ترجمة وتحرير: يسار أبو خشوم
عزلة إسرائيل في تزايد مع تعاظم حصيلة القتلى في غزة
As Gaza Death Toll Mounts, Israel’s Isolation Grows
صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية
بقلم مارك لاندلر، مدير مكتب صحيفة نيويورك تايمز في لندن
(22 شباط/ فبراير 2024)
يتناول الكاتب في هذا المقال مظاهر العزلة الدولية التي تتعرض لها إسرائيل بفعل حربها على غزة، مع التركيز على دعوى جنوب أفريقيا في محكمة العدل الدولية، وتنامي الخلاف مع الولايات المتحدة الأمريكيّة الحليف العضوي والداعم الأبرز لإسرائيل. فيما يلي ترجمة تلخيصيّة للمقال:
بعد ما يقرب من سبعين عاما، تواجه إسرائيل موجة جديدة من الإدانات في الأمم المتحدة ومحكمة العدل الدولية ومن عشرات الدول بسبب عمليتها العسكرية في غزة، التي أسفرت عن أكثر من 29 ألف ضحية فلسطينية، بما في ذلك عدد كبير من النساء والأطفال، وحولت جزءا كبيرا من الأراضي إلى أنقاض.
حماية الولايات المتحدة
أغرق الضغط العالمي المتزايد الحكومة الإسرائيلية ورئيس وزرائها، بنيامين نتنياهو، في عزلة عميقة، على الرغم من أنه لم يستسلم بعد جزئيّا لأنه لا يزال يتمتع بدعم أقوى حلفائه، الولايات المتحدة. بيد أن هذه المرة، قد تتخلّى واشنطن عن الدولة العبرية؛ إذ تقوم إدارة بادين بتداول مشروع قرار في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة الذي يحذّر الجيش الإسرائيلي من شن هجوم بري على رفح حيث لجأ إليها ما يربو على مليون فلسطيني. ويشير مارتن إنديك، السفير الأمريكي السابق في إسرائيل إلى أنّ “هذه مشكلة جدية للحكومة الإسرائيلية، التي طالما تمكّنت من الاحتماء بالولايات المتحدة، ولكن إدانة الرأي العام الدولي غير المسبوق قد امتدت إلى الولايات المتحدة، إذ أنّ التقدميين والشباب والأمريكيين العرب من الحزب الديمقراطي كلهم غاضبون ويوجهون انتقادات حادة للسيد بايدن بسبب دعمه لإسرائيل.”
الفيتو الأمريكي، إلى متى؟
حتى الآن، لم يستسلم الرئيس بايدن للضغط الدولي أو الداخلي. في 20 شباط/فبراير، كما جرت العادة، تهربت الولايات المتحدة مرة أخرى باستخدام حق النقض (الفيتو) في مجلس الأمن لمنع قرار، رعته الجزائر، يدعو إلى وقف إطلاق النار الفوري في قطاع غزة. هذه هي المرة الثالثة منذ بداية الحرب بين إسرائيل وحماس التي تستخدم فيها الولايات المتحدة حق النقض ضد قرار يهدف إلى الضغط على إسرائيل.
منذ تأسيس الأمم المتحدة في عام 1945، قبل ثلاث سنوات من تأسيس إسرائيل، استخدمت الولايات المتحدة حق النقض أكثر من أربعين مرة لدعم إسرائيل أمام مجلس الأمن. ولكن في الجمعية العامة للأمم المتحدة، التي تمتلك فيها الولايات المتحدة صوتا واحدا كالآخرين، باتت القرارات ضد إسرائيل شائعة. ففي كانون الأول/ديسمبر الماضي، صوتت الجمعية بـ 153 صوتا مقابل 10، مع 23 امتناعا، لصالح وقف إطلاق النار الفوري.
يوضّح مايكل أورين، السفير الإسرائيلي السابق في الولايات المتحدة، في إشارة إلى الأمم المتحدة وغيرها من المؤسسات الدولية، قائلا: “من وجهة نظر الإسرائيليين، هذه المنظمات متحالفة ضدنا، ولا تحمل أي تأثير استراتيجي، تكتيكي أو عملياتي”. ومع ذلك، اعترف أورين بأن قطع العلاقات مع الولايات المتحدة، الداعم الرئيسي لإسرائيل بالأسلحة وحليفها السياسي والقوي سيكون “قضية مختلفة تماما”.
الاستنكار يتصاعد دوليا
في الوقت الذي تتعرض فيه الدولة العبرية لضغوط شديدة منذ بداية هجومها على غزة، تزايد الاستنكار في عواصم العالم، وتجلّت أكثر مظاهر عزلة إسرائيل وضوحا في محكمة العدل الدولية في لاهاي، حيث تعاقب الأسبوع الماضي ممثلو 52 دولة على هذه المنصة الدولية، لتقديم حججهم في النقاش حول شرعية “الاحتلال والاستيطان والضم” الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية، بما في ذلك الضفة الغربية والقدس الشرقية. هاجم معظمها إسرائيل بشدة، ووصفت جنوب أفريقيا معاملة إسرائيل للفلسطينيين بـ”شكل متطرف من الفصل العنصري”.
في المقابل، سارعت أمريكا مرة أخرى لإنقاذ إسرائيل، ملتمسة من المحكمة عدم أمر الدولة العبرية بالانسحاب غير المشروط من هذه الأراضي. وحاجج محامٍ من وزارة الخارجية الأمريكية، ريتشارد فيسك، بأن هذا القرار سيجعل تحقيق اتفاق سلام بين إسرائيل والفلسطينيين أكثر صعوبة، لأنه لا يأخذ في الاعتبار المصالح الأمنية لإسرائيل.
خاتمة
طالبت محكمة العدل الدولية إسرائيل، في قرارها المؤقت، بتدابير لمنع التحريض على الإبادة الجماعية وضمان وصول المساعدات إلى غزة، دون وقف العمليات العسكرية الإسرائيلية. ورغم تشكيكها في المنظمات الدولية، فإن إسرائيل لا تتجاهلها بالكامل؛ ففي مواجهة شكوى الإبادة الجماعية المرفوعة من جنوب أفريقيا، وصفت الحكومة الإسرائيلية هذه الشكوى بأنها “مقززة ومرفوضة”، واختارت للدفاع عنها فريقا مخضرما من المحامين بقيادة طال بيكر الأسترالي الإسرائيلي، الذي انتقد جنوب أفريقيا لتقديمها “وصفا مضللا للصراع”. وتعمل إسرائيل بدهاء لتخفيف أو تقويض قرارات الأمم المتحدة، معترفة بأنها قد تؤدي إلى عقوبات. وفقا لدانيال ليفي، قائد التفاوض الإسرائيلي السابق، تؤمن إسرائيل بأن المعارضة العالمية يجب أن تظل في حدود الخطاب ولا تترجم إلى أفعال يترتب عليها تكاليف أو عواقب.