ترجمة وتحرير: يسار أبو خشوم
Israel and Hezbollah Could Stumble Into a War Neither Wants
مجلّة فورين بوليسي الأمريكيّة
بقلم روبي جرامر، باحث أمريكي متخصص في الدبلوماسية والأمن القومي
١١ كانون الثاني/ يناير ٢٠٢٤
في الوقت الذي تشن فيه إسرائيل حربها ضد حماس في قطاع غزة، تلوح في الأفق احتمالات نشوب حرب جديدة على الحدود الشمالية بين إسرائيل وحزب الله اللبناني. تسعى الولايات المتحدة وغيرها من القوى الغربية إلى منع اندلاعها، لكن الجهود الدبلوماسية لمنع انتقال الحرب في غزة إلى لبنان وأماكن أخرى في المنطقة قد فشلت في بعض الجوانب، مما يفاقم من احتمالية توسّع الحرب إلى جبهات أخرى ولا سيما الجبهة الشمالية. فيما يلي ترجمة تلخيصيّة للمقال:
في الوقت الذي تواصل فيه إسرائيل حملتها العسكرية في غزة قامت الجماعات المسلحة المدعومة من إيران، الخصم الإقليمي الرئيسي لإسرائيل والولايات المتحدة، بتصعيد هجماتها، بدءًا من الحوثيين في اليمن الذين يستهدفون حركة الملاحة التجارية في البحر الأحمر وصولا إلى وابل من الصواريخ التي تستهدف القواعد العسكرية الأمريكية في العراق وسوريا، انتهاء بحزب الله الذي يزيد من وتيرة هجماته مع مرور الوقت.
الحرب التي يخشاها الجميع
إن فشل احتواء التوترات بين إسرائيل وحزب الله قد يكون أكثر فتكا؛ إذ قد يؤدّي إلى اندلاع الحرب الكبرى التي يخشاها الجميع. يعتبر حزب الله، المدعوم من إيران، واحدا من أقوى الفواعل من غير الدول المسلحة في العالم، وتتفق كافة الأطراف على أن حرب بين إسرائيل وحزب الله ستكون مدمرة للغاية. إنّ التاريخ مليء بأمثلة على اندلاع الحروب حتى عندما لا يرغب أي طرف في ذلك، ونظرا إلى أنّ التوترات في المنطقة قد وصلت إلى نقطة الغليان بالفعل، فإن كل ما يتطلبه الأمر هو شرارة غير موضوعة جيدا أو غير موقوتة بشكل جيد لإشعال جبهة جديدة كبرى.
يقول آرون ديفيد ميلر، الدبلوماسي الأمريكي السابق ومفاوض السلام في الشرق الأوسط الذي يعمل الآن في معهد كارنيغي للسلام الدولي:” كلما طال أمد هذه الحرب، زاد احتمال وقوع حدث يفضي إلى خسائر بشرية جماعية، وبالتالي يودي بالطرفين إلى الهاوية”. كما يحذر الخبراء من أن الحرب بين إسرائيل وحزب الله قد تكون أكثر فتكا وأطول من عمليات إسرائيل ضد حماس في غزة؛ إذ أن التقديرات العسكرية تشير إلى امتلاك الحزب اللبناني ما بين 100 ألف و150 ألف صاروخ وقذيفة.
الخطوات الأمريكيّة
خلال زيارته الأخيرة إلى الشرق الأوسط، وهي الرابعة منذ بدء الحرب في 7 أكتوبر 2023، حذر وزير الخارجية الأمريكي أنطوني بلينكن من أن النزاع قد يتجاوز حدوده الحالية. وراء الكواليس، ركز فريق بلينكن جهوده على صياغة خطة اليوم التالي للحرب على غزة ومنع نشوب صراع إسرائيلي كبير مع حزب الله. “هذه لحظة من التوتر الشديد في المنطقة. هذا نزاع يمكن أن ينتشر بسهولة، مما يسبب المزيد من عدم الأمان والمعاناة”، هذا ما قاله بلينكن أثناء زيارته لقطر.
في الأثناء، أرسلت إدارة بايدن مبعوث اخر، آموس هوكشتاين، إلى لبنان بعد عقده اجتماعات في إسرائيل لمعرفة ما إذا كان هناك مجال للتفاوض بشأن النزاعات الحدودية بين البلدين في محاولة لتخفيف التوترات. لكن يبدو أن مهمته ستكون في غاية الصعوبة. من جهة أخرى، يعتبر التهديد من حزب الله سببا رئيسيا لنشر إدارة بايدن لمجموعة من حاملات الطائرات الأمريكية وسفن حربية أخرى في شرق البحر الأبيض المتوسط في الأشهر التالية لبدء الحرب بين إسرائيل وحماس كإشارة ردع لمنع أي هجوم كبير من حزب الله ضد إسرائيل. ومع ذلك، يتفق المسؤولون والخبراء على نطاق واسع على أن إيران لها الكلمة الفصل فيما إذا كان ينبغي لحزب الله أن ينخرط في الصراع بشكل واسع من عدمه.
الحسابات الإيرانية
حتى الآن، تبدو إيران راضية عن الوضع الراهن الذي تجرّ فيه إسرائيل إلى حرب مرهقة في غزة أدت إلى فقدان الكثير من دعمها على الساحة العالمية، فضلا عن تعطيل طرق التجارة البحرية في المضيق الاستراتيجي في البحر الأحمر بالهجمات الحوثية. باختصار، تحصل طهران، من خلال الوضع الحالي، على الكثير مقابل تكلفة نسبيا منخفضة؛ إذ تبقي الآلاف من الجنود الإسرائيليين مشغولين بالقرب من حدود لبنان مع تهديد بحرب هناك، في حين تتجنّب استنزاف قوّة حزب الله وتتجنب في الوقت ذاته أي انخراط مباشر في القتال.
حتى الآن، اقتصر دور حزب الله في الحرب على إطلاق النار عبر الحدود نحو شمال إسرائيل، وهو علامة واضحة في نظر المسؤولين الأمريكيين والخبراء الإقليميين على أن رعاة حزب الله في طهران لا يريدون حربا شاملة. في المقابل، أصدرت إسرائيل تحذيرات عامة بأنها قد تشن هجوما عسكريا كبيرا ضد حزب الله ولكنها حتى الآن تحجم عن ذلك، حيث يتم إشغال معظم قواتها في القتال في غزة. لكن يبقى خطر سوء التقدير مرتفعا ولا سيّما بعد اغتيال كل من القائد العسكري الكبير في حزب الله، وسام الطويل، ونائب رئيس المكتب السياسي لحماس، صالح العاروري، في الضاحية الجنوبية معقل حزب الله، كما أنّ المناخ السياسي في إسرائيل يصبّ في هذا الاتجاه، إذ يبدو أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ينحني لأعضاء اليمين المتطرف في ائتلافه الحاكم في كيفية إدارته للحرب والذين يرغبون بلا شك في توسيع الحرب واستعراض أكبر للقوّة.
خاتمة
تكمن المشكلة الرئيسية في أنّ كلا الطرفين لا يملكان فكرة واضحة عما هي خطوط الآخر الحمراء. قد ترى إسرائيل استهداف قادة حزب الله كلعبة عادلة في الاشتباكات المحدودة حتى الآن على طول الحدود اللبنانية، لكن حزب الله قد لا يرى ذلك. بالمثل، قد يطلق حزب الله ما يراه هجمات في إطار قواعد الاشتباك ضد القواعد الإسرائيلية، لكن إسرائيل قد ترى فيها هجمات كبرى وكسرا للقواعد. وأخيرا يمكن القول بأنّ النوايا وحدها لا تمنع نشوب حرب كبرى.