د. كمــال قبعة[*]

 أقرت الجمعية العامة للأمم المتحدة قرار التقسيم رقم 181 (الدورة الثانية) بتاريخ 29 تشرين الثاني (نوفمبر) عام 1947. ومنذ ذلك الوقت تراوح القضية الفلسطينية في دوامة لعبة الأمم ما بين حروب ومفاوضات شكلية ومؤتمرات لا طائل ولا أمل منها، مما جعل إسرائيل تتصرف وكأنها فوق وأعلى قيمة من مبادئ وقواعد القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية، وجعلها قادرة على الإفلات من العقاب، وباتت تعتبر ما استولت عليه جزءاً لا يتجزأ من مكتسبات الحرب، بالرغم من أن الحدود تلك لم تكن إلّا خطوطاً للهدنة.

وتزداد الأمور تدهوراً وتعقيداً مع المتغيرات السريعة التي تشهدها القضية الفلسطينية. اليوم بالذات، والدراسة هذه تشرف على الإنجاز تلقت القيادة الفلسطينية رسالة خطية من وزارة الخارجية الأميركية[1]، تفيد بأنهم لم يستطيعوا تمديد فتح مكتب منظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن، نظراً لقيام فلسطين بالانضمام للمحكمة الجنائية الدولية، إلى المجلس القضائي للمحكمة لفتح تحقيق قضائي. وتأتي هذه الخطوة بعد تسويف ومماطلة لا تخلوان من محاولات الخداع والتآمر، الذي اعتادت عليه القضية الفلسطينية قبل قرار التقسيم وإبانه وما بعده؛ إذ إن الجانب الفلسطيني لم يتلق أية أفكار رغم مضي أشهر طويلة من المباحثات، ورغم لقاءات متعددة مع الجانب الأميركي تزيد عن خمسة عشر لقاءً، مما يؤكد فقدان الإدارة الأميركية لأهليتها للقيام بدور الوسيط، وانسحابها من مهامها كراعية للعملية السياسية التي لطالما ادعتها، وكشف المستور عما تسمى بـ”صفقة القرن” ومضمونها ومراميها، واستمرارها في لعب دور الحامي والراعي والداعم، لجرائم إسرائيل وانتهاكاتها المنهجية والمستمرة لأحكام الشرعية الدولية، ومساعدتها في الإفلات من العقاب من قبل محكمة الجنايات الدولية.

تتناول هذه الدراسة قرار التقسيم سابق الذكر، وما آل إليه من نتائج مدمرة على الشعب الفلسطيني، نتيجة لتعطيل آليات إنفاذه وتطبيقه من قبل إسرائيل، وتآمر الدول المتنفذة في العالم معها ورعايتها وجعلها فوق القانون والشرعية، وتمكينها من الإفلات من العقاب ومقتضيات المسؤولية الدولية. وتتضمن الدراسة الموقف الفلسطيني المعبر عنه من خلال مواقف الرئيس الفلسطيني واللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، ومدى وطبيعة احتلال وضم ما تم تخصيصه من أراضٍ لدولة فلسطين وفقاً لقرار التقسيم، والطبيعة القانونية الدولية لقرار التقسيم، والالتزامات الواجبة على إسرائيل بموجبه وبمقتضى القرارات الدولية التي ترتبت عليه. وقد أوردت الدراسة عدداً من النتائج والتوصيات بهذا الشأن.

تسوية تستند إلى ما نستحقه بموجب القانون الدولي

تُظهر العديد من المؤشرات أن ثمة تغيرات طرأت ولا تزال على الموقف الفلسطيني من مآلات القضية الفلسطينية. وقد بدأت تلك المتغيرات تتراكم مع انسداد آفاق التسوية السياسية، جراء الموقف الإسرائيلي المتعنت والصلف تجاه كافة المحاولات المبذولة في هذا الخصوص، برعاية وحماية أميركية. ولعل ما قاله الرئيس مخاطباً مؤتمر باريس للمناخ، يشير إلى ما نذهب إليه من مؤشرات، إذ خاطب ذاك المؤتمر الحاشد بقوله: “يأتي اجتماعنا هذا اليوم مع مرور 68 عاماً على صدور القرار الأممي 181، القاضي بتقسيم فلسطين التاريخية، لنذكركم بمسؤولياتكم لتنفيذ هذا القرار”[2]. ويحمل هذا التذكير للعالم بقرار التقسيم رقم 181 الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة في 29 تشرين الثاني (نوفمبر) 1947، مراجعة تاريخية وقانونية وسياسية جريئة وغير مسبوقة من قبل السيد الرئيس، من حيث أن التذكير ذاك يدعو صراحة إلى تطبيق وتنفيذ القرار المذكور، باعتباره الأساس الناظم الذي توافقت عليه قرارات الشرعية الدولية منذ البداية.

وتأتي هذه المراجعة بالرغم من الإجحاف الذي انطوى عليه القرار، والذي يدركه السيد الرئيس بتأكيده: “غضّ هذا القرار الطرف عن آمال الشعب الفلسطيني وطموحاته وحقوقه [..] وفشل المجتمع الدولي في تنفيذ قرار التقسيم رقم 181 الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة [..] ولم يملك التصميم للإشراف على تنفيذ قراراته، ما أدى إلى النكبة وطرد أكثر من ثلثي السكان الفلسطينيين من أرضهم كي يصبحوا لاجئين [..] وتعرضت أكثر من 418 قرية فلسطينية إلى التطهير العرقي والتشريد القسري والهدم [..]  وقد شجّع هذا الفشل على إفلات إسرائيل من العقاب، ما أدى إلى إطالة أمد الصراع ومعاناة الشعب الفلسطيني وتحمله للظلم الجائر”[3].

ويؤكد الرئيس على التمسك بمبادئ وقواعد القانون الدولي وأحكامه أن “عملية السلام وسيلة لتنفيذ القانون الدولي وتحقيق العدالة، وهي ليست هدفاً في حد ذاتها [..] سوف نستمر في الطلب من المجتمع الدولي تحمل مسؤولياته، بما في ذلك توفير الحماية لشعبنا، بموجب القانون الإنساني الدولي، والعمل معا لإنهاء إفلات إسرائيل من العقاب والمساءلة [..] تشمل رؤيتنا للسلام تسوية تستند إلى ما نستحقه بموجب القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة [..] وعلينا التعامل بجدية مع انعدام الإرادة السياسية للمجتمع الدولي، في اتخاذ خطوات حثيثة لإنفاذ القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة في فلسطين”.

وقد بات من المعلوم، أنه وبعدما أفشلت إسرائيل كافة المبادرات والمساعي للوصول إلى تسوية، مرضية تفي بالحقوق الوطنية الفلسطينية المشروعة وغير القابلة للتصرف، ونسفت مبدأ حل الدولتين من خلال تسارع عمليات الاستعمار المنهجي لأراضي دولة فلسطين الواقعة تحت الاحتلال؛ بدأت تتراكم عناصر ومحاور استراتيجية بديلة تقوم أساساً على أنه بات من “المطلوب إيجاد مظلة دولية تشرف على إنهاء هذا الاحتلال وفق قرارات الشرعية الدولية، وإلى حين ذلك، فإنني أطالب الأمم المتحدة السيد الأمين العام والسيد رئيس الجمعية العامة، بتوفير نظام حماية دولية لشعبنا الفلسطيني وفقاً للقانون الإنساني الدولي. [..] نرجوكم نحن بحاجة لحماية دولية”[4].

وفي مناسبة ثانية خاطب الرئيس عباس خلال مؤتمر صحافي مشترك مع الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون بتاريخ 21 تشرين الأول (أكتوبر) 2015: “معالي الأمين العام، إن شعب فلسطين ينظر إلى منظمة الأمم المتحدة ومؤسساتها باعتبارها المرجع والمشرف على تنفيذ القانون الدولي، الأمر الذي سيمكننا من إنهاء الاحتلال والاستيطان الإسرائيليين لأرض دولة فلسطين، عبر تطبيق قرارات الشرعية الدولية ذات الصلة بفلسطين”.

وعاد الرئيس محمود عباس في كلمة أمام مجلس حقوق الإنسان[5]، ليؤكد ذلك من جديد بقوله: “إن السلام لن يتحقق إلا بإنهاء الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية وفق قرارات الشرعية الدولية” مبينا، “أن إسرائيل تخرق بشكل منظم مبادئ القانون الدولي والإنساني، وتتصرف كدولة فوق القانون دون رادع أو محاسبة، في إطار عملية استيطان استعماري”. وقال مخاطبا رئيس مجلس حقوق الإنسان والحضور، “ألم تتساءلوا إلى متى سيبقى شعبنا محروما من حقوقه التي أقرتها القوانين الدولية، وأهمها حق الحياة. أما آن الأوان للمجتمع الدولي أن ينتقل من التنادي بالعدالة الدولية إلى اتخاذ الإجراءات [..] فالقانون الدولي وجد للتنفيذ وليس للتفاوض حوله، وعلى المجتمع الدولي العمل لتنفيذه دون انتقائية [..] بما في ذلك إصدار قرار من مجلس الأمن يتضمن المعايير الواضحة لتحقيق السلام من خلال مؤتمر دولي، ووفق سقف زمني محدد [..] لأنه لم يعد من الممكن تضييع الوقت في مفاوضات من أجل المفاوضات”.

وجاءت كلمة الرئيس الفلسطيني أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة هذا العام[6]، أكثر وضوحاً وحزما، وكان الغضب واضحاً على الرئيس وهو يخاطب قادة العالم، ويؤشر إلى أن الفترة القادمة سوف تشهد خطوات وقرارات حاسمة ومفصلية، في حال استمر المجتمع الدولي في تجاهله للحقوق الفلسطينية وصمته على الاحتلال الإسرائيلي، بقوله: “لم يعد بإمكاننا الاستمرار كسلطة دون سلطة، وأن يستمر الاحتلال دون كلفة. نحن نقترب من هذه اللحظة. إذا لم يريدوا حل الدولتين وسلاماً [..] فمن حقنا في هذه الحال أن ننظر في البدائل التي تصون لنا حقوقنا وتحمي أرضنا وشعبنا، من تكريس نظام الأبرتهايد [..] الذي يستهدف وجودنا الوطني والسياسي والمادي على أرضنا، ويتهدد السلام والأمن في منطقتنا والعالم [..] ما يفرض علينا القيام بمراجعة استراتيجية شاملة لهذه العملية [..] سأدعو في الفترة القادمة المجلس الوطني الفلسطيني للانعقاد للقيام بهذه المراجعة الاستراتيجية الشاملة”. وأفصح الرئيس عن مضمون تلك المراجعة الاستراتيجية بقوله: “إذا تم تدمير خيار الدولتين، وتعميق وترسيخ مبدأ الدولة الواحدة بنظامين (أبرتهايد) من خلال فرض الأمر الواقع الاحتلالي، وهو ما يرفضه شعبنا والمجتمع الدولي، وسيكون مصيره الفشل، فلن يكون أمامكم وأمامنا إلا النضال والمطالبة بحقوق كاملة لجميع سكان فلسطين التاريخية [..] من حيث الديمغرافيا وعدد السكان سنصبح نحن أغلبية في ذلك البلد الواحد – وهذا لن تقبل به إسرائيل؛ والخيار الآخر هو أن يكون هناك دولة بنظامين: نظام خاص لليهود الإسرائيليين، ونظام خاص للفلسطينيين العرب، بمعنى “نظام أبرتهايد”. وهذا لن تقبل به نحن كفلسطينيين وكمجتمع دولي”[7].

وكلفت اللجنة التنفيذية في اجتماع لها بعد عودة السيد الرئيس من واشنطن، اللجنة السياسية بوضع الخطط والخيارات والسيناريوهات والحلول لتنفيذ ما جاء من توجهات في خطاب الرئيس أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، وقررت في الوقت نفسه ما يلي[8]:-

أولا: تمسكها بالقانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة بالقضية الفلسطينية والصراع الفلسطيني والعربي – الإسرائيلي، كأساس وحيد لتسوية سياسية شاملة ومتوازنة للصراع، توفر الأمن والاستقرار لجميع دول وشعوب المنطقة، بما فيها دولة فلسطين وتصون حقوق اللاجئين الفلسطينيين في العودة إلى ديارهم التي شردوا منها بالقوة العسكرية الغاشمة استناداً لقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 194.

ثانياً: إحالة ملف الاستيطان باعتباره جريمة حرب، وملف التطهير العرقي والتمييز والفصل العنصري إلى المحكمة الجنائية الدولية، بدعوة مستعجلة لفتح تحقيق قضائي في جرائم الحرب التي ترتكبها دولة إسرائيل في الأراضي الفلسطينية المحتلة بعدوان 1967.

ثالثا: تدعو اللجنة التنفيذية الأمم المتحدة لتحمل مسؤولياتها بتوفير الحماية الدولية للشعب الفلسطيني في دولة فلسطين تحت الاحتلال، وتدعو في الوقت نفسه جميع الدول التي تقيم علاقات مع دولة إسرائيل ولم تعترف بعد بدولة فلسطين، إلى إعلان اعترافها بدولة فلسطين وفقا لقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 67/19 لعام 2012.

بذلك فإن الموقف الفلسطيني واضح بشأن التمسك بالحقوق الوطنية وفقاً للقانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية، باعتبار ذلك “كأساس وحيد لتسوية سياسية شاملة ومتوازنة”، الأمر الذي ترفضه الولايات المتحدة وإسرائيل وتحاولان تجاوزه “بصفقة”!؟

طبيعة أحكام قرار التقسيم

جاءت فكرة التقسيم في مناخات الثورة الفلسطينية الكبرى 1936-1939، من خلال تقسيم فلسطين إلى دولتين: عربية ويهودية، مع تحديد منطقة دولية حول القدس في تقرير لجنة پيل في العام 1937، وكذلك تقرير لجنة وودهد، التي أقرت في تقريرها الصادر في 27 نيسان (أبريل) عام 1938 بأن التقسيم غير عملي “لأنه يتطلب نقلاً إجبارياً للعرب من الدولة اليهودية، وفي 8 تموز (يوليو) 1937، أي بعد يوم واحد من صدور تقرير لجنة بيل الملكية المتضمن التوصية بتقسيم فلسطين، أصدرت اللجنة العربية العليا، التي تشكلت عام 1936 لقيادة الثورة، مذكرة رفضت فيها توصيات اللجنة، وطالبت فيها “بوقف الهجرة وبيع الأراضي، وإقامة حكومة وطنية ديمقراطية ترتبط مع بريطانيا بمعاهدة تحفظ جميع الحقوق المشروعة لليهود. اللجنتان شكلتهما سلطات الانتداب البريطاني لبحث قضية فلسطين تحت ضغط الثورة الفلسطينية الكبرى. وتُعتبر “لجنة بيل” أوّل من اقترح خطّة التقسيم، حيث ورد في تقريرها الصادر في 7 تموز (يوليو) 1937: “ما دام العرب يعتبرون اليهود غزاة دخلاء، وما دام اليهود يرمون إلى التوسع على حساب العرب، فالحلّ الوحيد هو الفصل بين الشعبين. فتؤلّف دولة يهودية في الأراضي التي يكون اليهود أكثرية سكانها ودولة عربية في المناطق الأخرى”!

تكرّرت فكرة التقسيم خلال مؤتمر لندن الذي عُقِد من 10 أيلول (سبتمبر) إلى 2 تشرين الثاني (نوفمبر) 1946، إذ عرضت بريطانيا ما أسمته مشروع النظام الاتحادي، أو مشروع موريسون. وهو يقضي بتقسيم فلسطين إلى أربع مناطق إدارية، ولمّا فشلت المحاولات البريطانية الرامية إلى تنفيذ قرار التقسيم بموافقة فلسطينية، سعت منذ انتهاء مؤتمر لندن سنة 1946 إلى أن يتم تقسيم فلسطين وإنشاء الدولة اليهودية فيها عن طريق منظمة الأمم المتحدة. وهي حاولت إيجاد حلٍ للصراع القائم على فلسطين عبر الاتصال مع الأطراف، وتوّجت أعمالها بالقرار 181، الصادر في 29 تشرين الثاني (نوفمبر) 1947، والقاضي بتقسيم فلسطين إلى دولتين؛ على أن يسري القرار فور انسحاب قوات الانتداب البريطاني من فلسطين.

وقد تبنّى القرار خطة لتقسيم فلسطين[9]، تقضي بإنهاء الانتداب البريطاني على فلسطين وتقسيم أراضيها إلى ثلاثة كيانات جديدة، كالتالي: دولة عربية: وتقع على الجليل الغربي، ومدينة عكّا، والضفة الغربية، والساحل الجنوبي الممتدّ من شمال مدينة أسدود وجنوباً حتى رفح، مع جزء من الصحراء على طول الشريط الحدودي مع مصر. ودولة يهودية: على السهل الساحلي من حيفا وحتى جنوب تل أبيب، والجليل الشرقي بما في ذلك بحيرة طبريا وإصبع الجليل، والنقب، بما في ذلك أم الرشراش، أو ما يُعرف بإيلات حالياً. والقدس وبيت لحم والأراضي المجاورة، تحت وصاية دولية. وبذلك يكون القرار قد خصّص للدولة العربية حوالي 42.88% من المساحة الكليّة لفلسطين. أما سكانها، فكانوا حوالي 725.000 عربي و10.000 يهودي.

في حين خصّص للدولة اليهودية ما يقرب من 56.74% من المساحة الكليّة لفلسطين؛ أما سكانها، فكانوا حوالي 498.000 من اليهود و497.000 عربي. وتشمل القدس القرى والبلدات المجاورة، من أبو ديس شرقاً إلى بيت لحم جنوباً وعين كارم غرباً. وكان في مدينة القدس 100 ألف يهودي و105 آلاف عربي.

وجاء القرار في مقدّمة وأربعة أجزاء على النحو الآتي: الجزء الأول، ويضم دستور فلسطين وحكومتها المستقلة. وفيه نصوص حول إنهاء الانتداب، والتقسيم، والاستقلال، والخطوات التمهيدية لهذا الاستقلال. وفي هذا الجزء فصل خاص بالأماكن المقدّسة والأبنية والمواقع الدينية، وفصل ثانٍ خاص بالحقوق الدينية وحقوق الأقليّات، وفصل ثالث خاص بالمواطنة والاتفاقيات الدولية والالتزامات المالية، وفصل رابع يتضمن أحكام الاتحاد الاقتصادي الفلسطيني بين الدولتين العربية واليهودية. ومجموع أحكام هذه الفصول يشكّل هيكل التصريح الذي يُفترض أن ترفعه الحكومة المؤقّتة لكلٍ من الدولتين إلى الأمم المتحدة قبل الاستقلال .أما الجزء الثاني، فوصف حدود الدولة العربية والدولة اليهودية. وقد رُسِمت هذه الحدود على خارطة اعتُبرت الملحق للقرار. أما الجزء الثالث من القرار 181، فهو مخصّص للوضع الاستثنائي لمدينة القدس من حيث نظامها الخاص، وإدارتها، وموظّفوها واستقلالها المحلي، والتنظيم التشريعي والقضائي فيها، وربطها بالاتحاد الاقتصادي الفلسطيني، وحريّة العبور والزيارة، وعلاقاتها بالدولتين، واللغات الرسمية فيها، والمواطنة وامتيازاتها ووضع الأماكن المقدّسة فيها. وجاء الجزء الرابع من القرار خاصاً بإنهاء الامتيازات التي يمكن أن تكون الدول الأجنبية قد تمتعت بها في فلسطين أثناء الحكم العثماني.

ورغم أن نسبة عدد السكان اليهود كانت 33% من إجمالي السكان، وكانوا لا يملكون سوى 7% من الأرض، فإن القرار أعطاهم دولة تمثل 56.5% من إجمالي مساحة فلسطين التاريخية، في حين منح العرب الذين كانوا يملكون غالبية الأراضي، وتمثل نسبتهم السكانية 67% منحهم ما نسبته 43.5% من الأراضي. ولم يلتزم الإسرائيليون بالمساحة المحددة لدولتهم بمقتضى قرار التقسيم، إذ سيطرت هذه الدولة على ما يساوي 77.4%من إجمالي مساحة أراضي فلسطين الانتدابية، كما سعت إسرائيل إلى تطبيق مبدأ الأرض النظيفة، أي الأرض الخالية من السكان، من خلال تنفيذها لسياسة التطهير العرقي بمواجهة الفلسطينيين عبر حملات الطرد والتهجير التي قامت بتنفيذها لإرغامهم على الهجرة القسرية عن ديارهم وممتلكاتهم الواقعة في المناطق التي سيطرت عليها. وبذلك فإن المناطق التي احتلها الإسرائيليون خارج قرار التقسيم، تبلغ 22٪ مما شمله قرار التقسيم للدولة العربية الفلسطينية.

تعطيل تنفيذ الشق الفلسطيني من القرار

يظهر جلياً بأن إسرائيل ومنذ اللحظة الأولى لنشوئها، كانت قد قررت تحقيق مآربها بالقوة الغاشمة والعدوانية التوسعية والتنكر والانتهاك الجسيم لقواعد وأحكام الشرعية الدولية، بتنفيذها ما أطلقت عليها “الخطة دالت”؛ وذلك من خلال إلحاق (6.6) آلاف كيلومتر مربع من الأراضي التي خصصت للدولة العربية، واحتلت الجزء الغربي من مدينة القدس، الأمر الذي عطل آليات قرار التقسيم رقم 181 (الدورة الثانية) بتاريخ 29 تشرين الثاني (نوفمبر) عام 1947. وباتت إسرائيل تعتبر ما استولت عليه جزءاً لا يتجزأ من مكتسبات الحرب، بالرغم من أن الحدود تلك لم تكن إلّا خطوطاً للهدنة.

والهدنة ما هي إلا اتفاق بين المتحاربين لوقف القتال لمدة معينة، وينصرف أثر الهدنة إلى وقف العمليات الحربية مع الإبقاء على حالة الحرب، وهو عمل حربي وسياسي وهذا الفارق بين الهدنة ووقف إطلاق النار، لأن الأخير إجراء عسكري فقط، بينما تبدو أهمية خط الهدنة باعتباره حداً فاصلاً بين القوات المتحاربة؛ أي أنه في حال استمرار الحرب لأي سبب كان في بعض مناطق القتال يجب إعادة الحال إلى ما كانت عليه. ويجرى عقد الهدنة كتابة وهي الحالة الاعتيادية، ولا يوجد ما يمنع من عقدها شفاهة. وتبقى الهدنة طيلة المدة المتفق عليها، ولا يجوز خرق خط الهدنة من أي طرف من أطراف النزاع. ومما تجدر الإشارة إليه أن “خط الهدنة لا يفسر بأية حال أنه حدود سياسية أو إقليمية”[10]؛ أي “بمعنى آخر أنه لا توجد هناك أية صلة بين خط الهدنة والحدود السياسية بين الدول المعنية، إذ أن أثر تحديد خط الهدنة ينصرف فقط إلى بيان النقاط التي يجب ألا تتجاوزها القوات المسلحة المتحاربة، أما أثر تعيين الحدود السياسية فينصرف إلى بيان النطاق القانوني لسيادة الدولة، ولكل منها إطار يتباين عن الآخر من الناحية الفعلية والقانونية[11].

وقد نظمت اتفاقية لاهاي الرابعة ما يتعلق بالهدنة، وتدخل الهدنة في التدابير التي يتخذها مجلس الأمن الدولي لحفظ السلم والأمن الدولي أو إعادته إلى نصابه وفقاً للمادة 40 من ميثاق الأمم. ومما يجب تأكيده أن كل ما اتفق عليه يعد ملزماً للدولة الموقعة على اتفاقية الهدنة، أما القيد الذي لا ينص عليه فلا يمكن أن تلتزم به الدولة؛ ولذلك عندما أبرمت اتفاقيات الهدنة لعام 1949 بين الدول العربية وإسرائيل، فإن الأخيرة لم تطالب بتثبيت حدودها في اتفاقات الهدنة عن قصد منها لأنها لا تريد أن تلزم بحدود معينة”[12]. وقد تتضمن اتفاقيات الهدنة إنشاء مناطق منزوعة من السلاح تفصل هذه المناطق بين القوات المتحاربة لمنع وقوع الحوادث والاشتباكات بينهما، وتتفق الأطراف المعنية على نزع سلاح منطقة أو مناطق معينة تقع على حدود الدولتين المتحاربتين، وتبقى السيادة لكل دولة على الإقليم المنزوع السلاح الخاضع لها”[13].

وبالرغم من هذه القواعد والأحكام القانونية بشأن خطوط الهدنة، إلا أن إسرائيل تنتهكها بصلافة باعتبارها أن كل ما استولت وحازت عليه يعود لها بحكم الأمر الواقع، متنكرة للحدود التي رسمها لها وللدولة العربية الفلسطينية قرار التقسيم والذي انبثق عنه قيام الكيان الصهيوني، ويشكل الأساس القانوني – الدولي الوحيد لـ”الدولة اليهودية”، وهو قرار اقتضته ظروف الهجرة اليهودية والمذابح النازية التي استخدمت ذريعة لتمرير مؤامرة دولية، رسمت خطوطها في نهايات القرن الماضي، وهيأت لها سلطات الانتداب البريطاني، وأمدتها الحركة الصهيونية بتحالفاتها الدولية بالمال والمهاجرين والسلاح. أي، إن قرار التقسيم لم يستند بتاتاً على أية “حقوق” تاريخية أو/ و دينية أو/ و قانونية للتجمع الطائفي – الإثني اليهودي [ اليشوف[ في فلسطين، بل لم يكن سوى حل لمشكلة اختلطت فيها ترتيبات النظام الدولي الجديد، في أعقاب الحرب العالمية الثانية من قبل الدول الإمبريالية، والأطماع الصهيونية بما تتسلح به من دوائر نفوذ وسلطة وتأثير، ووقائع مأساة الأقليات الطائفية (الإثنية) اليهودية في أوروبا، وخاصةً الشرقية منها، إبان وبأعقاب الحرب العالمية الثانية؛ لذا، فإن قرار التقسيم جاء توليفة من السياسي والبراغماتي التآمري والعملي، وليس استجابةً للادعاءات والأطروحات “القانونية” الصهيونية والاجتهادات والتأويلات في المدارس الفقهية الإسرائيلية[14].

واستناداً إلى هذا، فإن العديد من الباحثين يعتبرون قرار التقسيم رقم 181 لعام 1947 مشوباً بالبطلان، وقام مجلس الأمن والجمعية العامة بإلغائه ووقف تنفيذه، حيث أصدر مجلس الأمن القرار رقم 27 بتاريخ 19 آذار (مارس) 1948 الذي فيه بأنه ليس لديه الاستعداد لتنفيذ قرار التقسيم رقم 181/ لسنة 1947، ويوصى بإعادة القضية الفلسطينية للجمعية العامة وفرض وصاية مؤقتة على فلسطين تحت وصاية مجلس الأمن. والحقيقة أن قرار التقسيم يختلف عن سواه من التوصيات والقرارات، كونه قراراً منشئاً لدول ضمن منظومة العلاقات الدولية في النظام الدولي العام. وهو قرار دستوري منشئ لدولتين، ولكونه كذلك، فإنه لا يمكن إلغاؤه أو تعديله أو الحد من نطاقه الإقليمي. وتبقى طبيعة إلزاميته الآمرة في القانون الدولي العام المعاصر، ملازمة للوضع الناشئ عنه، طبقاً لقواعده وأحكامه[15].

وقرار التقسيم كلي شامل، مترابط، يكمل كل قسم منه قسمه الآخر، وتبنى على كل منها مقدمات وأسباب وشروط الآخر. لذا، جاء في أحكامه نص لا يجيز تغيير أو تعديل أي من أحكامه، إلا بقرار من الجمعية العامة أو محكمة العدل الدولية. وعليه، فإن أي إجراء أو تدابير لا تتفق مع أحكامه، تعتبر غير قانونية ولا يمكن القبول بما يترتب على تلك المخالفات من نتائج أو آثار، وفقاً لطبيعته المنشئة والإلزامية الآمرة، وإلغاؤه وإن كان غير ممكن بتاتاً، أو محاولة طمسه وتناسيه عبر إجراءات وتدابير مخالفة له وتنتهك أحكامه، يضع القرار ذاته بما ترتب عليه من نتائج مخالفته، في ميزان مبادئ وقواعد وأعراف الشرعية الدولية التي انبثق عنها أساساً. فالفقرة (أ) من القرار تدعو فيها الجمعية العامة: “أ- أن يتخذ مجلس الأمن الإجراءات الضرورية، كما هي مبينة في الخطة، من أجل تنفيذها. ب- أن ينظر مجلس الأمن- إذا كانت الظروف خلال الفترة الانتقالية تقتضي مثل ذلك النظر- فيما إذا كان الوضع في فلسطين يشكل تهديداً للسلم. فإذا قرر مجلس الأمن وجود مثل هذا التهديد وجب عليه في سبيل المحافظة على السلم والأمن الدوليين، أن يضيف إلى تفويض الجمعية العامة اتخاذ إجراءات تمنح لجنة الأمم المتحدة- تمشياً مع المادتين 39 و41 من الميثاق وكما هو مبين في هذا القرار- سلطة الاضطلاع في فلسطين بالمهمات المنوطة بها في هذا القرار. ج– أن يعتبر مجلس الأمن كل محاولة لتغيير التسوية التي ينطوي عليها هذا القرار بالقوة تهديدا للسلام، أو خرقاً له، أو عملاً عدوانياً، وذلك بحسب المادة 39 من الميثاق”.

وتبدو هذه الأحكام في غاية الأهمية لكفالة تنفيذ قرار التقسيم، حيث أنها لو تم تطبيقها وعدم التغاضي عنها وتجاهلها بل والتآمر عليها من الدول المتنفذة في مجلس الأمن، لما كانت إسرائيل قد فعلت ما اقترفته من جرائم التطهير العرقي، والاستيلاء على أراضي دولة فلسطين، وتعطيل إنفاذ الشق الفلسطيني من قرار التقسيم. فتلك الأحكام تطلب من مجلس الأمن باعتباره صاحب الاختصاص في حفظ الأمن والسلم الدوليين “أن يتخذ مجلس الأمن الاجراءات الضرورية، كما هي مبينة في الخطة، من أجل تنفيذها”؛ الأمر الذي لم يقم به المجلس، وتجاهل ما حدث من جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية التي حدثت من قبل العصابات الصهيونية خلال تلك الفترة الانتقالية!؟ وتستدرك الجمعية العامة في قرار التقسيم بالتأكيد على “تفويض الجمعية العامة اتخاذ إجراءات تمنح لجنة الأمم المتحدة – تمشياً مع المادتين 39 و41 من الميثاق [..] سلطة الاضطلاع في فلسطين بالمهمات المنوطة بها في هذا القرار.”، ما يعني أن تفوض الجمعية العامة واللجان التي شكلتها لتنفيذ قرار التقسيم، صلاحيات بموجب الفصل السابع، باتخاذ “ما يجب اتخاذه من التدابير طبقاً لأحكام المادتين 41 و42 لحفظ السلم والأمن الدولي أو إعادته إلى نصابه” حسب نص المادة 39 من الميثاق. ولعل ما تضمنته المادة 41 ما يؤكد على إلزامية القرار الذي بات يندرج في الفصل السابع من الميثاق، ذلك أن تلك المادة تعطي “لمجلس الأمن أن يقرر ما يجب اتخاذه من التدابير التي لا تتطلب استخدام القوات المسلحة لتنفيذ قراراته، وله أن يطلب إلى أعضاء الأمم المتحدة تطبيق هذه التدابير، ويجوز أن يكون من بينها وقف الصلات الاقتصادية والمواصلات الحديدية والبحرية والجوية والبريدية والبرقية واللاسلكية وغيرها من وسائل المواصلات، وقفا جزئياً أو كلياً، وقطع العلاقات الدبلوماسية”. وبموافقة مجلس الأمن على قرار التقسيم، يكون قد وافق على طلب التفويض الذي طلبته الجمعية العامة للأمم المتحدة، التي كان بإمكانها تنفيذ كل تلك التدابير الزجرية والعقابية ضد الجرائم الصهيونية التي ارتكبتها العصابات الصهيونية ولاحقاً إسرائيل، لو أرادت ووافقت الدول المتنفذة في العلاقات الدولية آنذاك والتي فضلت التقاعس والتآمر والتخاذل، بل وانقلبت لتصبح الدول الحامية والمؤازرة والداعمة لإسرائيل المارقة عن الشرعية الدولية.

احتلال وضم باطل بطلاناً مطلقاً ويُمنع الاعتراف به

جاء قرار التقسيم ككل لا يتجزأ، ويشكل آلية متكاملة لا يمكن وقف أو إيقاف أي مرحلة أو/ وخطوة إجرائية فيه، حسب منطوقة وجوهره. وتضمن القرار مجموعة من الخطوات الإلزامية على الطرفين: الفلسطيني العربي من جهة، وعلى ممثلي التجمع الطائفي الإثني اليهودي من جهة أخرى؛ وحدد مجموعة من الإجراءات التي تستبق وتشترط تتويج الآلية القانونية – الدولية بقيام الدولتين. ولعل الإصرار الإسرائيلي على طيّ صفحات القرار هذا، وتناسيه ورفض العودة لأحكامه، بادعاءات “تقادمه” بفعل النتائج المترتبة في الواقع الموضوعي (استيطان، تهجير الفلسطينيين، تدمير وإبادة القرى والبلدات الفلسطينية، قرارات الإلحاق والضم الإسرائيليين…الخ)، لا تنسجم تماماً مع طبيعة القرار ونصوصه وتنتهكه صراحةً. فالوجود الإسرائيلي فوق أرض الدولة الفلسطينية، وكذلك مدينة القدس ليس سوى احتلال حربي، تنطبق عليه المعاهدات الدولية الخاصة به، ولا يؤثر بتاتاً على إلزاميته وشرعيته وأحكامه. هذا من جهة. أما من الجهة الأخرى، فإن الإصرار الصهيوني على رفض تطبيق شقيه الخاصين بالدولة الفلسطينية وكذلك القدس الدولية، يؤثر بالضرورة على “السند” القانوني الدولي الوحيد، الممنوح والمشروط في الآن ذاته، للدولة العبرية، ويضع شخصيتها الدولية ووجودها وشرعيتها عموماً، في موضع الزوال واللاشرعية.

وفي المقابل نجد العديد من القرارات التي تتناول القدس كوحدة إقليمية خاصة. ولم نجد بتاتاً أي قرار دولي يلغي قرار 181، بل إن قرار تدويل منطقة القدس بشرقها وغربها كجزء من قرار 181 ما زال ساري المفعول، ولم تبطله الأمم المتحدة بأي قرار لاحق، وعليه فإن كافة التغييرات التي أحدثتها إسرائيل في شطري القدس تعتبر باطلة بطلاناً مطلقاً، وأي قرار باطل يرتب بطلاناً لما ينتج عنه من آثار مهما كانت ومهما طال زمنها[16]. وقد نسفت إسرائيل بعدوانيتها الملازمة لها بنيوياً، وتوسعيتها الضاربة الجذور في بنيانها العقائدي، ومنذ اللحظات الأولى للانسحاب البريطاني، هذا الأساس القانوني الناظم بانتهاكها الجسيم للإجراءات والخطوات الإلزامية – الآمرة (JUS Cogens) في آليات قرار التقسيم، خاصةً باستيلائها على الأراضي المخصصة لفلسطين ومنع وإعاقة قيام الدولة الفلسطينية، واحتلالها للجزء الغربي من مدينة القدس الذي أفرد لها نظاماً دولياً خاصاً بها. على أن أحكام القرار 181 لا تزال تنطبق على كافة الجوانب التي تضمنته، بما في ذلك القدس[17]، على الرغم من كافة محاولات طمسه وطيه واستبداله، لذا، فإن وضع القدس بشطريها الشرقي والغربي يندرج في إطار أحكام وقواعد قرار التقسيم، وسيبقى كذلك لطبيعة القرار ذاته، من حيث كونه قراراً منشئاً وملزماً وآمراً في ضوء أحكامه وقواعده وشروط تنفيذه.

والاحتلال الذي تمارسه إسرائيل على الأراضي التي تم تخصيصها لدولة فلسطين، عمل مادي وليس حالة قانونية، فلا يترتب عليه أي أثر قانوني، لأنه ناتج عن الاستخدام غير المشروع للقوة في القانون الدولي، “فقد استوعبت إسرائيل بحكم الأمر الواقع، ذلك الجزء من الإقليم الذي احتلته عام 1948”[18]. و”حكم الأمر الواقع هذا” في حقيقته، احتلال مؤقت فلا يجوز ضم الأراضي المحتلة إلى دولة الاحتلال بل يظل لها كيانها المستقل، ويجب عليها الالتزام باحترام القوانين والنظم القانونية في الأراضي المحتلة، فضلا عن أن الاحتلال لا ينقل السيادة إلى الدولة المحتلة، بل تظل السيادة للشعب المحتل، وهو فقط يوقف مؤقتا ممارسة السلطات الأصلية بالدولة المحتلة للسيادة ولا يلغيها طبقا للمادتين 47 و48 من اتفاقية جنيف الرابعة. ولا يحق لدولة الاحتلال الدفاع الشرعي لفقدانها ركناً من أركانه، وهو ألا تكون الدولة الممارسة لحق الدفاع الشرعي معتدية. وكل ما سبق يتوافر في حق الكيان الصهيوني، فلا شرعية للوجود ولا قانونية للاستمرار في الوجود في أراضي دولة فلسطين بموجب قرار التقسيم. كما أن أي اتفاقيات سلام قد تعقد مع إسرائيل ستكون منعدمة أيضا، إذا ما خالفت المبادئ العامة والقواعد الآمرة، طبقا للمادة 53 من قانون المعاهدات، التي تنص على أنه “تعتبر المعاهدة باطلة بطلاناً مطلقاً إذا كانت وقت إبرامها تتعارض مع قاعدة آمرة من قواعد القانون الدولي العام، وتعتبر قاعدة آمرة من قواعد القانون الدولي العام كل قاعدة مقبولة ومعترف بها من الجماعة الدولية، كقاعدة لا يجوز الإخلال بها ولا يمكن تغييرها إلا بقاعدة لاحقة من القواعد العامة للقانون الدولي لها ذات الصلة”. وتصبح كذلك أيضاً في حال مخالفتها المادة 52 من قانون المعاهدات الدولية التي تنص على أنه “تعتبر المعاهدة باطلة بطلاناً مطلقاً إذا تم إبرامها نتيجة التهديد باستعمال القوة واستخدامها بالمخالفة لمبادئ القانون الدولي الواردة في ميثاق الأمم المتحدة”. ومبدأ عدم جواز الاستيلاء على الأراضي بالقوة “مبدأ أساسي في القانون الدولي، فهو ناشئ عن الحظر على استخدام القوة الوارد في المادة 2 (4) من ميثاق الأمم المتحدة، ومبدأ أن الدول لا تستطيع الحصول على حقوقها القانونية من أعمال أحادية لا تتوافق مع القانون الدولي”[19].

وأصدرت منظمة الأمم المتحدة العديد من القرارات الدولية، التي أدانت العدوان وحرمت الاستيلاء على أراضي الغير وضمها بالقوة، وكذلك بالنص صراحة على مبدأ تحريم الاستيلاء على أراضي الغير بالقوة في مناسبات عديدة، أكدت على مبدأ تحريم الاستيلاء على أراضي الغير بالقوة. وفي الوقت نفسه رأت محكمة العدل الدولية عدم مشروعية اكتساب أي أراضٍ عن طريق القوة أو التهديد باستعمالها.  وفي أعقاب غزو اليابان لمنشوريا عام 1932 ظهر مبدأ ستمسون الأميركي الذي يقضي بعدم الاعتراف بالأوضاع الإقليمية الجديدة. إذا كان في إنشائها مخالفة الالتزامات الدولية العامة أو الخاصة. وهو المبدأ القائم على أساس عدم الاعتراف بالتغيرات الإقليمية التي تنشأ بالقوة، وعدم الاعتراف بأي اكتساب يتم بالتالي عن طريق القوة. وهكذا رسا المبدأ القائل بأن الاحتلال أو اكتساب الإقليم أو أي تعديل آخر للأوضاع الإقليمية والحدود، تتخذ عن طريق الغزو بالقوة أو بغير الوسائل السلمية غير صحيحة ولا تولد آثاراً قانونية. ويتعين على الدول عدم الاعتراف بمثل هذا الاستيلاء والضم، وقد أطلق على هذا المبدأ “عدم الاعتراف بالأوضاع الإقليمية غير المشروعة”.

وعليه، لا يمكن الاعتراف لإسرائيل بالسيادة على أي جزء من الأراضي التي تم تخصيصها لدولة فلسطين، لأنه مخالف لقاعدة عامة في القانون الدولي تقضي بعدم إلزام المجتمع الدولي بالاعتراف بأي مكاسب أو تغييرات إقليمية تنجم عن استخدام القوة، وهو مبدأ تحريم الاستيلاء على أراضي الغير بالقوة، الوارد في إعلان مبادئ القانون الدولي الخاصة بالعلاقات الدولية وفق ميثاق الأمم المتحدة، الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة بتاريخ 24 تشرين الأول (أكتوبر) 1970، والذي نص على أن “أي اكتساب إقليمي ينجم عن استخدام القوة أو التهديد باستخدامها لن يعترف به كعمل قانوني”، لأن الاحتلال لا يولد الحق. ويؤكد البروفيسور جون كويجلي بأنه “لم يعترف بالقدس كجزء من أراضي إسرائيل، وعليه ظلت القدس الشرقية والغربية أرضاً فلسطينية”[20]، وهو الأمر الذي ينطبق أيضاً على الأراضي التي احتلتها إسرائيل من الأراضي المخصصة لدولة فلسطين بموجب قرار التقسيم. بل وحتى أن إسرائيل لم تدّع ذلك حتى عام 1950 حين أعلن الكنيست القدس الغربية عاصمة لإسرائيل، وهو الأمر الذي رفضته الدول، بل وحتى أن “الدول التي اعترفت بإسرائيل لم تقر بسيادة إسرائيل على أي من القطاعين الشرقي أو الغربي من القدس [..] ونأت معظم الدول عن فتح سفارات لها هناك، وحتى العدد القليل من الدول التي فتحت لها سفارات في القدس نقلتها لاحقاً إلى تل أبيب”. ويضيف البروفيسور كويجلي: “ومن ثم تقاعست الدول عن إخضاع بعثاتها القنصلية في القدس لسفاراتها في تل أبيب، تجنباً منها للإيحاء بأن القدس كانت جزءاً من إسرائيل”.

ولا يمكن إلا الموافقة على الاستنتاج القائل إن كل قرارات الشرعية الدولية تلك تؤكد أن “القرار 181 لا يزال يعتبر المرجعية القانونية الدولية للدولة الفلسطينية [حيث إنه] لحظ إنشاء دولة عربية في فلسطين ذات حدود واضحة ودقيقة، وبالتالي فهو قد وضع حدوداً واضحة ومحددة جغرافياً لإسرائيل أيضاً”[21]. وبناء على هذا القرار الواضح والمحدد، وتدويل القدس وفقاً لقرار التقسيم، ومبدأ عدم جواز الاعتراف بالاستيلاء على أراضي الغير بالقوة، فإن كل ما تجاوزه من استيلاء على الأراضي المخصصة للدولة الفلسطينية يعتبر باطلاً بطلاناً مطلقاً، ويتجاوز بل وينتهك المبادئ الناظمة للقانون الدولي العام.

إن إعادة طرح وتفعيل القرار 181 بما شمله، والذي لم يلغَ وما يزال يشكل القرار الأساس للشرعية الدولية بشأن الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، ستعتبر واحدة من أهم موضوعات المراجعة التي تحدث عنها السيد الرئيس أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، والتي ستقود إلى إعادة موضوع دولة فلسطين إلى أساسها المنشئ والناظم وفقاً للشرعية الدولية. ولعل ما قاله الرئيس مخاطباً مؤتمر باريس للمناخ، يشير إلى ما نذهب إليه من مؤشرات، إذ خاطب ذاك المؤتمر الحاشد بقوله: “يأتي اجتماعنا هذا اليوم مع مرور 68 عاماً على صدور القرار الأممي 181، القاضي بتقسيم فلسطين التاريخية، لنذكركم بمسؤولياتكم لتنفيذ هذا القرار”[22].

حق الاسترداد ومبدأ جبر الضرر

تضمنت تقارير مبعوث مجلس الأمن الدولي رالف بانش خلال الفترة 1948-1949، وتقارير تحقيقات مندوبي هيئة الأمم المتحدة للفترة الممتدة خلال الأعوام بين 1948-1950، وتقارير الصليب الأحمر الدولي للأعوام 1948-1950 وتقرير الأونروا خلال الفترة 1950-1958، أن الأشخاص والأملاك المشمولة في فقرة التعويضات وفقاً للقرار 194 هم ممن ينتمون إلى المناطق التي احتلها الإسرائيليون خارج قرار التقسيم، والتي تبلغ 22٪ مما شمله قرار التقسيم لاحقا. وقد أقرت تلك اللجان وقتها تقديراً لهذه الأملاك[23]، حيث بلغت قيمة التعويضات على الأملاك للاجئين الفلسطينيين بأسعار عام 1950 حوالي 3275.5 مليون دولار أميركي. من ذلك 1074.4 مليون دولار هي قيمة الأراضي الزراعية، و710 ملايين دولار القيمة التقديرية للبيوت السكنية في القرى، أما قيمة البيوت السكنية في المدن فقد بلغت 590 مليون دولار، وقدرت قيمة أملاك اللاجئين الفلسطينيين من أراضي البناء بنحو 18.1 مليون دولار، والمتاجر والحوانيت 69 مليون دولار، والمصانع بنحو 13 مليون دولار، وقيمة الأثاث العائد للاجئين الذين طردوا بقوة السلاح بنحو 294 مليون دولار أميركي، وقيمة تعويضات المواشي بنحو 42 مليون دولار أميركي. أما الأراضي الزراعية في مناطق بئر السبع والجليل واللد والرملة المتضمنة فقط في الملف الثالث لسجل وثائق الجامعة العربية، ولم تتضمنها بقية التقارير الصادرة عن جهات دولية، هذه الأراضي المشار إليها قدرت قيمتها بنحو 465 مليون دولار أميركي بأسعار عام 1950 كما سبق ذكره.

ويتوجب التأكيد على أن التقديرات السابقة الصادرة عن المؤسسات الدولية كانت قد صدرت في العام 1950. وبتقدير خبراء الاقتصاد فإن الأسعار وقتها تخضع/ كما اليوم/ إلى ارتفاع الأسعار والتضخم والقوة الشرائية، ونمو وتطور المجتمع بما معدله وفق حساب نمو الدول المتوسطة، وارتفاع القدرة الشرائية بها وكذا جدول غلاء المعيشة وارتفاع أسعار الأراضي في إسرائيل من عام 1950 إلى اليوم بـ7 أضعاف؛ بالتالي فإن قيمة أملاك اللاجئين الفلسطينيين بأسعار اليوم تقدر بـ8.75 مليار دولار أميركي، حيث ستستفيد الحكومة الإسرائيلية في المرحلة الأولى من تطبيق القانون والقاضية ببيع ما قيمته 4٪ من أملاك اللاجئين 350 مليار دولار أميركي بغير وجه حق.

ويقدر التحالف الدولي لملاحقة مجرمي الحرب «ايكاوس» وبدراسة أولية، أن تعويضات الحرمان من إنتاج الأراضي والممتلكات خلال سنوات التهجير، وفيما لو بقى العامل البشري متواجداً على الأرض وتطورت العملية الصناعية والتجارية والإنتاج الزراعي والنمو الاقتصادي، وما استخرج من باطن الأرض من معادن وغازات، قد تصل إلى 1.3725 مليار دولار أميركي، على مدار 61 عاماً من احتلال الأرض والإنسان؛ أي أن نصيب كل لاجئ فلسطيني لا يقل تقريبا وبتحليل أولي عن 1.6 مليون دولار، سواء كان مولودا أو بالغا في يومنا هذا. ووحده اللاجئ الفلسطيني من يقرر قبول التعويض أو استرجاع أملاكه وميراثه الأصلي دون إغفال لتعويض الاستثمار في السنوات الـ61 الماضية، وتمثل هذه التقديرات الفترة المذكورة، وفيما إذا أضيفت تسع سنين أخرى فإن المبالغ ستصبح مهولة حقاً.

وبناءً عليه يجب أن يصاحب عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى قراهم ومدنهم الأصلية تعويض أيضا. كل ما سبق يجب ألا يغفل حق اللاجئين بالتعويض المعنوي عن المعاناة والتشريد وكل التبعات النفسية والاجتماعية، وهو أمر متروك لممثلي الشعب الفلسطيني لتقديره.

إن هذه الحقوق بكافة أشكالها وأنواعها تعتبر محمية دولياً، وغير قابلة للتصرف بموجب قرارات الشرعية الدولية، وتخضع لمبدأ حق الاسترداد وجبر الأضرار بموجب قواعد القانون الدولي. ومن بين تلك الحقوق ما تنص عليه المادة الثامنة من اتفاقية جنيف الرابعة في آب (أغسطس) 1949، والتي تؤكد بأنه “لا يجوز للأشخاص المحميين، التنازل في أي حالٍ من الأحوال جزئياً أو كلية “عن الحقوق الممنوحة لهم بمقتضى هذه الاتفاقية”؛ أي أن الشعب الفلسطيني لا يملك أن يتنازل عن حقوق بموجب مبادئ وقواعد اتفاقية جنيف الرابعة. وتضيف المادة السابعة، أن “أي اتفاق قد يحصل ما بين الأطراف المتعاقدة السامية في الاتفاقية، لا يؤثر تأثيراً ضاراً على وضع الأشخاص المحميين كما نظمته هذه الاتفاقية، أو يُقيد الحقوق الممنوحة لهم بمقتضاها”. وتعتبر رزمة المبادئ والقواعد والأحكام التي تتضمنها اتفاقية جنيف الرابعة ملزمة ولا يجوز الخروج عنها، وفقاً للمادة الحادية عشرة التي تقول بأنه “في أي اتفاق خاص، يعقد بين دول تكون إحداها مُقيدة الحرية في التفاوض، مع الدولة الأخرى أو حلفائها بسبب أحداث الحرب، ولو بصفة مؤقتة، وعلى الأخص في حالة احتلال كل أراضيها أو جزء هام منها”. وهو الأمر ذاته الذي نصت عليه المادة 47 بتأكيدها عدم جواز التنازل أو حرمان الذين يخضعون للاحتلال من تلك الحقوق المحمية “بسبب أي تغيير يطرأ نتيجة لاحتلال الأراضي على مؤسسات الإقليم أو حكومته، أو بسبب أي اتفاقية يُعقد بين سلطات الإقليم المحتل ودولة الاحتلال، أو كذلك بسبب قيام هذه الدولة بضم كل أو جزء من الأراضي المحتلة”.

ويمكن أن تشكل هذه المبادئ والقواعد، سلاحاً هاماً ودفاعياً في مواجهة كافة الإجراءات والضغوطات الإسرائيلية والأميركية، ويمكن تفعيلها في مواجهة كافة الأطراف الإقليمية والدولية، التي تضغط وتطالب الفلسطينيين بالتنازل عن بعض الحقوق المحمية والثابتة وغير القابلة للتصرف. فالأراضي الفلسطينية أراضٍ محتلة، تعود لشعب فلسطين الذي حجبت عنه السيادة والاستقلال بفعل الاحتلال الإسرائيلي. والسيادة تبقى كامنة في شعبنا، ومحجوبة محتجزة عنه بسبب الاحتلال. وهناك إجماع من الفقهاء يؤكد، بأن السيادة مرتبطة بوجود الأمة، وهي شيء أكثر من مجرد الإقليم أو الحكومة، أي بمعنى آخر يورده د. الغنيمي، أن “الأمة ليست مجرد معطى من إقليم وحكومة، ولكنها تتكون من كائنات بشرية تكمن فيهم السيادة”؛ أي أن “كل أمة تتمتع بسيادة كامنة فيها، ويمكنها أن تمارسها إذا أرادت”[24]؛ إلا إذا كانت هناك ظروف قهرية تحول دون ذلك، كالاحتلال الأجنبي مثلاً.

الاعتراف المشروط

ارتبط قيام إسرائيل بالقرار 181 (د2) لسنة 1947، وارتبط الاعتراف الدولي بإسرائيل بقرار مجلس الأمن الدولي رقم 69 لسنة 1949، الذي أوصى بقبولها عضواً في الأمم المتحدة، والذي رفضت الجمعية العامة تطبيقه ثلاث مرات متتالية، وقد أصرّت الدول الأعضاء في الجمعية العامة على أن تقدم إسرائيل عبر ممثلها تصريحاً وإيضاحات للجنة السياسية[25]. وقد قام مندوب إسرائيل أبا إيبان في حينه وبتاريخ 24 شباط (فبراير) 1949، بتقديم تأكيدات قاطعة على التزام إسرائيل بالتقيد بأحكام القانون الدولي وانصياعها لقرارات الأمم المتحدة[26]؛ وبناءً عليه جاء قرار قبول إسرائيل عضواً في الأمم المتحدة رقم 273 (د- 3) بتاريخ 11 أيار عام 49 مشروطاً بهذه الإيضاحات، ومربوطاً ربطاً شرطياً بتعهد إسرائيلي وبالتالي دولي بتنفيذ القرارين 181 و194. ولعل هذا ما يُضيف تأكيداً على أن قرار التقسيم ملزم لكافة أطرافه وللمنظمة الدولية بأعضائها جميعاً. إن اشتراط تنفيذ إسرائيل لهذين القرارين الخاصين بإقامة دولتين إحداهما دولة فلسطين، وإعادة اللاجئين الفلسطينيين ولجنة التوفيق بشأن تنفيذ النظام الخاص للقدس Corpos seperatom “؛ جاء بعد أن تعهدت إسرائيل بتنفيذ شروط العضوية الواجبة وفقاً لميثاق الأمم المتحدة؛ والتي تقضي المادة الثانية منه بأن تكون دولة محبة للسلام. هل وفت إسرائيل بشروط العضوية حسب الميثاق والشروط الخاصة بعضويتها في الأسرة الدولية؟!. الرد على ذلك جاء في القرارات المتواترة للجمعية العامة، الأكثر تمثيلاً للإرادات والمواقف الدولية والشرعية الدولية. ومن نافل القول، أن إسرائيل لم تلتزم بتعهداتها ولا بالتزاماتها بموجب قرار ضمها للأمم المتحدة. وقد دفعت جرائم وممارسات ومواقف إسرائيل تجاه الشعب الفلسطيني خاصة، الجمعية العامة للأمم المتحدة لأن تقوم بإصدار العديد من القرارات[27] التي تقضي، بأن “سجل إسرائيل وسياساتها وأعمالها تثبت أنها ليست دولة عضواً محبة للسلام، وأنها تمعن في انتهاك المبادئ الواردة في الميثاق، وأنها لم تف بالتزاماتها بموجب الميثاق أو التزامها بموجب قرار الجمعية العامة رقم 273 (د– 3) المؤرخ في 11 أيار (مايو) 1949”. وهكذا، فإن الإطار المرجعي والأوسع للشرعية الدولية، قد قام بتمحيص الإجراءات الإسرائيلية وفقاً لمبادئ وقواعد القانون الدولية والتزامات إسرائيل التعاقدية، واعتبرها مارقة غير محبة للسلام وتمعن في انتهاك مبادئ وقواعد ميثاق دول الأمم، ومتمردة خارجة عن كل ذلك، ومتنكرة ومستبيحة لالتزاماتها التعاقدية الدولية وخاصة تلك التي اشترطت عضويتها ومشاركتها في الأمم المتحدة. ولذا يتوجب ملاحقة عضوية إسرائيل بإعادة متابعة شروط عضويتها في الأمم المتحدة، وذلك بدراسة إمكانية تعليق عضوية إسرائيل في الجمعية العامة للأمم المتحدة والمؤسسات والمنظمات الدولية، إلى أن تلتزم بقرارات الشرعية الدولية ذات العلاقة، وبما يضمن إنهاء الاحتلال الإسرائيلي.

الاعتراف المتبادل

ما تقدم يوجب علينا أيضاً كفلسطينيين أن نعيد النظر في وثيقة الاعتراف، التي بعثها الرئيس ياسر عرفات في حينه لإسحق رابين في التاسع من أيلول (سبتمبر) 1993، وذلك بسحبها والعمل على استبدالها بوثيقة جديدة، بعد أن أصبحت فلسطين دولة بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 19/67 بتاريخ 29/11/2012، الذي قرر أن تمنح فلسطين مركز دولة غير عضو لها صفة المراقب، وتعترف بها 137 دولة في الأمم المتحدة، وتحتل مقعدا بين هذه الدول ويرفع علمها إلى جانب أعلام بقية الدول الأعضاء أمام مقر الأمم المتحدة.

ويقول الرئيس الفلسطيني بهذا الصدد: “اعترفنا بدولة إسرائيل على حدود العام 1967، لكن استمرار رفض الحكومة الإسرائيلية الاعتراف بهذه الحدود يجعل من الاعتراف المتبادل الذي وقعناه في أوسلو عام 1993 موضع تساؤل [..] أطالب جميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة التي اعترفت بدولة إسرائيل أن تعلن أن اعترافها تم على أساس حدود العام 1967 [..] واسمحوا لي أن أسألكم، أين هي حدود دولة إسرائيل التي اعترفتم وتعترفون بها؟ كيف يمكن الاعتراف بدولة ليس لها حدود، والقانون الدولي يقول إن لكل دولة حدودا”[28].

وقد قامت اللجنة السياسية الفلسطينية[29] وتطبيقا لقرارات المجلس المركزي الفلسطيني بتاريخ الثاني من أيار (مايو) 2015 بدراسة هذا الموضوع، وأوصت أن يوجه الرئيس محمود عباس رسالةً إلى عدد من قادة العالم، بما فيها إسرائيل، يطلب فيها من الحكومة الإسرائيلية الاعتراف بدولة فلسطينية على حدود الرابع من حزيران 1967 ووقف النشاطات الاستيطانية الإسرائيلية والإفراج عن الدفعة الرابعة من الأسرى، وفي حال رفضت فإن ذلك يعني انتهاء المرحلة الانتقالية ووقف العمل بالاتفاقات مع إسرائيل. وأوصت اللجنة السياسية، التي تبنت اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية توصياتها، بالنص أن: “يطرح على المجلس الوطني الفلسطيني في جلسته القادمة دراسة إمكانية إعادة النظر باعتراف منظمة التحرير الفلسطينية بإسرائيل، والمطالبة بأن يكون الاعتراف متبادلاً بين دولة فلسطين ودولة إسرائيل وضمن حدود الرابع من حزيران (يونيو) 1967 وفقا لقرار الجمعية العامة 67/19/2012، الذي حدد مكانة دولة فلسطين كدولة مراقب، وأن 137 دولة قد اعترفت رسمياً بدولة فلسطين على حدود 1967 وبالقدس الشرقية عاصمة لها، وكذلك دراسة إمكانية تعليق عضوية إسرائيل في الجمعية العامة للأمم المتحدة والمؤسسات والمنظمات الدولية إلى أن تلتزم بقرارات الشرعية الدولية ذات العلاقة بما يضمن إنهاء الاحتلال الإسرائيلي”.

خشية الاندثار والتهديد بنكبة جديدة

لعل إشارة الرئيس عباس إلى أن أحد الخيارات المطروحة، يتمثل في “النضال والمطالبة بحقوق كاملة لجميع سكان فلسطين التاريخية [..] من حيث الديمغرافيا وعدد السكان سنصبح نحن أغلبية في ذلك البلد الواحد”، قد وجدت صداها المدوي على القيادة الإسرائيلية وخاصة نتنياهو الذي تمنى خلال ندوة دينية مغلقة عقدت في منزله قائلاً: “إن مملكة الحشمونائيم عاشت 80 عاما، وعلينا أن نضمن أن تحتفل إسرائيل 100 عام على قيامها [..] وأن على إسرائيل الاستعداد لمواجهة المخاطر الوجودية التي تتهددها”[30]، علماً أن مملكة الحشمنائيين اليهودية أسقطتها الإمبراطورية الرومانية في العام 63 قبل الميلاد، و”مملكة السماء” الصليبية انتهت سنة 1187 ولم يعمر أي منهما المئة سنة.

وخلال تلك الندوة قُرئت بعض المقاطع من التوراة على مسمع نتنياهو، جاء فيها من بين ما جاء: “ستدخلون البلاد وستسكنون في بيوت ليست لكم، كروم لم تزرعوها”، مما أثار حنق نتنياهو!؟  وفي مقابل حنق نتنياهو ذاك فإن بروفسور التاريخ في جامعة تل أبيب، ومؤلف كتاب “اختراع الشعب اليهودي”[31] يكتب مؤكداً بأن “رفض حق العودة يجب أن يكون مقترنا باعتراف قاطع بالملكية التاريخية للفلسطينيين على جزء من الأراضي التي يقيم عليها الإسرائيليون اليهود منذ النكبة. إن حقهم في أملاكهم وأراضيهم ما زال محفوظاً لهم، كما هو محفوظ لكل صاحب ملك هدم بيته، وليس هناك أي إمكانية لبنائه من جديد. هؤلاء الذين دمروا البيت يجب عليهم الاعتراف بالظلم الذي تسببوا به، وتعويض أصحابه بكل وسيلة ممكنة، سواء من ناحية مادية أو من ناحية رمزية”؛ ويستطرد “نعم، من وراء 1967 تقف 1948، فقط إدراك ذلك والربط الشجاع بينهما ربما يمكن الإسرائيليين من الاستمرار في الوجود في المستقبل القريب في الشرق الأوسط”. وبهذا فإن قضية الوجود الصهيوني و”الاستمرار في الوجود في المستقبل القريب في الشرق الأوسط”، بات رهناً بإنصاف الشعب العربي الفلسطيني واسترداد حقوقه المسلوبة باعتراف وإقرار التوراة ذاتها.

وإن كانت التوراة قد أقرت ذلك قبل أكثر من ثلاثة آلاف عام، فإن نتنياهو وجوقته لا يترددون في أن “يخترعوا تاريخاً” مغايراً لتلك الحقيقة، إذ أن نتنياهو يقول بصلافة كاذبة: “حتى سنوات ليست بالكثيرة، هذه البلاد كانت يبابا ومهملة [..] وهذه عبارة عن مقولة الزعيم الصهيوني إسرائيل زنغفيل: شعب بدون أرض يعود إلى أرض بدون شعب”، و”أرض إسرائيل لم تكن فارغة تماما أيضا لم تكن متروكة” بعكس ادعاء نتنياهو: “نحن نبني البلاد ونسكنها، في الجبل، الغور، الجليل والنقب، وفي يهودا والسامرة أيضا. لأن هذه البلاد هي بلادنا؛ يواصل رئيس الحكومة فيلمه، متجاهلا الحقيقة”، “الادعاءات الكاذبة والصبيانية التي يتمسك في أحيان كثيرة بها نتنياهو [..] هذه الادعاءات التي يتم إسماعها فقط من قبل من يشعر بضعف أحقيته، وبموقفه وإيمانه[32].

وقد حذر أحاد هعام، مؤسس الصهيونية الروحانية ومن كبار مفكري الصهيونية في 1891: “نحن معتادون في الخارج أن نعتقد، أن أرض إسرائيل هي الآن كلها قفر، صحراء بدون زرع، ولكن في الحقيقة الأمر ليس كذلك. في كل البلاد يصعب أن تجد أرضاً قابلة للزراعة غير مزروعة. فقط المناطق الرملية أو الحجرية (…) فقط هذه غير مفلوحة. نحن ننسى أيضا أن للشعب الذي يعيش فيها الآن يوجد قلب حساس وروح محبة. العربي، مثل كل إنسان، مرتبط بالوطن بروابط قوية”.[33]

ويكتب بهذا الخصوص مختص مخضرم[34] بالحركة الصهيونية، بأن “الجيل الإسرائيلي الحالي الذي أدرك كذب الأساطير التي تربى عليها من نوع “أرض الميعاد” و”الشعب المختار”، بات يدرك أن إسرائيل – واقعياً – تتوفر فيها كل مقومات زوالها كمشروع استعماري/ “استيطاني” إحلالي عنصري منافٍ للأخلاق والوجود والإنسانية، وذلك بحكم أنها دولة وظيفية عسكرية وتعيش كجسم غريب عن المنطقة العربية، الأمر الذي يجعلها تبقى في حالة من القلق الشديد على مستقبلها”. ويضيف بأن قادة إسرائيل “يدركون أن إسرائيل فشلت في أن تكون دولة مدنية متحضرة وتحولت إلى دولة عنصرية، ما ينعكس سلباً على إمكانية صمودها. أما بالنسبة لنتنياهو فإن مجرد طرح سؤال الوجود يعني الشك وعدم اليقين ومخاوف حقيقية من زوال كيانه المصطنع”.

في المقابل فإن غلاة الصهاينة يريدون تأبيد الوضع القائم، وهو وضع قام على شطب الحقوق الفلسطينية بكافة أشكالها وأنواعها، كما يكتب بعضهم[35] بالنص أنه ” منذ رفض العرب مشروع تقسيم الأمم المتحدة، تبلورت خطوط هيكلية مختلفة جوهريا عن تلك التي كانت في حينه، وهي ستبقى هكذا إلى الأبد [..] النكبة التي شهدها العرب في 1948 ستكون لا شيء مقارنة بما ينتظرهم إذا حاولوا العودة إلى تلك الأيام”. ويحمل هذا القول تهديداً بنكبة أشد وأقسى من نكبة عام 1948 بحق الشعب الفلسطيني.

نتائج وتوصيات

إننا حقاً مطالبون باستخلاص العبر والدروس التي تمخضت عن قرار التقسيم، وذلك بوضع استراتيجية قانونية دولية جديدة، تأخذ بعين الاعتبار الأمور والمسائل الآتية:

أولاً: إعادة بحث الفلسطينيين لقرار التقسيم، والتمسك به كمرجعية وأساس لحدود الدولتين، وبالتالي التمسك بهذا القرار كأساس لتحديد الإطار الجغرافي لحدود الدولة الفلسطينية.

ثانياً: إعادة النظر في الاعتراف الفلسطيني بإسرائيل، وفقاً لما تقدم.

ثالثاً: طرح موضوع عضوية إسرائيل على صعيد الأمم المتحدة، حيث أن عضوية إسرائيل لم تكن عضوية اعتيادية وإنما كانت مشروطة باحترام والتزام إسرائيل بقرار التقسيم وقرار 194، وهو ما لم يتحقق، ما يقتضي طرح هذا الموضوع على صعيد الأمم المتحدة لمناقشته والتقرير بشأنه.

رابعاً: مساءلة وملاحقة الدول التي قد تدعم أو تساند دولة الاحتلال الإسرائيلي، سواء في تنفيذ انتهاكاتها أو دعم وتشجيع هذه الدولة على الاستمرار في عدوانها واحتلالها للأرض الفلسطينية.

خامساً: التمسك بالرأي الإفتائي لمحكمة العدل الدولية بشأن الجدار الصادر عن المحكمة في تموز 2004، باعتباره فتوى قانونية من محكمة العدل الدولية، وتحويلها من رأي استشاري إلى قرارات وآليات عمل.

سادساً: مطالبة الدول الأطراف باتفاقية جنيف الرابعة، بعقد مؤتمرها الخاص بسبل إلزام إسرائيل باحترام وتطبيق اتفاقية جنيف الرابعة على صعيد الأرض الفلسطينية المحتلة.

سابعاً: طرح موضوع المسؤولية القانونية والإنسانية والأدبية الإسرائيلية على صعيد الأمم المتحدة، الأمر الذي قد يقود إلى تشكيل لجنة دولية لبحث موضوع الأضرار الفلسطينية الناشئة عن الاحتلال وممارساته بما فيها احتلاله، ومن ثم وضع المجتمع الدولي لآليات وقرارات ملزمة لإلزام إسرائيل بالتعويض عن هذه الأضرار. فقد استولت إسرائيل على مناطق بالعدوان والقوة الغاشمة والتطهير العرقي، خصصت لدولة فلسطين العربية بموجب قرار التقسيم، وتبلغ 22٪ من تلك الأراضي بواقع (6.6) آلاف كيلومتر مربع، واحتلت الجزء الغربي من مدينة القدس مما شمله قرار التقسيم؛ الأمر الذي يتناقض كليا ًمع مبدأ عدم جواز احتلال واكتساب أراضي الغير بالقوة، ومبدأ عدم الاعتراف القانوني الدولي بتلك الحيازة غير القانونية واعتبارها باطلة ولا تخلق حقاً ولا ترتب التزاماً مهما مر الزمن. وعليه، يتوجب على دولة فلسطين ودائرة شؤون اللاجئين في منظمة التحرير الفلسطينية ومؤسسات المجتمع المدني الفلسطيني:

  • إنشاء بنك للمعلومات يحتوي على صور العقود الأصلية للأراضي، على غرار بنك المعلومات الرقمي الذي أنشأته مؤسسة عدالة.
  • دعوة ومساعدة أولئك الذين حصلوا على جنسية ثانية، برفع قضايا لدى دولهم ضد دولة إسرائيل بتهمة سرقة أراضيهم وأملاكهم.
  • رفع دعاوى بناءً على توكيلات من أصحاب الأرض لدى الجهات الدولية، لوقف عملية البيع والحجز على أموال الحكومة الإسرائيلية واستثماراتها، مقابل كل عملية بيع وتخصيص لأملاك اللاجئين التي تسميهم إسرائيل بـ”الغائبين”.
  • إعداد لائحة سوداء بالشخصيات الإسرائيلية أو أي شخص آخر يشارك في جريمة نهب أملاك اللاجئين، وملاحقتهم وتوقيفهم وفق القانون الدولي.
  • دراسة وسائل ملاحقة الصندوق القومي الإسرائيلي الذي يمتلك مساحات أرض واسعة باسم الشعب اليهودي في العالم، أمام كل المحاكم الوطنية والإقليمية والدولية ذات الاختصاص، مقابل كل عملية شراء أو بيع لأملاك اللاجئين حيث حصر القانون البيع من دائرة أملاك الغائبين للصندوق القومي، ودراسة فرص ومجالات ملاحقة استثمارات الصندوق في كل دول العالم.

الهوامش:

[*] كاتب ومستشار قانوني.

[1] معا 18 تشرين الثاني (نوفمبر) 2017.

[2] جريدة الأيام 1 كانون الأول (ديسمبر) 2015.

[3] عبء اللورد بلفور، مقال للرئيس محمود عباس، نشر في مجلة “The Cairo Review of Global Affairs”  التي تصدر عن كلية الشؤون الدولية بالجامعة الأميركية في مصر تحت إشراف وزير الخارجية المصري الأسبق نبيل فهمي، جريدة الأيام/ القدس المقدسية بتاريخ 5 تشرين الثاني (نوفمبر) 2017.

/عبء-اللورد-بلفور/ https://www.thecairoreview.com/ Arabic

[4] خطاب الرئيس عباس أمام الدورة (70) للجمعية العامة للأمم المتحدة يوم 30-9-2015، وكالة وفا في التاريخ نفسه.

[5] خطاب الرئيس محمود عباس أمام مجلس حقوق الإنسان في جنيف بتاريخ 28 تشرين الأول (أكتوبر) 2015.

[6] وكالة وفا بتاريخ 20 أيلول (سبتمبر) 2017.

[7] رفض وزير شؤون القدس زئيف الكين فكرة قيام دولة فلسطينية في الضفة الغربية. وقال باللغة العربية “خلاص يكفي مع قصة الدولتين، ليس هناك سوى دولة إسرائيل وستكون بين نهر الأردن إلى البحر دولة واحدة فقط”. صحيفة جيروزاليم بوست الإسرائيلية/ وكالة معاً بتاريخ 14 تشرين الثاني (نوفمبر) 2017.

[8] صحيفة القدس المقدسية 25 أيلول (سبتمبر) 2017.

[9] راجع للتفصيل: الأمم المتحدة، منشأ القضية الفلسطينية وتطورها 1917-1988، إعداد اللجنة المعنية بممارسة الشعب الفلسطيني لحقوقه غير القابلة للتصرف وتحت إشرافها، نيويورك، 1990. الجزء الثاني، ص131-179.

[10] د. عمر أبو بكر باخشب، النظام القانوني لمفهوم الحدود في القانون الدولي العام، المجلة المصرية للقانون الدولي، المجلد 44 لسنة 1988، ص9. د. مصطفى سيد عبد الرحمن، الجوانب القانونية لتسوية نزاعات الحدود الدولية، دار النهضة العربية، القاهرة 2001. د. فيصل عبد الرحمن علي طه، القانون الدولي ومنازعات الحدود، 1999.

[11] د. مصطفى السيد عبد الرحمن، الجوانب القانونية لتسوية نزاعات الحدود الدولية، دار النهضة العربية، 2001، ص، 28-29.

[12] عائشة راتب، بعض الجوانب القانونية للنزاع العربي الإسرائيلي، القاهرة، 1969، ص، 141.

[13] د. عمر أبو بكر باخشب، مصدر سابق، ص79.

[14] د. كمال قبعة، القدس والقانون الدولي العام، دراسة مقدمة لورشة العمل المقامة بمناسبة الذكرى الأولى لاستشهاد القائد الخالد ياسر عرفات، بتاريخ 11/11/2005، ص 4 – 5. [دراسة غير منشورة].

[15] للتفصيل يمكن مراجعة، د. عبد العزيز سلطان، “الدولة الفلسطينية”، القاهرة، دار النهضة، 1989.

[16] رائد فوزي داود، فكرة التدويل في القانون الدولي وتطبيقاتها في ضوء قرارات الأمم المتحدة المتعلقة بالقدس. أبو ظبي، مركز الإمارات للدراسات للبحوث الاستراتيجية، 2003، الفصل الثالث والرابع.

[17] د. كمال قبعة، القدس في ضوء الشرعية الدولية، في كتاب: القدس واقع وتحديات: مجموعة أوراق بحثية، إصدار مركز الأبحاث: منظمة التحرير الفلسطينية، آذار (مارس) 2016، ص 141-167.

[18] الأمم المتحدة، منشأ القضية الفلسطينية وتطورها 1917- 1988، مصدر سابق، ص 196.

[19] غسان الجندي: “حق التدخل الإنساني”، عمان دار وائل للنشر، 2003، ص: 58 وما بعدها.

[20]كويجلي، جون، “القدس والقانون الدولي،” من المؤتمر الدولي للدفاع عن القدس، اللجنة الدائمة لتنظيم المؤتمرات، الوزارة الخارجية، الدوحة، شباط/ فبراير 2012، ص 1.

[21]شفيق المصري، “القدس في القانون الدولي،” من المؤتمر الدولي للدفاع عن القدس، اللجنة الدائمة لتنظيم المؤتمرات، الوزارة الخارجية، الدوحة، شباط (فبراير) 2012، ص 3.

[22] جريدة الأيام 1 كانون الأول (ديسمبر) 2015.

[23] التحالف الدولي لملاحقة مجرمي الحرب (إيكاوس)، إسرائيل ترتكب جريمة حرب باردة جديدة بتوزيع غنائم حرب 1948،

www.middleeastwatch.net/ إسرائيل- ترتكب .html بتاريخ 8 آذار/ مارس 2009.

[24] أ. د محمد طلعت الغنيمي: “قانون السلام”. منشأة المعارف. الإسكندرية، 1982، صفحة 232 و350.

[25] الأمم المتحدة، منشأ القضية الفلسطينية وتطورها 1917- 1988، مصدر سابق، ص195- 198.

[26] د. رشاد السيد، المسؤولية الدولية عن أضرار الحروب العربية الإسرائيلية، الجزء الثاني. عمان، دار الفرقان، 1984. ص 118-120.

[27] راجع في هذا الخصوص قرارات الجمعية العامة رقم، 42/209، جيم، دال، بتاريخ 11 كانون الأول (ديسمبر) 1987، القرار رقم 43/ 54 باء، بتاريخ 6 كانون الأول (ديسمبر) 1988، القرار رقم 44/40 ألف، باء، بتاريخ 4 كانون الأول (ديسمبر) 1989، القرار رقم 45/83 باء، بتاريخ 13 كانون الأول (ديسمبر) 1990. وجميعها تؤكد أن سجل إسرائيل وسياساتها وأعمالها تثبت وبصورة قاطعة أنها ليست دولة عضواً محبة للسلام، وأنها لم تف بالتزاماتها بموجب ميثاق الأمم المتحدة.

[28] وكالة وفا بتاريخ 20 أيلول (سبتمبر) 2017.

[29] عبد الرؤوف أرناؤوط، اللجنة السياسية توصي القيادة بدراسة إمكانية إعادة النظر باعتراف منظمة التحرير بإسرائيل، الأيام 22 تشرين الثاني (نوفمبر) 2015.

[30] وكالة معا، بتاريخ 10 تشرين الأول (أكتوبر) 2017.

[31] شلومو ساند، حق العودة الفلسطيني: السبيل إلى تحقيق العدالة، هآرتس/ الأيام بتاريخ الأول من تشرين الثاني (نوفمبر) 2017.

[32] شاؤول أريئيلي، البلاد لم تكن يباباً قبل الصهيونية، هآرتس/ الأيام 28 أيلول (سبتمبر) 2017.

[33] المصدر نفسه.

[34] وبذات الخصوص كتب البروفيسور اليهودي المناهض لإسرائيل (يشعياهو ليبوفيتش): “في اليوم السابع، اللاحق لسادس أيام تلك الحرب، ستبدأ نهاية إسرائيل إذا لم تستيقظ”. وبعد حرب تموز 2006، أقر رئيس المعارضة آنذاك ورئيس الوزراء الحالي (بنيامين نتنياهو) بأن “الحرب أعادت سؤال الوجود الى التلويح من جديد فوق رأس إسرائيل، بعدما أزالته حرب حزيران”. ورأى (نتنياهو) في حينه أن “التساؤل عن إمكانية بقاء إسرائيل لم يعد يقتصر على أعدائها، وإنما شمل أصدقاءها أيضا”. د. أسعد عبد الرحمن، مخاوف نتنياهو على مستقبل إسرائيل، معاً بتاريخ 28 تشرين الأول (أكتوبر) 2017.

[35] د. حاييم مسغاف، دولة فلسطين لن تقوم، معاريف/ الأيام 9 تشرين الأول (أكتوبر) 2017.