عبد الغني سلامة[*]
في نهاية تشرين الثاني (نوفمبر) 2016، وبمشاركة 1411 عضوا من قيادات الحركة وكوادرها، وبعد تأجيل استمرّ طويلا بسبب الخلافات الداخليّة، عقدت حركة فتح مؤتمرها السابع في مقر المقاطعة بمدينة رام الله، وسط أجواء سياسية ملبدة، وفي ظرف دقيق تمر فيه القضية الفلسطينية عموما، وحركة فتح خصوصا، وجاء موعد انعقاده متزامنا مع اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني، والذي يصادف أيضا ذكرى صدور قرار التقسيم، أي يوم 29 تشرين الثاني (نوفمبر).
شارك في الجلسة الافتتاحية للمؤتمر نحو 60 وفداً من 28 بلداً عربياً وأجنبياً، يمثلون حكوماتهم وأحزابهم، بما في ذلك وفد حركة حماس، التي لبت الدعوة للمشاركة، حيث ألقى النائب الشيخ “أحمد الحاج علي” كلمة الحركة نيابة عن رئيس مكتبها السياسي “خالد مشعل”، في إشارة واضحة لدعم الوفود المشاركة لشرعية انعقاد المؤتمر والنتائج التي ستخرج عنه. وقد حظي المؤتمر باهتمام فلسطينيّ كبير، وبمتابعة عالمية غير مسبوقة سياسيا وإعلاميا، ربما بسبب ما تمرّ به الحركة من حالة تجاذب داخلي وصراعات داخل الأطر التنظيمية وخارجها، بلغت ذروتها في الأشهر الأخيرة قبل المؤتمر، حين فصَل رئيس الحركة “محمود عبّاس” مزيدا من قيادات الحركة وكوادرها بتهمة التجنّح، الأمر الذي دفع ببعض المراقبين للإعراب عن قلقهم على مستقبل الحركة، وعن خشيتهم أن يكون المؤتمر السابع آخر المؤتمرات، الذي سيكون سببا في انشقاق الحركة.
اللافت في هذا المؤتمر انخفاض عدد أعضائه مقارنة بالمؤتمر السادس الذي عقد في بيت لحم في آب (أغسطس) 2009، بمشاركة 2355 عضواً. وعزت مصادر معارضة السبب في ذلك إلى أنّ غالبيّة الأعضاء المسمَّين للمشاركة، هم من الذين يلتقون مع الرئيس عباس في توجّهاته السياسية، والذين يضمن ولاءهم.
فيما فصّل أمين سرّ المجلس الثوريّ للحركة “أمين مقبول” الفئات التي شاركت في المؤتمر العامّ السابع، على النحو التالي: أعضاء اللجنة المركزيّة، أعضاء المجلس الثوري، أعضاء المجلس الاستشاري، ممثّلو الأقاليم المنتخبون، أعضاء الحركة العسكريّون بما لا تزيد نسبتهم عن 20% من أعضاء المؤتمر، عدد من كوادر الحركة العاملين في المنظّمات الشعبيّة والمهنيّة، أعضاء هيئات القيادة للمفوّضيّات العاملون في دوائر دولة فلسطين ومنظّمة التحرير، عدد من معتمدي الحركة في الدول، عدد من الكفاءات الحركيّة بما لا يزيد عن 10% من أعضاء المؤتمر.
ناقش المؤتمر مختلف القضايا الهامّة على الصعيدين: الداخليّ للحركة، والوضع الفلسطينيّ بشكل عام، إضافة إلى مناقشته تعديلات عدّة على النظام الداخلي للحركة، أهمّها تعديل شروط اختيار أعضاء المجلس الثوري في حال وفاة عضو أو شغور المنصب. إضافة إلى انتخابه الهيئات القياديّة (اللجنة المركزية والمجلس الثوري).
كما أصدرت اللجان الداخلية والمفوضيات المختلفة تقاريرها العامة، التي استعرضت فيها الأوضاع والمنجزات والإخفاقات التي حدثت في الفترة ما بين انعقاد المؤتمرين السادس والسابع، وتوصياتها ومقرراتها وخططها وبرامجها العامة، والتي من أبرزها البرنامج السياسي وبرنامج البناء الوطني.
في هذه الدراسة سنسلط الضوء على أبرز القرارات التي اتخذها المؤتمر، وسنحاول إجراء تقييم أولي له، على ضوء التخوفات والهواجس التي شابت فترة انعقاده..
مخاوف وهواجس قبل انعقاد المؤتمر وبعده
تباينت وعلى شكل حاد وجهات النظر إزاء انعقاد المؤتمر؛ فمنهم من اعتبره فرصة تاريخية لتوحيد الحركة، ولملمة صفوفها، وإعادة إحيائها من جديد، ومنهم من اعتبره نقطة انفصال، ستؤدي إلى تشظي الحركة، وتعميق حالات التجاذب الداخلية فيها، وبالتالي إضعاف الحركة، أو حتى إنهائها..
على سبيل المثال اعتبر “أمين مقبول” أمين سر المجلس السابق أنّ فصل عضو أو عشرة (في إشارة إلى من تمّ فصلهم بسبب انتمائهم إلى تيّار دحلان) لن يؤثّر على حركة عمرها أكثر من 50 عاماً، حتى إنّ المؤتمر لن يناقش هذه القضيّة.. القيادي الفتحاوي “عاطف أبو سيف” قال: إن فتح بحاجة لعقد مؤتمرها كي تصوب وضعها الداخلي وتعيد تجديد هيئاتها القيادية وتصلّب عودها، خاصة في ظل محاولات تفكيك الحركة من خصومها الذين باتوا خارجها. وهذا بدوره لا بد أن ينسحب على المنظمات القيادية القاعدية أيضا لإفشال محاولات حرف انتباه «فتح» وأبنائها عن مهمتهم الأساس وتشتيت ولائهم”.[1]
من جهة ثانية وصف القيادي المفصول من حركة فتح بتهمة التجنّح “عبد الحميد المصري”، المؤتمر بأنّه إقصائيّ وتدميريّ، وسيشكّل انعقاده في ظلّ ما تعيشه الحركة من خلافات داخليّة كبيرة وحرمان تيّار واسع من المشاركة، خطوة إضافيّة في اتّجاه التفسّخ الداخليّ. كما اعتبر النائب الفتحاويّ “أشرف جمعة” أنّ انعقاد المؤتمر في ظلّ عدم لملمة شتات حركة فتح، وعدم الأخذ بتوصيات المؤتمر السابق- والتي أهمّها أن ينعقد المؤتمر العام على قاعدة عدم إقصاء أيّ شخصيّة فتحاويّة كانت- يمثّلان كارثة وطنيّة حقيقيّة سيدفع ثمنها الجميع.
كما قال القيادي في فتح والنائب السابق “حسام خضر” والذي تم استبعاده من المؤتمر “إن ما يسمونه مؤتمراً هو مؤامرة لإنهاء حركة فتح”، ووصف القائمين عليه بأنهم “فئة ضالة”. وأضاف: “إن هذا المؤتمر المؤامرة جاء لينهي دور فتح التاريخي في قيادة الحركة الوطنية الفلسطينية المقاومة، لذا لا مكان لكثير من قيادات وكوادر الحركة التاريخيين في الأرض المحتلة وخارجها”.[2]
القيادي الفتحاوي “معين الطاهر”، قائد الكتيبة الطلابية في لبنان، كتب في مقالة تحت عنوان “مؤتمر فتح نهاية مرحلة وبداية أخرى”: “ضمّ المؤتمر نحو 1,400 عضو اختيروا على أساس تمثيلي ووظيفي، وخضعوا لمراحل تصفية متعددة، تحكمت بها التوازنات ورضا الرئيس والتقارير الأمنية، وغَلب عليها مقياس الولاء، واستثناء المعارضة والرأي الآخر، بحجة التخلص من المتجنحين (مجموعة محمد دحلان)، كما تميزت بغياب حقيقي لقدامى المناضلين، وتهميش كبير لتمثيل الشتات الفلسطيني، بحيث يصدق عليه القول إنه مؤتمر للسلطة الفلسطينية وكوادرها العاملة”. (صحيفة العربي الجديد، 30/11/2016).
أما الباحث “ماجد كيالي”، وهو من الكوادر البارزة السابقة في فتح، فقد كتب مقالة بعنوان: “ماذا بقي من فتح بعد مؤتمرها السابع؟” جاء فيها: “عدة ملاحظات تتعلق بعضوية المؤتمر، ليُستنتج أن الأمور وصلت إلى وضع تقوم فيه قيادة فتح بانتخاب ناخبيها! ومن أبرز هذه الملاحظات أن حجم تمثيل فلسطينيي الضفة والقطاع، أو تمثيل تنظيم فتح هناك، في المؤتمرين السادس والسابع، كان أكثر بكثير من حجم الفلسطينيين اللاجئين، أو تنظيم فتح في الخارج (بما في ذلك سورية، ولبنان، والأردن، وباقي الدول العربية والأجنبية)، الذي بلغ 128 عضواً من أصل 1,400 عضو، في حين كان حجم هؤلاء أكبر في المؤتمرات الخمس السابقة، مع التأكيد أن عدداً كبيراً من الأعضاء وممثلي الأقاليم جاؤوا بالتعيين؛ وهذا يضمن إعادة تجديد انتخاب الطبقة السياسية المهيمنة في فتح”. (الجزيرة نت، 4/12/2016).
وتوقّع أستاذ العلوم السياسيّة في جامعة الأقصى في غزّة “رياض الأسطل” أن تذهب حركة فتح بعد المؤتمر في اتّجاه الانشطار الكامل في بنيتها التنظيميّة، في ضوء رفض القيادات الشابّة والقريبة من القيادي دحلان سيطرة الحرس القديم على قيادة الحركة، مرجّحاً أن يلجأ التيّار الرافض للمؤتمر السابع إلى عقد مؤتمر موازٍ. ورأى المحلّل السياسيّ “محسن أبو رمضان” أنّ القرارات التي سيخرج بها المؤتمر سيكون لها انعكاساتها على الوضع الداخلي للحركة التي تعاني خلافات عميقة، إضافة إلى النظام السياسيّ الفلسطينيّ والعلاقة مع إسرائيل، مستبعدا أن تكون هناك أيّ مساحة للتفاهم والحوار بين قيادة حركة فتح الحاليّة وتيّار دحلان، بدليل الأحداث الذي شهدتها مخيّمات الضفّة من اشتباكات بين كوادر تناصر القيادي دحلان والأجهزة الأمنية، ما يؤكّد أنّ العلاقات داخل حركة فتح تتّجه نحو الفرقة وليس التصالح بعد ذلك المؤتمر.[3]
من جهته قال القيادي في حركة حماس “غازي حمد”: “إن هناك مشكلة كبيرة في فتح اسمها (أبو مازن)!! لأنه مصمم على قيادة فتح نحو الممر الإجباري، ويريد من خلال المؤتمر السابع تأكيد شرعيته ونفوذه، وإغلاق الباب أمام عودة دحلان، وأمام الرباعية العربية (السعوديّة ومصر والأردن والإمارات العربيّة المتّحدة) التي تدعم عودة دحلان إلى الحركة. [4]
فيما وصف الكاتب والمحلل السياسي “خليل شاهين” هذا المؤتمر بأنه مؤتمر انتخابي بامتياز، هدفه الأساسي إعادة ترتيب موازين القوى الداخلية في حركة فتح، الأمر الذي سيكون له تأثيرات على إعادة توزيع مواقع القوة والنفوذ في داخل السلطة، وفي منظمة التحرير لاحقا.[5]
مؤتمرات فتح السابقة
لفهم وتقييم المؤتمر السابع، ينبغي أولا معرفة مدى أهمية انعقاد المؤتمر العام، ومكانته في البنية التنظيمية لفتح، وطبيعة المؤتمرات السابقة، وأهم سماتها.
يعتبر المؤتمر العام أعلى سلطة تشريعية في الحركة، يقرّ القوانين والأنظمة واللوائح الحركيّة ويصوغ البرامج السياسيّة، ويناقش تقارير اللجنة المركزيّة وقراراتها السابقة، إضافة إلى أنّه ينتخب هيئات الحركة القيادية والتنفيذية، وعلى رأسها اللجنة المركزية (أعلى سلطة تنفيذيّة في الحركة)، والمجلس الثوريّ (وهو بمثابة برلمان فتح، الذي يتابع تنفيذ قرارات المؤتمر العام، ويراقب عمل الأجهزة الحركية، ويناقش قرارات وأعمال اللجنة المركزية وهو الحلقة الوسيطة بين المؤتمر العام وبين اللجنة المركزيّة)..
ومنذ انطلاقتها، عقدت حركة فتح سبعة مؤتمرات عامة؛ الأول في الكويت سنة 1962، رسمت فيه أهداف الحركة وغاياتها، وثبتت فيه الهيكل التنظيمي، ووزعت فيه مهمات القيادة، والثاني في دمشق أواخر العام 1963 وقد ركزت فيه على زيادة العضوية، وعلى تأمين الدعم العربي والدولي. ومع ذلك صنف هذان المؤتمران كمؤتمرات تأسيسية وتمهيدية، بينما يشار إلى أن الاجتماع العام الذي عقد في دمشق أواخر 1964 لإقرار موعد الانطلاقة على أنه المؤتمر العام الأول.[6]
كما عُقد مؤتمر آخر في دمشق في حزيران 1967، بعد النكسة مباشرة، حضره 35 كادرا، دعوا فيه لتواصل العمليات العسكرية وحرب العصابات، ونقل العمل الفدائي إلى داخل الأرض المحتلة، وإعلان الانطلاقة الثانية. وفي العام التالي عقد المؤتمر الثاني في الزبداني قرب دمشق في تموز 1968، وبرزت في المؤتمر الدعوة لإحياء إطار المجلس الثوري المنصوص عليه في (هيكل البناء الثوري) لمراقبة عمل اللجنة المركزية العليا، وتم في هذا المؤتمر انتخاب لجنة مركزية جديدة من 10 أعضاء.
وفي أوائل أيلول من العام 1971 عقد المؤتمر العام الثالث، والذي احتدت فيه النقاشات حول أسباب الأحداث الدامية في الأردن والخروج منها، واتهم فيها جهاز الرصد الثوري بالتقصير وأُدينت بيروقراطية العلاقة بين منظمة التحرير الفلسطينية وحركة فتح. وتمت الدعوة لتكريس القيادة الجماعية، وجرى إقرار النظام الداخلي، وتوضيح مهمات المجلس الثوري.
المؤتمر الرابع عقد في دمشق أيضا عام 1980، بحضور 500 عضو، في ظل ظروف داخلية وإقليمية متأزمة بعد تصاعد التهديدات الإسرائيلية بضرب البنية الأساسية لمنظمة التحرير في لبنان. وكان من أبرز قراراته السياسية اعتبار الإدارة الأميركية عدوة للشعب الفلسطيني، وضرورة تعميق التحالف مع الاتحاد السوفييتي، أما أهم التغيرات التنظيمية فهي انتخاب أعضاء جدد للجنة المركزية. المؤتمر الخامس عقد في تونس في شهر آب 1988 بحضور أكثر من 1000 عضو، وفيه وسّعت اللجنة المركزية، وكُرس منصب القائد العام، وتم التأكيد على تصعيد الكفاح المسلح والانتفاضة الشعبية، وعلى تواصل العمل السياسي على أساس الشرعية الدولية.
المؤتمر السادس عقد في بيت لحم في آب 2009 بحضور 2355 عضوا، وهو أول مؤتمر تعقده الحركة داخل الوطن، ومن أبرز قراراته تصعيد المقاومة بكل أشكالها، وأهمها المقاومة الشعبية والمقاطعة الاقتصادية ومواصلة النضال السياسي والدبلوماسي.[7]
تقييم أولي لنتائج المؤتمر
سنحاول في هذا البند إجراء تقييم أولي للمؤتمر السابع، على ثلاثة مستويات، الأول: أهم المخرجات، والسمة العامة التي طغت عليه، الثاني: أهم ما تم إنجازه، كعمل ممتد لمقررات وتوصيات المؤتمر السادس، والثالث: أين أخفق المؤتمر؟ وما هي أبرز النقاط التي غفل عنها؟
حول السمات العامة للمؤتمر، يمكن القول أنه باختتام أعماله، تكون حركة فتح قد وضعت نفسها في موقف وسط بين ثلاثة خيارات: التأكيد على هويتها النضالية ودورها الريادي كحركة تحرر وطني، أو التوجه نحو تحولها إلى حزب للسلطة، أو إبقاء قدم هنا وأخرى هناك. ويبدو أن الخيار الثالث هو الذي سيطغى على سمة فتح في المرحلة الحالية، ومع ذلك، فإن أهم ما حققه المؤتمر نجاحه إلى حد كبير في استعادة وحدة صفوف الحركة، وحمايتها من مخاطر الانقسام والتصدعات الداخلية.
وحسب تقرير أعده مركز الزيتونة للدراسات فإن انعقاد المؤتمر السابع جاء انتصاراً للرئيس عباس، وانتصاراً للموالين لخيارات الرئيس من أصحاب المصالح المرتبطة ببقاء السلطة التي يمسك الرئيس بزمامها. وجاءت مقدمات ونتائج المؤتمر تتويجاً لنجاحات الرئيس في توجيه مسارات الصراعات على مواقع القوة والنفوذ، بمهارة القادر على التحكم بخيوط دمى متحركة على مسرحي فتح والسلطة.[8]
ورأى التقرير أن الرئيس بدا كمن يسمو على كل الصراعات، بل ويخرج أكثر قوة كلما تفاقمت الخلافات والتصدعات من حوله، في مفارقة لا سابق لها تتحول فيها الشقاقات بدلاً من الوحدة إلى مصدر لتعزيز “الشرعية”. فقد كسب الرئيس عباس واحدة من أهم الجولات على مستوى تعزيز شرعية قيادته للحركة، وتمكن من بناء نقطة استقطاب يصبح فيها خصومه هم ذاتهم خصوم مجموعات المصالح في مؤسسات السلطة المدنية والأمنية بشكل خاص، ما مكنه من توجيه ضربة قوية لخصومه، سواء في تيار عضو اللجنة المركزية السابق محمد دحلان، أم المنتقدين لسياساته، أم بقايا المحسوبين على حقبة الرئيس الراحل ياسر عرفات.[9]
لا يعني ما سبق التسرع بإصدار أحكام قاطعة على مغادرة فتح موقع حركة التحرر الوطني، أو تخليها عن هويتها الكفاحية؛ إذ ما تزال القواعد الواسعة المؤيدة للحركة تنخرط في مواقع النضال التي تفرضها طبيعة الصراع ذاته، إضافة إلى وجود تيار في الهيئات القيادية والقاعدية يؤمن بأن السمة الرئيسية للمرحلة ما تزال التحرر الوطني.[10]
أما على صعيد ما تم إنجازه، كعمل ممتد لمقررات وتوصيات المؤتمر السادس، وتوصيات المؤتمر السابع، فقد جاء في البيان الختامي ما يشير إلى نية صادقة لإصلاح فتح نفسها، واستنهاضها، وتفعيل أطرها الحركية.. “وأوضح المؤتمر أنه لا سبيل لتحقيق مجمل برامج العمل الحركي للمرحلة المقبلة دون تنظيمٍ متعافٍ مستندٍ إلى قواعد وأسس النظام الداخلي لـ”فتح” في الحرص على انتظام اجتماعات الأطر الحركية القاعدية والقيادية بالتزام قائم على الحياة الديمقراطية في هذه الأطر والمشاركة الفعالة من قبل جميع الأعضاء، وخاصة قطاعي المرأة والشبيبة، مؤكدا أن سير أعمال المؤتمر السابع ونجاحه الاستثنائي يعزز قدرة الحركة على تطوير الأداء وتعميق الممارسة الديمقراطية في جميع المجالات”.
في هذا المجال يمكن رصد العديد من المنجزات، وقد أشار إليها بالتفصيل تقرير مفوضية التعبئة والتنظيم، وهي منجزات تتعلق بتصليب الحركة، وتقويتها، واستنهاضها، وعقد مؤتمرات الأقاليم، وانتخاب قيادات حركية جديدة..
غاب عن البيان الختامي الإشارة للمقاومة الشعبية، لكنها وردت وبشكل واضح في تقارير اللجان، وفي البرنامج السياسي والتقرير السياسي، حيث أكدت جميعها على أهمية تصعيد المقاومة الشعبية، وتعميمها.. وحسب تقرير مفوضية التعبئة والتنظيم فقد اعتمدت الحركة المقاومة الشعبية بكافة أشكالها أسلوبا وأداة رئيسة في مقاومة الاحتلال، وجعلتها على رأس أولويات الحركة، ودعت قادتها وكوادرها وأعضاءها ومناصريها للانخراط بكل قوة في فعاليات المقاومة الشعبية، وأنشأت جسما مستقلا داخل فتح خاص بالمقاومة الشعبية والجدار والاستيطان، وشكلت عشرات اللجان الشعبية قرب جدار الفصل العنصري، وفي الأغوار والقدس.
وفي مجال الجهود الدبلوماسية والسياسية جاء في البيان: “وأكد المؤتمر على ضرورة مواصلة مسيرة فلسطين في الأمم المتحدة من خلال تفعيل كل الجهود الدولية لإنفاذ القرار الأممي رقم (67/19) للعام 2012، الذي اعترف بفلسطين كدولة بصفة مراقب والسعي للحصول على العضوية الكاملة، ومواصلة العمل على انضمام دولة فلسطين للمؤسسات والمنظمات والمواثيق والبروتوكولات الدولية. ونيل المزيد من الاعترافات بدولة فلسطين من دول العالم”.
ويبدو أن رصد النجاحات والمنجزات في هذا المجال أمر متيسر؛ فقد حققت الحركة العديد من الأهداف التي حددها المؤتمر السادس، وأبرزها انتزاع اعتراف دولي واسع بدولة فلسطين، وانضمام فلسطين للأمم المتحدة (عضواً مراقباً)، فضلا عن انضمامها للعديد من المنظمات الدولية الهامة، وتوقيعها على عدد من المعاهدات والمواثيق الدولية.
على صعيد آخر له علاقة ببناء جسور مع المجتمع الإسرائيلي: جاء في البيان: “وأكد المؤتمر على استراتيجية “فتح” ومنظمة التحرير الفلسطينية في توسيع قنوات الحوار والتواصل مع مختلف مكونات المجتمع الإسرائيلي بما يخدم مشروعنا للتحرر الوطني ويعزز فرص تحقيق السلام العادل المستند إلى الشرعية الدولية ويحقق حلا عادلا ومتفقا عليه لقضية اللاجئين وفق القرار الأممي 194 وكما ورد في مبادرة السلام العربية”.
في هذا الجانب، تحدث تقرير “لجنة التواصل مع المجتمع الإسرائيلي” عن نتائج مثمرة ساهمت في تحديد معالم الخريطة السياسية/ الاقتصادية/ الاجتماعية/ الأكاديمية/ الحزبية/ المدنية داخل إسرائيل، وفهم طبيعة المجتمع الإسرائيلي وتوجهاته على نحو أدق وأعمق، وهو أمر مهم لبناء إستراتيجية فلسطينية مقاومة. وأيضا، ذكر التقرير أن عمل اللجنة ساهم في تبديد مخاوف الكثير من الجماعات والشرائح التي كانت تتخذ مواقف متطرفة ومتشددة تجاه الفلسطينيين، وتمكنت من نقلهم إلى مواقع الحياد. وأيضا ساهمت في إعادة جسور الثقة والتواصل مع الطائفة الدرزية، والتي هي جزء أصيل من الشعب الفلسطيني.
أما على صعيد الإخفاقات، والنقاط التي غفل عنها المؤتمر؛ فبداية يمكن القول أنه إذا كان المؤتمر قد نجح في تجديد شرعية القيادة، وتوحيد أطر الحركة، ودرء الانشقاق، إلا أنه أخفق في تقديم إجابات واضحة حول دور الحركة النضالي في المرحلة المقبلة، وبالذات فيما يخص طبيعة العلاقة مع إسرائيل، والعودة لمواقع الاشتباك معها. كما أخفق في تقديم مراجعة جدية نقدية للتجربة الماضية، وتحوّل إلى مؤتمر انتخابي، على حساب النقاش المتعلق بمتطلبات استنهاض الحركة، واختتم أعماله بإبقاء القديم على حاله؛ بل وخسرت فتح من استبعدوا من عضوية المؤتمر، سواء من باتوا مصنفين ضمن خانة “المتجنحين”، أو مئات الكوادر الذين تم استبعادهم من عضوية المؤتمر، خاصة من كوادر الشتات.
وجاء في البيان الختامي للمؤتمر تأكيد على “وجوب عقد المجلس الوطني الفلسطيني خلال فترة ثلاثة أشهر، وذلك من أجل تفعيل دوائر م. ت. ف. والحفاظ على م.ت.ف. كبيت سياسي ومعنوي لأبناء الشعب الفلسطيني كافة في الوطن والشتات”.
اليوم، وبعد أكثر من أربعة شهور على انقضاء المؤتمر، لم تبدُ في الأفق أية إشارة جدية يمكن البناء عليها فيما يخص عقد المجلس، سواء بتوجيه دعوات، أو تحديد الأسماء والجهات المشاركة فيه، أو زمن ومكان انعقاده، أو عقد مشاورات جادة مع الفصائل للاتفاق على الحد الأدنى من القواسم المشتركة كأرضية ينعقد عليها المجلس.. وهذا ما ينطبق أيضا على محاولات تفعيل وتطوير وإصلاح المنظمة.
وبالنسبة للمصالحة الوطنية وإنهاء الانقسام، جاء في البيان: “أكد المؤتمر على ضرورة التصدي للانقسام البغيض وإنهائه، لإنجاز المصالحة الوطنية وبهدف تعزيز الوحدة الوطنية، أرضا وشعبا وفصائل ومؤسسات، ضمانةً لتحقيق النصر”. ومن الواضح للقاصي والداني أن المصالحة لم تتحقق، والانقسام لم ينته، وليس في الأفق مؤشرات تدل على الاقتراب من تحقيق ذلك الهدف.. وإذا كانت حماس تتحمل المسؤولية الأكبر عن استمرار الانقسام، فإن فتح أيضا تتحمل جزءا من المسؤولية، وعليها أن تعترف بذلك.
كما أخفقت فتح هذه المرة، من خلال مؤتمرها من استيعاب الخلافات الداخلية، في حين كانت أقدر على ذلك في مرحلة السبعينات والثمانينات، من حيث استيعاب التيارات والتوجهات المختلفة، تحت سقف فتح وقيادتها الشرعية، بالرغم من تنوعها وتباينها على نحو كبير آنذاك.
وفي مجال إعادة استنهاض الحركة يبدو واضحا أنه لا اللجنة المركزية ولا المجلس الثوري يعقدان اجتماعاتهما بشكل منتظم، ولم ينجحا في وضع ضوابط للشفافية والقضاء على الفساد داخل السلطة. ولم ينجحا في استيعاب الخلافات الداخلية، كما أن تنظيم فتح ما زال هلاميا، ولم يستعد مكانته الريادية في الشارع الفلسطيني. وعلى صعيد المقاومة الشعبية، بالرغم من كل الحديث عن التصعيد واللجان، إلا أن فتح أخفقت في تعميم المقاومة الشعبية على مستوى الوطن. كما أخفقت في تبني الهبة الشبابية التي انطلقت في أواخر العام 2015.
وأيضا لم تبدِ الحركة الاهتمام الكافي بقطاعي الشباب والمرأة، فمثلا لا توجد مفوضيات خاصة بهما، والهيئات القيادية الفتحوية ما زالت ذكورية، وأغلبيتها المطلقة من كبار السن، ويغيب عنها الشباب بشكل واضح.
كما أن تجديد مبايعة أبو مازن بالتصفيق رئيساً للحركة، في الساعة الأولى من أعمال المؤتمر، أضعف من شرعيته كرئيس، فمثل هذه الممارسة لا تنطبق عليها معايير العملية الانتخابية، إذ إن الرئيس لم يقدم استقالته أصلاً لكي يعاد انتخابه، ولم يفتح الباب للترشح أمام أعضاء المؤتمر، ولو شكلياً، وتمت المبايعة قبل أن يطرح الرئيس رؤيته التي يفترض انتخابه على أساسها.
في اليوم الثاني ألقى الرئيس خطابا استغرق نحو ثلاث ساعات، تطرق فيه إلى الكثير من القضايا والمواقف، مثل المفاوضات، وأشكال النضال، والعلاقة مع دولة الاحتلال، ودور السلطة؛ وبالرغم من أهميته وصراحته بيد أنه خلا من أية مراجعة نقدية للإخفاقات والأخطاء السابقة، أو تقييم للمسار السابق، كما تماهت في الخطاب إنجازات حركة فتح مع إنجازات السلطة، مثل الحديث عن إقامة المستشفيات والمدارس، وعدد عقارات السفارات المملوكة للسلطة. (انظر نصّ خطاب الرئيس، صحيفة الأيام الفلسطينية، 1/12/2016).
وشكلت رؤية الرئيس امتداداً للسياسة المعتمدة من قبل فتح والسلطة دون تجديد ذي شأن، أو حتى الاقتراب من قرارات المجلس المركزي لمنظمة التحرير الصادرة في آذار (مارس) 2015، والتي أقرت وجوب إعادة النظر في العلاقة مع دولة الاحتلال، ووقف التنسيق الأمني، وإعادة النظر في الاتفاقات الموقعة. وكان واضحاً أن من يصوت لتجديد البيعة لرئيس الحركة بالتصفيق، قبل أن يطرح برنامجه وتصوره السياسي، يصعب عليه الاعتراض لاحقاً على هذا البرنامج، إلى الحد الذي لم يذكر فيه الكفاح المسلح، حتى كمجرد حقّ في ممارسة أشكال المقاومة، في أي من كلمات ومداخلات أعضاء المؤتمر![11]
وفي مجالات أخرى، أجلت فتح تنظيم الانتخابات البلدية أكثر من مرة، لم تتمكن الحركة من إعادة ترميم علاقاتها مع الدول العربية، على النحو المطلوب، وكذلك، فإن الوضع الإعلامي للحركة لم يتحسن، لا الإذاعة ولا الفضائية تمكنتا من فرض نفسيهما على الجمهور بأي شكل، التعاميم التنظيمية للموقف السياسي متوقفة، الناطقون الإعلاميون لم يتطور أداؤهم بالشكل المطلوب، ومواقع فتح على الإنترنت ما زالت مبعثرة، وغير جاذبة..
هذا فضلا عن الإخفاقات الشكلية الأخرى، وأبرزها عدم توزيع جدول أعمال المؤتمر ووثائقه على الأعضاء، بما في ذلك البرنامج السياسي وبرنامج البناء الوطني وتقارير المفوضيات قبل المؤتمر بفترة كافية، ليتسنى لهم قراءتها ومناقشتها، حيث قُدمت بعد عرض رؤية الرئيس مباشرة، واستغرق طرحها ونقاشها يوماً واحداً فقط، تلاه فتح باب الترشح والانتخاب في اليوم الرابع.
خلاصة
المؤتمرات الحركية العامة مسألة في غاية الأهمية بالنسبة لحركة فتح، ولأي تنظيم أو حزب سياسي، فيها يتم تجديد الأطر القيادية ومراجعة البرنامج السياسي، وتقييم الأداء العام، وممارسة النقد الذاتي، والمراجعات المختلفة، ووضع الخطط والبرامج المستقبلية، وهي التي تعطي الحيوية والديمومة لأي إطار سياسي، وتجدد شبابه، وتضخ فيه دماء جديدة، وتطور خطابه السياسي والإعلامي بما يتواءم مع تطورات الأوضاع والمستجدات على الساحة الدولية. وبدونها تصاب التنظيمات بالتكلس والوهن والترهل، وتجد نفسها بعد فترة متخلفة عن شعبها، وعن مجريات الأحداث وتطوراتها..
بالنسبة لحركة فتح، بوصفها حركة الشعب الفلسطيني عامّة، وقائدة نضاله الوطني، وصاحبة التجربة الأطول والأوسع والأكثر تأثيرا على الحياة السياسية، وعلى مجريات الصراع .. تزداد أهمية عقدها للمؤتمرات، سيما في ظل التهديدات التي تتعرض لها الحركة، وحالة التجاذبات والتصدعات الداخلية.
لذلك، اكتسب المؤتمر السابع أهمية خاصة، وقد استعرضنا في هذه الدراسة جانبا من الظروف والحيثيات التي أحاطت بانعقاده. اليوم، وقد انعقد المؤتمر، وبات جزءا من التاريخ النضالي الفلسطيني، نجد حاجة ماسة لاستشراف مستقبل الحركة، وتحديد أولوياتها، وأهم النقاط التي ينبغي لها مراعاتها، والبدء بتنفيذها..
ومع تغيرات معطيات الصراع، وتغير الخارطة السياسية الداخلية الإسرائيلية، وما نشهده من اندفاع متزايد لليمين الصهيوني، واستمرارية وتعميق مخططات الاحتلال الاستيطانية والتهويدية، وعلى ضوء تغير الإدارة الأميركية ووصول “دونالد ترامب” لسدة الرئاسة، ورهان الحكومة الإسرائيلية على دعم غير مسبوق من إدارته، ينبغي على فتح، والقيادة الفلسطينية عموما استيعاب هذه التغيرات، واتباع سياسات جديدة، واعتماد منهجية نضالية جديدة للرد على هذه التحديات الخطيرة، وبشكل خاص من حيث فرض مسار أكثر ثورية من المواجهة السياسية والميدانية مع قوات الاحتلال والمستوطنين، والتعبئة الجماهيرية، وتوفير متطلبات هذا التحول في الاستراتيجية الفلسطينية، وفي مقدمتها إعادة بناء الوحدة الوطنية، وإصلاح المنظمة والسلطة.
وهذا كله يتطلب استنهاض الحركة، وتغيير سياساتها باتجاه استعادة دورها في إطار الإبقاء على مفهوم التحرر الوطني، وإعادة علاقتها مع إسرائيل كما ينبغي لها دوما أن تكون: علاقة قائمة على المقاومة والاشتباك في كافة الميادين، وهذا يعني بطريقة ما لملمة صفوف الحركة، واستعادة كافة المناضلين المؤمنين بمكانة فتح كحركة تحرر وطني، سواء من بين أعضاء اللجنة المركزية الجديدة والمجلس الثوري، أم آلاف الكوادر الذين تم تهميشهم من مناضلي الحركة في الوطن والشتات، ممن لديهم رؤية نقدية للمسار السابق ومتطلبات الخروج من المأزق الراهن، أو الذين يعتبرون أنفسهم مستنكفين، احتجاجا على تراجع فتح.
ومثل هذا التحول الثوري لا يجوز أن يبقى مرهوناً بانتظار ردود أفعال الاحتلال ومستوى تطور الصراع على الأرض، بل يتطلب المبادرة من كوادر الحركة أساسا، سواء ممن شاركوا في المؤتمر أو ممن لم يشاركوا، وأيضا من فصائل العمل الوطني والإسلامي، بالدعوة للانخراط في ورشة عمل وطنية شاملة وموسعة لتصحيح المسار الاستراتيجي الفلسطيني، عبر حوار وطني شامل، قبل عقد المجلس الوطني، يركز على أسس ومتطلبات إعادة بناء الوحدة الوطنية في إطار منظمة التحرير على أساس برنامج سياسي توافقي، وتشكيل قيادة واحدة، والتوافق على أسس الشراكة الوطنية، بمشاركة الجميع دون إقصاء، وإعادة توحيد المؤسسات المدنية والأمنية للسلطة على قاعدة تحديد العلاقة مع دولة الاحتلال، والخروج التدريجي من اتفاق أوسلو وملاحقه، وإعادة النظر في دورها ووظائفها وتصحيح علاقتها بالمنظمة لتصبح سلطة معنية بتقديم الخدمات للمواطنين، وبحيث تكون الانتخابات تتويجاً للتوافق الوطني على ما سبق.
وما سبق ذكره يتطلب من اللجنة المركزية الارتقاء إلى مستوى المسؤوليات التي يفرضها استمرار هيمنة الحركة على المؤسسات الوطنية، وفي مقدمتها تغليب متطلبات الصراع مع الاحتلال على الصراع على مواقع القوة والنفوذ في سلطة يسعى الاحتلال لتكريس دورها كوكيل أمني وإداري واقتصادي للاحتلال. وهو ما يتطلب التركيز على تبني برنامج عمل لإعادة استنهاض فتح كحركة تحرر وطني وتصحيح مسار الصراع مع الاحتلال، ووقف تماهي الحركة مع السلطة، وإحياء دور المؤسسات الوطنية.[12]
خاتمة
وأخيرا، إذا كان إصلاح التاريخ أو تغييره أمرا مستحيلا؛ فعلى الأقل يمكن الاستفادة من تجارب التاريخ، وتدارك الأخطاء مستقبلا، على سبيل المثال، وفيما يتعلق بالمؤتمر السابع، فقد أخطأت الحركة بموضوع مناقشة وإقرار البرنامج السياسي وإقرار التعديلات على النظام الداخلي.. كان من المفترض أن تتم مناقشة هذه الأمور بشكل أوسع وأشمل وأعمق، ما جرى عمليا هو توزيع هذه البرامج والوثائق على أعضاء المؤتمر خلال فترة وجيزة جدا، وتخصيص يوم واحد فقط لمناقشتها وإقرارها.. لتدارك مثل هذا الخطأ، وحتى لا تكون مؤتمرات فتح مجرد مهرجانات انتخابية وإلقاء خطب.. ينبغي صياغة مسودات ومقترحات لكافة البرامج والوثائق قبل انعقاد المؤتمر بفترة كافية، وتوزيعها على الأطر الحركية، وعلى القواعد التنظيمية، وحتى على الرأي العام الفلسطيني، وعقد عشرات الورش والاجتماعات والمؤتمرات التمهيدية في غرف مغلقة، وأخرى مفتوحة، ومنحها الوقت الكافي والجهد الذي تستحقه، قبل عرضها على المؤتمر العام.. وهذا الأسلوب وحده الكفيل بإنجاح المؤتمر، وإشراك كل قواعد فتح فيه، ليتحمل الجميع المسؤولية؛ قيادة، وكوادر، وقواعد تنظيمية.. وبهذا الشكل لا يكون لعدد أعضاء المؤتمر، أو للأسماء المشاركة أهمية حاسمة، لأن مضمون ومحتوى المؤتمر اشترك في صياغتها وتحديدها الجميع، ليأتي المؤتمر لمنحها صفة الشرعية.
الهوامش
[*]باحث مقيم في رام الله.
[1] المؤتمر السابع.. الأخطر في تاريخ فتح وتخوفات ما بعده داخليا وإقليميا، وكالة سما الإخبارية، 23-11-2016. http://samanews.ps/ar/post/287167/
[2] المصدر نفسه.
[3] أحمد أبو عامر، مؤتمر فتح بين التشظي ومستقبل الانشطار، صحيفة المونيتر، 13-11-2016. http://www.al-monitor.com/pulse/ar/originals/2016/11/palestine-fatah-conference-division-abbas-dahlan.html
[4] المؤتمر السابع.. مصدر سبق ذكره.
[5] هل انتهى مؤتمر حركة فتح السابع بمبايعة الرئيس من اللحظة الأولى؟ صحيفة الحدث، العدد 75، 6-12-2016.
[6] محمد جاسر، تاريخ مؤتمرات حركة فتح من الأول حتى السابع، الرسالة نت، 29-9-2016. http://alresalah.ps/ar/post/151675/
[7] المصدر نفسه.
[8] قراءة في المآلات الإستراتيجية للتحولات في هوية ودور فتح، مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات، بيروت- نداء الوطن، 7-1-2017
http://nwatan.ps/page-up/31519
[9] المصدر نفسه.
[10] المصدر نفسه.
[11] المصدر نفسه.
[12] المصدر نفسه.