مهند عبد الحميد[1]
توقف البروفيسور إدوارد سعيد، عند السلوك المعرفي والثقافي، الذي مهد وترافق مع الغزو والاحتلال الاستعماري القديم، للبلدان والشعوب في أرجاء واسعة من العالم منذ أواخر القرن الثامن عشر وحتى منتصف القرن العشرين. وطرح بالاستناد إلى غرامشي ديناميكية الهيمنة وربطها بالهيمنة الثقافية، وأوضح أن معادلات القوة والسيطرة أفضت إلى أن يتعرف “الشرق” وسائر الشعوب التي تعرضت للاحتلال على نفسها من خلال ما قدمه المستشرقون من معارف وثقافات، بإعادة إنتاج الشرق في صورة “الآخر” الدوني والأقل شأناً، وهي مناورة حاذقة تدعم وتساهم في تشكيل صورة للغرب كحضارة متفوقة. الشرق مستبد، إرهابي، غير عقلاني ومتخلف، في مقابل غرب، ديموقراطي، عقلاني، أخلاقي وتقدمي. وأُريد من تلك الشعوب أن تتبنى الحلول التي طرحها المستشرقون وبخاصة قبولهم بالاحتلال والتوسع الاستعماري لبلدانهم، على قاعدة تزعم: “أن قدر الشرق أن يتبع الغرب” وبفعل ذلك اتضحت فعالية الثقافة التي أدت إلى سيطرة القوى الاستعمارية على 85% من سطح الأرض.