ترجمة وتحرير: يسار أبو خشوم
Netanyahu’s Coalition From Hell Won’t Shake Biden
مجلة فورين بوليسي الأمريكية
بقلم آرون ديفيد ميلر، زميل أقدم في مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي ومحلل سابق في وزارة الخارجية الأمريكية لشؤون الشرق الأوسط ومفاوض في الإدارات الجمهورية والديمقراطية.
٨ تشرين الثاني (نوفمبر) ٢٠٢٢
يستهلّ الكاتب مقاله بالتأكيد على أنّ الهدف الأول لبنيامين نتنياهو، بعد انتهاء الانتخابات الإسرائيليّة، يتجلّى في محاولته التخلّص من الأحزاب اليمينية المتطرفة الثلاثة، لصالح صفقة وحدة وطنيّة أوسع مع حزب بني غانتس للوحدة الوطنيّة أو حتى حزب يائير لابيد “يش عتيد”، بيد أن تأمين هذه النتيجة ومنع هؤلاء المتطرّفين من المشاركة في الحكومة أو تقلّد مناصب عليا، يتطلّب منح هذه الأحزاب الحصانة لنتنياهو بطريقة أو بأخرى من الملاحقة القضائية والذي يبدو حتى الآن أمرًا بعيد المنال. هنا يتساءل الكاتب: هل سيؤدي تحالف نتنياهو مع أحزاب متطرّفة “قادمة من الجحيم” تفتخر بالتفوق العرقي لليهود ومعادية للديمقراطيّة وللعرب وللمثليين إلى تحطيم العلاقة بين الولايات المتّحدة وإسرائيل؟
في معرض إجابته على هذا السؤال، يوضّح الكاتب بأنّ مقاربة بايدن تجاه سياسات نتنياهو مختلفة عن تلك التي انتهجها الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما، إذ كانت علاقته مع نتنياهو آنذاك متوترة جدًا ولا سيّما فيما يتعلّق بالمسألتين الفلسطينيّة والإيرانيّة، الأمر الذي أدّى إلى تقويض الثقة نوعًا ما بين الولايات المتّحدة وإسرائيل. تعلّم بايدن بعض الأمور من رئيسه السابق ولم يتّبع نفس النهج؛ إذ تعود رؤية بايدن لإسرائيل باعتبارها دولة ديمقراطية محاصرة وقلقة بشأن أمنها إلى زيارته الأولى لإسرائيل عام ١٩٧٣، ويعتبر نفسه جزءً من قصّة إسرائيل ونضالاتها، وقد ولّد هذا الالتزام طويل الأمد شيئا من الألفة والمودّة لنتنياهو أتت من عقود من التفاعل. فقد هنّأ بايدن نتنياهو مؤخّرا باتصال هاتفي على فوز حزبه بالانتخابات قائلًا: “نحن أخوة، وسنصنع التاريخ معاً”.
وفقًا للكاتب، يعلم بايدن جيّدًا بأنّ نتنياهو يشكّل جزءً من لغز إسرائيل، فهو يحبّ إسرائيل بالأساس قبل نتنياهو. وأنّ العلاقة مع نتنياهو ستعتمد أساسًا على سلوك الأخير وتوجّهاته، ولن يتوانى بايدن في مواجهته لكن سرًّا وليس في العلن. مضيفًا بأنّ التوترات التي حصلت مؤخرًا في الانتخابات الأمريكيّة وأعمال العنف التي رافقتها، تجعل بايدن يتصرف بمزيد من البراغماتيّة نحو توجّه الحكومة الإسرائيليّة نحو اليمين المتطرّف، إذ رغم ذلك، تمّت الانتخابات الإسرائيليّة بهدوء وسلام دون اقتحام للكنيست، في ظلّ تراجع ديمقراطيّ أمريكيّ.
تجنّب الصدام
يرى الكاتب بأنّه رغم كلّ الخلافات لا يريد نتنياهو بأيّ شكل الذهاب نحو صدام كبير مع إدارة بايدن، محاججًا بأنّ بايدن يظلّ مؤيّدا لدولة إسرائيل، كما أنّ نتنياهو يسعى لطرح نفسه كرجل دولة وقائد عالمي، فليس لديه النيّة في أن يصير منبوذًا دوليًّا، وسيبذل قصارى جهده للتغلب على ضغوط اليمين من أجل مبادرات مثل المزيد من السياسات الاستفزازية في الضفة الغربية، وعملية عسكرية كبيرة ضد حماس في غزة، وتصعيد الموقف مع حزب الله في لبنان.
مضيفًا بأنّه إذا كان نتنياهو يبحث عن طريقة لإصلاح العلاقات بشكل استباقي مع واشنطن، فقد يفكر في تغيير سياسة إسرائيل تجاه أوكرانيا وأن يصبح أكثر استجابة لطلب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي للمساعدة العسكرية. مع ذلك، لا ينبغي توقّع تغيّر كبير في موقف إسرائيل بشأن توفير دفاع صاروخي لأوكرانيا، إذ أن نتنياهو يقدّر أهمية علاقته مع بوتين التي نسجها عبر سنوات، فّإن تخلّى عنّها قد يعرّض مساحة إسرائيل للعمل العسكري في سوريا للخطر.
الاتفاق النووي الإيراني والقضيّة الفلسطينيّة
يعتبر الكاتب بأنّ أساس خلاف نتنياهو مع إدارة بايدن يتجلّى في الاتفاق النووي الإيراني والقضيّة الفلسطينيّة، اللذين لا يشكّلان أولويّة قصوى بالنسبة إلى الإدارة الأمريكيّة في الوقت الراهن.
بالنسبة إلى الاتفاق النووي الإيراني، يرى الكاتب بأن المظاهرات الأخيرة في إيران قد دفعت المفاوضات حول الاتّفاق النووي إلى الوراء وزادت التوتر بين أمريكا وإيران، لكن ستزول هذه التوترات حال عاد الاتّفاق إلى الحياة من جديد. ومن المفارقات، أنه حتى لو مات الاتفاق، فإن نتنياهو وبايدن سيختلفان حول كيفية التعامل مع ما يُرجّح أن يكون برنامج إيران النووي الموسع. قد تكون تقييمات المخاطر الأمريكية والإسرائيلية مختلفة تمامًا حيث تدخل الاحتمالية الحقيقية لاستخدام القوة العسكرية حيّز التنفيذ. في الواقع، سوف يجادل نتنياهو بشكل متزايد بأن الطريقة الوحيدة للتعامل مع إيران القمعية التي تقتل مواطنيها وتساعد روسيا على قتل الأوكرانيين هي استخدام القوة العسكرية.
بالنسبة إلى القضية الفلسطينية، فإن أيّة مفاوضات جادة تفضي إلى حل الدولتين لا يمكن تصورها حتى في ظل حكومة لابيد، ناهيك عن هذا الائتلاف الحالي. سيكون التحدي الأكبر لإدارة بايدن هو كيفية الرد على توسيع المستوطنات وشرعنتها في الضفة الغربية والقدس والتوجّه نحو تخفيف قواعد الاشتباك ضد الفلسطينيين للجيش والشرطة الإسرائيلية، وحمايتهم من المسؤولية. كما أنّ تفوّق الوجود اليميني في حكومة نتنياهو سيشجع عنف المستوطنين ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية، فإذا أصبح بن غفير وزيرًا للأمن العام، يمكن أن تثير زيارة له للحرم الشريف أعمال عنف خطيرة في القدس وحولها، وبين العرب واليهود في إسرائيل على غرار ما حصل في أيّار/ مايو ٢٠٢١. وقد تواجه إسرائيل إجراءات في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، وسيكون من الصعب على الولايات المتّحدة بشكل متزايد الدفاع عن إسرائيل في الساحة الدوليّة.
خاتمة
يختم الكاتب مقاله بالتأكيد على أن التحوّل المتسارع لإسرائيل نحو اليمين واليمين المتطرّف الذي عزّزته نتائج الانتخابات الأخيرة، سيدفع إسرائيل، إن لم يتدارك نتنياهو الأمر في المستقبل، أكثر فأكثر نحو الفاشيّة والعنصريّة ومعاداة القيم الليبراليّة، وعندما تتغير صورة إسرائيل كدولة تسعى إلى السلام ملتزمة بقيم ديمقراطية تعدديّة بشكل أساسي في أذهان الأمريكيين، ستتغير كذلك الطبيعة الخاصة للعلاقة الأمريكية الإسرائيلية، ويبدو أن هذا التغيير جار على قدم وساق.
للتحميل اضغط هنا