Why Israel Is Afraid of Palestinian Funerals

 مجلة فورين بوليسي الأمريكية

 أنشال فوهرا

  كاتبة عمود في فورين بوليسي ومراسلة تلفزيونية مستقلة ومتخصّصة في قضايا الشرق الأوسط

 ٢٥ أيّار (مايو) ٢٠٢٢

تناولت الكاتبة في هذا المقال اعتداء الشرطة الإسرائيليّة على موكب تشييع الصحفيّة شيرين أبو عاقلة في القدس، مناقشة الدوافع الأمنيّة والسياسيّة الإسرائيليّة وراء ذلك، عاقدة في الختام مقارنة بين ما يحدث في فلسطين وكشمير بهذا الخصوص.

الرموز الفلسطينيّة وأثر الجنائز طويل الأمد

 تروي الكاتبة في البداية كيف قمعت “قوّات الأمن” الإسرائيليّة بهمجيّة غير مسبوقة موكب تشييع الصحفيّة شيرين أبو عاقلة في القدس، وكيف اعتدت على حاملي النعش، وقامت باعتقال عدد منهم بعد انتهاء مراسم التشييع والدفن. وتورد على لسان أخ الصحفيّة، أنطون أبو عاقلة، أنّ السبب الرئيسيّ، من وجهة نظره، وراء كلّ هذا القمع الإسرائيليّ هو رمزيّة العلم الفلسطينيّ الذي كان يغطي النعش والذي رفعه عدد من المشيّعين، إذ يرى الإسرائيليّون في ذلك انتهاكا للسيادة الإسرائيليّة المطلقة على القدس، كما أن بعض المشيّعين ردّدوا شعارات “تحريضيّة” التي اعتبرتها “السلطات الإسرائيليّة” تهديدا مباشرا لأمنهم.

تضيف الكاتبة بأنّه يبدو أن تصرفات إسرائيل في جنازة شيرين أبو عاقلة تشير إلى أنها أكثر قلقا بشأن التأثير طويل الأمد للجنازات العامة الكبيرة للرموز الفلسطينيّة أكثر من رد الفعل المحتمل من قبل منظّمات حقوق الإنسان والمجتمع الدولي. وأوردت تصريح عيران ليرمان، نائب مستشار الأمن القومي الإسرائيلي السابق، لمجلة فورين بوليسي قائلا بأنّ القوات الإسرائيلية قلقة من احتمال وقوع أعمال عنف في جنازات الفلسطينيين، فضلاً عن التأثير الأوسع لتمجيد “الأعمال الإرهابية” على أنها “استشهاد”، لكنّه استدرك قائلا بأن ذلك لا صلة له بقضيّة أبو عاقلة.

تحاجج الكاتبة بأنّه غالبًا ما تكون المواكب الجنائزية للشخصيات السياسية نقاط اشتعال في مناطق الصراع في العالم. بالنسبة لقوات أمن الدولة، فإنها تمثل مشكلة تتعلق بالقانون والنظام، حيث تخشى السلطات أن تؤدي الجنازات إلى زيادة الدعم وتجنيد المقاتلين للجماعات المناهضة للدولة فهي فرصة لتضخيم رسالتهم. لم تكن شيرين أبو عاقله إرهابية ولا منشقة. ومع ذلك، بعد وفاتها، أصبحت الصحفية المخضرمة التي غطت الصراع الإسرائيلي الفلسطيني لما يقرب من ثلاثة عقود رمزا فلسطينيا، وبدا أن السلطات الإسرائيلية تعاملت مع جنازتها كما لو كانت تمثل تهديدا لأمنهم.

مضيفة بأنّ تعامل “قوات الأمن” الإسرائيلية مع موكب شيرين أبو عاقلة لا يختلف عن نهجها في تشييع جنازات مقاتلين مسلحين تابعين لحركة حماس، وهي جماعة فلسطينية تصنفها إسرائيل والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي كمنظمة إرهابية. وهذا التعامل قوبل بإدانات واسعة على مستوى المجتمع الدوليّ، بما في ذلك الاتّحاد الاوروبيّ والولايات المتّحدة الأمريكيّة، التي عبّر مسؤولون رفيعو المستوى فيها عن “صدمتهم” إزاء القمع الذي شوهد خلال التشييع.

وأوردت على لسان، درور سادوت، المتحدث باسم منظمة بتسيلم الإسرائيلية لحقوق الإنسان، بأنّ تصرفات الشرطة الإسرائيلية في جنازة شيرين أبو عاقلة كانت “مروّعة” وتكشف عن “جانب أوسع وأكثر روتينية” لمقاربة إسرائيل تجاه الفلسطينيين الذين ينعون موتاهم. قال سادوت إن تصرفات قوات الأمن الإسرائيلية في جنازة الصحفيّة هي جزء من نمط الانتهاكات الإسرائيلية في الجنازات الفلسطينية التي وثقتها بتسيلم على مر السنين، بما في ذلك تفكيك خيام العزاء، وتدمير النصب التذكارية والجداريات التي تخلد ذكرى الموتى، و اقتحام منازل العائلات المفجوعة، كما حدث مع عائلة أبو عاقلة، حيث اقتحمت الشرطة منزلها بعد ساعات من وفاتها.

شيرين ليست الضحيّة الأولى

توضّح الكاتبة بأن شيرين أبو عاقلة ليست الصحفية الوحيدة التي يُزعم قتلها على يد “قوات الأمن” الإسرائيلية في السنوات الأخيرة. وبحسب وزارة الإعلام الفلسطينية، قتل ما لا يقل عن 45 صحفيا على أيدي القوات الإسرائيلية منذ عام 2000، حسب ما أوردته قناة الجزيرة. وقُتل يوسف أبو حسين، مذيع إذاعة الأقصى التابعة لحركة حماس، العام الماضي عندما أصابت قنبلة إسرائيلية منزله، وفي عام 2018، قُتل أحمد أبو حسين وياسر مرتجى بنيران إسرائيلية في غزة، وهو ما نفاه الإسرائيليّون.

تضيف أيضا بأن إسرائيل ليست الدولة الوحيدة المتهمة بقتل الصحفيين. وفقًا للجنة حماية الصحفيين، قُتل ما لا يقل عن 80 صحفيًا حول العالم على أيدي مسؤولين حكوميين وعسكريين وجماعات سياسية منذ عام 2016. القتل الوحشي للمعارض والصحفي السعودي جمال خاشقجي ومقتل لقمان سليم وسمير قصير في لبنان، ليست سوى بعض الحالات التي لم يتم فيها تحقيق العدالة. لكن من المؤكد أن إسرائيل قد ظهرت على أنها منيعة أمام الدعوات إلى ضبط النفس وغير خائفة من العواقب الدبلوماسية لأفعالها. وبينما قد لا تُحاسب إسرائيل على أفعالها في جنازة شيرين أبو عاقلة، فإنها ستجد صعوبة في محو ما ترسّب في ذاكرة العالم إزاء ما ارتكتبه في التشييع.

كشمير وفلسطين

 تورد الكاتبة تحليل أجاي ساهني، خبير مكافحة الإرهاب والمدير التنفيذي لمعهد إدارة الصراع في الهند، الذي قارن جنازة شيرين أبو عاقلة بجنازة الانفصاليين الكشميريين، قائلا إنها في الأساس “عمل سياسيّ” وأن الدولة استجابت له على هذا النحو. إذ أنّه في كشمير التي تسيطر عليها الهند، حضرت في عام ٢٠١٦ حشود من المعزين جنازة “برهان واني”، وهو مقاتل كشميري في أوائل العشرينات من عمره، وتحول موكبه إلى دعوة للتجنيد. يعتقد العديد من المحللين والخبراء الأمنيين الهنود أن جنازته شجعت على تجنيد الشباب الكشميري في الجماعات المتشددة، مما أدى إلى أقوى موجة من الهجمات المتشددة في المنطقة منذ عقود.

تضيف بأنّه في عام 2020، حظرت الحكومة الهندية بشكل غير رسمي مواكب الجنازات العامة للمسلحين والمدنيين الذين قتلتهم قوات الأمن، بدعوى اتباعهم قيود كوفيد -19، بل ورفضت تسليم جثثهم إلى عائلاتهم. وصفها فيجاي كومار، المفتش العام للشرطة في كشمير، بأنها خطوة تاريخية “أوقفت إبهار الإرهابيين” وعملت على استتباب الأمن.

قال ساهني أنه عندما ترى الجماعات المسلحة أو الجماعات المعارضة شخصية عامة كرمز لقضيتهم، بغض النظر عن الدور الفعلي لهذا الشخص، فمن المحتمّ أن تصبح جنازة ذلك الشخص مناسبة عاطفية والتي تعمل أيضا كأداة للتعبئة المستقبلية. وقال أنّ “الفلسطينيين تبنوا موت شيرين بغض النظر عن مهنتها أو دوافعها أو نيّتها”.

خاتمة

تختم الكاتبة المقال بالقول بأنّ المسؤولين الإسرائيليين ذهبوا إلى أبعد من ذلك، حيث صوّروا ضمنا الصحفيين على أنهم معادلين للإرهابيين، حتى أن ران كوخاف، المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، ساوى بين شيرين أبو عاقلة وصحفيين آخرين في جنين في اليوم الذي قُتلت فيه بمقاتلين مسلحين، مصرّحا لإذاعة الجيش بأنّهم “مسلحون بالكاميرات”. لكن هذه الحجج لا تؤثر كثيرا على أسرة المتوفى. قال أنطون أبو عاقلة: “لم تكن أختي إرهابية، لقد كانت صوت الناس”.

 

للتحميل اضغط هنا