ترجمات: أيمكنك انتقاد إسرائيل دون أن تكون يهوديّا؟ جدل متجدد حول قضيّة فابيان وولف في ألمانيا

ترجمة وتحرير: يسار أبو خشوم

Peut-on critiquer Israël sans être juif ? L’affaire Fabian Wolff rouvre le débat en Allemagne

مجلّة "Courrier international" الفرنسيّة

26 تمّوز/ يوليو 2023

 

لطالما اعتبر المعلّم والصحفيّ، فابيان وولف، أحد أكبر منتقدي الدولة العبريّة في ألمانيا. واعترف مؤخّرا بأنّه ليس من أصل يهوديّ، على عكس ما كان يؤكّده دائما، ليخلّف "انتحال الهويّة" هذا ردود أفعال عدّة في الصحافة الألمانيّة.

في الأيّام الأخيرة، استخدمت العديد من الصحف الألمانيّة مصطلح "اليهوديّ المزيّف" لوصف فابيان وولف، المعروف بمواقفه الانتقاديّة تجاه إسرائيل والمنظّمات المجتمعيّة المرتبطة باليهوديّة، وقد تعرّض هذا المعلّم والصحفيّ لانتقادات منذ أن اعترف، في صفحات الجريدة الأسبوعيّة الألمانيّة Die Zeit، بأنّه ليس من أصل يهوديّ على عكس ما كان يزعم دائما.

عندما كان طفلا، ألمحت والدته، الشيوعيّة الألمانيّة الشرقيّة التي توفيت في عام 2017، في محادثة معه إلى أنّ جدّته فرّت من اضطهاد ألمانيا النازية بسبب أصولها اليهوديّة الأرثوذكسيّة. يتذكّر قائلا: "فجأة بدا كل شيء منطقيّا، وأدركت ببساطة شعور أن تكون يهوديّا ".

يُقال إنّه اكتشف الحقيقة مؤخّرا فقط، بعد إجراء بحث مكثّف. لكن بالنسبة إليه، "لم تُقل أكاذيب، كما يقول الشباب اليوم". وفقا له، لم يكن هناك كذب، لأنّه لم يكن يعلم أنّه ليس يهوديّا.

"الوقوف إلى جانب الضحايا"

أثار "انتحال الهويّة" هذا، كما تسمّيه صحيفة "Berliner Zeitung"، ردود فعل كشفت عن "صراعات الهويّة المختلفة" التي تعصف بالمجتمع الألماني.

بغضّ النظر عن الشكوك حول صدق فابيان وولف، فإنّ الانتقادات تتعلّق بالموقف الذي تبنّاه الأخير في وسائل الإعلام. واقتبست الصحيفة في مقالها عن المؤرّخ مايكل وولفسون، قوله: "استخدم وولف اليهوديّة للولوج إلى الدوائر اليساريّة والتقدميّة التي تدين اليهود وإسرائيل".

تضيف صحيفة Süddeutsche Zeitung أنّ الصحفيّ أظهر دائما، في تصريحاته العلنيّة، "تفوّقا فكريّا وأخلاقيّا على الألمان". تذكر الصحيفة اليساريّة، التي أزالت كافّة نصوص وولف من موقعها، أنّ الأخير كتب في عام 2021 أنّ "الخطاب اليهوديّ حول الموضوعات اليهوديّة له صلة مختلفة عمّا يعتقده الألمان أو يرغبون في سماعه".

تتساءل الجريدة الأسبوعيّة Judische Allgemeine :"ولكن ما الذي يمكن أن يدفع المثقّف الألمانيّ إلى تخيّل أنّه يهوديّ؟"، وترى هذه الأسبوعيّة، المقرّبة من المجلس المركزيّ لليهود في ألمانيا، أنّ ذلك وسيلة للتخلّص من ثقل التاريخ: "بالطبع، من الأجمل ألّا تضطّر إلى التعامل مع حقيقة أنّ شعبك سمح بارتكاب إبادة جماعيّة لستة ملايين يهوديّ. من الأسهل الوقوف إلى جانب الضحايا ".

وتبدو جريدة Die Welt أكثر تسامحا؛ إذ ترى أنّ "مغامرات فابيان وولف الفاسدة تسلّط الضوء بشكل خاص على طبيعته و "حاجته للانتماء" إلى مجتمع". و"كان يرتدي الكيبا في الاجتماعات اليهوديّة، كما رأينا في صورة قديمة له، وتخلّل نثره تعبيرات مألوفة من الليتورجيا العبريّة والحياة اليوميّة اليديشيّة المهدّدة الآن بالانقراض". كما ترى هذه الجريدة المحافظة بأنّ "قراءة مبرّرات وولف لا تثير الغضب أو السخرية، بل المواساة."

فقدان المصداقيّة

تذكر الجريدة الأسبوعيّة Die Tageszeitung ذات الميول اليساريّة بأنّه ينبغي أن ننظر إلى أبعد من دوافعه الشخصيّة ونركّز أكثر على التزامه السياسيّ إذ أنّه وفقا لهذه الجريدة قد أضحى بوقا لإدانة دولة إسرائيل، فقد كان يمثّل ناطقا رسميّا مثاليّا لجمهور يساريّ محدّد، حيث أنّ الأمر يصير أكثر شرعيّة عندما ينتقد يهوديّ بشدّة الدولة العبريّة.

ومن خلال جعله ممثّلا لمجتمع بأكمله، تجاهلت وسائل الإعلام مع ذلك أفكار بقيّة السكّان اليهود في ألمانيا.

تؤكّد الفيلسوفة الأمريكية اليهوديّة سوزان نيمان، وهي مديرة منتدى أينشتاين في بوتسدام، في مقابلة مع وسيلة الإعلام RBB بأنّه من الان فصاعدا بتنا نرى ظاهرة معكوسة، أي أنّ مواقف فابيان وولف هي التي تتعرض للتشكيك، إذ تعتبر بأنّ "الاهتمام الذي أثاره وولف باعترافه ينزع المصداقيّة عن أيّ انتقاد لإسرائيل" في بلد معروف بانحيازه إلى الدولة العبريّة.

وترى صحيفة Frankfurter Allgemeine Zeitung في ذلك "تحذير مفيد للجميع". من وجهة نظر الصحيفة المحافظة " لا ينبغي لعقيدة الشخص أو أصله أو هويّته أو لون بشرته أو دينه أن تعطيه حقّا معيّنا في التعبير عن ذاته علانية".

ومن دون الذهاب إلى هذا الحد، تعتقد صحيفة Tageszeitung أنّه من الأهميّة بمكان " التساؤل حول بنية النقاشات وتدهورها فيما يتعلّق بالحياة اليهوديّة ومعاداة الساميّة [في ألمانيا]، وأيضا حول ثقافة الذاكرة وإسرائيل" ويشمل ذلك "كيفيّة التحدث عنهم وانتقادهم".

 

ترجمات: أيمكنك انتقاد إسرائيل دون أن تكون يهوديّا؟ جدل متجدد حول قضيّة فابيان وولف في ألمانيا