سميح شبيب[*]

عقد المجلس المركزي لـ م.ت.ف، دورته السابعة والعشرين، دورة الصمود والمقاومة الشعبية، يومي الأربعاء والخميس، (4/3-5/3/2015) وذلك في مقر الرئاسة في رام الله، بحضور 80 عضواً من أصل 110 أعضاء. ناقش المجلس الوضع الراهن، ومستقبل السلطة الوطنية، وتوجهها إلى محكمة الجنايات الدولية، وعلاقاتها مع إسرائيل.

قال رئيس المجلس الوطني سليم الزعنون، في كلمته الافتتاحية: “إن الكثير من القضايا المهمة والمصيرية تستوجب منا مناقشتها بجدية لإنهاء معاناة شعبنا، والتخلص من الاحتلال، وشعبنا ينتظر منا أجوبة صريحة لأسئلة صعبة، لافتا إلى أن هذه الجلسة يجب أن تتحول إلى ورشة عمل تناقش الأزمة الحالية بعمق وتتخذ القرارات والآليات اللازمة لحلها”.

وأشار إلى أننا بتنا ندور في حلقة مفرغة يستغلها الاحتلال لصالحه، عبر فرض الحقائق على الأرض، مطالبا بضرورة تغيير طريقة تعامل السلطة الوطنية مع إسرائيل والتزاماتها تجاهها، محذرا في الوقت ذاته من الدعوات المنادية بحل السلطة الوطنية، لأنها القاعدة التي تقوم عليها الدولة.

وبيّن الزعنون أن الاحتلال يضع سقفا معينا للحل، ولم يتنازل عنه، داعيا لتشكيل لجنة أمنية سياسية وأخرى اقتصادية لمراجعة وترسيم العلاقات السياسة والاقتصادية والأمنية مع إسرائيل، بحيث تقدم تقاريرها للمجلس في جلسته المقبلة، كذلك إعادة النظر في مسألة التنسيق الأمني، لأن الاحتلال يسابق الزمن في تحقيق برنامجه الاستيطاني عبر فرض عقوبات على السلطة وقرصنة أموالها.

وطالب الزعنون بإعادة النظر في مستقبل بروتوكول باريس الاقتصادي.

وقال سليم الزعنون: إنه ستتم ملاحقة مجرمي الاحتلال ومستوطنيه على الصعيد الدولي، لمعاقبتهم على جرائمهم المتواصلة.

وأكد ضرورة توجه السلطة الوطنية مجددا لمجلس الأمن الدولي، الذي بدأ عام 2012، وتطور بتقديم مشروع قرار إنهاء الاحتلال في العام الماضي، وأفشلته الولايات المتحدة الأميركية، مثمنا في الوقت ذاته قرارات البرلمانات، خاصة الأوروبية، التي اعترفت أو دعت حكوماتها للاعتراف بدولة فلسطين، معتبرا أنها خطوة في الاتجاه الصحيح، لأن العالم ضاق ذرعا من ممارسات الاحتلال.

ودعا الزعنون لتكثيف المقاومة الشعبية بكافة أشكالها لمواجهة جرائم الاحتلال ومستوطنيه واستباحتهم للأرض والمقدسات، وإلى ترتيب البيت الداخلي الفلسطيني، وإجراء انتخابات شاملة، تسهم في تغيير واقع المؤسسة التشريعية، والاستمرار في السعي لتحقيق المصالحة الوطنية بمشاركة كل من حماس والجهاد الإسلامي، والسماح لحكومة الوفاق الوطني بممارسة عملها، خاصة فيما يتعلق بمعبر رفح والحدود والأمن.

كما أكد على ضرورة مضاعفة دعم المؤسسات العاملة في القدس المحتلة، داعيا مؤسسات القطاع الخاص ورجال الأعمال إلى تحمل مسؤولياتهم الوطنية.

وفي ختام كلمته، دعا رئيس المجلس الوطني، سليم الزعنون الرئيس محمود عباس، لإلقاء كلمته. أشار الرئيس في بداية كلمته، إلى أن الاعتراف بدولة فلسطين ليس بديلا عن المفاوضات.

وأكد الرئيس عباس أن الانتخابات الإسرائيلية شأن داخلي لا نتدخل به، مشيراً إلى أن القيادة الفلسطينية ستتعامل مع من يفوز في تلك الانتخابات.

وأشاد بتشكيل القائمة العربية الموحدة لخوض الانتخابات الإسرائيلية.

وأضاف الرئيس أن حل القضية الفلسطينية سيساهم في القضاء على الإرهاب مؤكداً رفضه للإرهاب، وداعيا لاحترام الرموز الدينية.

وأشار الرئيس عباس إلى أن إسرائيل لديها ممارسات كثيرة عنصرية وتخريبية وخاصة بالقدس، قائلا: “نريد أن تبقى القدس العاصمة الأبدية للدولة الفلسطينية”.

وتطرق الرئيس إلى الحرب الأخيرة التي شنها الاحتلال على قطاع غزة قائلا: “أسرعنا الخطوات من أجل وقف الحرب الأخيرة على غزة، واتصلنا بمصر والتي وافقت على طرح مبادرة لإنهاء الحرب والتي رفضت عدة مرات من قبل إسرائيل”.

وأكد الرئيس على أن محكمة الجنايات الدولية هي المكان الوحيد لنشكو جرائم الاحتلال، رافضا المقايضة على الذهاب لمحكمة الجنايات بمستحقات الضرائب التي تحتجزها إسرائيل.

كما أكد الرئيس عباس رفضه للاعتراف بإسرائيل كدولة يهودية، ورفض مبدأ الدولة الفلسطينية ذات الحدود المؤقتة.

وأشار الرئيس إلى أن إعادة إعمار غزة مرهون بممارسة حكومة الوفاق الفلسطينية مهامها واستلامها المعابر.

وأكد على موافقته على إصدار مرسوم رئاسي للدعوة إلى الانتخابات الفلسطينية إذا وافقت حركة “حماس”.

كما تطرق الرئيس إلى الإرهاب، مؤكدا على إدانته للتنظيم الإرهابي “داعش” الذي أحرق الطيار الأردني معاذ الكساسبة، وذبح 21 قبطيا مصريا في ليبيا أمام الكاميرات.

وفي ختام أعماله، أصدر المجلس، مساء الخميس الخامس من آذار (مارس) 2015 بعد انتهاء مناقشاته، عدة قرارات:

  • التمسك المطلق بالثوابت وبالحقوق الوطنية غير القابلة للتصرف.
  • تحقيق المصالحة الوطنية.
  • الصمود والمقاومة الشعبية.
  • مسؤولية م.ت.ف. تُجاه صمود القدس.
  • تحديد العلاقة مع سلطة الاحتلال (إسرائيل)، وذلك في ضوء الاستيطان غير الشرعي، وفقاً للقانون الدولي، ورفض إسرائيل ترسيم الحدود بين الدولتين: إسرائيل وفلسطين على حدود الرابع من حزيران (يونيو) 1967 وتنكرها لقرارات الشرعية الدولية، والاتفاقات الموقعة ورفضها الإفراج عن الأسرى، وقرصنة أموال الشعب الفلسطيني، وتصعيد الاعتداءات والاغتيالات والاقتحامات. على ضوء ذلك قرر المجلس المركزي:
  1. تحميل سلطة الاحتلال (إسرائيل) مسؤولياتها كافة تجاه الشعب الفلسطيني في دولة فلسطين المحتلة كسلطة احتلال وفقاً للقانون الدولي.
  2. وقف التنسيق الأمني بأشكاله كافة مع سلطة الاحتلال الإسرائيلي في ضوء عدم التزامها بالاتفاقيات الموقعة بين الجانبين.
  3. التأكيد على أن أي قرار جديد في مجلس الأمن يجب أن يضمن تجديد الالتزام بقرارات الشرعية الدولية الخاصة بالقضية الفلسطينية والصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وبما يضمن تحديد سقف زمني لإنهاء الاحتلال وتمكين دولة فلسطين من ممارسة سيادتها على أرضها المحتلة عام 1967 بما فيها العاصمة القدس، وحل قضية اللاجئين وفقا للقرار 194، على أن يتم ذلك تحت مظلة مؤتمر دولي تشارك فيه الدول دائمة العضوية ودول “البركس” ودول عربية وتتولى اللجنة التنفيذية العمل مع اللجنة العربية لتحقيق ذلك.
  4. رفض فكرة الدولة اليهودية والدولة ذات الحدود المؤقتة، وأي صيّغ من شأنها إبقاء أي وجود عسكري أو استيطاني إسرائيلي على أي جزء من أراضي دولة فلسطين.
  5. تقوم اللجنة التنفيذية بمتابعة عمل اللجنة الوطنية العليا للمتابعة مع المحكمة الجنائية الدولية من أجل ملاحقة جرائم الحرب الإسرائيلية ومحاسبة المسؤولين عنها، وخاصة فيما يتعلق بجريمة الاستيطان وجرائم الحرب المرتكبة خلال العدوان على قطاع غزة، كما تقوم بمواءمة القوانين والتشريعات مع ما يترتب علينا من التزامات نتيجة انضمام دولة فلسطين إلى عدد من المواثيق الدولية.
  6. يؤكد المجلس المركزي على الاستمرار في حملة مقاطعه المنتجات الإسرائيلية كشكل من أشكال المقاومة الشعبية، كما يدعو كل أحرار العالم ولجان التضامن مع الشعب الفلسطيني للاستمرار في حملة مقاطعه إسرائيل ومعاقبتها وسحب الاستثمارات منها، ما دامت تواصل الاحتلال وسياسة التمييز العنصري، ومقاطعة أي شركات تدعم الاحتلال والاستيطان. ويدعو المجلس أصحاب المؤسسات الإنتاجية والمصانع لتعزيز جودة المنتج الفلسطيني، وضبط الأسعار، وتحمل مسؤولياتهم الاجتماعية تجاه العمال وشرائح شعبنا الفقيرة، وتفعيل دور مؤسسة المواصفات والمقاييس، لضبط الجودة والالتزام بالمعايير الدولية.
  • تثمين توقيع الرئيس على الاتفاقات والمعاهدات الدولية.
  • إدانة جرائم داعش الإرهابية.
  • ضرورة تحقيق المساواة الكاملة للمرأة، وتعزيز مشاركتها في مؤسسات م.ت.ف كافة، على ألاّ تقل نسبة مشاركتها في هذه المؤسسات عن 30%.
  • يحيي المجلس نضال الأسرى، ويدعو لدعمهم.
  • يرحب المجلس بطلب المبادرة الوطنية الفلسطينية بالانضمام لـ م.ت.ف ويوافق عليه.
  • يقرر المجلس انتظام اجتماعاته، مرة كل ثلاثة أشهر.

وقد لاقت مقررات المجلس، ترحيباً واسعاً في الأوساط السياسية الفلسطينية، كافة، لما تمتعت به من وضوح وجرأة.

حيث وصف عضو المكتب السياسي لحركة حماس موسى أبو مرزوق، قرارات المجلس المركزي، لمنظمة التحرير الفلسطينية، بأنها “جيدة وفي الاتجاه الصحيح”.

وقال أبو مرزوق: إن “العديد من قرارات المجلس المركزي جيدة وفي الاتجاه الصحيح، وحماس تستقبلها بإيجابية”.

[*] رئيس تحرير “شؤون فلسطينية”.