ترجمة وتحرير: يسار أبو خشوم
تجريم التضامن مع فلسطين يتّخذ مكانة أكبر في أوروبّا
La criminalisation de la solidarité avec la Palestine gagne du terrain en Europe
مجلة أوريان ٢١ الفرنسيّة
بقلم بودوان لوس
١١ تمّوز/ يوليو ٢٠٢٣
يتناول هذا المقال ازدياد تجريم التضامن مع فلسطين في أوروبا. في الثالث من تمّوز/ يوليو ٢٠٢٣، اعتمد البرلمان البريطاني قانونا يعاقب على المقاطعة، مستهدفا في المقام الأول المعارضين لسياسة إسرائيل. وقد تنامت هذه الظاهرة أيضا في ألمانيا وفرنسا، حيث أصبح التضامن النشط مع القضيّة الفلسطينية هدفا للتشريعات القمعيّة بشكل متزايد، إذ أصبح الدفاع عن القضيّة الفلسطينيّة في أوروبّا أكثر صعوبة، وخاصة بسبب استخدام مصطلح “الفصل العنصري” والتعاطف مع حركة المقاطعة (BDS). كما يشير المقال أيضا إلى استخدام تعريف مثير للجدل للتعصّب ضد اليهود الصادر عن الحلف الدولي لذكرى الهولوكوست (IHRA)، والذي يُستخدم في كثير من الأحيان لمنع النقد لإسرائيل، بغض النظر عن الجرائم التي ترتكبها.
ألمانيا المكبّلة بماضيها
يسلّط المقال الضوء على الماضي الألماني، الذي يحمل وطأة الإبادة الجماعيّة للشعب اليهودي خلال الحرب العالمية الثانية. نتيجة لذلك، دفعت ألمانيا مبالغ هائلة كتعويضات، في حين أنّها تدعم إسرائيل بقوّة على الصعيد الدبلوماسي. التضامن مع إسرائيل هو مسألة جديّة في ألمانيا التي أقرّت قرارا في عام ٢٠١٩ يدين حركة BDS بالمعاداة للساميّة، معززة دعمها لإسرائيل، إذ اعتمدت الأحزاب السياسيّة الثلاثة الرئيسية في ألمانيا هذا القرار.
يركّز الكاتب على البيئة المتزايدة للقمع في ألمانيا تجاه الأشخاص الذين يدعمون القضيّة الفلسطينيّة. تشرح الصحفيّة الفلسطينيّة الأمريكيّة هبة جمال أنّ المجال المتاح للدفاع عن فلسطين قد تضاءل على مرّ السنين، مع اعتماد قرار مكافحة حركة المقاطعة (BDS) في البرلمان الألماني في عام ٢٠١٩، فقد أدّى إلى تصنيف أيّ خطاب موالٍ لفلسطين تلقائيا بأنّه معادٍ للسامية، مما سمح لمؤسسات متعددة بمنع الفلسطينيين من حق الحريّة في التعبير والتجمّع. وبعد اعتماد هذا القانون، الذي يصف حركة BDS بأنها معادية للساميّة، استقال مدير متحف اليهود في برلين، بيتر شافر، بسبب الضغوط المتزايدة من المجتمع اليهودي الألماني والحكومة الإسرائيلية.
كما يشير الكاتب أيضا إلى اقتصادي إسرائيلي يعيش في ألمانيا، شير هيفر، الذي تعرّض لهذا النوع من الرقابة. وتمّ إلغاء العديد من المؤتمرات، بما في ذلك تلك التي شارك فيها يهود غير صهاينة. بالإضافة إلى ذلك، أعرب أفراهام بورغ، الرئيس السابق للبرلمان الإسرائيلي، عن أسفه لاستخدام اتّهام العنصريّة ضدّ اليهود كسلاح دبلوماسي قوي من قبل إسرائيل.
كما أنّ المحكمة الإداريّة العليا في برلين- براندنبورغ أكّدت في أيّار/ مايو ٢٠٢٣، حظر الشرطة لتظاهرة نُظّمت في برلين لإحياء ذكرى النكبة الفلسطينية. وبرّرت الشرطة هذا الحظر بالإشارة إلى الأخطار التي قد يسببها هذا الحدث، مثل “التحريض على معاداة الساميّة، والتمجيد للعنف، ونقل الرغبة في استخدام العنف والترهيب”.
عندما تحذو لندن حذو برلين
في الثالث من تمّوز/ يوليو ٢٠٢٣، تمّ تمرير مشروع قانون في المملكة المتحدة يهدف إلى تقييد حرية التعبير فيما يتعلّق بانتقاد دولة إسرائيل. تمّ تقديم المشروع من قبل مايكل جوف، الأمين العام في الحكومة المحافظة بقيادة ريشي سوناك، ويستهدف المؤسّسات العامّة البريطانية، مثل المجالس البلدية والجامعات. حسب جوف، الهدف من المشروع هو منع المقاطعات المحليّة التي قد تضرّ بالجاليات والاقتصاد.
مع ذلك، يشير النصّ بوضوح إلى إسرائيل، مما يشير إلى أنّ الهدف الحقيقي هو كبح الدعم لحركة مقاطعة إسرائيل (BDS)، وتمّ التصويت على المشروع في مجلس العموم، وحصل على موافقة ٢٦٨ من أصل ٦٥٠ عضوا، بينما لم تتجاوز المعارضة ٧٠ صوتا وامتنع الباقي عن التصويت. وقد اعترضت العديد من الجمعيّات والمنظّمات على مشروع القانون، معتبرين أنّه سيخنق الحملات المتعلقة بتجارة الأسلحة والعدالة المناخية وحقوق الإنسان والقانون الدولي. كما رفضت بعض الجمعيات اليهودية البريطانية، مثل نعامود ودياسبورا أليانس، المشروع أيضا.
فرنسا، “وطن حقوق الإنسان”؟
يشير المقال إلى وجود حالة من القلق المتزايد في فرنسا بشأن التعامل مع النقد الموجّه للسياسة الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، حيث يرى البعض أنّ فرنسا تميل إلى الخلط بين مفهومي العنصريّة ضد اليهود ومعارضة الصهيونية. يعود هذا إلى التعميم الذي أصدرته وزيرة العدل عام ٢٠١٠، الذي طالب بملاحقة الأشخاص الذين يدعون إلى مقاطعة المنتجات الإسرائيلية، حتى أدانت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان هذه الممارسة في عام ٢٠٢٠. وعلى الرغم من ذلك، جدّدت فرنسا موقفها في عام ٢٠٢٠ بتعميم جديد.
تعرّضت السياسة الفرنسية لانتقادات بسبب عدم وضوحها، خاصة مع إعلان إيمانويل ماكرون في عام ٢٠٢٢ أنّ العنصرية ضد اليهود ومعارضة الصهيونية هما أعداء الجمهوريّة الفرنسية، بالإضافة إلى اعتماد تعريف للعنصريّة ضد اليهود في عام ٢٠١٩ يتضمّن النقد الموجه لإسرائيل. مؤخّرا، تم إلغاء مؤتمرات حول فلسطين ومع بعض الضيوف لأسباب مختلفة، وتعرّضت منظمات مثل بيتسيلم، والعفو الدولية، وهيومن رايتس ووتش للانتقادات بسبب استخدامها لمصطلح “الفصل العنصري” لوصف الوضع في فلسطين.
تُرى الأوضاع في فرنسا كهجوم على أنصار القضية الفلسطينية. يقول البعض أنّ ما يحدث هو انتصار مؤجّل لفكرة “صراع الحضارات”، والتي تصف القضية الفلسطينية بأنّها إرهاب إسلامي. يقترح المؤرخ توماس فيسكوفي أنّ هناك شبكة من الجمعيّات تعمل بنشاط على قمع التضامن مع فلسطين، معززة فكرة أنّ أيّ تظاهرة تضامن مع فلسطين قد تكون ضد اليهود وبالتالي قابلة للحظر بشكل محتمل. تثير هذه الأوضاع تساؤلات حول حريّة التعبير في أوروبا والدفاع عن دولة إسرائيل، التي يُنظر إليها على أنّها انتهاك للقانون الدوليّ وحقوق الإنسان.
للتحميل اضغط هنا