمكن القول: إن اضطراباً شديداً شاب أسلوب التعامل مع قرارات تلك الشرعية، إذ غابت الرؤية الواقعية المبنية على فهم عقلاني للقانون الدولي، وللعلاقات الدولية، ولميكانزمات صدور القرارات الدولية، وتفسيرها، وتطبيقها. فلم يتم الفصل بين مخاطبة الجماهير الشعبية ومخاطبة المنظمة الدولية، وتم تسيس القرارات الدولية واستخدامها لأغراض السياسة الداخلية والتنظيمية الضيقة على حساب توظيفها دولياً، كما تم تحميل تلك القرارات أكثر من قيمتها وأكثر مما تحتمل. فباستثناء قرار التقسيم رقم (181) الصادر في نوفمبر من العام 1947م، والذي رفضه الفلسطينيين في نصوص الميثاق الوطني (في المادة التاسعة عشر من الميثاق)[19]، لا يوجد أي قرار صادر عن مجلس الأمن أو الجمعية العامة للأمم المتحدة، لغاية تاريخ كتابة هذه السطور، ينادي صراحة بدولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، أو حتى يلزم إسرائيل بالانسحاب من الضفة الغربية وقطاع غزة، حتى يتمكن الفلسطينيين من ممارسة حقهم في تقرير مصيرهم السياسي.[20]
ثالثاً: الشرعية الدولية كقوة تغيير على أرض الواقع.
لقد تناول بعض علماء القانون الدولي خلال تسعينيات القرن الماضي مسألة التركيز على الجوانب الوظيفية للشرعية، فجادل "توماس فرانك" على سبيل المثال، بأن الشرعية تعمل بفاعلية عندما ترغب الدول المعترف بها كأعضاء في المجتمع الدولي، حيث يتعلمون في هذا المجتمع الالتزام بقواعد النادي الدولي من أجل تأمين مزايا العضوية. فالدول بهذا المعنى، لا يختلفون عن الأفراد الذين يقومون بأعمالهم الروتينية من أجل تعلم الامتثال لقواعد السلوك، وفرض قيود ذاتية على أنفسهم. توضح آلية التقييد الذاتي هذه، من وجهة نظر "فرانك" لماذا يمتثل قادة الدول طواعية للقواعد الدولية، لأن الدول لا تستطيع تحمل أو تجاهل عواقب عدم الامتثال، مثل سوء السمعة والعزلة داخل المجتمع الدولي، ومن الممكن في بعض الحالات، فرض العقوبات.[21]
غالباً يقصد بالشرعية الدولية من الناحية النظرية وجوب تطبيق قواعد القانون الدولي على سائر التصرفات التي تصدر عن الأشخاص المخاطبين بهذا القانون، وهم أساساً الدول والمنظمات الدولية، وأن الشرعية الدولية تتجسد في أحكام القانون الدولي أيا كان مصدره، وعلى ذلك فإن فرض الشرعية الدولية يكون بفرض أحكام القانون الدولي على المخاطبين به، وانتهاك الشرعية الدولية يكون بانتهاك أحكام هذا القانون.[22]
وفي الوقت الذي استند المشروع الصهيوني في تأسيس دولة إسرائيل، عبر إعلان الاستقلال في مايو 1948، بشكل أساسي إلى قرار التقسيم رقم (181) الصادر عن الأمم المتحدة، والذي منح الحركة الصهيونية الحق في تقرير المصير والسيادة وإقامة الدولة، إلى جانب "الحق الطبيعي والتاريخي" للشعب اليهودي في فلسطين حسب الادعاء الصهيوني. وكان هذا الإعلان قد وعد بالمساواة السياسية والاجتماعية الكاملة لجميع مواطني إسرائيل، بغض النظر عن الدين أو العرق أو الجنس، وضمن ولاء إسرائيل لمبادئ ميثاق الأمم المتحدة. على هذا الأساس ناشدت إسرائيل الأمم المتحدة لقبولها في أسرة الأمم. وهكذا، كما هو منصوص عليه في إعلان الاستقلال، استندت شرعية إسرائيل الدولية إلى قبولها بالقرار الدولي الخاص بتقسيم فلسطين وسجلها في مجال حقوق الإنسان.[23]
إلا أن الاحتلال والاستيطان الواسع للضفة الغربية والقدس وقطاع غزة ما بعد عام 1967 كشف مدى عدم التزام إسرائيل الحقيقي بقرار التقسيم، وبالتالي، أثار هذا الوضع التساؤل حول شرعية إسرائيل ذاتها على الساحة الدولية. وعلى مر السنين منذ عام 1967، أعاد المجتمع الدولي إحياء الإجماع على التقسيم بشكل مستمر، أو حل الدولتين لمعالجة الصراع في فلسطين/ إسرائيل. لذلك، كان يُنظر إلى سياسة الاستيطان الصهيونية على أنها عقبة رئيسية أمام هذا الخيار. في الواقع، قصد مؤسسو تلك المستوطنات أن تخدم بالضبط هذا الغرض المعيق. ونظراً لأن إسرائيل تنأى بنفسها عن تطبيق قرار التقسيم وفكرة الدولتين بشكل كامل، فإن سياساتها تميل بكل وضوح إلى تقويض باقي قرارات الشرعية الدولية المتعلقة بهذا الشأن.[24]
من جهة أخرى، ولأن القانون الدولي يتم توظيفه على أرض الواقع بصعوبة فيما يمس بسيادة الدول، فإن الدول نفسها تصبح غير مضطرة إلى النزول عند أحكامه، فمسألة عدم القدرة على التدخل في شؤون الدول ذات السيادة، إلى جانب ضعف وازع احترام القانون الدولي لدى هذه الدول، يعنيان أنه في حالة فلسطين/ إسرائيل، لن تكون الدولة أداة تتيح الالتزام بإنفاذ القانون الدولي، ولا سيما القانون الدولي لحقوق الانسان. لهذا السبب ليس ثمة ما يدعو إلى تعليق الأمل على المحكمة الإسرائيلية العليا للحد من سياسات الاضطهاد التي تمارسها إسرائيل في الأراضي الفلسطينية، لأن وبكل بساطة، تعتبر هذه المحكمة متواطئة في تلك السياسات من خلال الموافقة عليها على نحو متكرر.[25]
لكن، وفي هذا الإطار، بذلت السلطة الفلسطينية في السنوات الأخيرة جهوداً كبيرة للمطالبة بالسيادة على الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967م، استناداً إلى القانون الدولي، إلا أن هذه الجهود استضمت ولا زالت بحقيقة أن قانون حقوق الانسان الدولي بشكله الحالي لا يتعامل إلا في القضايا الفردية وبعض دراسات الحالة، ولا يمكنه أن يكون عاملاً مؤثراً ومغيراً على أرض الواقع في الحالة الفلسطينية من دون الاشتباك مع سؤال الاستقلال والسيادة، وهو سيناريو مستبعد، في ظل المعطيات والظروف الدولية الراهنة. حيث قاد الدكتور الراحل "صائب عريقات" مبادرة الدولة الفلسطينية للوقوف في وجه إسرائيل، عبر القانون الدولي في المحاكم الدولية. ومن باب الإنصاف، يمكن وصف هذه المبادرة بأنها أزعجت دولة الاحتلال وأربكته، لكنها في الوقت ذاته، لم تثمر الكثير من النتائج الفعلية على الأرض، على الاقل حتى الآن.[26]
وفي السياق ذاته، يوضح الدكتور "ديفيد لويد" بأن: "حرمان فلسطين من أن تكون دولة ذات سيادة هو عبارة عن توطيد غير مباشر لسيادة إسرائيل على فلسطين، ومن ثم، حجب إمكانية حصولها على امتيازات العضوية فيما يمكن أن نسميه الشبكة الحديثة للدول الويستفالية، التي أُسس من خلالها مفهوم السيادة كمبدأ مركزي في النظام الدولي". ويضيف بأن: "النتيجة الطبيعية لمثل هذه العلاقة، بين دولة ذات سيادة وأمة من دونها هو إنشاء شكل من التمييز الذي يخضع الأخير للغزو والاحتلال دون حق الطعن أو اللجوء للقانون".[27]
تشرح إشارة "لويد" السابقة كيف أن إضفاء سمة القداسة على مفهوم سيادة الدولة قد عطل تطبيق قرارات الشرعية الدولية، التي تستند بدورها لمبادئ وقواعد القانون الدولي، عن القيام بدور حقيقي وفاعل في القضية الفلسطينية. فإذا ما تم أخذ الأصول الاستعمارية للقانون الدولي وقداسة مبدأ السيادة في الاعتبار، فيمكن إدراك أن هذا القانون الدولي الذي لم يتمكن من منع بريطانيا الانتدابية منح الأرض الفلسطينية أو الجزء الأكبر منها إلى الحركة الصهيونية في عام 1917م، من المرجح أن لا يملك اليوم أدوات وقف المشروع الصهيوني في فلسطين التاريخية.
إجمالاً، يمكن القول: أنه لم يولد طيلة القرن العشرين مشروع سياسي ناجح في تحقيق نفسه على أرض الواقع، وبلوغ أهدافه إلا المشروع الصهيوني في فلسطين، وكان أحد أدوات هذا النجاح هو التعامل مع الشرعية الدولية من خلال فعالية سياسية منظمة وعقلانية، فضلاً عن القدرة على التكيف والمثابرة بما يخدم نجاح هذا المشروع. إلى جانب توافق غايات مشروع الاستيطان الصهيوني في فلسطين مع الأساس الإمبريالي الغربي للقانون الدولي - المكون الرئيس للشرعية الدولية -.
رابعاً: التمسك بالشرعية الدولية.
ان النظر في قاموس العمل الدبلوماسي الفلسطيني يظهر تشابك واندماج المسار السياسي بالمسار القانوني، فهما يسيران في طريق واحد، هو إحقاق الحقوق التاريخية للشعب الفلسطيني. وفي ضوء اعتبار القضية الفلسطينية أزمة دوليـة بامتيـاز، منـذ أن كانـت محـط أنظـار مخططـات الاسـتعمار الأوروبـي الحـديث فـي سـايكس بيكـو 1916، وقطع بريطانيا العظمى آنذاك وعداً علـى نفسـها (وعـد بلفـور 1917م) لإقامة وطـن قـومي لليهـود فـي فلسـطين، وبعـد تـأمين الهجـرات الصـهيونية مـن قبـل الـدول الغربيـة إلـى فلسـطين، وضـعت بريطانيـا المسـألة الفلسـطينية أمـام منظمة الأمــم المتحـدة عــام 1947م، التـي أصــدرت قـرار تقســيم فلسطين (181). وبعد إقامة دولة الاحتلال عام 1948م واندلاع الحـروب الاسـرائيلية - العربيـة، أصـدرت الأمــم المتحــدة وهيئاتهــا المختلفة العديــد مــن القــرارات الخاصة بالقضـية الفلســطينية - كما أسلفنا سابقاً - وكــذلك عرضــت العديــد مــن مشــاريع التســوية.[28] فمن الطبيعي أن يتأثر العمل السياسي الفلسطيني بالمتغيرات الدولية على المستويين الداخلي والخارجي، ويرتهن التحرك قانونياً في الأمم المتحدة وهيئاتها بتلك المتغيرات، خاصة أن الدعم الأمريكي لإسرائيل أصــبح يهــدد الوجــود الفلســطيني. وبما أن تلك المسارات تعتمــد علـى القـانون الـدولي، فالدبلوماسي الفلسـطيني بحاجة لأوراق قـوة وضـغط علـى نظيره الإسـرائيلي، فيمكن في هذا السياق أن تمثل قـرارات الشـرعية الدولية أحـد أهـم أوراق القـوة لصالح الجانب الفلسـطيني فـي أي تحركات دبلوماسية جدية قادمـة. لـذا، لا يمكـن تعطيـل إحـداها على حساب الأخرى، فـإذا كانـت الحقـوق الفلسـطينية تتطلـب مقاومـة الاحتلال فـي الداخل، أو تنشيط الدبلوماسية الرسمية والشعبية في الخارج. فهي بالأساس تحتاج لرؤية سياسية فلسطينية كاملة وخطة استراتيجية قابلة للتطبيق، تشمل كافة مسارات العمل النضالي المتاحة والممكنة.
وبالرغم من أن الشرعية الدولية وقراراتها ومواقف الدعم والتأييد من شعوب ودول العالم لا تنوب ولا هي بديل عن النضال الفعلي والواقعي للشعب الفلسطيني، ولكل الشعوب التي تناضل من أجل الحرية والاستقلال، لكنها في نفس الوقت تشهر الحق وتعترف به وتروجه عبر العالم، وتمنح لأصحابه منصة للتعبير عنه والتواصل مع العالم، كما أنها تضفي شرعية على نضال الشعوب الخاضعة للاحتلال، من خلال قرارات وتوصيات، وهناك قرارات دولية عديدة تضفي شرعية على مقاومة الاحتلال. لذا يمكن القول: أن سلبية أو قصور الشرعية الدولية، أو الطابع المعنوي لمواقف الدعم والتأييد يجب ألا يدفع لطي صفحة الأمم المتحدة وأي نشاط سياسي ودبلوماسي دولي بالكامل.
حتى لو كانت الأمم المتحدة شبه مشلولة، وفي الغالب تسيطر عليها ازدواجية في التعامل، وخصوصاً عندما يتعلق الأمر بالكيان الصهيوني، إلا أن قرارات وتوصيات الأمم المتحدة والمؤسسات الدولية الأخرى لا تسقط تلقائياً بالتقادم أو بتغير موازين القوى الإقليمية والدولية، ووجودها يشكل أرضية ومرجعية يمكن للشعب الفلسطيني ودول وشعوب العالم المناصرة لعدالة القضية الفلسطينية البناء عليها والانطلاق منها لمواجهة عدوانية دولة الكيان الصهيوني التي هي عضو في الأمم المتحدة، وعلى الأقل فإن هذه القرارات كالاعتراف بالدولة الفلسطينية، وحق الشعب الفلسطيني بتقرير مصيره الوطني، ووسم إسرائيل بالعنصرية، الخ، تضع في يد الدبلوماسية الفلسطينية وكل المساندين لعدالة القضية الفلسطينية ورقة قوية وأساساً لفضح إسرائيل وممارساتها وزيف روايتها في المحافل الدولية وعند الرأي العام العالمي. ومن جهة أخرى، يجب الحذر من التقليل من شأن الأمم المتحدة وقراراتها، فبالرغم من ضعفها الظاهر إلا أنها ومن خلال تأثير الدول الكبرى عليها تستطيع أن تتدخل في حياة الدول والشعوب سلباً أو إيجاباً ليس فقط في الشأن السياسي، بل أيضاً في الشؤون الاقتصادية والاجتماعية، وللتذكير هنا على سبيل المثال، كيف احتلت الولايات المتحدة العراق من خلال قرار مُبهم انتزعته من مجلس الأمن.[29]
ومن منطلق أن سبب تردي الحالة التي وصلت إليها القضية الفلسطينية هو الارتهان لخيار المفاوضات الثنائية مع المحتل، وإهمال الخيارات الأخرى، ووضع البيض كله في سلة التسوية، إذ فشلت المفاوضات في التوصل لأي نتيجة مُرضية بسبب ضعف الحالة الفلسطينية من جهة، وتعنّت الموقف الإسرائيلي ومراوغته من جهة ثانية، خاصة وأن الكفاح المسلح بات خياراً صعباً، وخيار الانتفاضة الشعبية الشاملة في هذا التوقيت، أي في ظل الموقف الإقليمي والدولي المعقد والصعب، وبسبب الانقسام سيكون خياراً خاطئاً، والمقاومة الشعبية بهذه الطريقة لن تكون كافية، فقد ظلت محصورة في مناطق معينة (بعض القرى الحدودية)، ولم تحقق سوى إنجازات رمزية وإعلامية، مثل إجبار الإسرائيليين على تقليص الأراضي المصادرة، أو تعديل مسار الجدار أو منعه في مناطق معينة، أو على صعيد زيادة الوعي الدولي لواقع الاحتلال. كما أن الخيارات المتاحة أو المفروضة على الفلسطينيين أخذت تتقلص شيئاً فشيئاً، فخيار حل الدولتين أفشلته إسرائيل بسياسة الاستيطان، وأفشلته أميركا بانحيازها السافر لإسرائيل، وخيار حل الدولة الواحدة لا يعدو أكثر من كونه وسيلة ضغط على إسرائيل والمجتمع الدولي للنظر للاحتلال بوصفه نظام أبارتهايد.[30]
فلا يمكن ان يكون الحل الاستمرار بتجريب المجرب، وانما من الحيوي إعادة طرح القضية الفلسطينية على المؤسسات الدولية، على ان لا يكون ذلك مجرد ردة فعل ولا تكتيكاً لتحقيق بعض التحسينات، أو المراهنة على إعادة إحياء مسار المفاوضات الثنائية تحت سقف أوسلو، وانما جزءاً من استراتيجية متكاملة تعول بشكل أساسي على الشعب الفلسطيني، وعلى صموده وتصميمه على انتزاع حقوقه، بالاستناد الى عدالة القضية الفلسطينية وتفوقها الاخلاقي، وعلى ان الشرعية الدولية المتمثلة بالقانون الدولي وقرارات الامم المتحدة تتضمن الحد الادنى من الحقوق الفلسطينية، وعلى ان اسرائيل اصبحت تظهر اكثر واكثر امام الرأي العام الدولي، وامام قطاعات رسمية دولية متزايدة باعتبارها خطراً على الامن والسلام الدوليين، وعلى المصالح الحيوية والامنية والاستراتيجية للولايات المتحدة الاميركية وجميع الدول الكبرى المشاركة في صنع القرار الدولي.[31]
لقد أدى غياب القانون الدولي كأساس للاتفاقيات الفلسطينية الإسرائيلية، والتجاهل التام للبعد الدولي للقضية الفلسطينية، الذي يتضح من خلال حصر عملية السلام في مسار المفاوضات الثنائية، إلى استمرار وتزايد انتهاكات حقوق الشعب الفلسطيني. فمنذ توقيع اتفاقيات أوسلو عام 1993، ارتفع عدد المستوطنين الإسرائيليين في الضفة الغربية من حوالي (120.000) إلى حوالي (500.000)، إذ فقد الشعب الفلسطيني فعلياً مدينة القدس التي أصبحت معزولة تماماً عن محيطها الفلسطيني. بالإضافة إلى ذلك، فقد تم فصل قطاع غزة تماماً عن الضفة الغربية، وتم تقسيم كل من المسجد الإبراهيمي والخليل. كما تم الاستيلاء على ما لا يقل عن 12٪ من إجمالي مساحة الضفة الغربية لغرض بناء جدار الضم. علاوة على ذلك، فقد الشعب الفلسطيني موارد المياه التي توفرها طبقة المياه الجوفية الغربية، وتم تجزئة الضفة الغربية إلى ثلاث مناطق مفصولة ومعزولة بنقاط التفتيش العسكرية والطرق الالتفافية للمستوطنات، إلى جانب اقتطاع دولة الاحتلال أيضاً جزءاً من عائدات الضرائب للسلطة الفلسطينية دون الوفاء بالتزاماتها تجاه السكان الفلسطينيين المحميين بحكم القانون الدولي.[32]
فبسبب المأزق الذي وصلت إليه منظمة التحرير الفلسطينية في نهجها النضالي العسكري والسياسي، لتحقيق الأهداف الوطنية المشروعة المنصوص عليها في الميثاق الوطني الفلسطيني، اضطرت المنظمة في السابق إلى تغيير المرجعية التي تستند إليها في المطالبة بالحقوق السياسية الفلسطينية، فمن الشرعية التاريخية والثورية انتقلت إلى الشرعية الدولية، ومن الشرعية الدولية إلى الغرق في متاهات الشرعية التفاوضية في إطار اتفاق أوسلو. ويمكن وصف الشرعية الأخيرة بشرعية موازين القوى القائمة بين الشعب الفلسطيني الذي نصفه يعيش تحت الاحتلال الإسرائيلي ونصفه الآخر في المنافي من جهة، وبين الحركة الصهيونية وإسرائيل ومن خلفها الولايات المتحدة زعيمة الإمبريالية الغربية من جهة أخرى، فهي أقرب إلى شريعة الغاب، حيث يفرض القوي شروطه.
على أية حال، في السنوات الأخيرة، وبعد توقف المفاوضات الإسرائيلية الفلسطينية منذ أبريل/ نيسان 2014،[33] وإمعان إسرائيل في سياساتها العنصرية الاجرامية على الأرض، وإدارة ظهرها بشكل كامل لما يعرف بملفات الوضع النهائي، (القدس واللاجئين، والاستيطان، والحدود، والمياه)، يتجدد الحديث عن دور الشرعية الدولية، وضرورة أخذ منظمة الأمم المتحدة لدورها في مواجهة مشروع الاحتلال الصهيوني في فلسطين، من أجل المساعدة في انهائه من خلال تفعيل مبادئ وآليات القانون الدولي، وقد توج هذا الجهد مؤخراً باستصدار قرار من الجمعية العامة بتاريخ 31/ 12/ 2022م، بطلب فتوى قانونية من محكمة العدل الدولية حول ماهية وشرعية الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية. وبالتالي، تعود الدبلوماسية الفلسطينية في ظل التعقيد الذي تشهده الحالة السياسية الراهنة، من جديد، للعمل من خلال مسار الشرعية الدولية، وذلك، بسبب إدراك القيادة الفلسطينية لحجم الضرر والخسارة التي لحقت بالقضية الفلسطينية، على كافة المستويات، والتي نجمت عن تهميش القيادة الفلسطينية مرجعية قرارات الشرعية الدولية لصالح الانخراط في عملية مفاوضات ثنائية مباشرة مع الطرف الإسرائيلي.
خامساً: دور الشرعية الدولية في إعمال الحق الفلسطيني.
لا تعترف المؤسسة الإسرائيلية وحكوماتها المتعاقبة باحتلالها للأراضي الفلسطينية منذ سنة 1967 وحتى اليوم، في حين يقر الشعب الفلسطيني وقواه السياسية والسواد الأعظم من دول العالم بحالة الاحتلال المستمرة، استناداً إلى مئات القرارات الصادرة عن الأمم المتحدة. وعلى الرغم من هذا، فإن الإدارة الأميركية وبعض دول الغرب تتعامل مع هذه المسألة على أنها نزاع فلسطيني - إسرائيلي بشأن أراضٍ (متنازع عليها). ومع مضي إسرائيل في ضم الأراضي الفلسطينية واستيطانها وممارسة أنواع من التطهير العرقي بحق الشعب الفلسطيني، وتحت يافطة اتفاق أوسلو، الذي أُفرغ من كل مضمون قابل للاستمرار، يتم تبرير رفض أي مبادرة فلسطينية تحاول اللجوء للقانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية، ويُنظر إليها على أنها عمل فردي من طرف واحد، بينما، في المقابل، تتم تغطية عمليات الضم والتهويد ونقل السكان وفرض السيادة الإسرائيلية على الأراضي الفلسطينية من طرف واحد، من دون قول أي شيء إزاءها.[34]
بالمقابل، يعتمد المشروع الصهيوني وحكومات إسرائيل الرواية التوراتية التي منح الله فيها أرض كنعان (فلسطين) إلى الشعب المختار، وبحسب هذه الرواية فإن أرض فلسطين هي أرض الأجداد والآباء اليهود، وسكان إسرائيل اليوم هم الأحفاد الذين عادوا إلى الوطن المحرر من الأغيار - السكان الأصليين- وهي أرض غير محتلة. وفي هذه الرواية تناقض كبير مع مقاصد ميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي، وعلم الآثار والحقائق التاريخية، لكن، وعلى الرغم من هذا، يتم تقديمها كبديل، وتُشتق منها سياسات تطهير عرقي، ونقل سكان، وأبارتهايد، وعقوبات جماعية، وهيمنة كولونيالية، وكل هذا بالاستناد إلى غطرسة القوة. هذا، وتتعايش الإدارات الأميركية المختلفة، ودول غربية أُخرى، مع تلك الرواية المعتمدة كمرجعية وناظم لدولة احتلال دائم، حتى إنها تقوم بصد كل محاولة للحث على احترام القانون الدولي والاحتكام إل والقيم الأخلاقية وحقوق الإنسان والشرعية الدولية.
فإذا كان من المتوقع أن يذهب رأي محكمة العدل الدولية المنتظر – الذي طُلب من جانب الجمعية العامة للأمم المتحدة بشأن ماهية الاحتلال – أن يؤدي إلى رأي قوي ضد إسرائيل من شأنه أن يعزز حركة المقاطعة والموقف السلبي تجاها من جانب المجتمع الدولي بما في ذلك حلفاء تل أبيب،[35]
أو حتى إلى وصم الاحتلال الاستيطاني الصهيوني في الأراضي الفلسطينية باعتباره نظام أبارتهايد غير مشروع، فإن قيمة هذا الموقف على أرض الواقع تكمن في إزالة الغموض والتستر والخلط بين الرواية الواقعية الفلسطينية والرواية الأيديولوجية الحصرية الإسرائيلية، وفي الخلط بين القانون الدولي وشريعة الغاب وعجرفة المحتل ونظام الأبارتهايد، ويُفترض أن يضع القرار المأمول هذه الدول وغيرها أمام واجب احترام القانون الدولي وتجلياته السياسية، وما يعنيه ذلك من رفض للاحتلال ووقائعه الاستيطانية وإجراءاته وجرائمه، والعمل على إنهائه، وكل موقف مغاير لهذا الموقف فيه انحياز للاحتلال وجرائمه. وفي كلا الحالتين سيساعد القرار الجديد على الدفع في اتجاه قيام استقطاب عالمي أكثر وضوحاً، انطلاقاً من طرح تساؤل محدد: هل دول العالم، أو أكثريتها، مع نظام أبارتهايد كولونيالي، أو مع شعب يناضل من أجل حريته وحقه في تقرير المصير؟ وهل دول العالم مع ميثاق الأمم المتحدة وقراراتها أو مع أيديولوجيا دينية متعصبة؟[36]
وفي سوابق مشابهة يمكن الحذو حذوها، وبحسب الكاتب الإسرائيلي "إيال غروس" في صحيفة "هآرتس"، فقد سبق أن طلبت الجمعية العامة في العام 2019م، من محكمة العدل الدولية رأياً استشارياً بشأن (جزر شاغوس) المحتلة من جانب بريطانيا والتابعة لبلد اسمه موريشيوس[37]، وجاء رد المحكمة بالنص على وجوب انهاء بريطانيا لسيطرتها على الجزر في أسرع وقت ممكن. واعتبرت المحكمة احتلال بريطانيا للجزر خرقاً للقانون الدولي، وأن على جميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة التعاون من أجل تحقيق ذلك. في البداية، رفضت بريطانيا القرار، لكنها، وبعد فشلها في تجاهل رأي المحكمة الاستشاري، بدأت بالتفاوض مع موريشيوس بهذا الشأن بعد ثلاث سنوات – في تشرين ثاني 2022م - من صدور رأي المحكمة، حول اعادة الجزر لسيادتها. كذلك حصل سكان ناميبيا، التي قررت المحكمة في رأي استشاري عام 1971 بأن استمرار سيطرة جنوب أفريقيا عليها غير قانونية، على الاستقلال عام 1990.[38]
قد يجادل البعض بأن لكل قضية سياسية ظروفها الخاصة والمختلفة، ومن ثم، التوقع بأن الاحتلال الاسرائيلي للأراضي الفلسطينية لن ينتهي بجرة قلم، من خلال صدور رأي استشاري من جانب المحكمة، ولكن قصة جزر شاغوس تظهر كيف أن قرار للمحكمة بشأن عدم قانونية استمرار السيطرة على منطقة جغرافية ما، سيطرة تخرق الحق في تقرير المصير، يمكن أن يشكل انعطافة في المعاملة الدولية. وبناء عليه، يمكن القول: أن هذا القرار الأممي يعد خطوة هامة في طريق انهاء هذه السيطرة بالاستناد إلى قرارات الشرعية الدولية. أيضاً على مستوى القانون فان النقاش في لاهاي يمكن أن يكون علامة فارقة في عملية تتطور منذ سنوات، إذ لم يعد يتناول الانتقاد فيها مجرد انتهاك لبعض الحقوق (مثل القتل، والاعتقال، هدم البيوت، والطرد من الأراضي، وما شابه)، بل يفحص سيطرة اسرائيل على المناطق المحتلة عام 1967م، من أساسها، وكرزمة واحدة، ويمكن أن ينص بشكل واضح على أنها سيطرة غير شرعية. وعلى خلفية سياسة الضم التي تتبناها حكومة اسرائيل الجديدة، يمكن أن نرى في السنوات القريبة القانون الدولي وهو يتطور قبيل نزع شرعية استمرار الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية، هذا التطور من الممكن أن يكون جزء من العملية التي ستؤدي الى انهاء هذا الاحتلال.[39]
تجدر الإشارة هنا، إلى أن لدى مقارنة تجارب الاحتلال السابقة، بالاحتلال الإسرائيلي للأرض الفلسطينية، يُلاحظ فرقاً كبيراً من نواحي الإنكار الإسرائيلي لوجود احتلال أصلاً، وللحقوق الفلسطينية المشروعة، والاحتقار الإسرائيلي للقانون الدولي في كل ما يتعلق بالصراع الفلسطيني - الإسرائيلي، والحماية الأميركية، والتواطؤ الدولي والعربي الرسمي. لكن، ما يهم الآن هو استثمار كافة الجهود من أجل نزع الشرعية الدولية المواربة عن الاحتلال الإسرائيلي، وتدشين مرحلة جديدة من مراحل النضال الفلسطيني، تستند إلى استقطاب عربي ودولي جديد. ولا تبدأ هذه المهمة إلا بإفشال كل المحاولات الرامية إلى تحويل الرأي الاستشاري إلى مجرد قرار يضاف إلى الرأي الاستشاري الصادر منذ عام 2004م، بشأن جدار الفصل العنصري، ومئات القرارات الدولية الأخرى. بالتالي، يجب وضع استراتيجية عمل متكاملة للنضال الفلسطيني، بعد صدور رأي محكمة العدل ومحكمة الجنايات في مجال جرائم الحرب، وهذا يحتاج إلى هيئة فلسطينية تضم خبراء حقوقيين وناشطين سياسيين وإعلاميين، على أن تتفادى هذه الاستراتيجية الروتين والخطاب البيروقراطي السياسي والإعلامي المكرر بلا فائدة، أو الوقوع في فخ رهن أو تعطيل استكمال العمل بموجب نتيجة رأي المحكمة المنتظر مقابل بعض المواقف والوعودات السياسية، مثل: إعادة فتح مكتب منظمة التحرير في واشنطن، أو إعادة إحياء مسار المفاوضات الثنائية بين الطرفين، أو ما بات يعرف بـــ عملية التسوية السياسية، وغيرها.[40]
الخاتمة:
في ضوء ما تم مناقشته من أفكار، ترى الدراسة، أنه ليس من الصواب إسقاط مفهوم الشرعية الدولية من مفردات قاموس العمل الكفاحي الفلسطيني، وأنه لا بد من التمسك بهذا المسار دون اغفال مسارات التصدي ومواجهة المشروع الصهيوني الأخرى، التي كفلها القانون الدولي، ومحاولة الاستفادة منه قدر الإمكان في مسيرة النضال والتحرر ضد الاحتلال الصهيوني، وذلك، لأن المشكلة لا تكمن في القرارات الدولية في حد ذاتها، التي تمثل أساس تلك الشرعية، فهي قرارات جاءت حصيلة توازنات دولية داخل الأمم المتحدة والمحافل الدولية الأخرى في فترة زمنية محددة من تاريخ النظام الدولي، ولا يمكن الانتظار من المنظمات الدولية والدول الكبرى التي تحكمها، أن تُقر بالحقوق الفلسطينية المشروعة من تلقاء نفسها. بل المشكلة كانت تكمن في أسلوب تعامل القيادة الفلسطينية مع تلك الشرعية، التي أهملت مرجعية الشرعية الدولية في السابق كأساس ومرجعية للحل، لصالح مرجعية المفاوضات الثنائية (أوسلو)، التي تسببت بدورها في تراجع القضية الفلسطينية وتهميشها من على سُلم أولويات الأجندة الدولية، والإقليمية (تطبيع علاقات بعض الدول العربية مع إسرائيل)، وتغول الاحتلال الصهيوني، وتآكل ما تبقى من الأرض الفلسطينية بفعل زيادة وتيرة الاستيطان.
وبناء عليه، يبدو أن العودة لوضع القضية الفلسطينية على مسار القانون الدولي والشرعية الدولية من جديد في ظل الظرف السياسي الراهن، مسألة ضرورية، في سبيل مواجهة الاحتلال الصهيوني ونزع شرعيته. لكن، مع التأكيد في الوقت ذاته على أهمية عدم العودة لسياسة المناورة والتكتيك السياسي، والانتقال من مرجعية إلى أخرى. بمعنى، عدم توقف القيادة الفلسطينية أو تراجعها عن استكمال العمل الدبلوماسي عبر مسار الشرعية الدولية، على ضوء بعض المحاولات والضغوط التي ستتعرض لها، في سياق طلب الجمعية العامة للأمم المتحدة من محكمة العدل الدولية تقديم فتوى (رأي استشاري قانوني)، بشأن ماهية الاحتلال الإسرائيلي وشرعيته. بل، من المطلوب وضع كافة مسارات النضال الفلسطيني على أجندة العمل النضالي الوطني دون استثناء، من خلال التوافق على استراتيجية وطنية تجمع كافة أطياف العمل الوطني الفلسطيني، ومن ثم، عدم الوقوع في خطأ تفعيل مسار (الشرعية الدولية) على حساب تعطيل مسارات أخرى، مثل مسار المقاومة الشعبية، أو حتى المقاومة المسلحة، وذلك، لأن، من الواضح، أن الرهان على مسار معين لمواجهة الاحتلال الصهيوني دون المسارات المتاحة الأخرى سيشتت جهد وزخم العمل النضالي الفلسطيني ويضعفه، بالتالي، ستكون النتيجة في صالح إطالة عمر المشروع الصهيوني في فلسطين.
للتحميل اضغط هنا[1] متاح على الرابط التالي: https://2u.pw/oj0zQU شوهد بتاريخ 17/ 1/ 2023.
[2] الموسوعة الحرة ويكيبيديا، على الرابط التالي: https://2u.pw/4xoT04 ، شوهد بتاريخ 1/ 12/ 2022.
[3] د إبراهيم أبراش، "حقوق الشعب الفلسطيني: من الشرعية التاريخية إلى الشرعية التفاوضية"، مجلة الدراسات الفلسطينية، المجلد (11)، العدد (42)، عام 2000م، ص ص 3- 38.
[4] For more details see: https://2u.pw/4IqNlP , View on: 22. 12. 2022.
[5] د محمود العجرمي، " الأمم المتحدة.. قرارات تتوالى نُصرة لحقوق الشعب الفلسطيني"، وكالة شهاب الإخبارية، متاح على الرابط التالي: https://2u.pw/CNwdL5 ، بتاريخ، 19/ 12/ 2022.
[6]Al Jazeera English website: https://2u.pw/JXvAfB , Seen on: 5. 1. 2023.
[7] د إبراهيم ابراش، " النظام الدولي والتباس مفهوم الشرعية الدولية"، المرصد الوطني، على الرابط التالي: https://2u.pw/AedTdN شوهد بتاريخ 19/ 12/ 2022.
[8] Ian Clark, "International legitimacy and world society", Oxford University Press, New York, 2007, p15.
[9] العربي الجديد، متاح على الرابط التالي: https://2u.pw/zDZ5Fp شوهد بتاريخ 10/ 1/ 2023.
[10] ايلان بابيه، "القانون الدولي والاستعمار الاستيطاني في فلسطين التاريخية"، مجلة عُمران، المجلد (10)، العدد (38)، خريف 2021م، ص ص 155 – 171.
[11] ايلان بابيه، "القانون الدولي والاستعمار الاستيطاني في فلسطين التاريخية"، مرجع سابق، ص165.
[12] موقع الجزيرة نت، مفاهيم ومصطلحات، متاح على الرابط التالي: https://2u.pw/G5gyZ شوهد بتاريخ 22/ 12/ 2022.
[13] وليد حباس، "قراءة في مواقف الأحزاب الإسرائيلية من اتفاق أوسلو، حل الدولتين والتسوية السياسية"، أوراق إسرائيلية (79)، مركز مدار للدراسات الإسرائيلية، تشرين ثاني 2022م.
[14]Press release:" Presidency: Committed to peace-making based on international legitimacy " 20. Nov. 2022. on the link: https://2u.pw/WauquD Seen on: 17. 1. 2023.
[15] وليد حباس، مرجع سابق.
[16] وليد حباس، مرجع سابق، ص17.
[17] تيسير محيسن، "إسرائيل وقرارات الشرعية الدولية: عرض تحليلي"، جريدة حق العودة، بديل/ المركز الفلسطيني لمصادر حقوق المواطنة واللاجئين، العدد (41)، 2010م.
[18] تيسير محيسن، مرجع سابق.
[19] نصت المادة الــ 19 على: (تقسيم فلسطين الذي جرى عام 1947 وقيام "إسرائيل" باطل من أساسه، مهما طال عليه الزمن لمغايرته لإرادة الشعب الفلسطيني وحقه الطبيعي في وطنه، ومناقضته للمبادئ التي نص عليها ميثاق الأمم المتحدة وفي مقدمتها حق تقرير المصير). متاح على الرابط التالي: https://2u.pw/t9hTCB شوهد بتاريخ 17/ 1/ 2023م.
[20] د إبراهيم أبراش، "حقوق الشعب الفلسطيني: من الشرعية التاريخية إلى الشرعية التفاوضية"، مرجع سابق، ص23.
[21] Martin Griffiths and others, "International Relations The Key Concepts", by Routledge, Second edition 2008, p187.
[22] رابحي لخضر، "التدخل الدولي بين الشرعية الدولية ومفهوم سيادة الدولة"، أطروحة دكتوراه، (الجزائر: جامعة أبي بكر تلمسان، 2015م)، ص8.
[23]Asher Susser, " Israeli Legitimacy and Partition", Foreign Policy Research Institute, Middle East Program, November 2017, on the link: https://2u.pw/CHDc3w Seen on: 13. 1. 2023.
[24]Asher Susser , Ibid.
[25] ايلان بابيه، مرجع سابق، ص162.
[26] ايلان بابيه، "القانون الدولي والاستعمار الاستيطاني في فلسطين التاريخية"، مجلة عُمران، المجلد (10)، العدد (38)، خريف 2021م، ص ص 155 – 171.
[27] David Lloyd, "Settler Colonialism and the State of Exception: The Example of Palestine/ Israel," Settler Colonial Studies, vol. 2, no. 1 (2012), p. 60.
[28] إيهاب أبو منديل ويحيى قاعود، "آليات تطبيق قرارات الشرعية الدولية الخاصة بالقضية الفلسطينية"، مجلة جامعة الاسراء للمؤتمرات العلمية، العدد (2)، عام 2018م، ص ص 157 – 185.
[29] د إبراهيم أبراش، " الشرعية الدولية: ما لها وما عليها"، موقع ميدل إيست أونلاين، بتاريخ 29/ 8/ 2022، على الرابط التالي: https://2u.pw/fiMgzA شوهد بتاريخ 17/ 1/ 2023.
[30] عبد الغني سلامة، "الاستراتيجية الفلسطينية"، مركز الأبحاث التابع لمنظمة التحرير الفلسطينية، تقارير ومتابعات، بدون تاريخ، على الرابط التالي: https://2u.pw/UkrlZL شوهد بتاريخ 17/ 1/ 2023.
[31] هاني المصري، "تدويل القضية الفلسطينية هو الحل"، المركز الفلسطيني لأبحاث السياسات والدراسات الاستراتيجية – مسارات، بتاريخ 11/ 8/ 2008م، على الرابط التالي: https://2u.pw/crlLfr شوهد بتاريخ 17/ 1/ 2023.
[32] PHROC Position Paper on the Return to Direct Negotiations with Israel under US Auspices, Palestinian Human Rights Organizations Council, on: 22، Aug 2013. https://2u.pw/V9FZBM , Seen on: 18. 1. 2023.
[33] متاح على الرابط التالي: https://2u.pw/BqlCkA شوهد بتاريخ 21/ 1/ 2023.
[34] مهند عبد الحميد، " محكمة العدل الدولية وإمكان نزع الشرعية عن الاحتلال"، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، قسم أخبار وتحليلات، بتاريخ 17/ 1/ 2023م، على الرابط التالي: https://2u.pw/7CwxJ6 شوهد بتاريخ 18/ 1/ 2023.
[35] Pnina Sharvit Baruch and Ori Beeri " The UN General Assembly Refers Israel to The Hague", INSS Insight No. 1680, January 15, 2023.
[36] مهند عبد الحميد، " محكمة العدل الدولية وإمكان نزع الشرعية عن الاحتلال"، مرجع سابق.
[37] للمزيد حول الموضوع، الموسوعة الحرة ويكيبيديا، على الرابط التالي: https://2u.pw/eZeSdq شوهد بتاريخ 18/ 1/ 2023.
[38] ايال غروس، " نزع الشرعية الدولية عن الاحتلال"، مقال مترجم عن هآرتس، بتاريخ 3/ 1/ 2023، نقلاً عن ملتقى فلسطين، على الرابط التالي: https://2u.pw/iXDCqT شوهد بتاريخ 18/ 1/ 2023.
[39] ايال غروس، " نزع الشرعية الدولية عن الاحتلال"، مرجع سابق.
[40] مهند عبد الحميد، " محكمة العدل الدولية وإمكان نزع الشرعية عن الاحتلال"، مرجع سابق.