سامية العطعوط[1]
لم أكن واعياً في المرة الأولى…
كانت أمي تُرضعني من ثدييها، وثدياها يبدوان رحمين كبيرين يمتلئان بما لذّ وطاب.. وربما قمرين يدرّان حليباً وقشطة.. أرضع الحليب في الصباح فيكون بطعم العسل، وفي المساء بطعم شوربة العدس التي أحببتُها.
كان العالم حضن أمي، صدرها، ذراعيها، ووجهها الذي حفظته عن ظهر قلب. كنت، حين يتغير وجهها المألوف، أطلق الصرخات الفزعة، ولا أكف عن البكاء… أراهم وحوشاً تبتسم ابتسامات شريرة، تريد أن تلتهم وجنتيّ ويديّ.. عيونهم جاحظة تحدّق بي، وكان الحلّ الوحيد بالنسبة إليّ هو الصراخ … أصرخ باكياً، فتهرع أمي إليّ، تنقذني من براثنهم..!
[1] قاصة وروائية فلسطينية أردنية.