ترجمة وتحرير: يسار أبو خشوم
الصين نحو تعزيز العلاقات مع فلسطين ولعب دورا أكبر للتوسط في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي
China to cement ties with Palestine, ‘play greater role to mediate Palestine-Israel conflict
صحيفة “Global Times” الصينيّة
بقلم يانغ شينغ، باحث متخصص في الشؤون الصينيّة والشؤون الدبلوماسيّة والعسكريّة
١٣ حزيران/ يونيو ٢٠٢٣
في ضوء زيارة الرئيس محمود عبّاس مؤخّرا إلى الصين، يتناول هذا المقال أبعاد العلاقات الفلسطينيّة الصينيّة إذ يحاول الكاتب الترويج لدور بنّاء للصين في حلّ النزاعات في الشرق الأوسط ولا سيّما القضيّة الفلسطينيّة. فيما يلي الترجمة الكاملة للمقال:
وصل رئيس دولة فلسطين محمود عباس إلى بكّين يوم الثلاثاء في مستهل زيارة إلى دولة الصين تستغرق أربعة أيام.
قال الخبراء إنها ستكون فرصة عظيمة للصين وفلسطين للمضيّ في صداقتهما التقليدية نحو آفاق جديدة، ولأن تبذل الصين المزيد من الجهود لتعزيز السلام والاستقرار في المنطقة في إطار مبادرة الأمن العالمي (GSI) التي اقترحها الرئيس شي جينبينغ ومن خلال تعزيز التنمية الإقليمية.
في العقود الماضية، وجدت العديد من دول المنطقة أنّ سياسة الولايات المتحدة بشأن قضايا الشرق الأوسط، بما في ذلك الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، والاتفاق النووي الإيراني والأزمة السورية، غير موثوقة وغير مستدامة. لم تفشل الولايات المتحدة فقط في حلّ المشاكل الإقليميّة لتحقيق السلام والتنمية في المنطقة، ولكنّها أضافت المزيد من التوتّرات والفوضى، ممّا تسبب في فقدان الدول الإقليميّة للثقة في الولايات المتحدة وتوقّع محلّلون أن تلعب الصين دورا أكبر في تعزيز السلام والاستقرار والتنمية في المنطقة.
صديق قديم جيّد
وصف المتحدّث باسم وزارة الخارجية الصينية وانغ وين الرئيس عبّاس بالـ “صديق القديم والحميم” للشعب الصينيّ، وأشار إلى أنّ الرئيس الفلسطيني سيكون أولّ رئيس دولة عربيّة تستضيفه الصين هذا العام.
قال وانغ في مؤتمر صحفي دوري يوم الجمعة إنّ العلاقات الصينيّة الفلسطينيّة حافظت على قوّة دفع جيّدة للنموّ مع ثقة سياسيّة متبادلة أقوى ومع صداقة أعمق بين الشعبين.
تعدّ الصين من أوائل الدول التي اعترفت بمنظمة التحرير الفلسطينيّة ودولة فلسطين. في أيّار/ مايو ١٩٦٥، أنشأت منظمة التحرير الفلسطينيّة مكتبا تم التعامل معه على أنّه بعثة دبلوماسية في بكين، وفي تشرين الثاني/ نوفمبر ١٩٨٨، أقامت الصين رسميّا علاقات دبلوماسيّة مع فلسطين، وفقا لموقع وزارة الخارجية الصينيّة على الإنترنت.
قال وو سيكي، المبعوث الخاص السابق للحكومة الصينيّة لشؤون الشرق الأوسط، لصحيفة جلوبال تايمز يوم الثلاثاء إنّ “هذا العام يصادف الذكرى الخامسة والثلاثين لإقامة العلاقات الدبلوماسيّة بين الصين وفلسطين. زيارة عباس لها أهميّة خاصة للعلاقات الثنائيّة.”يشهد الشرق الأوسط تغيّرات كبيرة، وهذه فترة خاصة. الآن، دخلت السعودية وإيران في عمليّة مصالحة بمساعدة الصين. وقال وو إنّ هذا الأمر قد أدّى إلى موجة من المصالحات بين مختلف الدول في هذه المنطقة.
وأشار وو إلى أنّه في هذا السياق الهامّ، فإنّ العالم، وخاصّة دول الشرق الأوسط، يولي اهتماما لمدى قدرة هذه المصالحة على المساهمة في تسوية القضيّة الفلسطينيّة المعقدّة والتي طال أمدها.
ردّد تونك أكوك، رئيس تحرير Harici Media في تركيا، وجهة نظر المحلّلين الصينيين عندما قال لصحيفة جلوبال تايمز يوم الثلاثاء أنّه “في واقع الأمر، بدأت جهود الوساطة الصينيّة في الشرق الأوسط تؤتي ثمارها”.
قال “لي هايدونغ”، الأستاذ بمعهد العلاقات الدوليّة في جامعة الشؤون الخارجية الصينيّة، لصحيفة جلوبال تايمز يوم الثلاثاء إنّه في الماضي، عندما كانت السعودية وإيران في مواجهة بعضهما البعض، دعمتا قوى مختلفة داخل فلسطين، فكان الانقسام داخل فلسطين مشكلة خطيرة أثّرت على حلّ الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، ولكن الآن، مع المصالحة السعوديّة الإيرانيّة، ستختفي هذه المشكلة.
القضية الفلسطينية الإسرائيلية
في حين تبذل الصين جهودا لتعزيز السلام في المنطقة، فإنّ الولايات المتحدة تبدو غيورة وقلقة، حيث تشعر واشنطن بالقلق من أنّ “بكّين توسّع نفوذها” في المنطقة حيث كانت الولايات المتحدة هي القوّة الوسيطة الرئيسيّة لعقود، حسبما ذكرت بعض وسائل الإعلام في الشرق الأوسط.
وقالت “تايمز أوف إسرائيل” في تقرير نشرته يوم الثلاثاء إنّ “بكّين سعت إلى تعزيز علاقاتها بالشرق الأوسط، متحدّية النفوذ الأمريكي طويل الأمد هناك، وهي جهود أثارت القلق في واشنطن”.
وقال “لي”: “في الواقع، الولايات المتحدة هي التي تهتم أكثر بنفوذها وهيمنتها عند التدخّل في شؤون الشرق الأوسط. قد لا ترغب الولايات المتحدة في رؤية الصراعات الإقليمية تخرج عن السيطرة تماما، لكنّها تحاول أيضا إبعاد تلك النزاعات عن حلّ سلميّ، لذلك فهي تلعب دائما لعبة “فرّق تسد” لدفع المواجهات بين الكتل، ولإجبار دول المنطقة على القتال ضد بعضها البعض “.
وأضاف بأنّ جهود الصين ستوفّر الأمل لدول المنطقة لتغيير هذا الوضع وكذلك الأمل في تحقيق السلام والأمن المستدامين.
قال تشيو ون بينغ، الخبير في دراسات الشرق الأوسط والأستاذ بجامعة فودان، أنّ “أساس استراتيجية الولايات المتحدة في الشرق الأوسط هو استخدام التحالف بين الولايات المتحدة وإسرائيل والسعودية لمواجهة إيران، وستؤدّي وساطة الصين في العلاقات السعودية الإيرانية إلى كسر أساس إستراتيجية الولايات المتحدة “.
مضيفا بأنّه من خلال التواصل مع مراكز الأبحاث الإسرائيلية وبعض المجموعات الأخرى في الماضي، وجدنا أنّ هناك أشخاصا ومفكّرين عقلانيين داخل إسرائيل يعتقدون أنّ إسرائيل لا تستطيع تحقيق سلام دائم من خلال حلّ المشكلات باستخدام القوّة فقط. يجب تحقيق سلام طويل الأمد ومستدام يخدم المصالح الأساسيّة لإسرائيل من خلال حل سياسيّ مع الفلسطينيين.
دور الصين البنّاء
في نيسان/ أبريل، أبلغ عضو مجلس الدولة ووزير الخارجية الصيني تشين جانج نظيره الفلسطيني أنّ الصين مستعدّة للمساعدة في مفاوضات السلام. وقال تشين إنّ الصين تدعم استئناف محادثات السلام بين فلسطين وإسرائيل في أقرب وقت ممكن على أساس “حلّ الدولتين”، وترغب في لعب دور نشط في هذا الصدد.
قال المتحدّث باسم الخارجية الصينيّة وانغ ون بين في مؤتمر صحفي يوم الجمعة، إنّ القضية الفلسطينيّة تقع في قلب قضيّة الشرق الأوسط وهي مهمة لسلام المنطقة واستقرارها والإنصاف والعدالة العالميّين. لطالما دعمت الصين بقوّة قضيّة الشعب الفلسطينيّ العادلة والمتمثّلة في استعادة حقوقه الوطنيّة المشروعة.
وقال وانغ إنّ الصين، بصفتها عضوا دائما في مجلس الأمن الدوليّ، ستواصل العمل مع المجتمع الدوليّ للتوصّل إلى حلّ شامل وعادل ودائم للقضيّة الفلسطينيّة في أقرب وقت ممكن.
وقال أكوج من تركيا، وهو أيضا متخصّص في قضايا الشرق الأوسط، إنّ “خطط السلام الصينيّة التي تقدّم خيارات غير فرضيّة وعادلة ذات مغزى كبير”، “وما تسمّى بـ” صفقة القرن ” التي طرحتها إدارة ترامب هي نصّ متفق عليه بين الولايات المتّحدة وإسرائيل وتقوم على الاستسلام غير المشروط للفلسطينيين.”
وقال أكوج إنّه من الواضح أنّ هذه الإملاءات لم تكن فعّالة ولم يقبلها الفلسطينيّون، وزادت من تأجيج الصراع. وقال لصحيفة جلوبال تايمز “لذلك، من المهمّ جدا أن تقدّم الصين حلولا وخططا تأخذ بعين الاعتبار مصالح الأطراف المعنيّة بشكل عادل، وتستمع إلى الأطراف وتبني على مطالبهم بدلا من فرض رؤيتها عليهم “.
بالإضافة إلى ذلك، ستجلب السياسة الداخليّة للولايات المتحدة قدرا كبيرا من عدم اليقين إذا اعتمدت دول الشرق الأوسط أكثر من اللازم على واشنطن لإيجاد حلول للمشاكل الإقليميّة، إذ أنّه في حال عودة القوى السياسية الأمريكيّة المحافظة بقيادة دونالد ترامب إلى السلطة بعد الانتخابات الرئاسيّة العام المقبل، فإنّ سياسة واشنطن ستطغى. قال المحللون إنّ هذا الأمر سيمثل تحوّلا كبيرا مقارنة بإدارة بايدن وسيؤثر هذا بالتأكيد على الجميع.
للتحميل اضغط هنا