ترجمة وتحرير:يسار أبو خشوم

Recycling Old Ideas Won’t Avoid Another Jenin

مجلة فورين بوليسي الأمريكية

بقلم بقلم زها حسن، باحثة في مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي، ودانييل ليفي، رئيس مشروع الولايات المتحدة / الشرق الأوسط ومفاوض إسرائيلي سابق

٧ تمّوز/ يوليو ٢٠٢٣

في ضوء التصعيد الإسرائيليّ الأخير ضد مخيّم جنين، يناقش هذا المقال فشل المفاوضات السابقة بين الفلسطينيين والإسرائيليين ويشدّد على ضرورة الاعتراف بالواقع القاسي لنظام الفصل العنصري الإسرائيلي، إذ يحثّ الكاتبان على ضرورة بناء استراتيجيّات وتحالفات جديدة لمواجهة هذا النظام القمعي، ويدعوان إلى محاسبة إسرائيل على سياساتها غير القانونيّة مع التشديد على الحاجة لتغيير النظرة العالميّة للصراع الفلسطينيّ الإسرائيليّ لتكون أكثر عدلا وإنصافا.

يبدأ المقال بتوجيه انتقاد شديد للنهج الذي تتبعه الدول الغربية في معالجة الصراع الإسرائيلي الفلسطيني. يعبّر الكاتبان بوضوح عن القلق الشديد إزاء التكرار المستمر لاستراتيجيات فاشلة، خصوصا تلك المتمحورة حول تعزيز قدرات السلطة الفلسطينية؛ إذ يحاججان بأنّ الغرب صمّم السلطة الفلسطينية لتكون ضعيفة وهشة، وأنّ الاحتلال يسعى على الدوام لأن تقوم السلطة بدور متعاقد فرعي شبه ضمني له في الأراضي المحتلّة. ويرى الكاتبان بأنّ هذا الدور المزدوج للسلطة الفلسطينية، حيث تجبرها إسرائيل على تلبيّة توقّعاتها في الوقت نفسه الذي تسعى فيه لتمثيل شعبها، يخلق حالة متناقضة ويترك السلطة الفلسطينية في وضع صعب تكافح من أجل التعامل معه على مدى أكثر من عقدين من الزمن.

السلام الاقتصاديّ

يعترض المقال أيضا على الفكرة المتفائلة للغاية حول “السلام الاقتصادي”، وهو الاعتقاد بأنّ التطوير الاقتصادي والمساعدات الخارجية يمكن أن يفضيا إلى السلام والاستقرار. يناقش الكاتبان هذه الفكرة بشكل مفصّل، ويشيران إلى أنّ المساعدة الاقتصادية، مهما كانت كبيرة، لن تكون حلّا كافيا للفلسطينيين الذين يعيشون تحت وطأة الاحتلال ويتعرّضون باستمرار للتهميش والحرمان من الحقوق الأساسية.  كما يتطرّقان إلى فشل استراتيجية إدارة ترامب التي كانت تركّز بشكل كبير على العوامل الاقتصادية، ويشدّدان على أنّ هذا النهج تم تجربته في مختلف السياقات وثبت فشله على مدى العقود الفائتة.

من جهة أخرى، يتناول المقال النقد الحادّ لاتفاقات أبراهام، التي تمّ توقيعها بين إسرائيل وعدد من الدول العربية، بما في ذلك الإمارات العربية المتحدة والبحرين. يحاجج الكاتبان بأنّ هذه الاتفاقات لم تكن تهدف إلى تعزيز حقوق الفلسطينيين أو السلام، بل كانت تهدف بشكل أساسيّ إلى تعزيز العلاقات بين إسرائيل والدول العربيّة. وفي الوقت الذي تم فيه تسليط الضوء على هذه الاتفاقات كخطوة كبيرة نحو السلام، يشير الكاتبان إلى أنّها في الواقع أعطت الضوء الأخضر لإسرائيل لمواصلة الاستيطان بشكل غير محدود، دون أن تكون هناك أيّة تحسينات ملحوظة في حياة الفلسطينيّين. ويعبّر الكاتبان عن قلقهما أيضا حيال الضغوط الغربيّة المتزايدة على المملكة العربيّة السعوديّة للمشاركة في هذه الاتفاقات، معتبران أن ذلك سيكون مرادفاً للموافقة على تكتيكات الحوافز الاقتصادية والتنازلات الإقليمية التي تم تجربتها سابقا وباءت بالفشل.

عنف المستوطنين والفصل العنصري

بعد ذلك، يتحوّل الكاتبان إلى النظرة المستقبليّة، مشدّدان على ضرورة التعامل مع الواقع القاسي للاحتلال الإسرائيلي المستمر والاستنزاف الممنهجّ لحقوق الفلسطينيين. يرى الكاتبان أنّه من الضروري الاعتراف بأنّ الوضع الراهن يمكن وصفه بأنّه “نظام فصل عنصريّ”، مشيران إلى البنية النظاميّة التي تفرضها إسرائيل، والتي تشابه في بعض جوانبها السياسات التمييزية التي تم تطبيقها في جنوب أفريقيا. يشدّد الكاتبان على أنّ الاعتراف بالواقع القاسي لهذا النظام الظالم يمكن أن يساهم في تحقيق تقدّم حقيقي، مع التركيز على إنشاء استراتيجيّات وتحالفات جديدة يمكن أن تحقق تقدّما حقيقيا وتحويل الخطاب نحو الاعتراف بنظام إسرائيل باعتباره قمعيّا في جوهره وغير عادل.

من جهة أخرى يشدّد المقال على الحاجة لمواجهة العنف المنظّم من قبل المستوطنين الإسرائيليين والعنف الممنهج الذي يمارسه الاحتلال الإسرائيلي. ينتقد الكاتبان بشدّة الحكومة الإسرائيلية الحاليّة، مع اتّهامها بمحاولة تطهير الفلسطينيين عرقيّا من الأراضي المحتلة، ويشيران إلى أنّ المنظمات الحقوقية البارزة قد وصفت بالفعل معاملة إسرائيل للفلسطينيين على أنها تنسجم مع التعريف القانوني للفصل العنصري. ويتوقّع الكاتبان تكرار الهجمات العسكرية الإسرائيلية، وتزايد المقاومة الفلسطينية، خصوصا من الجيل الأصغر. مع التأكيد على أنّه بدون عملية سلام واقعيّة يبنى عليها، تتبدّى السياسات الغربية بوضوح غير كافية وغير مستدامة.

أخيرا، يدعو المقال إلى تغيير في الفهم العالمي للصراع الإسرائيلي الفلسطيني. بعد أن أظهر النظام المركزي الغربي القائم على القواعد عدم فعاليّته بالنسبة إلى الفلسطينيّين، ينبغي البحث عن وجهات نظر وأساليب جديدة في هذا العالم متعدّد الأقطاب. يحثّ المقال على محاسبة إسرائيل على أفعالها وسياساتها غير القانونيّة والتطلّع نحو أنماط جديدة من النضال والتحالفات التي قد تكون أكثر فعاليّة في التصدّي لهذه الظروف القاسية؛ إذ يجادل الكاتبان بضرورة الاعتراف بالفشل القاطع لحلّ الدولتين، والبدء في البحث عن حلول جديدة تحترم حقوق الإنسان والعدالة الاجتماعية والمساواة. الاستمرار في تطبيق السياسات الفاشلة القديمة والمحافظة على الأوضاع القائمة لن يفضي إلى شيء. يشير الكاتبان إلى أنّ النضال من أجل العدالة والمساواة والحرية يتطلّب التحلي بالجرأة والتصميم للتحدي والقدرة على التعامل مع العقبات والتحديات.

خاتمة

يخلص المقال إلى أنّ النظام القائم يعمل على تقويض العدالة الاجتماعية والحرية للفلسطينيين والإسرائيليين على حدّ سواء. يحثّ الكاتبان على البحث عن حلول تعزّز حقوق الإنسان لكل الأطراف المعنية وتعزز العدالة والمساواة، بدلا من الاعتماد على النظم القديمة التي ثبتت فشلها. مع التأكيد على أنّه حان الوقت لنظرة جديدة على الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، نظرة تتجاوز الإطار القديم للنقاش، وتركّز على الحق في العيش بحريّة وكرامة لجميع الأشخاص، بغض النظر عن العرق أو الدين.

للتحميل اضغط هنا