تيسير جبارة[*]
كانت فلسطين والوطن العربي تحت الحكم العثماني منذ دخول السلطان سليم الأول بلاد الشام بعد أن انتصر على المماليك في معركة مرج دابق عام 1516م، وتابع زحفه لمصر وأصبحت تحت حكمه عام 1517م، واستمر الحكم العثماني لفلسطين حتى 9/12/1917م عندما دخلها الجنرال اللنبي واحتل القدس أثناء الحرب العالمية الأولى، وقال عبارته المشهورة “اليوم انتهت الحروب الصليبية”، وهذه العبارة تدل على الحقد الدفين عند الصليبيين لأنهم هُزموا في معركة حطين على يد صلاح الدين الأيوبي عام 1187م وفتح القدس.
كما أن الحقد الدفين بدا واضحاً أيضاً في العبارة التي أطلقها الجنرال الفرنسي غورو عندما دخل دمشق عام 1920م بعد أن انتصر على الجيش السوري حديث التأسيس والذي لم يكن لديه مقومات الجيش من دبابات وعربات وطائرات مثل الجيش الفرنسي، فقال غورو بعد أن وضع رجله على قبر صلاح الدين الأيوبي “ها عدنا لك يا صلاح الدين”.
لقد خضعت فلسطين للإنجليز منذ عام 1917م وحتى عام 1948م، ففي أول ثلاث سنوات كانت فلسطين تحت الإدارة العسكرية، حتى عام 1920م، ثم تحت الإدارة المدنية حتى 15/5/1948م. لقد تعاقب على حكم فلسطين عدد من المندوبين الإنجليز في الفترة المدنية، واتبعوا في سياستهم تطبيق ما جاء في وعد بلفور الذي صدر في 2/11/1917 وذلك بتأسيس وطن قومي لليهود في فلسطين، لم يستشر الشعب الفلسطيني قبل إصدار وعد بلفور، وهذا مخالف للقوانين الدولية بطرد شعب من أرضه وإحلال شعب آخر محله، فوعد بلفور باطل قانونياً وتاريخياً، فكيف تصدر بريطانيا وعداً بمنح أراضٍ لا تملكها ولم تكن فيها أصلاً وليست من مستعمراتها، بل احتلت فلسطين بعد شهر وأسبوع من صدور الوعد أي في 9/12/1917م، غضب الفلسطينيون عندما سمعوا عن وعد بلفور ونتيجة ذلك شكل الفلسطينيون الجمعية الإسلامية المسيحية للدفاع عن الحقوق الشرعية للمسيحيين والمسلمين الفلسطينيين. كما أن بريطانيا نقضت المواعيد والمواثيق لأنها أعطت وعداً للشريف حسين أثناء مراسلات حسين- مكماهون بأن تكون فلسطين جزءاً من الدولة العربية المستقلة تحت سيادة الشريف حسين بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى. وبعد أن نجح الإنجليز في الحرب العالمية الأولى كانت في جيوبهم اتفاقيات سرية مع كل من الشريف حسين واليهود والفرنسيين والروس وغيرهم وذلك بحسب طموحهم في الانتصار في الحرب العظمى، وفي كل المعاهدات التي وقعتها كان فيها الغدر والخداع.
عندما قامت الثورة البلشفية في روسيا عام 1917م كشف الروس عن كل الوثائق السرية التي وقعتها الحكومة الروسية مع الدول الأوروبية فكشفت مثلاً اتفاقية سايكس بيكو التي هدفت إلى تقطيع الوطن العربي وتقسيمه بين المستعمرين. وعندما علم الشريف حسين بهذه الاتفاقية وبوعد بلفور غضب على الإنجليز، ولكنهم قالوا له إن كلام الروس غير صحيح أي لا توجد اتفاقيات سرية. ولكن عندما وضعت الحرب أوزارها وانتصر الإنجليز ظهرت حقيقة وعد بلفور والاتفاقات السرية الأخرى واستأنف الحسين احتجاجه، ولكن عندما شدد الحسين في احتجاجاته بدأوا في إضعافه.
اتخذ الإنجليز مدينة القدس مقراً لهم لأنها عاصمة فلسطين، فكان كل مندوب إنجليزي تحت حراسة مشددة في المدينة العربية المقدسة خوفاً على حياته، وكانت المنظمة الصهيونية على تواصل واطلاع على ما كان يكتبه المندوب السامي البريطاني إلى بلاده عن فلسطين، حتى أن أوراق المسودة التي كان يكتبها ويشطب عليها ثم يطبعها ويرمي أوراق المسودة في سلة المهملات كانت المنظمة الصهيونية تحصل على هذه الأوراق المسودة وهي مليئة في أرشيفاتهم.[1]
إن الباحث في تاريخ فلسطين عليه أن يرجع إلى الوثائق الأصلية الأولية وهي بالآلاف مكدسة في دور الأرشيف، فمثلاً في بريطانيا في دائرة السجلات العامةPublic Record Office ، ويرمز له (PRO) وفيه وثائق لوزارة المستعمرات البريطانية والتي تبدأ بأحرف CO733، ووثائق وزارة الخارجية البريطانية وتبدأ بأحرف FO371، ووثائق وزارة الدفاع ويرمز لها بأحرف: WO.
وتوجد الوثائق الفلسطينية في مكتب الهند India Office، ويرمز لها L/P and S والوثائق التي تتعلق بالعلاقات البريطانية الهندية فيما يخص فلسطين. [2]
كما توجد الوثائق الفلسطينية في دائرة الأرشيف البريطاني British Archivesتحت عنوان فلسطين، وعناوين أخرى تخص الموضوع الذي يطلبه الباحث، كما أن هناك وثائق فلسطينية أخرى في جامعة Saint Antony، ففيها يوميات لرجال إنجليز خدموا في فلسطين وكتبوا يومياتهم في أوراق خاصة وأهدوها للجامعة في أوكسفورد، Oxford University وفيها الوثائق الفلسطينية المختلفة. كما توجد وثائق في مركز دراسات إفريقيا والشرق الأوسط في جامعة لندن.
إن الباحث في تاريخ فلسطين عندما يصل إلى هذه الأماكن في بريطانيا والتي تحوي آلاف الوثائق الفلسطينية سيجد صعوبة في الحصول عليها في البداية وذلك لعدم الخبرة في الوصول للملفات، ولكن كل أرشيف فيه الموظف المسؤول الذي يساعد الباحثين. وأنصح الباحث أن يكون صبوراً للوصول للحقيقة في هذه الملفات. وربما سيجد الوثائق التي تخالف رأيه أو وثائق جديدة لم يكن على علمٍ بها، أو وثائق تغضبه بسبب السياسة الإنجليزية في فلسطين، وسيجد الباحث وثائق كتبها الإنجليز أثناء وجودهم في بلادنا واعترفوا فيها بظلمهم للشعب الفلسطيني، وذكروا فيها أن حكوماتهم قلبت الحقيقة إلى باطل، وتقول مثل هذه الوثائق “نحن الإنجليز ظلمنا الشعب الفلسطيني ولم نحقق طلباتهم العادلة، ولم نقم بتنفيذها لأننا كنا نسير على سياسة وزارة الخارجية في تطبيق وعد بلفور”.[3]
ومن الأمثلة الأخرى عن الوثائق والتي تدلنا على مدى الغدر البريطاني للشعب الفلسطيني وعدم الإخلاص وعدم الوفاء بالعهد ومخالفة القوانين الدولية، أن وثيقة أرسلها مفتي القدس الحاج محمد أمين الحسيني إلى صديقه مولانا شوكت علي رئيس جمعية الخلافة في الهند عام 1928م، وقد بعثها المفتي مسجلة كي يضمن وصولها، ولم يضع المفتي اسمه على الغلاف بل كتب المرسل ص.ب 425، وكتب على الجهة الأخرى من الظرف اسم المرسل إليه مولانا شوكت علي والعنوان كاملاً. لم تصل هذه الرسالة إلى المرسل إليه، لكنها وصلت الهند، إلا أن الرقابة الإنجليزية في الهند استولت على الرسالة وقرأتها ووجدت أنها خطيرة فأرسلتها إلى وزارة المستعمرات البريطانية، ومما جاء في الرسالة أن مفتي القدس شرح لصديقه شوكت علي عن المؤتمر التبشيري الذي عقد في القدس عام 1928م، وطلب منه مساندة مسلمي الهند لإخوانهم مسلمي فلسطين ضد نشاط المبشرين الذي ازداد عام 1928م، وقد حضر المؤتمر التبشيري 241 مندوباً من خمسين بلداً في العالم.
ونلاحظ في الفقرة الأخيرة في الرسالة خوف المفتي من الإنجليز، حيث كتب يرجو صديقه أن لا يذكر اسم المفتي عندما يبدأ شوكت علي بمحاربة المبشرين والإنجليز في الهند، وتقول الفقرة الأخيرة في الرسالة: “وإذا رأيتم من المناسب نشر هذا الكتاب في صحف الهند الإسلامية فأرجو منكم أن لا ينشر أنه من الفقير حتى لا تدري الحكومة عندنا وعندكم بأن المسلمين يقومون باستنصار بعضهم بعضا على المبشرين. وكذلك أرى أن من المناسب إذا نشر هذا الكتاب أن يحذف منه في النشر الكلام المتضمن رجاءنا منكم القيام بالاحتجاج، هذا ما أود بسطه عليكم في هذه القضية الإسلامية الخطيرة آملاً أن أتلقى جوابكم بوقت قريب إن شاء الله…”.[4]
وسيجد الباحث في أرشيف وزارة المستعمرات البريطانية وثائق فلسطينية كانت قد أرسلت عام 1929م من الزعماء العرب في القدس إلى الزعماء العرب في الوطن العربي لكن هذه الرسائل لم تصل لأصحابها لأن الإنجليز لم يرسلوها عن قصد وتعمد.[5]
وهناك في الأرشيف بعض الملفات الخطيرة والتي ربما تمس سمعة بريطانيا أو سمعة بعض العرب، لذا حرصت وزارة المستعمرات على عدم نشرها وعدم كشفها للباحثين وقامت بتأجيل نشرها، وقد كانت العادة المتبعة في بريطانيا أن تنشر الوثائق بعد مرور خمسين عاماً عليها، لكن وجدنا هناك وثائق لم تسمح بريطانيا بنشرها بل حتى وضعت على الملف يؤجل نشره بعد خمسين سنة أخرى، لأن هذه الوثائق في ذاك الملف خطيرة، فمثلاً يوجد ملف في أرشيف وزارة المستعمرات البريطانية يرجع تاريخه إلى عام 1929م. أي فترة حوادث البراق الشريف، ومن المفروض أن يتم نشره عام 1979م، لكن الإنجليز أجلوا نشره آنذاك لأنها تمس سمعة بعض الإنجليز الأحياء أو العرب أو اليهود الأحياء، أو أن الإنجليز قاموا بأعمال مخالفة للقوانين الدولية، وأنصح الباحثين التواصل والوصول لهذا الملف الذي يعود تاريخه إلى عام 1929م.[6]
وقد حصلت حوادث البراق الشريف بين المسلمين واليهود بتاريخ 23/8/1929م واعترف الإنجليز في وثائقهم “أن قتلى العرب من البنادق الإنجليزية، أما قتلى اليهود فهي نتيجة الطعن بالسكاكين والهراوات”.[7] ويعترف الإنجليز في الوثيقة نفسها أن الإنجليز هم الذين قاموا بتسليح اليهود ونقتبس منها هذا السطر باللغة الإنجليزية:
– It was well known to the Moslems that certain Jewish special constables had been armed by police ……
واعترف المندوب السامي في رسالته لوزارة المستعمرات في برقيته بتاريخ 25/8/1929م قائلاً:
– Most wounds of Moslems and Christians caused by bullets from revolvers or police rifles. Jewish wounded largely by knives and bludgeons.[8]
والأرشيف مليء بالوثائق عن حوادث البراق لعام 1929، فهناك برقية مرسلة من سكرتير الدولة لشؤون المستعمرات إلى المندوب السامي في فلسطين، تنص البرقية على ضرورة دعوة المفتي ومحاسبته حول ما صرح به عن حوادث عام 1929م، وقرر الإنجليز عدم السماح للحاج أمين مزج الدين بالسياسة، ولكن المفتي كان يرد دائماً أن الشريعة الإسلامية لا تفرق بين الدين والسياسة.
وانتشر نبأ حوادث عام 1929م في الدول المجاورة لفلسطين، وحاول البعض القدوم لفلسطين للدفاع عن الأقصى لأن المفتي حاول استقطاب كثير من المتطوعين العرب للدخول لفلسطين، لكن الإنجليز كانوا بالمرصاد، ففي برقية مرسلة من المندوب السامي إلى وزارة المستعمرات قال فيها إنه هو ومسؤول الطيران منعا دخول متطوعين من شرقي الأردن إلى فلسطين، وطالبا وزير المستعمرات اتخاذ عقوبات صارمة لمن يدخل عبر الجسور إلى فلسطين في هذه الأوقات الساخنة.[9] وهذا يعني إعاقة كل مساعده للشعب الفلسطيني ومنع دخول المتطوعين لفلسطين.
وفي برقية من المندوب السامي إلى سكرتير وزارة المستعمرات أخبره فيها أن المفتي بعث برقية إلى عصبة الأمم تتضمن: ضرورة تطبيق ما جاء في الكتاب الأبيض الذي أصدره الإنجليز، كما ذكر أن الانتداب البريطاني يخضع للصهاينة الذين ازداد نفوذهم، وأن إعطاء اليهود أي حق في الأماكن الإسلامية المقدسة هو مخالف للقانون.[10]
كما أرسل المفتي برقية لوزير المستعمرات احتج فيها على النشاط الصهيوني في لندن وعلى استعمال نفوذ الصهاينة في الضغط على الإنجليز لمحاولة إلغاء الكتاب الأبيض، وهدد المفتي الإنجليز أنه إذا تم إلغاء الكتاب الأبيض الصادر عام 1928م فسوف يغضب العالمان العربي والإسلامي.[11]
وبسبب ما جرى من أحداث دامية حول حائط البراق الشريف عام 1929م شكل الإنجليز محكمة عسكرية بعد الحوادث، وكانت المحكمة قد أصدرت حكماً بالإعدام على ثلاثة من العرب هم: فؤاد حجازي وعطا الزير ومحمد جمجوم. ولم يكترث الإنجليز بالوساطات العربية لتخفيف حكم الإعدام، وأما عن اليهود فقد حكمت المحكمة على يهودي واحد هو خانكيز بالإعدام وهو شرطي يهودي قتل عائلة عربية كاملة في بيتها في يافا، ولكن الإنجليز خفضوا عنه حكم الإعدام إلى عشر سنوات قضى بعضها في السجن ثم أطلق سراحه.[12] وقام الشعب الفلسطيني بالمظاهرات والاحتجاجات على حكم المحكمة الجائر والمتحيز لليهود.[13]
وبعد حوادث عام 1929م قرر الإنجليز إرسال لجنة “شو” لدراسة أسباب الحوادث، وصلت اللجنة في 24/10/1929م. وقدمت تقريرها لوزارة المستعمرات، ذكرت فيه أن “السبب الرئيسي الذي لولاه لما وقعت الاضطرابات، أنه شعور العرب بالعداء والبغضاء نحو اليهود، شعور نشأ عن خيبة أمانيهم السياسية والوطنية وخوفهم على مستقبلهم الاقتصادي….. وأصبح العرب يرون في المهاجر اليهودي خطراً على معيشتهم ويرون فيه ذلك الذي قد يسيطر على البلاد في المستقبل أيضاً”.[14]
وأما السبب المباشر للاضطرابات بحسب تقرير لجنة شو فهو تظاهر اليهود بجانب الحائط في 15/8/1929م، وأما اللجنة فكانت قد أوصت بضرورة إصدار بيان صريح عن سياسة بريطانيا في المستقبل لأن الكتاب الأبيض الذي أصدره تشرشل لم يطبق ولم ينفذ. وأوصت اللجنة بضرورة تحديد الهجرة اليهودية ومراقبتها بسبب خوف العرب. وأوصت اللجنة بالنسبة للأراضي بتنظيمها وعدم تحويلها أو بيعها، وإدخال أساليب جديدة لمساعدة الفلاح الفلسطيني، وإرسال لجنة لدراسة أوضاع الأراضي، وأما بالنسبة للحكم فأوصت اللجنة بضرورة إعطاء العرب الحكم الذاتي مثل إخوانهم في الأقطار العربية الأخرى، وأما عن حائط البراق فأثبتت ملكيته للمسلمين. وكان لليهود محامٍ دافع عنهم أمام اللجنة اسمه بويدميرمان وأما محامي العرب فكان اسمه ستوكر الذي دافع عن الحقوق العربية بنزاهة.[15]
ورغم تقرير لجنة شو بإنصاف العرب إلا أن الإنجليز لم يطبقوا توصيات اللجنة، وهذا مخالف للحقوق الوطنية الفلسطينية وتعتبر تقارير اللجان عبارة عن إبرة مخدر للعرب فقط لإسكاتهم.
وفي الاجتماع الذي جرى بين المندوب السامي البريطاني ومفتي القدس بتاريخ 3/12/1933م. سأل المندوب سؤالاً صريحاً قائلاً: لماذا لا يثق العرب بالإنجليز؟ فأجابه المفتي مفصلاً أسباب الجفاء العربي الإنجليزي قائلاً: “إن على حكومة جلالة ملك بريطانيا وعلى إدارة حكومة الانتداب اتباع طرق مناسبة لإعطاء العرب حقوقهم، فالشعب الفلسطيني سلبت أرضه وأصبح في بلده يخاف على مصيره….”[16] وفي نهاية المقابلة قال المندوب السامي إنه سوف يعطي مالاً للعائلات التي قتل أفراد منها بسبب المظاهرات التي قامت في فلسطين في هذا العام، وسوف يحاول أيضاً دراسة مشكلة انتقال الأراضي من العرب إلى اليهود وغير ذلك من أمور لإعطاء الشعب الفلسطيني حقه، ولكن سكرتير الدولة لشؤون المستعمرات لن يغير خطته في تنفيذ بنود صك الانتداب التي من ضمنها تطبيق وعد بلفور”.[17]
اعتقد المندوب السامي أن دفع بعض الجنيهات للمتضررين سوف يحل محل طلبات الشعب الفلسطيني وهو حقه في تقرير المصير، وعدم الهجرة الصهيونية إلى فلسطين ونتيجة كثرة المظاهرات الفلسطينية قررت بريطانيا إرسال لجان لفلسطين لمعرفة سبب المظاهرات وقد وصلت لفلسطين لجان مثل لجنة جونسون- كروسي، ولجنة هوب سمبسون، ولجنة فرنش، ومن المعروف أن هذه اللجان الإنجليزية، أنصفت الحق العربي وأوصت بعدم الهجرة اليهودية إلى فلسطين وعدم بيع الأراضي لليهود، إن قصد الإنجليز من إرسال هذه اللجان الإنجليزية ليس لمعرفة ما يريده الفلسطينيون، بل لمحاولة إخماد نار الثورة ضد الإنجليز وامتصاص النقمة في كلمات يعبر عن شعوره فيها كل من تقابله اللجنة.[18] ومن الوثائق الأخرى التي تدل على مخالفات بريطانيا للحقوق الوطنية الفلسطينية، أن اللجنة التنفيذية الفلسطينية عقدت مؤتمراً في نابلس عام 1929م، وبعثت نداءً إلى 27 ملكاً ورئيساً وإلى أحزاب وجرائد عربية، وطلب الفلسطينيون في ندائهم مساعدة الملوك والزعماء العرب لفلسطين، لأن اليهود يحملون السلاح في حين كان العرب مجردين من السلاح في الوقت الذي كانت فلسطين تشهد حوادث البراق عام 1929م بين العرب واليهود، لقد أوقف الموظف البريطاني في بريد نابلس هذه الوثيقة أو النداء ولم يبعثها إلى ملوك ورؤساء العرب، بل أرسلها الموظف إلى المندوب البريطاني في القدس، وهذا بدوره أرسلها إلى وزارة المستعمرات البريطانية بتاريخ 30/8/1929م، وهذا دليل واضح على مخالفات الإنجليز لأبسط الحقوق الوطنية، وأضاف المندوب البريطاني في رسالته لوزير المستعمرات، أن الموظف الإنجليزي في بريد نابلس خدع الفلسطينيين حيث جعلهم يصدقون أنه أرسل برقيتهم هذه إلى الجهات التي يريدونها، وهذا اعتراف رسمي من المندوب السامي البريطاني بعدم إرسال البرقية الفلسطينية إلى الخارج، وقد مثّل الموظف الإنجليزي بأنه أرسلها فخدع بذلك العرب الذين أرسلوا النداء.[19] وهذا هو النص الإنجليزي الذي جاء في رسالة الموظف البريطاني في بريد نابلس إلى المندوب السامي، وهذا بدوره أرسلها إلى وزير المستعمرات البريطاني، يقول الموظف الإنجليزي في بريد نابلس:-
“I have caused this telegram to be stopped in such a way as to leave the senders under the impression that it has been transmitted.”**
والخداع والأكاذيب الإنجليزية على الشعبين الفلسطيني والهندي المسلم نراها في وثيقة مرسلة بتاريخ 14/11/1930م. أرسلها صحافي من فينا اسمه Eric Phipps إلى باركنسون في بريطانيا يقول فيها: إن مراسلنا في القدس وهو مراسل جريدة Neue Freie Presse ذكر أن المفتي الحاج أمين الحسيني وقع مع الإنجليز اتفاقاً سرياً ينص على منع الهجرة اليهودية إلى فلسطين، وعندما سمع المسلمون الهنود هذا النبأ فرحوا، وأعطى هذا النبأ انطباعاً جيداً للمسلمين في الهند، والغرض من ذلك التقرير الكاذب تهدئة غضب المسلمين الهنود وعدم إثارتهم في الهند على السياسة الإنجليزية في فلسطين التي تقف دوماً بجانب المنظمة الصهيونية.[20]
كان المسلمون الهنود على اطلاع بما يجري في فلسطين وخاصة المسجد الأقصى المبارك، وكان مولانا محمد علي رئيس جمعية الخلافة صديقاً لمفتي القدس الحاج أمين الحسيني، وتوطدت العلاقة بينهما عندما زار المفتي الهند لجمع التبرعات لإعمار الحرم الشريف والمسجد الأقصى عام 1924م وتبرع المسلمون الهنود بمبالغ ضخمة، ولكن الإنجليز حاولوا تعطيل وصول الأموال لفلسطين، كما أن المندوب السامي وضع العراقيل أمام سير الوفد الفلسطيني إلى الهند، وقد أشار بيان المجلس الإسلامي الأعلى لعام 1923/1924م بهذا الخصوص ذاكراً أن بعض القوم من خارج الهند حاول تعطيل سير الوفد، كما بعث حاكم الهند الإنجليزي برقية إلى مكتب وزارة الهند في لندن بتاريخ 5/10/1924 طلب فيها عرقلة سير الوفد الفلسطيني ومنعه من الذهاب إلى الهند، ولكن مكتب الهند أجاب حاكم الهند الإنجليزي بتاريخ 6/10/1923م قائلاً، إنه “لا يستطيع ذلك لأن برقيته جاءت متأخرة، فالوفد أصبح في طريقه للهند”.[21]
وبسبب تدفق الأموال من الهند إلى فلسطين إلى (لجنة عمارة الحرم الشريف)، أرسل توماس من مكتب الهند في لندن رسالة إلى المندوب السامي في فلسطين بتاريخ 14/3/1924م ذكر فيها عن ضرورة مراقبة مصروفات لجنة الإعمار.[22] ومن هنا نستنتج أن الإنجليز سواء في فلسطين أو في الهند قد خافوا من كثرة تدفق الأموال على المجلس الإسلامي الأعلى، فربما يستعملها الفلسطينيون في شراء الأسلحة لضرب الإنجليز أو لضرب اليهود، ولكن الحقيقة أن المجلس الإسلامي لم يكن يفكر في ذلك لأنه كان قد شكل لجنة للإشراف على ميزانية المشروع منذ بدء العمل تدعى (لجنة عمارة الحرم الشريف)، وهذا دلالة أكيدة على رغبتهم في إعمار الحرم الشريف وليس للتصرف بهذه الأموال لشراء أسلحة.
عقد المؤتمر الإسلامي العام في القدس بتاريخ 7/12/1931م، حضره زعماء العالم الإسلامي، وقرروا في مؤتمرهم قرارات وتوصيات منها إنشاء جامعة تدعى جامعة المسجد الأقصى الإسلامية في القدس، وبما أن مشروع الجامعة ومشروع إنقاذ الأراضي اللَّذين أقرهما المؤتمر الإسلامي بحاجة لأموال كثيرة، لذا قرر المؤتمر إرسال لجنة لجمع التبرعات والإعانات من المسلمين في الشرق الإسلامي. وتشكل وفد برئاسة مفتي القدس، وقد رحب بالوفد الإسلامي نظام حيدر أباد الذي تبرع بمليون روبية (15.000 جنيه)، وتبرع سلطان البهرة بنصف مليون روبية، وغيرها من التبرعات.
جمع الوفد الإسلامي أموالاً طائلة تكفي لمشروع بناء الجامعة ومشروع إنقاذ الأراضي المهددة من قبل الصهاينة في فلسطين، ولكن بريطانيا التي كانت لها السيطرة على الهند وفلسطين سارعت إلى عرقلة المشروع ومحاولة إحباطه، وقد أدلى فيروز خان وزير المعارف في البنجاب وسكرتير لجنة الهند لجمع التبرعات إلى الحاج أمين بتصريح قال فيه أنه اطلع على تعليمات مرسلة من حكومة لندن إلى اللورد ولينغتون Wilington نائب الملك البريطاني في الهند تطلب منه عرقلة مساعي الوفد الإسلامي والحيلولة دون تحويل الأموال إلى خارج الهند.[23] وهذا دلالة على مخالفة بريطانيا للحقوق الوطنية الفلسطينية والحقيقة أن الصهاينة كان لهم ضلع قوي في التأثير على الإنجليز في لندن بعدم إرسال هذه الأموال الكثيرة من الهند إلى فلسطين.[24]
لم ترَ النور هذه الجامعة بسبب الظروف السياسية التي مرت بها فلسطين، حيث استعملت أموال الجامعة لشراء أسلحة في إضراب عام 1936م.[25] واستعملت أيضاً لشراء أراضٍ كانت مهددة بالبيع للصهاينة.
ونلاحظ في أرشيف وزارة المستعمرات البريطانية، أن الحاكم الإنجليزي في الهند وهي إحدى المستعمرات البريطانية، أخذ يستجدي الوزارة في لندن كي ترسل مقالين ولو كاذبين عن سياسة بريطانيا في فلسطين، وذلك لنشرها في الصحف الهندية، والقصد من ذلك التخفيف من حدة الغضب الإسلامي الهندي على السياسة الإنجليزية في فلسطين، وطلب أن يتضمن كل مقال أن الإنجليز أنصفوا المسلمين في فلسطين، فبعثت وزارة المستعمرات رسالة تطلب من المندوب السامي في فلسطين كتابة مقالين لنشرهما في الصحف الهندية، فجاء الجواب من المستر هول Hull – السكرتير العام في القدس إلى المستر باركنسون في لندن، قال في رسالته:
“وجدت من الصعوبة تحضير معلومات لنشرها في عمودين في جرائد الهند حول تاريخ سياستنا في فلسطين نبين فيه أن العرب أنصفناهم وأعطيناهم حقوقهم، وأن كتابة عمودين للدعاية غير ناجح”.[26]
وهناك وثيقة خاصة بمحاولة نفي المفتي من فلسطين، علماً أن هناك وثائق كثيرة في أرشيف وزارة المستعمرات عن هذا الموضوع تعود إلى عام 1936م، أي إلى وقت الإضراب الفلسطيني الذي استمر ستة أشهر وكان المفتي مسؤولاً عن الإضراب، وهذه الوثيقة سرية أرسلها المندوب السامي البريطاني آرثر واكهوب Arthur Wauchope بتاريخ 12/9/1936م إلى وزير المستعمرات أورمسبي غورOrmsby Gore ذكر فيها ضرورة نفي المفتي الحاج أمين الحسيني من القدس إلى خارج فلسطين.[27] وذكر أيضاً أن الإضراب عام 1936م شامل وقوي ضد الإنجليز والصهاينة، وقد حاول المندوب البريطاني اتباع سياسة (فرق تسد) كي يفشل الإضراب، ولكن الفلسطينيين واجهوا هذه السياسة بحزم ووحدة جميع طبقات الشعب الفلسطيني وأحزابه كي ينجح الإضراب.
تأكد الإنجليز أنه من المستحيل إقناع الشعب الفلسطيني بوقف الإضراب، لذلك قاموا بعمليات قهر الشعب وتعذيبه كي يوقفوا الإضراب، ومن أعمالهم التعسفية إعدام كل من بحوزته بندقية، وسجن كل من بحوزته طلقة رصاص سجناً مؤبداً، كما قام الإنجليز بالهجوم على البيوت ليلاً، وكان قصدهم تعذيب السكان وقهرهم والتفتيش عن الأسلحة، فمثلاً دخل الجنود الإنجليز بيوت العرب في حي باب حطة في القدس ليلاً والنساء ما زالت ترتدي ملابس النوم ولم يسمح لهن بتغطية أنفسهن حتى أن الجنود الإنجليز رموا القرآن الكريم وداسوا عليه بأرجلهم، وهذه الأعمال كلها هي إهانة للأمة الإسلامية.[28] ومخالفة للحقوق الوطنية الفلسطينية.
كما ضربوا وأهانوا شيوخاً مسلمين في القدس والخليل لهم مكانتهم الدينية في بلدهم، كما قاموا بهدم المساجد حيث تم هدم قسمين من مسجد الشيخ أرسلان في يافا، كما دخلوا المحكمة الشرعية في نابلس واتخذوها مركزاً للجنود وفتحوا ملفات المحكمة الشرعية ومزقوا بعض الوثائق.[29]
وبما أن الإنجليز لم يستطيعوا وقف الإضراب بالقوة استخدموا أسلوباً آخر وهو الضغط على ملوك العرب كي يتوسطوا ويضغطوا على الشعب الفلسطيني لوقف الإضراب، هذا بالإضافة إلى تهديد المندوب السامي لزعماء فلسطين بأنه سوف يستعمل جميع الجيوش الإنجليزية المتمركزة في الشرق الأوسط والأدنى لفك الإضراب بالقوة، لذلك قام زعماء العرب بإرسال نداء إلى إخوانهم عرب فلسطين لفك الإضراب، هذا نصه:
“إلى أبنائنا عرب فلسطين، لقد تألمنا للحالة السائدة في فلسطين، فنحن بالاتفاق مع إخواننا ملوك العرب والأمير عبد الله ندعوكم للإخلاد والسكينة حقناً للدماء معتمدين على حسن نوايا صديقتنا الحكومة البريطانية، ورغبتها المعلنة لتحقيق العدل، وثقوا بأننا سنواصل السعي في سبيل مساعدتكم”.[30]
انتهى الإضراب الذي استمر ستة أشهر، ثم بعث المندوب السامي إلى بلاده بريطانيا رسالة اعترف فيها أن الإنجليز واجهوا درساً قاسياً على يد الشعب الفلسطيني وزعيمه الحاج أمين الحسيني “لأنه كان يخلط الدين في السياسة، وأن الحكومة وقفت مكتوفة الأيدي لأنها لا تستطيع عزله لذلك يجب تقليص سلطته وقص جناحه”.[31]
أعلن وزير المستعمرات (أورمسبي غور) صديق الصهاينة عن استمرار الهجرة اليهودية إلى فلسطين رغم وقف الإضراب، ومنح 1800 شهادة هجرة يهودية جديدة إلى فلسطين، وهذا مخالف للعهد الإنجليزي نحو ملوك العرب بمنع الهجرة اليهودية وعدم بيع الأراضي، ومخالف للحقوق الوطنية الفلسطينية، كما أرسلت الوزارة البريطانية لجنة بيل إلى فلسطين للنظر في الأسباب التي أدت إلى حصول الإضراب الفلسطيني الطويل، ووصلت اللجنة (لجنة بيل) فلسطين بتاريخ 11/11/1936م. وبدلاً من أن تكتب لبلادها عن أسباب الإضراب أوصت بتقسيم فلسطين إلى ثلاثة أقسام: دولة يهودية، ودولة عربية، ومناطق انتدابية، وأصدرت هذه التوصية بتاريخ 7/7/1937م. وقبل صدور توصيتها أعلن المفتي أنه إذا لم يكن قرار اللجنة لصالح العرب فإنه سيعلن الجهاد ضد الإنجليز.[32]
وصلت نصائح من الحكام الإنجليز في مختلف مناطق المستعمرات الإنجليزية في العالم إلى وزير المستعمرات بعدم اتباع توصية لجنة بيل أي التقسيم، ووصلت تحذيرات وتهديدات من زعماء مسلمين إلى وزير المستعمرات بهذا الخصوص، واعترف الإنجليز أن خطة التقسيم المقترحة ليست من مصلحتهم والدليل على ذلك أن العلاقات الإنجليزية العربية تدهورت، فمثلاً كتب (جون راندال) مسؤول دائرة الشرق الأوسط في وزارة الخارجية البريطانية من عام 1930/1938م. كتب قائلاً “إن تدهور العلاقات الإنجليزية مع ابن سعود والعرب عموماً هي سياستنا الخاطئة، وكنا واضحين في دعم اليهود”.[33]
وفي الأرشيف البريطاني برقيات متبادلة بين وزير المستعمرات البريطانية وممثليه في مختلف المستعمرات البريطانية في العالم. كان يسألهم فيها عن مدى الشعور الإسلامي في حالة نفي المفتي من القدس.
كما أن هناك وثائق أخرى في أرشيف مكتب الهند في لندن عن الموضوع نفسه، فمثلاً هناك برقية مرسلة من سكرتير الدولة لشؤون المستعمرات أرسلها بتاريخ 1/10/1937. إلى الحاكم الإنجليزي في الهند شرح له فيها عن الحالة في فلسطين، وضرورة اعتقال المفتي، وأعضاء اللجنة العربية العليا وطردهم جميعاً من البلاد إلى جزيرة سيشل.[34]
إن قصد الإنجليز من إرسال البرقيات والرسائل السرية للهند كي يبقى حاكم الهند الإنجليزي على اطلاع دائم عن الحالة في فلسطين، لأن المسلمين في الهند كثيرون ويؤيدون الشعب الفلسطيني. وقد سبب المسلمون للإنجليز في الهند قلقاً عظيماً بسبب المظاهرات الإسلامية الهندية ضد الإنجليز لسياستهم التعسفية في فلسطين.
لقد غضب الإنجليز من المفتي وتصرفاته وجهوده لأنه حث العالم الإسلامي على الجهاد ضد الاستعمار، لذلك قرروا نفيه وطرده من فلسطين، واعترفوا أنهم لا يستطيعون منافسة نشاطه في العالم الإسلامي.[35] وقد خطط الجنرال الإنجليزي (ديل) للقبض عليه وذلك بمداهمة اجتماع اللجنة العربية العليا، لكن المفتي شعر بذلك وعلم عن طريق حارس العمارة التي فيها الاجتماع، حيث همس في أذن المفتي عن تقدم الإنجليز نحو البناية فهرب المفتي من الباب الخلفي للبناية والتجأ للحرم الشريف[36]. حيث مكث فيه ثلاثة أشهر مختبئاً. وقد احتج المندوب السامي في رسالته إلى سكرتير الدولة البريطانية على المستر فيتز جرالد Fitzgerald (مدير البوليس) لأنه فشل في القبض على المفتي في الاجتماع العام للجنة العربية العليا بتاريخ 17/7/1937م مساء السبت، وقال المندوب السامي يجب أن يعاقب مدير البوليس ولن يقبل عذره لأن المفتي نجح في الهرب.[37]
وفي الوقت نفسه الذي كان فيه المفتي مختبئاً في الحرم الشريف في القدس اغتيل المستر اندروز Andrews الحاكم الإنجليزي لمنطقة الجليل شمالي فلسطين بتاريخ 26/9/1937م، واتهم الإنجليز المفتي أنه وراء عملية الاغتيال رغم أنه ملتجئ في الحرم.[38]
وقرر الإنجليز بسبب اغتيال أندروز اعتقال كثير من شيوخ شمال فلسطين في منطقة الحادث، وكذلك جميع أعضاء اللجنة العربية العليا وذلك بتاريخ 30/9/1937. وتم القبض على بعض أعضاء اللجنة لأن الباقين كانوا خارج فلسطين، أما الذين اعتقلوا فتم نفيهم إلى جزيرة سيشل في المحيط الهندي، كما جرد الإنجليز مفتي القدس الحاج أمين من وظائفه، وأرسل المفتي رسالة إلى ضابط الإدارة الحكومية احتج فيها على اعتقال كثير من العلماء في شمال فلسطين بسبب اغتيال أندروز.[39]
بعد اغتيال الجنرال الإنجليزي أندروزAndrews في منطقة الجليل، أرسلت حكومة لندن مزيداً من الجنود إلى فلسطين عام 1938، بلغوا حوالي خمسين ألف جندي.[40] فانفجر الوضع من جديد في فلسطين بسبب الظلم الواقع على الشعب الفلسطيني، وازدادت الثورة الفلسطينية قوة، عندئذٍ قررت وزارة المستعمرات البريطانية إرسال ضابط إنجليزي خبير في محاربة الثوار، فوصل فلسطين قادماً من الهند الجنرال تشارلز تيجارت Charles Tegaret.[41] الذي نظر إلى فلسطين بأنها حديقة صغيرة مقارنة مع شبه القارة الهندية، فبدأ منذ وصوله فلسطين بناء سور من الأسلاك الشائكة طوله ثمانون كيلو متراً وعرضه ثلاثة أقدام، وزرع على مقربة منه مجموعة من الألغام، وقد كلف بناء السور نصف مليون جنيه وسمي بسور تيجارت، والقصد من بنائه هو منع وصول المتطوعين الثوار من خارج فلسطين إلى فلسطين، ومنع خروج الثوار المحليين للبلاد المجاورة لطلب المزيد من الأسلحة والمساعدات المالية. ورغم متانة السور، إلا أن الثوار بدأوا في تقطيعه قبل إكماله، وباع الثوار أجزاء منه في دمشق وبيروت، وهكذا قدم تيجارت للثورة مورداً مالياً من حيث لا يدري.[42]
كان الإنجليز يحسبون ألف حساب للمسلمين الهنود بسبب علاقتهم العقائدية القوية مع فلسطين بسبب تقديسهم المقدسات الإسلامية، ففي برقية بعثها الحاكم الإنجليزي في الهند إلى مكتب (وزارة) الهند في لندن بتاريخ 10/11/1938م قال فيها: “إن المحمديين (المسلمين) في الهند يشكلون أكبر نسبة محمديين في العالم، وهم دائماً يهتمون بالقضية الفلسطينية، وأنه من غير المعقول دفن آرائهم وهم أكثر جماعة في الإمبراطورية البريطانية”.[43]
وكان حاكم الهند الإنجليزي يذكر في رسائله أن عدد المسلمين في الهند يبلغ حوالي 90 مليون مسلم تقريباً، وذلك للتلميح للمسؤولين في لندن بضرورة إعطاء الحقوق الوطنية الفلسطينية للفلسطينيين كي يستريح الجنود الإنجليز في الهند من كثرة المظاهرات الإسلامية في شبه القارة الهندية ضد سياسة بريطانية التعسفية ضد الشعب الفلسطيني.
وفي عام 1939م أصبح العالم على شفا حفرة من الحرب العالمية الثانية، لذا أرادت بريطانيا استرضاء العالمين العربي والإسلامي خوفاً من دخولهما الحرب إلى جانب هتلر، فأصدرت الكتاب الأبيض بشأن فلسطين بتاريخ 27/5/1939م، وصرح الإنجليز أنهم سوف ينفذون بنوده بالقوة سواء قبل به العرب واليهود أم رفضوه، ولكن الحقيقة أن بنود الكتاب الأبيض هي لمصلحة الصهيونية بطريقة ذكية لخداع العرب، جاء فيه:
أولا: تصبح فلسطين دولة مستقلة بعد فترة انتقال مدتها عشر سنوات وأن يوضع دستور لفلسطين، ومن تحليلنا لهذا البند نجد أن بريطانيا أرادت الضحك على ذقون العرب كي يصدقوا الخبر، لأن الإنجليز في توقعاتهم لن تستمر الحرب عشر سنوات وهذا ما جرى لأن الحرب اتجهت نحو التوقف عام 1944.
ثانياً: يسمح بالهجرة اليهودية في أول خمس سنوات فيسمح بدخول 75.000 مهاجر يهودي في هذه الفترة ثم تتوقف نهائياً وتصبح الهجرة بموافقة العرب، لم تستمر الحرب العظمى خمس سنوات فبشائر النصر كانت لهم قبل ذلك بسنتين.
ثالثـاً: يمنع انتقال الأراضي العربية إلى اليهود، ويسمح لليهود بشراء أراض في أماكن مختلفة محدودة في فلسطين.[44] وهذا يدل على أن الإنجليز لم يوقفوا الهجرة اليهودية رغم صدور الكتاب الأبيض.
رفض الفلسطينيون الكتاب الأبيض لأنه لم يحقق المطالب الفلسطينية التي تدعو إلى تشكيل دولة فلسطينية خلال ثلاث سنوات كحد أقصى، وكذلك لأن الكتاب الأبيض يقوم على صك الانتداب، وأن الدولة الفلسطينية مرهون قيامها بالوفاق العربي اليهودي. وهذه هي قمة الغدر الإنجليزي للشعب الفلسطيني. والحقيقة أن هدف بريطانيا من إصدار الكتاب الأبيض لم يكن سوى وسيلة تهدئة لثورة الشعب الفلسطيني الذي يطالب ببعض الحقوق الفلسطينية المشروعة منها إنشاء دولة ورغم ذلك، فإن الحكومة البريطانية لم تنفذ بنود الكتاب الأبيض علماً أن حبره لم يجف بعد لأن الهجرة اليهودية استمرت حتى بعد انقضاء الخمس سنوات المحددة في الكتاب الأبيض.
وصلت احتجاجات من مصادر مختلفة للحكومة البريطانية ضد الكتاب الأبيض فمثلاً وصلت برقية احتجاج من الشيخ عبد الحميد سعيد- رئيس اللجنة العليا المصرية للدفاع عن فلسطين- فقال في برقيته “كتابكم الأبيض عن سياستكم بفلسطين خيب آمال العرب والمسلمين كافة في إمكان التحالف مع بريطانيا. إن هياج اليهود اليوم جاء نتيجة تدليلكم ومحاباتكم لهم طوال عشرين سنة مضت، وتذبذب السياسة البريطانية في الاعتراف بعروبة فلسطين يقطع الأمل في وقوف العالم الإسلامي إلى جانب بريطانيا في الأزمات المقبلة، وكل من يقول لكم عكس هذا يضلل الشعب البريطاني وحكومته”.[45]
كما وصلت الاحتجاجات ضد الكتاب الأبيض من المسلمين في الهند، حيث عقدوا مؤتمرات ثلاثة قرروا فيها:
- الاحتجاج على السياسة الحالية الموجودة في فلسطين.
- الاعتراف بأن مقترحات الكتاب الأبيض معناها الاعتداء الصريح على الحقوق الوطنية للعرب ونقض للعهود والمواثيق التي أعطيت لهم.
- محاولة إنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين معناها الاستهتار بشعور مسلمي الكرة الأرضية.
- مطالبة السلطات المسؤولة بإجابة أماني عرب فلسطين.[46]
ومن أساليب الغدر والخداع الإنجليزي على الشعب الفلسطيني في حرب عام 1948م ما جرى من سقوط المدن الفلسطينية، فقد سقطت طبريا لخطة مرسومة من قبل الإنجليز لتسليمها لليهود، وذلك عندما طلب الإنجليز من أهالي طبريا إجلاء العرب عن المدينة بحجة أنهم أقلية يخشى عليهم من الأكثرية اليهودية، وكانت هذه المؤامرة مفضوحة والتحيز ظاهر لليهود، وأما قصة تسليم الإنجليز مدينة حيفا لليهود فكانت قصة تدل على المكر والخداع الإنجليزي، وقصة حيفا قصة محزنة، حيث صرحت بريطانيا أنها لن تتخلى عن حيفا إلا بعد شهر آب عام 1948 أي بعد انتهاء الانتداب بثلاثة أشهر ونصف الشهر، وذلك لأن لبريطانيا مصالح في حيفا حسب تصريح الإنجليز، ولذلك منعت بريطانيا العرب من إقامة تحصينات للدفاع عن المدينة من الهجوم اليهودي عليها، بينما سمحت لليهود بإقامة التحصينات والخنادق وجلب الأسلحة، وعندما أتم اليهود تسلحهم واستكملوا استعدادهم أعلنت بريطانيا فجأة عدو لها عن التمسك بحيفا وقامت بإخلائها، واستلم اليهود المعسكرات التي كانت بحوزة الإنجليز وفتح اليهود بنادقهم على العرب العزل من السّلاح، وفتح الإنجليز ميناء حيفا لترحيل العرب عن المدينة بحجة حمايتهم من الهجوم اليهودي، وجهزت سفنها وشجعت عرب حيفا على الصعود على البواخر لترحيلهم.[47]
والمأساة الكبيرة في تسليم اللد والرملة، هي أن القائد الذي هاجم اللد والرملة كان بريطانيا وكان يقود القطاعات اليهودية وهو يهودي بريطاني، وأن اتصالاً لاسلكياً بينه وبين الكولونيل لاشي الذي كان يقود القطاعات الأردنية قد جرى والمعركة قائمة وقد اتفق على سحب القوات العربية فسحبت رغم إرادة الضباط العرب.[48]
وكان الجنرال الإنجليزي جون باغوت كلوب (كلوب باشا) قائد الجيش الأردني وهو بريطاني الجنسية، وكان هو الذي خطط لسقوط اللد والرملة. وبعد سقوط المدينتين بعث (كلوب باشا) بتهنئة إلى اليهود. وقد صرح مفتي القدس عن هذه الحادثة قائلاً:
“روى لي أحد رجال الدين المسيحيين المحترمين أنه سمع من سيادة المونسينيور وكيل بطريرك اللاتين في فلسطين أن كلوب بعث ببرقية تهنئة لقائد الجيش اليهودي على احتلاله اللد والرملة، ولما صادفه المونسينيور المذكور وعاتبه على برقيته أجابه كلوب بقوله: هذه هي السياسة”.[49] وكذلك سلّم كلوب أراضي المثلث لليهود وفيه عدد من القرى العربية، كما سلمهم مساحات واسعة من مناطق القدس وبيت لحم والخليل والبحر الميت.
وقد ذكر عبد الله التل قائد الكتيبة السادسة في الجيش الأردني أنه حصل على وثائق سرية في 7/7/1948م. كشفت له الستار عن الخطة التي رسمها كلوب باشا للجيش الأردني وهي:[50]
- الحيلولة دون احتلال الجيش الأردني أو أي جيش عربي آخر للقدس.
- الحيلولة دون الاشتباك مع اليهود في حرب حقيقية في فلسطين.
نستنتج أن قائد الجيش الأردني العربي يقوده الإنجليزي كلوب هو الذي كان ينفذ السياسة البريطانية في فلسطين وهي تحقيق وعد بلفور بإنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين، وتعيينه في هذا المنصب هو إعانة للصهاينة وتسهيل مهمتهم في تأسيس الوطن اليهودي وضربة للحقوق الوطنية الفلسطينية.
ومن أساليب الغدر والخداع الإنجليزي تجاه الشعب الفلسطيني ما جرى بعد حرب عام 1967م، عندما احتلت إسرائيل في الخامس من حزيران عام 1967 الضفة الغربية وأراضي أخرى من الدول العربية المجاورة. وقدمت عدة دول مشاريع قرارات للأمم المتحدة لحل الأزمة في الشرق الأوسط، وكانت القرارات التي قدمت قد رفضت إما من العرب وإما من إسرائيل، إلى أن تقدمت بريطانيا بمشروع قرار صاغه اللورد كرادون وأقره مجلس الأمن الدولي بالإجماع في 22/11/1967 وعرف بقرار 242، وكان البند الأول في القرار: سحب القوات المسلحة الإسرائيلية من أراض احتلتها في النزاع الأخير. لقد تمت صياغة هذا القرار بغموض مقصود في البند الأول. لقد أهمل النص الإنجليزي عمداً استخدام أداة (الـ) التعريف في لفظ الأراضي على الرغم من استخدامها في النص الفرنسي المعتمد رسمياً في الأمم المتحدة، ولذا فإن النص على هذا الشكل لا يعني بالضرورة الانسحاب من كل الأراضي المحتلة، ولكن أدخل ذك الغموض ليكون ثمة مجالات لتعديلات في حدود إسرائيل قبل الحرب، ومما جاء في النص:
Israel must withdraw from Arab Territories.
وفي نهاية بحثي هذا أقول اجتمعنا نحن الطلبة مع اللورد كارادون عام 1980 في مؤتمر في جامعة لندن وسألناه سؤالاً لماذا تعمدت هذا الغموض؟ فأجابنا إنني أعرف فلسطين أكثر منكم لخدمتي فيها طويلاً، فيجب تعديل الحدود الإسرائيلية مع الضفة الغربية ولم أعنِ الانسحاب الكامل من جميع الأراضي التي احتلتها إسرائيل في حرب عام 1967م. فقلقيلية مثلاً ليست بعيدة عن الساحل يجب ضمها لإسرائيل مقابل إعطاء طيبة المثلث للضفة الغربية، وهكذا من التعديلات.[51]
الخـاتمـة
احتلت القوات الإنجليزية فلسطين في الحرب العالمية الأولى، وكانت قد أصدرت وعداً للصهاينة هو وعد بلفور عام 1917م، ويعني إحلال اليهود محل الشعب الفلسطيني، لذا استعملت وسائل عدة من غدرٍ وخداعٍ وكذبٍ على الشعب الفلسطيني لكي ينجح قرارها في تطبيق وعد بلفور، واعترف الإنجليز في وثائقهم أنهم خدعوا الشعب الفلسطيني في مناسبات عدة.
وبما أنهم اعترفوا بذلك لماذا لا نقدم نحن الشعب الفلسطيني تقريراً بذلك إلى محكمة العدل الدولية في لاهاي لمحاكمة بريطانيا على جرائمها للشعب الفلسطيني تجاوزت مدة ثلاثين عاماً وهو عمر الانتداب البريطاني على فلسطين، وطوال هذه المدة من الحكم كانت تضرب بعرض الحائط الحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني.
وكانت بريطانيا ترسل لجاناً للتحقيق بعد كل حادثة في فلسطين والغريب أن كل اللجان الإنجليزية أنصفت الشعب الفلسطيني على الورق في تقاريرها، ولكن التطبيق ضاع ولم تنفذ قرارات اللجان البريطانية، وإنما الغدر والخداع لإسكات الشعب الفلسطيني الثائر بكلمات معسولة من لجان التحقيق.
الهوامش:
[*] أستاذ في جامعة القدس المفتوحة.
** أرشيف مكتب الهند، لندن، ملف رقم L/p and S/10/1302
[1] سأكتب عن هذا الموضوع في بحث آخر.
[2] تيسير جبارة: المسلمون الهنود وقضية فلسطين، دار الشروق ط1، عمان 1998م.
[3] تيسير جبارة: وثائق فلسطينية في دور الأرشيف البريطانية، منشورات مركز البحث العلمي، جامعة الخليل عام 1986، ص- 10.
[4] ملف وزارة المستعمرات رقم 67314/173/C0733 رسالة المفتي من سبع صفحات مروسة بالمجلس الإسلامي الشرعي الأعلى القدس الشريف. بتاريخ 3 ذي القعدة 1346هـ الموافق 22/4/1928م.
[5] أرشيف وزارة المستعمرات البريطانية ملف رقم 67314/1731/C733.
[6] عندما كنت في لندن عام 1980م أبحث في الوثائق في أرشيف وزارة المستعمرات طلبت من الموظف المسؤول بعض ملفات عام 1929م، فرفض الموظف طلبي قائلاً إن هذا الملف سري للغاية. confedentid ولا يسمح بالكشف عنه، بل يؤجل حتى عام 2033م.
[7] برقية في أرشيف مكتب الهند ملف رقم: L/p and S/10/1302 confedentia
[8] المصدر نفسه.
[9] أرشيف مكتب الهند في لندن. ملف رقم 1302/10/S and L/p برقية رقم 194 بتاريخ 18/9/1929م.
[10] الأرشيف نفسه ملف رقم 1303/10/S and L/p برقية بتاريخ 15/10/1929م.
[11] الأرشيف نفسه ملف رقم 1304/ 10/ S and L/p برقية رقم 316 بتاريخ 1/11/1930م.
[12] أكرم زعيتر: القضية الفلسطينية، ص82.
[13] أرشيف مكتب الهند، ملف رقم: 1303/10/S and L/p
[14] أكرم زعيتر، مصدر سبق ذكره، ص79.
[15] تيسير جبارة، وثائق فلسطينية في دور الأرشيف اليهودية. الوثيقة 47 ص88.
[16] أرشيف وزارة المستعمرات ملف رقم 37356/256/Co733.
[17] المصدر نفسه، انظر أيضاً وثيقة رقم 310/Co733 التي تقول إن بريطانيا لن تغير من سياستها وسوف تنفذ صك الانتداب.
[18] الأرشيف نفسه. ملف رقم 75072/272/Co733 وثيقة من المفتي للمندوب السامي بتاريخ 27/12/1934م.
[19] أرشيف مكتب الهند في لندن ملف رقم L/p and S/10/1304/P.8070
[20] أرشيف مكتب الهند في لندن. ملف رقم L/p and S/10/1304/p.8070 انظر نص الوثيقة رقم 33 في: تيسير جبارة: وثائق فلسطينية في دور الأرشيف البريطانية. منشورات مركز البحث العلمي، جامعة الخليل، 1986 ص117.
[21] أرشيف وزارة المستعمرات ملف رقم Co733/56 انظر توقيع Wakely على الوثيقة.
[22] أرشيف وزارة المستعمرات، ملف رقم 81/C0733.
[23] أمين الحسيني: حقائق عن قضية فلسطين. ط3 القاهرة. عام 1957م ص138، انظر أيضاً صالح مسعود بويصير: جهاد شعب فلسطين، دار الفتح للطباعة والنشر. ط4، بيروت، 1969م ص160.
[24] الأرشيف الصهيوني ملف رقم ZA/525/5689.
[25] أرشيف وزارة المستعمرات البريطانية. ملف رقم C0733/311/75528/6.
[26] أرشيف وزارة المستعمرات البريطانية: ملف رقم 302/733 رسالة من هول Hull إلى باركنسون، وانظر رسالة من والتون إلى ويليامز بتاريخ 8/9/1936م.
[27] أرشيف وزارة المستعمرات البريطانية، ملف رقم Co 733/311/75528/6.
[28] أرشيف وزارة المستعمرات. ملف رقم C0733/310/75528/part II Disp.602.
[29] المصدر نفسه.
[30] أكرم زعيتر: وثائق المقاومة، وثيقة رقم 261.
[31] أرشيف وزارة المستعمرات، ملف رقم C0733/287/75036/38.
[32] الأرشيف نفسه. ملف رقم C0733/326/75023/2 رسالة من القنصل البريطاني في دمشق جلبرت مكيرن إلى المندوب السامي في القدس بتاريخ 5/7/1937م.
[33] أوراق جون راندال محفوطة في جامعة اوكسفورد في بريطانيا.
[34] أرشيف مكتب الهند. ملف رقم L/po/366.
[35] أرشيف وزارة المستعمرات البريطانية، ملف رقم C0733/352/75781/12 رسالة من إيدن إلى اورمسبي غور بتاريخ 16/7/1937م.
[36] أرشيف وزارة المستعمرات، ملف رقم CO733/352/352/75718/9. رسالة من فيتز جرالد إلى السكرتير العام بتاريخ 28/7/1937م، وانظر دروزة: حول الحركة العربية الحديثة، ص137.
[37] أرشيف وزارة المستعمرات، ملف رقمC0733/352/75718/9 . رسالة من المندوب السامي إلى سكرتير الدولة لشؤون المستعمرات بتاريخ 16/8/1937م.
[38] أرشيف مكتب الهند. ملف رقم L/po/366 برقية من سكرتير الدولة لشؤون المستعمرات إلى حاكم الهند في 1/10/1937.
[39] أرشيف وزارة المستعمرات. ملف رقم C0733/333/75156/32 رسالة من المفتي إلى O.A.G بتاريخ 29/9/1937م.
[40] بيان الحوت: القيادات والمؤسسات السياسية في فلسطين، ص381.
[41] أوراق تشارلز تيجارت محفوظة في جامعة سانت أنطوني في أوكسفورد ببريطانيا.
[42] بيان الحوت، مصدر سبق ذكره، ص382.
[43] أرشيف مكتب الهند في لندن ملف رقم L/p0/75 برقية من حاكم الهند إلى مكتب الهند في لندن بتاريخ 10/11/1938م.
[44] أكرم زعيتر: القضية الفلسطينية، ص140.
[45] بيان الحوت: وثائق الحركة الوطنية الفلسطينية 1918-1939م من أوراق أكرم زعيتر، وثيقة رقم 15 صفحة 648.
[46] جريدة الجهاد: 5/7/1939م الموافق 16 جمادى الأولى 1358 هـ.عدد 131.
[47] محمد أمين الحسيني: حقائق عن قضية فلسطين، ص69.
[48] عارف العارف: النكبة ج3، ص612.
[49] محمد أمين الحسيني: مصدر سبق ذكره، ص71.
[50] عبد الله التل: كارثة فلسطين، دار الجليل، عكا، 1959م.
[51] مقابلتي مع اللورد كارادون عام 1980م في لندن.