ما يحدث في غزة- فلسفياً (منظور دولوزي)

ما يحدث في غزة- فلسفياً

(منظور دولوزي)

عن الحدث..

أن نكتب عن الحدث في غزة فلسفياً، فذلك لا يعني أبداً أن نتحدث بالكلمات المجرّدة والأفكار المتعالية كما يحدث مع الذين يخلطون بين الفلسفة والشعر، ولا أن نجرّد الحدث من حرارة الدم العياني النازف على الأرض. ولا يعني أبداً من جهة أخرى، أن نصعد بالحدث نحو مقولات الحق التاريخي غير القابل للنقاش - والذي يجعله؛ وللمفارقة، حق لا تاريخي - ولا اختصار الأمر في الحديث عن جهة تمثّل الخير المطلق مقابل جهة تمثّل الشر الجوهري، كما قد تفعل فلسفة تقليدية.

أن نكتب عن الحدث في غزة يعني أن نضع الحدث ضمن خطوط رؤية تخترقه هو ذاته. خطوط أوسع منه بقدر محايثتها له، وأن نرى الفرادة التي يمتلكها الحدث في غزة بوصفه حدثاً راهناً، ومن ثم رؤية الوضعية الجديدة التي ينتجها ويؤسسها على المستوى السياسي والأخلاقي للقضية الفلسطينية، ولإسرائيل، ولمنطقة شرق المتوسط كلها، في سياق عالمي ساهم هو ذاته بإنتاج الحدث، وأدخله في ماكينات إنتاجه وإعادة إنتاجه.

تكمن الصعوبة الفلسفية الأولية، والتحدّي الأول أمامنا، في أن الحدث بصورته الواقعية هو دائماً فعلٌ راهن، فكيف نكتب عن الحدث بوصفه راهناً، والفلسفة؛ لاسيما فلسفة نومادية ومترحّلة، لا تعمل إلا ضد الراهن؟ إن ما ينقذنا من هذه المعضلة الصوريّة هو أن عمل الفلسفة - ضد - الراهن لا يُحيل بالضرورة إلى السلب؛ لاسيما عندما لا نكون هيغليين. فالعلاقة الضديّة مع الراهن في هذا السياق لا تعني رفضه أو نقضه، ولا نفيه أو تهميشه، بل تعني «فوقه، وبمحايثته، وما وراءه» في الوقت نفسه. هذا ما يُحرّك السؤال الفلسفي من «ما معنى هذا الحدث؟» إلى «ما الذي يمكن أن يحدثه الحدث؟». فالحدث لا يقع في الزمان، بل يصنع الزمان. والراهن لا يبقى بعدها جزء من الحاضر، بل ما يصنع الحاضر وما يتجاوزه باستمرار. هذا أيضاً ما يدفع الفلسفة نحو التخوم والأقاصي ويجعلها نوع من «فكر المستقبل» … 

لقراءة المقال وتحميلة غزة فلسفيا.pdf