ترجمة وتحرير: يسار أبو خشوم
JO 2024 : Paris, capitale olympique d’un monde fragmenté et sous tension
جريدة لوموند الفرنسية
(25 تموز/ يوليو 2024)
يتناول هذا المقال الألعاب الأولمبية 2024 في باريس التي تنطلق في سياق جيوسياسي مضطرب يتسم بالصراعات في غزة وأوكرانيا إضافة إلى التوترات العالمية، مبرزا جهود اللجنة الأولمبية الدولية لتعزيز السلام عبر الرياضة، ويستعرض التحديات الأمنية والسياسية القائمة. فيما يلي ترجمة تلخيصيّة للمقال:
تنطلق يوم الجمعة 26 تموز/ يوليو، الدورة 33 للألعاب الأولمبية الحديثة في باريس، لمدة ستة عشر يوما من المنافسة التي تجمع أفضل الرياضيين في العالم، بيد أنّ هذه الألعاب تأتي في سياق جيوسياسي مضطرب بشكل خاص، يتسم بالصراعات المروعة للمدنيين، خاصة في غزة، وعودة الحرب إلى أوروبا مع الغزو الروسي لأوكرانيا، والتنافس المتزايد بين القوى العظمى. كما تفاقم حملات الانتخابات الرئاسية الأمريكية التي ستعقد في تشرين الثاني/ نوفمبر من حالة عدم اليقين، مع احتمال عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض.
تحديات دبلوماسية وغيابات بارزة
رغم أنّ الألعاب الأولمبية تُنظّم تحت شعاري “الرياضة في خدمة التنمية المتناغمة للبشرية” و”مجتمع سلمي يحافظ على كرامة الإنسان”، إلّا أنها في الواقع لم توقف الحروب أبدا. يُتوقع حضور أكثر من مئة من رؤساء الدول والحكومات الأجنبية لمراسم الافتتاح، من بينهم رئيس أوكرانيا فولوديمير زيلينسكي، ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، ورؤساء دول السنغال والأرجنتين. ومع ذلك، ستغيب بعض الشخصيات البارزة، بما في ذلك الرئيس الأمريكي جو بايدن ونظيره الصيني شي جين بينغ، وبفعل العقوبات الغربية على روسيا لم تتم دعوة الرئيس فلاديمير بوتين، وسيكون الوفد الروسي محدودا.
ستكون الحرب في غزة حاضرة أيضا في الأذهان، بما في ذلك لدى المتفرجين المتواجدين على ضفاف نهر السين، الذين سيصدحون معبّرين عن مواقفهم عندما يمر المنتخب الفلسطيني والفريق الإسرائيلي بحضور رئيس إسرائيل إسحاق هرتزوغ. هناك أصوات فرنسية كصوت النائب عن حزب “فرنسا الأبيّة”، توماس بورتيس، الذي قال بأن الوفد الإسرائيلي “غير مرحب به”، بيد أن هذه الأصوات لاقت انتقادات شديدة من أطراف سياسية أخرى.
إضافة إلى ذلك، يعكس الغياب الملحوظ لبعض القادة العالميين، بما في ذلك الرئيس الأمريكي جو بايدن ونظيره الصيني شي جين بينغ، التوترات السياسية العالمية الحالية. كان من المتوقع أن يكون حضور هؤلاء القادة فرصة لتعزيز الحوار والتفاهم الدولي، ولكن التوترات السياسية حالت دون ذلك. روسيا، على وجه الخصوص، تجد نفسها معزولة بسبب العقوبات الغربية، مما يعكس التوترات المستمرة في العلاقات الدولية.
المنتخب الفلسطيني وصدمة ميونيخ
في بداية الأسبوع، طلبت اللجنة الأولمبية الفلسطينية استبعاد إسرائيل فورا بدعوى انتهاك الهدنة الأولمبية بفعل القصف الإسرائيلي المكثف على غزة، وتشكل هذه ضربة قاسية للجنة الأولمبية الدولية، التي كانت تعتز دائما بالتعايش السلمي بين اللجنتين الأولمبيتين الإسرائيلية والفلسطينية. ستسعى اللجنة الأولمبية الدولية إلى كبح أي مظاهر للتعبير السياسي خلال الألعاب. سيكون الرياضيون الإسرائيليون من بين الأكثر حماية، مع استحضار العالم لصدمة أولمبياد ميونيخ 1972، عندما تم اختطاف وقتل الرياضيين الإسرائيليين من قبل مجموعة أيلول الأسود الفلسطينية.
سيكون هناك تركيز كبير على توفير الأمن للرياضيين والجماهير على حد سواء. تظلّ أحداث ميونيخ 1972 حاضرة في الأذهان كواحدة من أحلك اللحظات في تاريخ الألعاب الأولمبية، وتظل تلك الذكرى دافعا لضمان عدم تكرار مثل تلك الفاجعة. سيتم تكثيف الإجراءات الأمنية لضمان سلامة الجميع، مع التركيز بشكل خاص على حماية الرياضيين الإسرائيليين.
سياق سياسي غير مسبوق
تستضيف فرنسا الألعاب الأولمبية في سياق سياسي غير مسبوق أبدا؛ فعلى الرغم من دعوات إيمانويل ماكرون إلى هدنة أولمبية، إلا أن الصراعات الحالية ليست قابلة للتعليق أثناء المسابقات الأولمبية، فروسيا تتقدم في شرق أوكرانيا رغم الدعم الغربي، كما أن وقف إطلاق النار غير ممكن أيضا في قطاع غزة، حيث أودت هجمات إسرائيل بحياة أكثر من 39,000 ضحية.
سيستغل ماكرون الألعاب لتعزيز العلاقات الثنائية مع نظرائه من مختلف الدول، مع عقد قمة في متحف اللوفر حول مساهمة الرياضة في أهداف التنمية المستدامة. في هذه الأثناء، ستواصل الحكومة الفرنسية التعامل مع الوضع السياسي الداخلي المضطرب، في ظل غياب الهدنة الأولمبية.
خاتمة
تأتي الألعاب الأولمبية في باريس في وقت يشهد فيه العالم توترات غير مسبوقة، مما يجعل من الصعب على الرياضة تحقيق الهدوء المنشود. رغم الطموحات العالية لتعزيز السلام والتعاون الدولي من خلال هذه الألعاب، يبقى الواقع السياسي والجيوسياسي عائقا كبيرا. ستظل الأنظار موجهة نحو باريس لمراقبة مدى نجاح هذه الدورة في تعزيز الروح الرياضية والوحدة العالمية، رغم كل التحديات والصراعات. في النهاية، ستظل الألعاب الأولمبية رمزا للأمل والإيمان بإمكانية بناء عالم أفضل من خلال الرياضة والتعاون الدولي.