ترجمات: دعم إسرائيل للدروز: “توظيف سياسي” لإضعاف سوريا

دعم إسرائيل للدروز: “توظيف سياسي” لإضعاف سوريا

Le soutien d’Israël aux Druzes, “une instrumentalisation” pour affaiblir la Syrie

مجلة Courrier International الفرنسية

بقلم سليمة مردم بك

(4 اذار/ مارس 2025)

 

وفقا للمقال، تقوّض التهديدات الأخيرة التي أطلقتها إسرائيل بشأن التدخل المباشر في سوريا لدعم الأقلية الدرزية عملية الانتقال السياسي في البلاد وجهود توحيدها التي تقودها دمشق، كما تعكس أيضا نية واضحة للتدخل وتوجهات توسعية. وفي وقت يسير فيه السوريون ببطء نحو مسار الانتقال السياسي، يبدو أن هذه العملية قد تكون رهينة لعبة القوى الإقليمية، وعلى رأسها إسرائيل، التي يبدو أنها عازمة على إفساد هذا المسار. فيما يلي ترجمة كاملة للمقال: 

 

منذ سقوط نظام بشار الأسد في كانون الأول/ ديسمبر 2024، كثّفت إسرائيل هجماتها على الأراضي السورية. على سبيل المثال، شنت الطائرات الحربية الإسرائيلية ليلة 25 و26 شباط/ فبراير سلسلة من الغارات الجوية على مواقع عسكرية في جنوب سوريا، تزامنا مع اختتام مؤتمر الحوار الوطني، الذي كان من المفترض أن يضع أسس انتقال سياسي شامل. وقبل ذلك بيومين، طالب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بـ”نزع السلاح الكامل من جنوب سوريا” في محافظات القنيطرة ودرعا والسويداء، وهو مطلب يتجاوز جغرافيا “منطقة فض الاشتباك” التي تحتلها إسرائيل منذ أكثر من شهرين. هذه المنطقة، التي كانت منزوعة السلاح بين مرتفعات الجولان التي احتلتها إسرائيل عام 1967 (وضمتها بشكل غير شرعي عام 1981) وسوريا، كانت تحت إشراف قوة الأمم المتحدة لمراقبة فض الاشتباك (أندوف) منذ عام 1974.

منذ سقوط نظام الأسد، أقام الجيش الإسرائيلي ما لا يقل عن سبع قواعد محصنة داخل المنطقة المنزوعة السلاح، على الجانب السوري من الحدود. واليوم، يواجه السوريون تهديدا بتقدم إسرائيلي نحو جنوب دمشق.

توظيف الأقليات كأداة ضغط

يظهر هذا التوظيف السياسي من خلال التصريحات الأخيرة لكل من نتنياهو ووزير دفاعه إسرائيل كاتس، اللذين أمرا الجيش الإسرائيلي بـ” الاستعداد للدفاع عن قرية درزية في جنوب سوريا”، وذلك بعد إطلاق القوات السورية عملية أمنية في المنطقة، وسط تصاعد التوترات بين الجيش السوري ومجموعات مسلحة درزية. لقد جعلت الحكومة السورية الجديدة من استعادة الأسلحة إلى سيطرة الدولة أحد أهدافها الوطنية الأساسية على المدى القصير. أما المدينة المعنية، جرمانا، فتقع في ضواحي دمشق، وتضم مجتمعا مختلطا من الدروز والمسيحيين.

وقال نتنياهو وكاتس في بيان مشترك: “إذا استهدف النظام الدروز، سنلحق به الأذى. نحن ملتزمون تجاه إخواننا الدروز في إسرائيل ببذل كل ما في وسعنا لمنع أي ضرر يلحق بإخوانهم في سوريا، وسنتخذ جميع الإجراءات اللازمة لضمان أمنهم. تستند هذه التهديدات الإسرائيلية إلى خطاب معروف قائم على “تحالف الأقليات”، حيث سعت إسرائيل تاريخيا إلى تقسيم القضية الفلسطينية وإضفاء الطابع الطائفي عليها، من خلال محاولة فصل الدروز الفلسطينيين ودروز الجولان المحتل عن هويتهم العربية ومحيطهم الطبيعي.

إجراءات مزعزعة للاستقرار

يرفض الباحث في الجغرافيا السياسية هـ. أ. هيلير من معهد الخدمات الملكي للدراسات الدفاعية والأمنية في لندن (RUSI)  المبررات الإسرائيلية، ويقول: “الأساس الاستراتيجي للقرار الإسرائيلي لا يمكن تبريره بمخاوف أمنية، ولا على أساس ‘حق الحماية’ المزعوم للأقليات في سوريا.” ويضيف: “تزعزع هذه الإجراءات استقرار سوريا بشكل خطير، وكافة الجهود الرامية إلى إعادة بناء البلاد بعد عقود من الحكم الاستبدادي مهددة بهذه المبادرات غير المسؤولة.” أما الباحث والمحلل العسكري نوار أوليفييه، من مركز عمران في إسطنبول، فيرى أن إسرائيل تستخدم في سوريا استراتيجيتين رئيسيتين: التدخلات العسكرية، سواء عبر شن ضربات جوية أو الاستيلاء على أجزاء من الأراضي في الجنوب، بالقرب من المنطقة العازلة السابقة، والقوة الناعمة من خلال استغلال الأقليات لإضعاف الحكومة السورية الجديدة.

تنسيق مع واشنطن

تثير السياسة الإسرائيلية تجاه سوريا تساؤلات، ولا سيما أن الرئيس السوري الجديد أحمد الشرع، الذي خلف الأسد، أبدى نهجا أكثر اعتدالا تجاه إسرائيل، حيث وصفها بـ”الدولة” بدلا من “الكيان الصهيوني”، وأكد حرصه على تجنب النزاعات مع الجيران، بمن فيهم إسرائيل. منذ سقوط الأسد، تعتمد إستراتيجية إسرائيل على ثلاثة محاور رئيسية: تعزيز أمنها القومي، والسيطرة على الممرات الإستراتيجية، مثل طريق دمشق-القنيطرة، والتحكم في الممرات الجبلية عند سفوح جبل الشيخ (عند الحدود بين سوريا وإسرائيل ولبنان). تستغل إسرائيل الضعف الحالي للدولة السورية، مدعوما بعودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، حيث يحاول الاستفادة من التقارب الأمريكي-الروسي الجاري لتحقيق مكاسب على الأرض في سوريا.

في الختام، يقول هـ. أ. هيلير: “أضحت الولايات المتحدة أقل اهتماما بسوريا مما كانت عليه في السابق، ويبدو أن إسرائيل تستغل هذا الوضع إلى أقصى حد.” ويضيف: “لكن رغم ذلك، فإن الإجراءات الإسرائيلية تتم على الأرجح بالتنسيق مع واشنطن.” في أواخر شباط/ فبراير، كشفت وكالة رويترز أن إسرائيل تحاول إقناع الولايات المتحدة بالإبقاء على سوريا ضعيفة ومجزأة، من خلال السماح لروسيا بالاحتفاظ بقاعدتيها العسكريتين في اللاذقية وطرطوس، كإجراء لموازنة النفوذ التركي المتزايد في البلاد.

ترجمات: دعم إسرائيل للدروز: “توظيف سياسي” لإضعاف سوريا