خلدون البرغوثي

كشف تحقيق تلفزيوني للقناة الثالثة عشرة العبرية بثته بتاريخ 6/12/2021 عن وجود مجموعات ناشطة داخل حزب “قوة يهودية” يتدرب عناصرها على شن هجمات واعتداءات إرهابية تستهدف الفلسطينيين. وتمكنت القناة من زرع صحفي داخل إحدى المجموعات وكشف تفاصيل عن التنظيم الإرهابي الذي يرى في حركة “كاخ” الإرهابية النموذج الفكري والعملي الذي يجب اتباعه.

ويقود هذه المجموعات ناشطون في حركة “لاهافا” (لهب) الأرهابية، وقادة بارزون في حزب “قوة يهودية” الذي أوصل بنيامين نتنياهو قادته إلى مقاعد الكنيست.

وقررت القناة في الأسبوع الحالي وقف التحقيق الصحفي وتسليم المعلومات حول المجموعات هذه للشرطة الإسرائيلية بعد أن وردت معلومات للصحفي المزروع فيها عن نية هذه المجموعات تنفيذ هجمات إرهابية ضد فلسطينيين في مدينة الرملة يوم السبت 4/12/2021.

لكن الشرطة الإسرائيلية وبدلا من نصب كمين لعصابات المستوطنين توجهت مباشرة إلى أبرز قادة المجموعات وحذرته من تنفيذ جريمته تاركة له المجال للنجاة هو وباقي الإرهابيين في مجموعاته من الاعتقال والمحاكمة متلبسين بجرائم ضد الفلسطينيين.

وكشفت القناة ان أكثر من مئة مجموعة تضم نحو عشرين ألفا من الشبان الإسرائيليين يعملون معا ويستخدمون منصات التواصل الاجتماعي خاصة “واتساب” و”تيليغرام” للتواصل وتنسيق تحركاتهم والدعوة لها.

ومن ضمن الخطط التي يرتب لها عناصر هذه المجموعات شن هجمات ضخمة منظمة على الفلسطينيين وعلى الأحياء الفلسطينية فيما تسمى “المدن المختلطة” تحديدا في اول تصعيد في الضفة أو غزة، وذلك على غرار الاعتداءات التي وقعت في اللد والرملة ويافا خلال عدوان الاحتلال على قطاع غزة وجرائمه في القدس. وعرضت القناة 13 العبرية مقاطع فيديو من هجمات منظمة شارك فيها العشرات وأحيانا المئات من الناشطين في حركتي “لاهافا” و”قوة يهودية” استهدفت مناطق فلسطينية في “المدن المختلطة” فيما كانت الشرطة الإسرائيلية غائبة تماما عن الحدث. وظهرت في أحد مقاطع الفيديو عملية سحل لفسلطيني من الداخل فيما كانت الهتافات حوله تدعو لقتله.

القناة الإسرائيلية وصفت المجموعات هذه بأنها “العصابات اليهودية نسخة 2021”. في تذكير بحركة “كاخ” ومن قبلها عشرات الحركات الصهيونية التي ارتكبت مجازر التطهير العرقي قبل وخلال النكبة، مثل “هاغاناه” و”البالماخ” و”أرغون” و”إيتسل” و”ليحي” وغيرها.

“كاخ” الإرهابية تعود من جديد

ولد مؤسس حركة “كاخ” مائير كهانا في مدينة نيويورك بالولايات المتحدة عام 1932، وحصل على تعليم ديني فيها حتى وصل إلى رتبة حاخام الجالية اليهودية في نيويورك. وعمل على تأسيس جمعية عنصرية تستهدف العرب والمسلمين في الولايات المتحدة، ثم انتقل إلى إسرائيل عام 1977 حيث أسس حركة “كاخ” وتمكن من الفوز بعضوية الكنيست عام 1984 بعد ثلاثة جولات انتخابية فشل فيها في ذلك.

وكان كهانا من أشد الدعاة لتنفيذ سياسة “الترانسفير” أي التهجير بحق الفلسطينيين في الضفة الغربية وأراضي 1948 إلى خارج فلسطيني التاريخية لتكون دولة إسرائيل يهودية تماما.

ونفذ عناصر حركة كاخ سلسلة جرائم في كافة أنحاء فلسطين راح ضحيتها عدد كبير من المواطنين. وإثر هذه العمليات ولتبني الحركة نهجا عنصريا يتناقض مع قانون الانتخابات الإسرائيلي رفضت عام 1988، قررت المحكمة العليا الإسرائيلية منع تسجيل قائمة “كاخ” رسميا لخوض انتخابات الدورة الـ12 للكنيست.

مجزرة الحرم الإبراهيمي 1994

في صلاة فجر الجمعة الـ 25 من فبراير/شباط 1994 الذي وافق 15 رمضان اقتحم طبيب عسكري في الجيش الإسرائيلي يدعى باروخ جولدشتاين الحرم الإبراهيمي في مدينة الخليل مسلحا ببندقيته الهجومية وفتح النار على المصلين فقتل 29 مصليا وأصاب ما يقارب 130 منهم بالرصاص.

ولكون جولدشتاين ناشطا في حركة “كاخ”، قررت الحكومة الإسرائيلية اعتبار الحركة تنظيما إرهابيا وحظرتها، كما قررت ذلك عدة دول في الاتحاد الأوروبي وكذلك الولايات المتحدة الأمريكية.

ورغم حظر الحركة إلا أن نواتها الفكرية بقيت ناشطة خاصة في مستوطنة كريات اربع في الخليل. في ذلك الوقت كان هناك شاب ناشط في الحركة يدعى ايتمار بن جفير، اتهم عشرات المرات بالاعتداء على فلسطينيين. ثم قرر دراسة القانون وعمل محاميا كرس جهده في الدفاع عن المستوطنين الذي نفذوا جرائم ضد فلسطينيين. ومن أبرز هؤلاء مرتكبا جريمة قتل كل من الطفل علي دوابشة ووالديه سعد وريهام دوابشة عام 2015.

كما تولى مكتب بن جفير الدفاع عن المتهم بقتل المواطنة عائشة الرابي بإلقاء حجر على مركبة كانت تستقلها مع زوجها عام 2019.

ومن القضايا التي تولاها أيضا الدفاع عن مستوطن قاصر مشتبه بإحراقه كنيسة بالقدس المحتلة، وإشعال سيارات في بلدة عقربا شمالي الضفة الغربية.

ومعروف عن بن جفير أنه كان يتفاخر بأنه يعلق في غرفة الجلوس في منزله في مستوطنة “كريات أربع” في الخليل صورة منفذ مجزرة الحرم الإبراهيمي جولدشتاين، إذ يرى فيه بطلا وليس مجرما.

نتنياهو يوصل بن جفير إلى الكنيست

أسس بن جفير حركة أطلق عليها اسم “عوتسماه يهوديت” وتعنى قوة يهودية، في استدعاء لشعار حركة “كاخ” الذي كان عبارة عن هذه الكلمة التي تعني “هكذا” مع صورة لقبضة يد ترمز إلى القوة، في إشارة أن نهج هذه الحركة يقوم على استخدام القوة ضد الفلسطينيين.

وقرر خوض انتخابات الكنيست في سلسلة الجولات الانتخابية في السنوات الثلاثة الأخيرة، ولخشية نتنياهو من تشتت أصوات الناخبين اليمينيين تحالف مع بن جفير ودفعه إلى التحالف مع حركة “البيت اليهودي” بزعامة بتسلئيل سموتريتش لضمان تجاوزهما نسبة الحسم وانضمامها لكتلة اليمين التي يقودها نتنياهو. وبذلك مهد نتنياهو الطريق لبن جفير لدخول الكنيست.

ومع تمكن التحالف الجديد من ذلك، كان من مساعي بن جفير رفع الحظر عن حركة “كاخ” التي ترعرع في صفوفها. ففي الذكرى الثالثة لجريمة إحراق عائلة دوابشة، طلب بن جفير في عام 2018، من المستشار القضائي للحكومة العمل على إلغاء قرار “الكنيست” الذي يعتبر “كاخ” حركة إرهابية.

وفي أحداث حي الشيخ جراح في القدس المحتلة، قاد بن جفير التصعيد خلال شهر رمضان الماضي عندما قرر نقل مكتبه كعضو في الكنيست إلى الحي، ما أدى إلى مواجهة عنيفة خلال تناول أهل الشيخ جراح وجبة الإفطار في شهر رمضان الأخير وتعرضهم لاعتداء المستوطنين.

مسؤول القسم اليهودي السابق في الشاباك

ووصف مسؤول ما يسمى القسم اليهودي في جهاز مخابرات الاحتلال “الشاباك” آفي آرئيلي في مقابلة مع القناة 13 هذا التنظيم بأنه عبارة قاعدة خاملة بانتظار أي تصعيد جديد بين إسرائيل والفلسطينيين لينطلق عناصرها إلى تنفيذ هجماتهم بشكل جماعي ومفاجئ. فيما وصف د. باراك بن تسور المختص في شؤون الاستخبارات الاستراتيجية والإرهاب، الأساس الذي تقوم عليه هذه المجموعات بأنه الانتقام، الانتقام من العرب.

بن جفير: اليهود هم الضحايا وليس العرب

وفي رده على ما كشفته القناة 13 عاد بن جفير لممارسة المحاماة والدفاع عن العصابات في حزبه وقال إنه شخصيا لا يعلم ما الذي يقوم به عناصر من حزبه، لكنه أضاف أن اليهود في المدن المختلطة هم الضحايا وليس العرب، وادعى ان العرب هم الذين يخططون لتنفيذ عمليات ضد اليهود وليس العكس.

 

لتحميل الورقة كاملة اضغط هنا

 

عضو الكنيست بن جفير خلال اقتحامه حي الشيخ جراح في شهر رمضان الماضي.

 

نص رسالة من قائد مجموعات المستوطنين يدعو مراسل القناة 13 المزروع للانضمام إلى مخطط اعتداء على فلسطينيين.