
- عن المركز
- دراسات وأبحاث
- متابعات
- مراجعات
- إصدارات المركز
- وثائق
- مركز الإعلام
- مؤتمرات
محمد الحزماوي[*]
المقـدمة:
لقد مرًت النقود العثمانية طيلة تاريخ الدولة العثمانية بمراحل عدة، تشكلت نتيجة لتغير الظروف والأوضاع الاقتصادية في الدولة، وتعد "الأقجة" من أقدم وحدات النقد العثماني، وهي أول نقد فضي عثماني. واستمرت في التداول كوحدة نقد أساسية في الدولة حتى أواخر القرن السابع عشر الميلادي، حيث أخذت الدولة بسك القرش والبارات، وغدا القرش سكة الدولة المتداولة رسمياً، وكانت الأقجة والقروش والبارة جميعها نقوداً فضية.
وخلال النصف الثاني من القرن التاسع عشر أصبحت الليرة الذهبية العثمانية أساساً للنقود الذهبية والفضية في الدولة. وخلال هذه الفترة انتشرت في مدينة القدس نقود عثمانية مختلفة بعضها نحاسي وبعضها فضي وبعضها ذهبي ومن هذه النقود:
أولاً: النقود الفضية:
1- البـارة:
وهي كلمة فارسية تعني شقفة أو قطعة أو جزءاً، وتعد أصغر وحدة نقدية في الدولة العثمانية، وكل أربعين بارة تساوي قرشاً واحداً(1). وذكر الساحلي أن لفظ بارة أطلقه العثمانيون على نقد فضي كان متداولاً في مصر منذ القرن السادس عشر، واستمر حتى أوائل القرن التاسع عشر(2). وتحوي البارة على 16% من النحاس وتزن كل 250 قطعة منها مائة درهم، وبذلك يكون وزن البارة 1.224 غراما تحوي 1.050 غراما من الفضة الخالصة، ولما كانت الأقجة تزن 0.731 غراماً من الفضة الخالصة، فإن التعادل بين البارة والأقجة هو بنسبة 5.1-1 أي أن البارة تساوي أقجة ونصف(3). وفي عام 1097هـ/1685م ضرب في استانبول بارة كان غشها بنسبة 30% تزن كل ألف منها 240 درهماً، فيكون وزن البارة الواحدة 0.769 غراما تحوي على 0.538 غراما من الفضة. وفي عام 1110هـ/1688م ضربت بارات على أساس أن وزن الألف بارة 230 درهماً، فأصبح وزن البارة 0.737 غراما، وكانت كمية الفضة منها 0.516 غراما. وفي عام 1122هـ/1699م ضربت بارات جديدة وزن الألف منها 220 درهماً أي 0.707 غراما وفيها 0.493 غرام فضة(4).
وكانت البارة تقسم إلى أربع فئات، هي فئة البارة الواحدة ويتراوح وزنها 1.1 غرام، وفئة الخمس بارات ويتراوح وزنها ما بين 4.9-6.8 غرام، وفئة العشر بارات ويتراوح وزنها ما بين 9-12.8 غرام، وفئة العشرين بارة التي يتراوح وزنها 14-16 غراماً(5).
وحلت البارة خلال النصف الثاني من القرن التاسع عشر محل الأقجة كوحدة للنقد العثماني، وأصبحت الأقجة تستخدم فقط كوحدة وزن وعيار في الحسابات الرسمية، ولم يعد لها وجود حقيقي في الأسواق(6). واستخدم الأهالي أجزاء البارة كالخمس، والربع، والثلث، كما في المثال التالي: "... بثمن جملته ألفٌ وأربعون قرشاً وأربع بارات صاغاً ... منها مائتان وثمانية قروش وأربعة أخماس بارة ... وأربعمائة وستة عشر قرشا وبارة واحدة وثلاثة أخماس بارة ...".(7)
وعبرت السجلات الشرعية أحياناً عن البارة بالفضة المصرية، ويظهر ذلك في كثير من القضايا وبخاصة قضايا الحضانة والنفقة، فمثلاً "نصب مولانا الحاكم الشرعي ... توما بن عيسى ولد توما ميكيل الرومي وصياً شرعياً على حنه وسارة القاصرتين عن درجة البلوغ ... وطلب الوصي المذكور من الحاكم الشرعي تقدير النفقة والكسوة للقاصرتين ... فأجابه وفرض وقدر بعد أن تأمل وتدبر برسم نفقة القاصرتين فيما لا بد لهما منه ولا غنى لهما عنه من ثمن خبز ولحم وأدم وغسل أثواب ودخول حمام قيمة ذلك في كل يوم ثمانين فضة مصرية مع كسوتهما في كل سنة وسائر لوازمهما الشرعية"(8). وفي حجة ثانية "فرض وقدر الحاكم الشرعي رسم طعام وشراب وكسوة كل واحد من حسن وأخته فاطمة القاصرين عن درجة البلوغ ... في كل يوم يمضي من تاريخه أدناه ستين قطعة فضة مصرية، لكل واحد منهما ثلاثون فضة مصرية ..." .(9)
وأشارت السجلات أحياناً إلى تقدير النفقة بالفضة المصرية وتحديد قيمة ذلك بالقروش على أساس أن القرش الواحد يساوي 40 فضة، فمثلاً "فرض وقدر بعد أن تأمل وتدبر رسم نفقة للقاصرتين قيمة ذلك وقدره في كل يوم مائة فضة مصرية عنها قرشين ونصف"(10). وفي أحيان أخرى أشارت السجلات الشرعية إلى قيمة النفقة بالفضة بأربعين فضة دون أن تذكر بأنها تساوي قرشا، ومثال على ذلك "قيمة ذلك وقدره في كل يوم تمضي من تاريخه أدناه أربعون فضة مصرية ..."(11). وفي أحيان أخرى نلاحظ تقدير النفقة بالقروش فقط، فقد ورد في إحدى الحجج الشرعية "قيمة ذلك وقدره في كل يوم تمضي من تاريخه ثلاثة قروش أسدية". (12)
وكانت الفضة المصرية تقسم إلى أجزاء كالنصف والثلث والربع حتى العشر، وانقسمت هذه الأجزاء إلى أجزاء أصغر منها، ولعل ذلك يعني انخفاض قيمتها، فقد جاء في إحدى الحجج الشرعية "بثمن قدره أربعمائة وأربعة وأربعون قرشا وسبع عشرة فضة وسبعة أتساع فضة مصرية"(13). وذكرت حجة ثانية "بثمن وقدره وبيانه أربعة آلاف وأربعمائة قرش واثنان وسبعون قرشاً وثماني فضة مصرية وثمانية أتساع فضة مصرية".(14)
2- القرش:
وهو تحريف للكلمة اللاتينية كروشيس Grossus، أطلق على عدد من الدنانير "ديناريوس" التي كان يسكها بعض الحكام الأوروبيين في القرن الثالث عشر الميلادي(15). وكانت معظم القروش الأوروبية المتداولة في الدولة العثمانية خلال مراحل تأسيسها من التالير "Thaler" الألماني، حيث كانت تزن 9 دراهم أو ما يعادل 27.64 غراما، وأطلق عليها أحياناً اسم ريال وفي أحيان أخرى ريال قروش.(16)
استمر القرش الأوروبي في التداول في الدولة العثمانية حتى عهد السلطان سليمان الثاني 1099-1103هـ/1687-1691م حيث سك لأول مرة عام1110هـ/1688م قروشا عثمانية من فئة القرش ونصف القرش كان يبلغ وزنها 6 دراهم أو 18.432 غراماً وفي أحيان أخرى 6 دراهم و4 قراريط أي 19.432 غراما(17). وكان يطبع عليها اسم السلطان سليمان الثاني مقترناً بلقب "سلطان البرين وخاقان البحرين"، إضافة إلى عبارة الدعاء "دام ملكه".(18)
واستمر سك القروش وأقسامها من فئة العشرين، والعشرة، والخمسة، والقرشين، والقرشين والنصف، والقرش الواحد، و20 بارة، في الدولة العثمانية بعد ذلك.(19)
وأشارت السجلات الشرعية إلى أنواع عديدة من القروش التي استخدمت في مدينة القدس والمناطق المجاورة لها خلال النصف الثاني من القرن التاسع عشر، منها القرش الأسدي، والصاغ الميري، والقرش الشرك أو الجرك.
1- القرش الأسدي: وسمي بذلك لوجود صورة أسد على وجهيه والمشتقة من أصل هولندي(20). وكان من أكثر الوحدات النقدية تداولاً في المنطقة. وذكرت السجلات الشرعية القرش الأسدي مقروناً بالصاغ الميري، وفي أحيان أخرى لا تذكر ذلك، ومن الأمثلة على ذلك أن قاضي القدس الشرعي باع لكل من أحمد عارف وشقيقته فاطمة "بجميع الحصة الشائعة وقدرها خمسة قراريط وثلث ونصف قيراط ... في جميع الخلو الشرعي ... بثمن وقدره وبيانه ألف قرش ومايتا قرش وخمسون قرشاً أسدياً صاغاً ميرياً"(21). بينما لا تشير حجج أخرى إلى الصاغ الميري وتقتصر الإشارة فقط إلى القرش الأسدي وعلى الأرجح أن يكون المعنى واحداً، فمثلاً اشترى علي راتب الخالدي من حسن حسين اشتيه "جميع الحاصل الكائن داخل القدس الشريف بالقرب من بوابة سوق المبيضين ... بثمن قدره سبعة آلاف قرش أسدي ثمناً حالاً ..." .(22)
2- القرش الشرك (الجرك):
تعني كلمة شرك القيمة التي تدفع بالعملة الرائجة، وأصلها جورك أو جرك وهي كلمة تركية تعني فاسد أو مغشوش.(23)
وقد راج القرش الشرك في شتى المعاملات المالية والتجارية، فتذكر إحدى الحجج الشرعية "اشترى محمد صالح أبو ازريق ... من بائعه عبد الرحمن بن محمد بيك العسلي ... جميع الخلو الشرعي المرصد رقبته على جميع قطعة الأرض ... بثمن قدره رُبيانه تسعمائة قرش شرك عنها صاغ سبعمائة وعشرون قرشاً ثمناً حالاً مقبوضاً ..." (24). واشترى يوسف كمال من الحاج طه أبو الفيلات "جميع الدار القائمة البنا بالقدس الشريف ... بثمن قدره وبيانه ستة عشر ألف قرش وخمسمائة قرش عملة شرك سعر الليرة العثمانية بمائة وخمسة وعشرين قرشا ...".(25)
واستخدم القرش الشرك في المهور، ويظهر ذلك من الحجة التالية "حضر يوم تاريخه أدناه لمجلس الشرع الشريف السيد أمين بن محمد قويدر المعصراني الوكيل الشرعي عن الحرمة رقية بنت محمد الصالح ... وأقر واعترف وأشهد على لسان موكلته أنها أبرأت ذمة زوجها الشيخ شمس الدين المولوي من مهرها المؤجل لها عليه وقدره ألف قرش شرك على أن يخلعها بنظير ذلك من عصمة نكاحه ...". (26)وفي حجة ثانية ادعى عبد القادر أحمد حمدان على أحمد سالم ثابت الولي الشرعي على ولده عبد القادر أنه "تقدم منذ شهرين خطبت مريم بنت محمود بن سالم ثابت من أبيها ... بمهر قدره ثلاثة آلاف قرش جورك من ذلك ألفان وثمانمائة قرش معجلة والباقي وقدره مائتا قرش مؤجلة ...".(27)
وأشير إلى القرش الشرك بتسميات مختلفة، منها قرش عملة قديمة فمثلاً "ادعت صديقة بنت أحمد المحبوب على والدتها آمنة بنت مصطفى البيطار الوصية الشرعية على المدعية وقالت بأنها بلغت سن الرابعة عشر من عمرها وترغب ببيع ما يخصها من الدار الموروثة عن والدها وقدرها ثلاثة قراريط وستة أثمان قيراط وخمسة أثمان ثمن قيراط وثلث ثمن قيراط بثمن قدره وبيانه ألف وتسعمائة وستة عشر قرشا ونصف وربع قرش عملة قديمة عنها صاغ الميري ألف وأربعمائة وأربعون قرشا ونصف"(28). وأشير أحياناً إلى "قرش عملة مدينة الخليل"، فقد ادعى محمد خليل البطران بأنه اشترى بهيماً من حسن داري بمبلغ مائتين وأربعين قرشاً عملة مدينة الخليل(29)، ويعني ذلك أن سعر القرش في الخليل يختلف عنه في القدس. وأشير إليه أيضاً بقرش رايج بندر القدس الشريف، فقد وكلت جوليا بنت الخواجة فريدلي الألماني شقيقها ببيع دارها بمحلة البرسيان "بثمن وقدره ألفا قرش ومائة قرش بمعاملة رايج بندر القدس الشريف(30)". وبينت حجة ثانية أن خديجة علي قاسم امتلكت ثلاث أساور فضية بقيمة ثلاثمائة قرش بندر القدس ويساوي ذلك مائتين وخمسين قرشاً صاغاً ميرياً، وامتلكت أيضاً بنود مقطب عليها ريالات وزري بقيمة ثلاثة وعشرين قرش بندر القدس يساوي ذلك تسعة عشر قرشاً صاغ الميري، وثوب حرير قيمته ستون قرشاً بندر القدس يساوي ذلك خمسين قرشاً صاغ الميري وثوب حرير جديد بقيمة مائة قرش بندر القدس يساوي ذلك خمسة وسبعين قرشاً صاغاً ميرياً. (31)
وفي حجة أخرى اشترى الخواجة بيو اللاتيني "جميع بناء الدار والخلو المرصد رقبته عليها بثمن قدره وبيانه إحدى وعشرون ألف قرش وخمسة وعشرون قرشاً صاغ البندر عنها تسعة عشر ألفا وسبعمائة قرش صاغ ميريً(32). ويظهر من الحجتين السابقتين أن النسبة بين قرش بندر القدس والقرش صاغ الميري تساوي 5:6.
واستخدم قرش بندر القدس في دفع المهور، ويظهر ذلك من الحجة التالية:
"إلى مصطفى رشيد أفندي الخالدي من كتبة المحكمة الشرعية.
ننتهي إليك أن محمد بن أحمد أبا عبد الله من محلة الواد راغب زواج شفيقة البكر البالغة بنت عمر القزاز، على مهر معجل قدره ثلاثة آلاف ومائتا قرش صاغ بندر القدس الشريف".(33)
واستخدم أيضاً في تقدير النفقة فقد "حضر يوم تاريخه أدناه لمجلس الشرع الشريف بمحكمة القدس الشرعية الرجل العاقل أحمد بن سليمان بن خليل بربر الوصي الشرعي على أيتام شقيقه ... وقرر لمولانا الحاكم الشرعي ... أن أولاد شقيقه محتاجون للنفقة والكسوة والسكن وطلب تقدير نفقة لهم، فلما أن تحقق لدى جناب الحاكم الشرعي ما قرره الوصي المذكور فرض وقدر .. في كل شهر مائة وخمسة وثمانين قرشاً رايج بندر القدس الشريف".(34)
وأشارت السجلات الشرعية إلى قرش عملة نابلس، فقد كان بذمة كل من فريح قاقيش وعيسى قاقيش من السلط وعلي جابر من أهالي نابلس لكل من صالح وسعيد ولدي إبراهيم العنبتاوي "مبلغ وقدره أربعة وأربعون ألف قرش وأربعمائة قرش معاملة نابلس"(35). وكان لجودة هارون من قرية سنجل بذمة عبد الرحمن عبد الرحيم من القرية نفسها "مبلغ وقدره مائتان وثمانية قروش عملة نابلس". (36)وأشارت السجلات أيضاً إلى قرش عملة بيروت، فقد تضمنت تركة داود الصالحاني ديناً للحاج خليل فتح الله البيروتي "عملة بيروت 123882 قرش عنها صافي بندر القدس الآن 11632 قرش".(37)
وأشارت السجلات الشرعية إلى قرش بندر هذا الوقت، فقد بلغت تركة عثمان أبو عكر ستة آلاف ومائة وثلاثة قروش أسدية صاغية بندر هذا الوقت.(38)
3- الزلطـة:
وهي قطعة نقد فضية بولندية المنشأ، وتعرف باسم "ظولوطة" iselote أو zloty وكانت في بداية استخدامها تزيد عن القرش وتعادل من حيث الوزن ثلثيه أو ثلاثة أرباعه (39)ومن مضاعفاتها جفتة زلطة، وهي فئة الستين بارة، وزلطة من فئة ثلاثين بارة، وقد بلغ وزن الأولى عام 1187هـ/ 1773م ثمانية دراهم وخمسة عشر قيراطاً أي 27.456 غراما، بينما بلغ وزن الثانية أربعة دراهم وستة قراريط ونصف أي 13.536 غراما.(40)
ويلاحظ من خلال السجلات الشرعية بأن الزلطة لم تعد تستخدم خلال النصف الثاني من القرن التاسع عشر الميلادي في المعاملات المالية والتجارية من بيع وشراء وتأجير ورهن وديون وغير ذلك من المعاملات، واقتصر استخدامها أحياناً على نوعين من المعاملات ، النوع الأول يتعلق بحصص فقراء بيت المقدس وأصحاب الوظائف الدينية المخصصة من الصرة الرومية الواردة من الأستانة، ومن الأمثلة على ذلك فراغ كل من الحاج شاكر وشقيقه الحاج عبد القادر عن حصتهما في الصرة الرومية الواردة كل سنة من الأستانة إلى أهالي القدس الشريف البالغة زلطة وثلثا زلطة إلى بكر نسيبه وقد تعوض الفارغان من المفروغ له ليرتين مجيدي ذهب.(41) وتذكر حجة أخرى أن الشيخ إبراهيم شكي مكي تنازل "عما هو له وموظف به من العائد له من الصرة الرومية ... اثنتي عشرة زلطة وثلاث عشرة فضية مصرية إلى السيدة خانم بنت نور ادكيدك الدنف .. وقد تعوض الفارغ نظير فراغه بذلك مبلغاً قدره ثلاثة وتسعون قرشاً أسدي وربع قرش".(42)
أما النوع الثاني من المعاملات التي استخدمت فيها الزلطة، فكانت تحكير بعض العقارات الوقفية، فقد اشترى محمد بن الشيخ حسن القضماني من محمد علي رمضان التوتنجي وابن شقيقه علي حسين التوتنجي "جميع الخلو الشرعي المرصد رقبته على جميع الدار ... الجاري قرارها في وقف المرحوم سليمان العسلي والمربوط عليها حكر في كل سنة لجهة الوقف المرقوم اثنتي عشرة زلطة"(43). واشترى الحاج عبد الله محمد الخلفاوي من فاطمة جمعة الأسيوطي "جميع الحصة وقدرها النصف اثنا عشر قيراطا في جميع الخلو الشرعي المرصد رقبته على جميع الدار ... الجاري قرارها بوقف الحرمة صالحة السلفيتي والموظف على كامل الدار حكر يندفع في كل سنة لجهة الوقف وقدر ذلك ستة وثلاثين زلطة ... بثمن قدره وبيانه خمس وسبعون ليرة ذهب فرنساوي وريال مجيدي أبيض ثمناً حالاً مقبوضاً".(44)
4- الـدرهم:
استخدم الدرهم عادة لوزن الفضة، ويساوي سبعة أعشار مثقال أي أن كل عشرة دراهم تساوي سبعة مثاقيل، فيكون المثقال 1.5 درهم أو 4.8 غرام(45)، ولم نجد له أية إشارة في السجلات الشرعية تشير إلى استخدامه كوحدة نقد في المعاملات المالية والتجارية بين السكان، واقتصرت الإشارة إليه فقط في دفع ديات القتلى.
ومن الأمثلة على دفع الدية بالدرهم، الحكم الصادر من قبل المحكمة الشرعية على أحمد شتات قاتل محمد مصلح بدفع "الدية الشرعية من ماله لورثة المقتول وهي عشرة آلاف درهم من الورق أي الفضة مقسطين في ثلاث سنين من تاريخ القبض، لثبوت إقراره المطلق بذلك بالبينة الشرعية المزكاة حكماً شرعياً وأمرناه بدفع سبعة آلاف ومائتين واثنين وعشرين درهماً وثلثي ثلث درهم من الفضة من ماله من أصل الدية الشرعية العشرة آلاف درهم وذلك في ثلاث سنين من تاريخه، إلى أحمد مصلح الأصيل والوكيل والوصي المرقوم. وذلك نظير ما أصابهم من الدية الشرعية العشرة آلاف درهم فضة".(46)
وحكم قاضي محكمة القدس الشرعية على أحمد الحوتري الذي قتل عبد القادر يوسف الحاج حمدان دفع الدية الشرعية إلى ورثة المقتول عشرة آلاف درهم من الورق في ثلاث سنوات(47)، وتشير حجة أخرى إلى أن دية المرأة تساوي نصف دية الرجل، فقد حكم على إبراهيم ذياب الذي قتل زوجته عائشة عمر إسماعيل بدفع الدية الشرعية من ماله لوارث زوجته وهو ولده عمر القاصر "وهي دية المرأة خمسة آلاف درهم من الورق مقسطين في ثلاث سنين من تاريخ القبض"(48).
وأشارت السجلات الشرعية إلى أنه في حال إلحاق شخص ضرراً وأذى بأحد أعضاء جسم شخص آخر، فعليه دفع مقابل ذلك بالدرهم الفضي ويظهر ذلك من الحجة التالية: "ادعت الحرمة نصرة بنت إبراهيم شقرة ... على حسن بن أحمد حجاج ... وقالت في دعواها عليه أنه تقدم في اليوم العاشر من محرم سنة تاريخه أدناه قد ضربني المدعى عليه المرقوم بيده على فمي عمداً وبغير حق ونزل سن من وسط أسناني العليا ... وحيث أنه يتوجب لي عليه مائتان وخمسون درهم فضة على دية السن المذكور ...".(49)
5- البشـلك:
البشلك كلمة عثمانية مكونة من مقطعين بيش وتعني خمسة، ولك وتدل على النسبة، وتعني معاً ذا الخمسة أو الخماسي، وقد سُكّت في عهد السلطان سليمان الثاني ما بين عامي1089-1102هـ/ 1678-1691م من النحاس الأحمر.(50) وتجدد ضرب البشلك في عهد السلطان محمود الثاني عام 1223هـ/1808م تحت اسم جهادية حيث كانت كل 200 قطعة منها تزن 8 دراهم أي 25.656 غراما وبعيار 730 على أن تكون قيمتها 5 قروش، وضربت منها نصفية عرفت باسم يوزلك وتساوي 2.5 قرش، وربعية تتداول بسعر 25 بارة.(51)
وأشارت السجلات الشرعية إلى استخدام السكان لهذا النقد في بعض الأحيان في معاملاتهم التجارية، فمثلاً ادعى إسماعيل خليل صادق النمري على خميس علي وأحمد محمد من قرية بيت حنينا بأنهما أخذا منه خمسين بشلكاً مناصفة بينهما على أن يعطياه مقابل ذلك عشر طبات (52)حنطة سعر كل طبة خمسة بشالك(53). واستخدم أيضاً في معاملات الدين، فقد ادعى عبد الله علي مشعل على يوسف زيادة بأن له بذمته 130 بشلكاً وقرشاً واحداً بطريق القرض الشرعي.(54)
وكانت السجلات الشرعية تشير إلى مبلغ الدين على أساس قيمة البشلك، فقد استدان محمد مصطفى محمد من خليل مصطفى عبد الله مائتي قرش على أساس سعر البشلك خمسة قروش ونصف(55). واقترض مصطفى عثمان جابر من محمد يوسف الداودي ثلاثمائة وخمسين قرشاً على أساس سعر البشلك خمسة قروش ونصف(56). واستدان أيضاً رشيد داود من محمد عبد الرحمن ألفاً وخمسين قرشاً موجلة لمدة ستة أشهر، وذلك على أساس قيمة البشلك خمسة قروش ونصف(57). واشترى عبد السلام آغا جميع الخلو الشرعي وقطعة أرض بخمسة عشر ألف قرش باعتبار سعر الريال البشلك خمسة قروش.(58)
يظهر من الحجج السابقة أن قيمة البشلك بلغت خمسة قروش ونصف، غير أن حججا أخرى أشارت إلى أن قيمة البشلك كانت أحياناً خمسة قروش، فمثلاً كان من بين العملات التي وجدت في تركة عثمان طهبوب المتوفى عام 1278هـ/1861م عشرون بشلكاً قيمة البشلك الواحد خمسة قروش(59).. ووجد في تركة شحادة المصري صندوق كان فيه عملات مختلفة كان من بينها خمسة وأربعون بشلكاً قدرت قيمة كل بشلك خمسة قروش.(60)
ويبدو أن قيمة البشلك أخذت بالانخفاض تدريجياً، فقد تضمنت تركة سليم سليمان الدجاني المتوفى عام 1310هـ/1292م أنواعا مختلفة من النقود من بينها ثلاثة عشر بشلكاً حددت قيمة كل بشلك بثلاثة قروش(61). وقد أكد ذلك زهير غنايم في دراسته عن لواء عكا في عهد التنظيمات العثمانية حيث ذكر أن سعر البشلك في منطقته بلغ عام 1307هـ/1889م ثلاثة قروش.(62)
ويبين الجدول التالي سعر صرف البشلك في عدد من السنوات في الفترة ما بين سنتي 1279هـ/1862م – 1310هـ/1892م.
السنة | السعر بالقروش | السـجل |
1279هـ/1862م | 5 | سجل 346، 13 جمادى الثانية 1279هـ/1862م، ص105 |
1280هـ/1863م | 6 | سجل 347، أوائل شعبان 1280هـ/1863م، ص197 |
1283هـ/1866م | 5.5 | سجل 354، 17 ربيع الثاني 1284هـ/1867م،ص54 |
1284هـ/1867م | 5 | سجل 354، 4 شوال 1284هـ/1867م، ص190 |
1285هـ/1868م | 5 | سجل 355، 15 جمادى الثانية 1285هـ/1868م، ص81. |
1287هـ/1870م | 5 | سجل 357، 13 جمادى الأولى 1287هـ/1870م، ص184. |
1294هـ/1877م | 6.15 | سجل 368، 21 رجب 1294هـ/1877م، ص55. |
1308هـ/1890م | 6 | سجل 379، 25 جمادى الثانية 1308هـ/1890م، ص152. |
1310هـ/1892م | 3 | سجل 383، غرة ذي القعدة 1310هـ/1892م، ص139. |
واختلف سعر البشلك في مدينة يافا عنه في القدس، فقد تراوح سعره في يافا خلال الفترة 1284هـ/1867م ما بين 5-6.20 قرشاً، باستثناء عامي 1294هـ/1877م و 1295هـ/1878م حيث بلغ سعره أحياناً في هذين العامين سبعة قروش.(63)
6- الريال الوزري:
أشارت السجلات الشرعية إلى استخدام السكان للريال الوزري ولكن على نطاق محدود. وكان يطلق عليه أحياناً اسم الزهراوي لوجود زهرة على أحد وجهيه في بداية ضربه عام 1215هـ/1800م.
واستخدمت الفلاحات قطع الوزري زينة لعمرة رؤوسهن المعروفة بـ "الوقاة"، فقد امتلكت خديجة علي قاسم من قرية عارورة وقاة عليها "بنود مائة ريال وزري عنهم خمسمائة قرش".(64)
ويلاحظ أن استخدام الوزري كان في حالات الديون، فمثلاً ادعت صبيحة أبو خليل على علي حسين بأن لها في ذمته خمسين ريالاً وزرياً عنها ثلاثمائة واثني عشر قرشاً ونصف صاغ بندر القدس الشريف(65). أي أن سعر الوزري بهذه الحالة كان ستة قروش وعشر بارات وذلك باعتبار أن العشرة ريالات تساوي 4/1 قرش.
وفي حجة ثانية "ادعت شمعة بنت عامر بن جبر الخلف ... على رشيد مصطفى كساب وقالت في تقرير دعواها عليه، أن لي في ذمة عبد الحليم عبد الكريم من أهالي البيرة مبلغ مائتي وزري بطريق الدين من جهة القرض كان أخذها مني واصرفها في أمور نفسه، وأنه بتاريخ غرة محرم سنة ست وتسعين ومائتين وألف قد أحالني عبد الحليم علي المتوفى الموروث الحاج عبد الهادي بن الحاج حسين قاسم ... وأنه بوقتها قبل المتوفى الحوالة المذكورة على نفسه بطوعه واختياره ... وحيث إن المحول عليه توفي قبل الأخذ والاستيفاء وما دفع لي شيئاً والمدعى عليه واضع يده على تركة الموروث بناءً عليه اطلب الآن أخذ هذا المبلغ المدعى به من تركة المتوفى".(66)
وفي حالات دين أخرى يتم تحديد المبلغ المقترض على أساس سعر الوزري، ولعل في ذلك إشارة إلى ثقة الأهالي بهذا النقد، فقد كان لعبد الله علي مشعل في ذمة سليمان زيادة محسن 999 قرشاً باعتبار سعر الوزري سبعة قروش ونصف(67). استدان رشيد مكيبو من عبد الله قاسم أبو عكر 2400 قرش سعر الوزري ستة قروش ونصف.(68)
كذلك أشير إلى سعر الوزري عند الاستدانة من صندوق الأيتام ، فذكرت إحدى الحجج أن قاضي محكمة القدس الشرعية رتب في ذمة أحمد العتال المصري 4640 قرشا على أساس سعر الوزري ستة قروش ونصف، وذلك من مال زينب القاصرة عن درجة البلوغ يتيمة الحاج محمد المصري، كان من ذلك 404 قروش آلت إليها إرثاً عن أمها زين العرب بموجب دفتر تركتها و 60 قرشاً ثمن كتابه(69). وفي حجة أخرى رتب القاضي الشرعي في ذمة عبد الرحمن مصطفى أبو الفضل العلمي 489 قرشا وثمن ساعة 73 قرشا ونصف وربع قرش جملة ذلك 563 قرشا وذلك من مال أمونة القاصرة يتيمة عبد الله السكران باعتبار سعر الوزري 7.5 قرش(70).
وفي بعض الأحيان كان المبلغ المستخدم في البيع والشراء يحدد على أساس سعر الوزري وعملة أخرى، ومن الأمثلة على ذلك أن عبد السلام آغا اشترى "جميع الخلو الشرعي المرصد رقبته على جميع الدكان ... وجميع قطعة الأرض ... بثمن قدره وبيانه خمسة عشر ألف قرش أسدي صاغاً سعر الريال الوزري ستة قروش والريال البشلك خمسة قروش"(71). وقد يحدد المبلغ على أساس سعر الوزري فقط، فمثلاً كان لبكر سليمان النشاشيبي في ذمة محمد مختار قرية عين قينيا أربع جرار زيت ورطل وسبع أواق بكيل الجرة الصبانية، وثلاثمائة وسبعة وثلاثون قرشاً ونصف سعر الريال الوزري 7.5 قرشا(72).
ويبدو أن السبب في تحديد أسعار الوزري والبشلك هو منع الخلافات بين البائعين والمشترين حول سعر العملة وبالتالي يحدد السعر من قبل القاضي ويتفق عليه الطرفان.
ويبين الجدول سعر الريال الوزري في عدد من السنوات في الفترة الواقعة ما بين سنتي 1279هـ-1303هـ/1862-1891م
السنة | السعر | السجل |
1279هـ/1862م | 7 | سجل 354، 5 ربيع الأول 1284هـ/1867م، ص2 |
1280هـ/1863م | 7 | سجل 347، أواخر ربيع الثاني 1280هـ/1863م، ص48 |
1283هـ/1866م | 7.5 | سجل 353، 18 جمادى الثانية 1283هـ/1866م، ص98 |
1284هـ/1867م | 6.5 | سجل 354، 27 ربيع الأول 1284هـ/1867م، ص23. |
1284هـ/1867م | 6 | سجل 354، 4 شوال 12841284هـ/1867م، ص190. |
1284هـ/1867م | 7.5 | سجل 354، 25 ربيع الأول 1284هـ/1867م، ص15 |
1287هـ/1870م | 6 | سجل 357، 13 جمادى الأولى 1287هـ/1870م، ص184. |
1292هـ/1875م | 10 و4 | سجل 362، 12 رمضان 1292هـ/1875م، ص86 |
1292هـ/1875م | 6 | سجل 363، 15 رجب 1292هـ/1875م،ص261 |
1303هـ/1886م | 6 | سجل 374، 19 ذي القعدة 1303هـ/1886م، ص19 |
1304هـ/1887م | 6 | سجل 374، 24 رجب 1304هـ/1887م، ص157 |
1305هـ/1888م | 6 | سجل 382، 5 محرم 1309هـ/1892م، 107 |
1306هـ/1889م | 5 | سجل 378، 18 محرم 1306هـ/1889م، ص84 |
1308هـ/1891م | 6 | سجل 379، 25 جمادى الثانية 1308هـ/1891م، ص152. |
يتضح من الجدول السابق أن سعر الريال الوزري بقي إلى حد كبير مستقراً على مدار نحو 30 عاماً أي خلال الفترة 1279هـ/1862م – 1308هـ/1891م. وأن أدنى سعر له كان عام 1306هـ/1889م حيث وصل إلى خمسة قروش، غير أن ذلك لا يعني أن هذا السعر استمر طوال ذلك العام، إذ أن سعر بعض العملات العثمانية كان يتفاوت في العام الواحد. كما يلاحظ أن سعر الوزري بلغ عام 1283هـ/1866م 7.5 قرش، واستمر هذا السعر في العام التالي أي 1284هـ/1867م، وان انخفض في هذا العام أحياناً إلى ستة قروش.
ويبدو أن الدولة اتخذت قراراً بإلغاء هذه العملة، حيث حاولت سحب الوزري من الأسواق، فذكرت جريدة ولاية سوريا عام 1305هـ/1888م أن الزهراويات التي تتداول الآن في الأسواق "بقيمة خمسة قروش ستبطل وسترفع فيما بعد، إلا أنه يتعامل بها الآن في أسعارها الحاضرة في صناديق الأيتام حتى نهاية شهر آب المقبل، وأنه ستعلن فيما بعد مدة وأصول مبادلة الزهراويات التي تبقى في أيدي الأهالي بعد ختام المدة المذكورة"(73).
7- الريال المجيدي:
سمي بهذا الاسم نسبة إلى السلطان عبد المجيد الأول، وقد ضرب عام 1257هـ/1840م بموجب فرمان تضمن تصحيح السكة في الدولة حيث تم تطوير ضربخانة استانبول بآلات ومعدات أحضرت من لندن، فضرب الريال المجيدي بقيمة عشرين قرشا، ومن فئاته نصف المجيدي بقيمة عشرة قروش وربع المجيدي بقيمة خمسة قروش، ويوجد على أحد وجوه الريال المجيدي وفئاته الطغراء "الختم السلطاني" وعلى وجهه الآخر عبارة "عزّ نصره"، كما يوجد على كلا وجهيه اثنا عشر هلالاً تتلامس أطرافها ويوجد أمامها نفس العدد من النجوم، كما يوجد خارج الأهلة وعند النقاط التي تتلامس فيها أطرافها اثنتا عشرة زهرة ربيع(74).
وبلغ عيار الريال المجيدي وفئاته لدى ضربه 90 وكان وزن الريال الواحد 7 دراهم و8 قراريط أي 24.055 غراما، أما النصف مجيدي فقد بلغ وزنه 3 دراهم و12 قيراطاً أي 12.023 غراما، وبلغ وزن ربع المجيدي درهماً واحداً و14 قيراطاً أو ما يعادل 6.013 غراما(75).
وفي عام 1260هـ/1844م صدر "قرار نامة" أصبح بموجبه وزن الريال المجيدي 19.945 غراماً من الفضة الخالصة و 4.110 غرام نحاس، وذلك على اعتبار أن عيار النقود الفضية 830 بالألف(76). وفي عام 1239هـ/1855م ضربت سكة من فئات 5، 4، 3، 2، وريال واحد، وكان عليها اسم السلطان عبد المجيد ولقب خان(77).
ويعد الريال المجيدي من أكثر العملات العثمانية تداولاً بين السكان بعد القرش وقد استخدم الأهالي الريال المجيدي في مختلف المعاملات من شراء وبيع ودين ورهن، فقد اشترى إبراهيم سليمان أبو غنام الخليلي من مصطفى محمد أبو رموز حماراً بمبلغ أربعة عشر ريالا مجيدي(78). وادعى محمد عبد السلام الحسيني على كايد بركات بدوان من قرية بتين بأن له في ذمته ستين ريالا مجيديا على طريق القرض أخذها منه بموجب سند مؤرخ في 5 جمادى الثانية عام 1301هـ/1883م(79). وادعى الحاج راغب نعمان الخالدي الوكيل الشرعي عن عمر سليمان النشاشيبي على حسين علي عبد الله من قرية كوبر بأن لموكله في ذمة المدعى عليه "إحدى عشرة جرة زيت ونصف بكيل قرية كوبر بطريق السلم كان أخذ المدعى عليه بدلهما من موكلي مبلغاً وقدره أربعون ريالا مجيديا وربع بحساب بدل كل جرة ثلاثة ريالات مجيدي ونصف"(80). وادعى محمد عودة سالم على محمد محمود المكحل وكلاهما من قرية العيزرية بأن له بذمته اثني عشر ريالاً مجيدياً عيناً بطريق الدين من جهة القرض أخذها منه في 17 محرم 1303هـ/1885م(81).
وكانت السجلات الشرعية تذكر المبلغ المستخدم في المعاملات التجارية على أساس سعر الريال المجيدي، ومثال ذلك أن إبراهيم خليل نسيبة اشترى من الشيخ محمد بكر أبو السعود سبعة قراريط ونصف في دار بمحلة الواد بثمن قدره ثمانية عشر ألفاً وخمسون قرشاً على أساس ان سعر الريال المجيدي اثنان وعشرون قرشا(82)ً.
وفي بعض الأحيان تذكر السجلات الشرعية المبلغ المستدان مقروناً بسعر الريال، فمثلاً ادعى سليمان مردخاي السكناجي على عبد الرحمن عقل عثمان الحنيني بأن له في ذمة محمد أبو صلاح الحنيني أربعمائة قرش عملة قديمة سعر الريال المجيدي أربعة وعشرون قرشاً بكفالة المدعى عليه(83). وفي حجة ثانية ادعى إبراهيم مصطفى ناصر من قرية كفر مالك على محمود سليمان الكراعين من قرية سلوان بأن "المدعى عليه محمود كفله بسندين قيمتهما ثلاثة آلاف وثلاثمائة قرش سعر الريال المجيدي اثنان وعشرون قرشاً بإذنه الكفالة المالية لواحد سكناجي"(84).
وكان الريال المجيدي يسمى أحياناً بالمجيدي الأبيض، فمثلاً وكّل الحاج علي الكناني عبد الرزاق أبي السعود الخلوتي بطلب وقبض ما هو له في ذمة كل من عبد السلام أبو غوش ومحمد عليان وقدر ذلك "مائة وستة وتسعون ريالا مجيديا أبيض المحكوم له بها على الشخصين بكفالة بعضهما بعضاً"(85). واشترى الخواجة مناويل كليس اللاتيني من الشيخ فيض الله الشهابي الوكيل الشرعي عن عائشة العلمي قيراطين وثلث قيراط في دكان بمحلة النصارى بثمن قدره ألف قرش سعر المجيدي الأبيض باثنين وعشرين قرشا(86)ً.
وتعرض الريال المجيدي للمسح والنقص في وزنه وبالتالي فقدانه لجزء من قيمته، ففي عام 1304هـ/1886م أصدرت وزارة المالية في الدولة العثمانية قراراً تضمن قبول الريالات المجيدية التي أطرافها أو خطها ممسوح جزئياً أو مسودة في صناديق الأيتام، وألزم القرار الصرافين والمحتكرين بقبول هذه الريالات وعدم وضع العراقيل والعوائق أمام الأهالي(87).
ونظراً لانخفاض مستوى المعيشة كانت الدولة تقوم بتحويل مبالغ كبيرة من الريالات المجيدية إلى مسكوكات كسرية تطرحها للتداول بين الأهالي، ففي عام 1315هـ/1897م قامت الدولة بوساطة دور الضرب وبإشراف البنك العثماني بتحويل ريالات مجيدية بقيمة مائة ألف ليرة عثمانية ذهبية إلى مسكوكات كسرية منها أربعون ألف سكة ذات قرش واحد وستون ألفاً ذات قرشين(88).
ويبين الجدول التالي سعر الريال المجيدي بالقروش خلال بعض السنوات:
السنة | السعر بالقروش | السجل |
1278هـ/1861م | 22 | سجل 345، غرة رجب 1278هـ/1861م، ص58 |
1279هـ/1862م | 23 | سجل 345، 22 صفر 1279هـ/1862م، ص201 |
1280هـ/1863م | 24 | سجل 353، غرة ذي القعدة 1283هـ/1866م، ص181 |
1280هـ/1863م | 21 | سجل 347، 19 شعبان 1280هـ/1863م، ص248. |
1281هـ/1864م | 22 | سجل 353، غرة ذي القعدة 1283هـ/1866م، ص181 |
1281هـ/1864م | 21 | سجل 349، أواسط ذي القعدة 1281هـ/1864م، ص119. |
1282هـ/1865م | 21 | سجل 351، 13 رمضان 1282هـ/1865م، ص177. |
1282هـ/1865م | 25 | سجل 355، 17 رمضان 1285هـ/1868م، ص154. |
1282هـ/1865م | 23 | سجل 351، 13 ربيع الثاني 1282هـ/1865م، ص40. |
1283هـ/1866م | 22 | سجل 353، 24 ربيع الثاني 1283هـ/1866م، ص31. |
1283هـ/1866م | 25 | سجل 353، 18 جمادى الثانية 1283هـ/1866م، ص98. |
1284هـ/1867م | 22 | سجل 354، 8 ربيع الثاني 1284هـ/1867م، ص31. |
1284هـ/1867م | 20.5 | سجل 354، 17 ذي القعدة 1284هـ/1867م، ص224. |
1285هـ/1868م | 21 | سجل 355، 29 جمادى الأولى 1285هـ/1868م، ص23. |
1287هـ/1869م | 21 | سجل 357، 13 جمادى الأولى 1287هـ/1869م، ص184. |
1292هـ/1875م | 21 | سجل 363، 15 رجب 1292هـ/1875م، ص261. |
1296هـ/1879م | 23 | سجل 374، 17 شوال 1303هـ/1885م، ص3. |
1299هـ/1882م | 22 | سجل 374، 17 شوال 1303هـ/1885م، ص3. |
1302هـ/1884م | 23 | سجل 374، 27 شوال 1303هـ/1885م، ص14. |
1303هـ/1885م | 23 | سجل 374، 19 ذي القعدة 1303هـ/1885م، ص19. |
1304هـ/1886م | 23 | سجل 374، 15 جمادى الأولى 1304هـ/1888م، ص94. |
1304هـ/1886م | 20 | سجل 374، 9 محرم 1304هـ/1886م، ص38. |
1306هـ/1888م | 19 | سجل 378، 28 محرم 1306هـ/1888م، ص84. |
1306هـ/1888م | 24 | سجل 378، 15 شوال 1306هـ/1888م، ص156. |
1308هـ/1890م | 23 | سجل 382، 12 ذي القعدة 1308هـ/1890م، ص105. |
1309هـ/1891م | 23 | سجل 383، 13 محرم 1309هـ/1891م، ص120. |
1310هـ/1892م | 23 | سجل 379، 25 جمادى الثانية 1308هـ/1892م، ص152. |
يتضح من الجدول السابق بأن السعر المتداول للريال المجيدي مقابل القرش في معظم السنوات كان يتراوح ما بين 21-23 قرشاً، ما يدل على ثبات سعره إلى حد كبير ومحافظته على قيمته، ومع ذلك فقد وصل سعره في بعض الأحيان إلى 25 قرشا كما حصل عامي 1282هـ/1865م و 1283هـ/1866م. ويبدو أن تحديد هذه الأسعار كان بشكل فردي، ففي عام 1281هـ/1864م كان السعر الدارج للريال يتراوح ما بين 21-22 قرشا، غير أنه في حجة شرعية واحدة في العام نفسه بلغ سعر الريال 26.5 قرشاً، وتتمثل في الدعوى التي أقامها عبد العزيز سالم من قرية قطنة على محمد جابر البواية من القرية نفسها، بأنه أدان شقيق المدعى عليه حسن البواية أربعمائة وسبعين قرشاً ونصف، سعر الريال المجيدي ستة وعشرون قرشاً ونصف وذلك ثمن خمسة أمداد سمسم وربع، قيمة كل مد تسعون قرشاً، وأن حسن توفي قبل أن يوصل الكمية المطلوبة، وطالب المدعي من المدعى عليه إيصال ذلك(89). وفي قضية ثانية مماثلة ادعى فارس محمد قاسم على حسين الشاعر بأن له في ذمته ثلاثة آلاف وستمائة وخمسة وسبعين قرشاً سعر الريال المجيدي ستة وعشرون قرشا(90)ً.
يلاحظ أن القضيتين السابقتين كانتا قضيتي دين، ولعل تحديد سعر الريال بهذا المبلغ لا يعني بأنه كان السعر الدارج في السوق، وعلى الأرجح أن يكون هذا السعر قد تحدد من قبل الدائن وقبول المدين لحاجته الماسة لذلك، علماً أن سعر الريال المجيدي في ذلك العام كان 21 قرشاً، وقد أشارت إلى ذلك حجج عدة، منها حجة تضمنت موافقة قاضي محكمة القدس الشرعية على استدانة سعيد صالح السعدي من أموال أيتام صلاح الرحال القاصرين عن درجة البلوغ والمحفوظة بصندوق الأيتام، مبلغ ألف ومئتي قرش، وثمن كتاب فتاوي علي أفندي مائة وثمانون قرشاً جملة ذلك ألف وثلاثمائة وثمانون قرشاً على أساس أن سعر الريال المجيدي 21 قرشا(91). ويلاحظ في هذه الحجة بأن هناك استغلالا من الدائن إذ أن ثمن كتاب الفتاوى البالغ مائة وثمانين قرشاً هو تحايل على الاقتراض بالربا، إذ لم يكن بيع الكتاب سوى بيعاً صورياً، وكان ثمنه فائدة مقطوعة على المبلغ المدان. ولعل ذلك كان أمراً مألوفاً، إذ يظهر في الكثير من الحجج الشرعية المتضمنة معاملات دين من أموال الأيتام والقاصرين المحفوظة بصناديق الأيتام إضافة مبلغ على المبلغ المدان وغالباً ما يشار إلى المبلغ المدان بثمن ساعة موهوبة من القاضي إلى القاصر أو اليتيم أو ثمن كتاب فتاوى أو مجموعة كتب فتاوى.
وكان سعر الريال المجيدي يختلف من مدينة إلى أخرى من المدن الفلسطينية، ففي مدينة حيفا بلغ سعره في أعوام 1296هـ/1879م، 1298هـ/1881م، 1299هـ/1882م، 1300هـ/1883م، 22.30 قرشا، وبلغ سعره في عام 1304هـ/1886م 19 قرشا، وارتفع في العام التالي 1305هـ/1887م إلى 22.22 قرشا، ثم انخفض عام 1306هـ/1888م حيث تراوح بين 19-20 قرشا، وبلغ في عام 1307هـ/1889م و 1310هـ/1892م 23.25 قرشا(92)، وفي مدينة يافا كان سعر الريال المجيدي يتفاوت في العام الواحد، ففي عام 1286هـ/1869م تحددت قيمته بسعرين إحداهما 21 قرشا والثاني 28 قرشا، وفي عام 1287هـ/1870م تحددت قيمته بثلاثة أسعار هي على التوالي 22، 25، 26 قرشا، وفي عام 1292هـ/1875م تحددت قيمته أيضاً بثلاثة أسعار هي 22، 25، 30 قرشا، وبلغ سعره في أعوام 1313هـ/1895م و 1315هـ/1897م و 1317هـ/1899م 26 قرشا(93).
ولعل هذا التفاوت في سعر الريال المجيدي بين مدينة وأخرى، ومن عام لآخر بل تفاوته في العام الواحد دليل على مدى حالة الفوضى والإرباك في النظام النقدي في الدولة العثمانية، وضعف ثقة السكان بالعملة العثمانية.
النقـود الذهبيـة
1- الليرة العثمانية:
وهي عملة ذهبية ضربت في عهد السلطان عبد المجيد عام1259هـ/1843م بعيار 22 (916.5 في الألف) ووزن درهمين و4 قراريط أي ما يعادل 7.216 غراما منها 6.614 غراماً ذهباً صافياً و602 منها نحاس. وضرب منها نصف ليرة بقيمة 50 قرشاً ووزن درهم واحد وقيراطين أي 3.608 غرامات، وضرب أيضاً ربع ليرة بقيمة 25 قرشا ووزن 9 قراريط أو ما يعادل 1.804 غرام(94).
وكانت أطراف الليرة العثمانية محاطة بزخارف على شكل فراشات، ويوجد في القسم الأعلى من الطغراء سبعة نجوم، وفي الطرف الأيمن شكل غصن شجرة، أما القسم السفلي منها فيوجد على سنة الضرب أرقام توضح في أي عام من الجلوس تم الضرب، كما يوجد على يمين ويسار الطغراء أغصان نبات الغار، وتلتقي هذه الأغصان مع بعضها البعض في الطرف السفلي وتتقاطع تحتها سهام، ويوجد بين الأطراف العليا للأغصان نجم، وعلى وجه الليرة توجد عبارة "عز نصره"(95).
وضربت الدولة خلال الفترة ما بين1260-1273هـ/1844-1856م، 1.202.397.000 قروش من المسكوكات الذهبية من فئة 500 قرش و250 قرشا و100 قرش و50 قرشا و25 قرشاً(96)
وأشارت السجلات الشرعية لليرة العثمانية بتسميات عدة منها الليرة المجيدية نسبة للسلطان عبد المجيد، فمثلاً اشترى الخواجة حنا خشادور الأرمني "جميع الحصة الشائعة قدرها قيراط وربع قيراط ... في جميع الدكان ... بثمن قدره وبيانه من القروش الأسدية عشر ليرات مجيدية عيناً"(97). ومنها أيضاً الليرة العثماني، فمثلاً ادعى محمد عبد السلام الحسيني على جابر عبد اللطيف حوشان من قرية برقة بأن له في ذمته "بطريق الدين من جهة القرض مبلغاً قدره ثماني عشرة ليرة ذهباً عثمانياً عيناً ..."(98).
وقسمت الليرة العثمانية إلى أجزاء كالربع والخمس، فتذكر إحدى الحجج الشرعية أن سعدي بيك نعمان عقل استدان من محمد حسن صلاح الرحال الوكيل الشرعي عن عمته فاطمة الرحال الوصي الشرعي على أولادها الصغار مبلغاً قدره ثلاثون ليرة ذهب عثماني عيناً، وثمن أربع ساعات فضة .. بمبلغ عشر ليرات وأربعة أخماس ليرة عثماني ..."(99).
ونظراً لثقة الأهالي بالليرة العثمانية، فقد تحددت أحياناً قيمة المبلغ المستخدم في المعاملات التجارية والمالية بتحديد سعر الليرة العثمانية، مثال ذلك الدعوى التي رفعها محمد صالح أبو نصار الخليلي الوكيل الشرعي عن حفيظة مصطفى شهوان الأصيلة عن نفسها والوصية الشرعية على ولديها حافظ ونبيهه القاصرين عن درجة البلوغ أن بذمة المدعى عليه لزوج الموكلة المتوفى سبعماية وعشرين قرشا سعر الليرة العثمانية ماية وعشرة قروش(100) واستدان رشيد سرندح من محمد علي ألفا ومائة وثمانية عشر قرشا وثمانية وعشرين فضة سعر الليرة العثماني مائة وعشرة قروش (101). واشترى الراهب افتيموس ترجمان دير الروم بالقدس بالوكالة الشرعية عن بطريرك الروم بالقدس "جميع الحصة الشائعة وقدرها النصف اثنا عشر قيراطاً من أصل كامل أربعة وعشرين قيراطاً في جميع الأرض الواقعة قرب قرية المالحة ... بثمن قدره وبيانه اثنا عشر ألف قرش سعر الليرة المجيدي مائة وثلاثة وثلاثون قرشا ..."(102).
وفي بعض الأحيان يحدد المبلغ المستدان من صندوق الأيتام على أساس الليرة العثماني، ويظهر ذلك من الحجة التالية: "رتب مولانا الحاكم الشرعي بمعرفة مدير الأيتام الشيخ يوسف أفندي الإمام ما هو إلى محمد وأمين القاصرين ولدي المرحوم السيد إبراهيم بن عبد المحسن النمري .. تسعة عشر ألف قرش وخمسمائة وواحد وتسعين قرشاً سعر الليرة العثمانية مائة وستة قروش عنها صاغ الميري ثمانية عشر ألفا وخمسمائة قرش اعتبار مائة وخمسة وثمانين ليرة عثمانية عيناً في ذمة وصيهما أخيهما السيد عبد الله ..."(103).
وأشارت السجلات إلى استخدام أكثر من عملة إلى جانب الليرة العثمانية في معاملة واحدة، إذ لم يقتصر تحديد المبلغ المستخدم على أساس سعر الليرة العثمانية فقط، بل يحدد إلى جانب ذلك على أساس بعض العملات الأجنبية كالليرة الفرنسية والليرة المسكوبية (الروسية) والليرة المجرية، وذلك حتى يضمن الدائن قيمة دينه في حال انخفاض قيمة الليرة، فمثلاً استدان حنا إلياس من يوسف الدبدوب سبعة آلاف قرش بسعر الليرة العثمانية مائة وعشرين قرشا والليرة المسكوبي مائة وخمسة قروش والليرة الفرنسية مائة قرش وقرشين(104). وباع إبراهيم الإسلامبولي صالحة علي الشامي أربعة قراريط ونصف في كرم يقع بالقرب من باب العامود بألف ومائة واثنين وسبعين قرشاً سعر الليرة العثمانية مائة وخمسة قروش والمجر الجنزير خمسة وخمسون قرشا(105)، وادعى الحاج موسى الشرباتي على رشيد قليبو بأن له في ذمته سبعة وخمسين آلاف قرش أسدي سعر الليرة العثمانية مائة وثمانية عشر قرشاً والليرة الفرنسية مائة قرش(106).
ونظراً لاختلاف سعر صرف الليرة العثمانية من منطقة إلى أخرى في الولايات العثمانية برزت فئة من الصيارفة قاموا بعمليات بيع وشراء العملة، وكانوا يشترون الليرة من الأستانة بسعر 107 قروش على أساس أن القرش يساوي في الأستانة 38 بارة، حيث إن سعر صرف الليرة والقرش في الأستانة يختلف عنه في الشام، فأخذ هؤلاء الصيارفة ببيع كل قرش بخمسين بارة في الشام، فأصبحت الليرة العثمانية معهم تعادل ما قيمته 133.33 من القرش مما يوفر لهم ربحاً مقداره ثمانية قروش وعشر بارات في كل ليرة، وإذا كانت الليرة تساوي 105 قروش كان الربح لكل ليرة 5 قروش وثلاثين بارة(107).
وقد اختلف سعر الليرة العثمانية من عام لآخر، ويظهر الجدول التالي سعرها في عدد من السنوات في الفترة ما بين 1277هـ/1860م – 1309هـ/1891م:
السنة | السعر بالقروش | السجل |
1277هـ/1860م | 112 | سجل 344، أواخر شوال 1277هـ/1860م، ص118. |
1278هـ/1861م | 114 | سجل 345، نصف جمادى الأولى 1278هـ/1861م، ص32. |
1278هـ/1861م | 115 | سجل 345، غرة رجب 1278هـ/1861م، ص58. |
1279هـ/1862م | 117 | سجل 345، 22 صفر 1279هـ/1862م، ص201. |
1280هـ/1863م | 122 | سجل 347، أوائل شعبان 1280هـ/1863م، ص197. |
1280هـ/1863م | 115 | سجل 347، 19 شعبان 1280هـ/1863م، ص248. |
1280هـ/1863م | 117 | سجل 347، أواخر ربيع الثاني 1280هـ/1863م، ص48. |
1281هـ/1864م | 118 | سجل 347، غرة محرم 1281هـ/1864، ص307. |
1282هـ/1865م | 120 | سجل 354، غاية ربيع الأول 1284هـ/1867، ص18. |
1283هـ/1866م | 110 | سجل 354، 27 ربيع الأول 1284هـ/1867م، ص25. |
1284هـ/1867م | 118 | سجل 354، 5 ربيع الأول 1284هـ/1867م، ص6. |
1284هـ/1867م | 112 | سجل 353، 25 صفر 1284هـ/1867، ص259. |
1284هـ/1867م | 119 | سجل 353، 25 محرم 1284هـ/1867م، ص272. |
1289هـ/1872م | 109 | سجل 358، 27 ذي القعدة 1289هـ/1872م، ص153. |
1292هـ/1875م | 110 | سجل 363، 3 جمادى الثانية 1292هـ/1875م، ص35. |
1301هـ/1883م | 108 | سجل 374، 17 شوال 1303هـ/1883م، ص8. |
1303هـ/1885م | 124 | سجل 374، 17 شوال 1303هـ/1885م، ص8. |
1304هـ/1886م | 124 | سجل 374، 12 جمادى الأولى 1304هـ/1886م، ص75. |
1308هـ/1890م | 124 | سجل 379، 25 جمادى الثانية 1308هـ/1890م، ص152. |
1309هـ/1891م | 125 | سجل 382، 23 محرم 1309هـ/1891م، ص120. |
يظهر من الجدول أن سعر الليرة قد أخذ بالارتفاع منذ عام 1277هـ/1860م حتى وصل عام 1282هـ/1865م إلى 120 قرشاً، وفي عام 1283هـ/1866م تراجع ليصل إلى 110 قروش ثم عاد للارتفاع وان أخذ بتأرجح عام 1284هـ/1867م بين ثلاثة أسعار هي 122، 118، 119قرشا، ثم أخذ سعرها بالارتفاع تدريجياً منذ عام 1303هـ/1885م إذ وصل سعرها عام 1309هـ/1891م 125 قرشا.
ويلاحظ أن سعر الليرة العثمانية لم يكن موحداً في مدن بلاد الشام الأخرى بل حتى في المدن الفلسطينية كان يختلف من مدينة إلى أخرى، فعلى سبيل المثال بلغ سعرها في نابلس عام 1284هـ/1867م 119 قرشا(108)، أي بفارق قرش واحد بينها وبين مدينة القدس، إذ بلغ في مدينة القدس في العام نفسه 118 قرش.
وفي مدينة حيفا تراوح سعر الليرة العثمانية خلال الفترة 1298هـ/1881م – 1312هـ/1894م ما بين 122-124.5 قرشا كما في الجدول التالي:
السنة | السعر بالقروش |
1298هـ/1881م | 122 |
1298هـ/1881م | 125 |
1299هـ/1882م | 122 |
1300هـ/1883 | 122.5 |
1307هـ/1889م | 123 |
1312هـ/1894م | (109)124.5 |
وفي مدينة يافا شهد سعر الليرة العثمانية تفاوتاً كبيراً من عام لأخر، بل كان هناك تفاوت كبير في العام الواحد، ففي عام 1285هـ/1868م صرفت الليرة بسعرين الأول 126 قرشا والثاني 146 قرشا، وفي عام 1286هـ/1869 صرفت أيضاً بسعرين الأول 120 قرشا والثاني 150 قرشا، وفي عام 1287هـ/1870م كان لليرة أربعة أسعار هي على التوالي 113، 124، 127، 129 قرشا(110).
وفي بيروت بلغ سعر الليرة عام 1289هـ/1872م 115 قرشا، وارتفع عام 1295هـ/1878م إلى 120 قرشا، وتراوح عام 1307هـ/1889م ما بين 123.10-124.5 قرشاً(111).
ويعود السبب في تفاوت سعر الليرة العثمانية واختلافها من مدينة إلى أخرى، إلى أن العملة العثمانية كانت نوعين: العملة الذهبية والفضية الأصلية، والعملة المغشوشة التي كانت رائجة في أسواق التجارة ومتداولة بين السكان(112)، وكان لكل نوع من العملات العثمانية أربع قيم، هي: القيمة الخالصة وهي قيمة الشيء عندما يدفع نقداً ذهباً كان أم فضة، والقيمة المغشوشة وهي القيمة التي تدفع بالعملة النحاسية، والقيمة الصاغ وهي القيمة التي تحددها الدولة، وأخيراً القيمة الشرك وهي القيمة التي تدفع بالعملة الدارجة وتتغير تبعاً للزمان والسكان(113).
2- الخيري (الغازي):
وهو نقد ذهبي استخدم على نطاق محدود، وأطلق عليه أحياناً اسم الخيري المحمودي أو الغازي، وقد ضرب في عهد السلطان محمود الثاني عام 1241هـ/1826م بعيار 20 قيراطا و3 حبات وبوزن درهم واحد و0.75 قيراطاً أي ما يعادل 3.360 غراماً(114). واشتهر بين الناس باسم "غازي" أو "صنديقلي التون" أي الذهبية ذات الصندوق(115). وضرب من الخيري أربع فئات، مزدوجة وكاملة ونصفية وربعية، ووجد على أحد وجوه قطع الخيري عبارة "سلطان سلاطين الزمان" وعلى الوجه الآخر عبارة "غازي محمود خان"(116).
وكان النقد الخيري على نوعين: الخيري القديم (العتيق) ويبدو أنه أقدم وجوداً وتداولاً بين السكان من الخيري الجديد، لذا أطلق عليه اسم الخيري القديم، وبلغت قيمته الشرائية في القدس عام 1278هـ/1861م 28 قرشا(117). وبقيت القيمة نفسها في العام 1281هـ/1864م(118) ثم ارتفعت في العام نفسه إلى 30 قرشاً(119). وفي مدينة يافا بلغت القيمة الشرائية للخيري القديم عام 1288هـ/1871م 25 قرشاً وارتفعت قيمته في عام 1299هـ/1881م إلى 31 قرشا(120).
أما الخيري الجديد، فقد أشارت إليه السجلات أحياناً باسم خيري ج، وبلغت قيمته عام 1273هـ/1856م 22 قرشا صاغا و 28 قرشا شركا، وبلغت في عام 1279هـ/1862م 24.5 قرشا صاغا و28 قرشا شركا(121)، وانخفضت عام 1281هـ/1864م لتصل إلى 22.5 قرشاً صاغاً(122). وبلغت عام 1292هـ/1875م 23 قرشاً صاغاً(123).
وأشارت السجلات إلى خيري كبير قديم وبلغ سعره عام 1277هـ/1860م 70 قرشاً(124). وأشارت أيضاً إلى ذهب خيري قديم ناقص وبلغت قيمته الشرائية عام 1292هـ/1875م 11 قرشا(125). ولا ندري ما إذا كان هذا النوع هو نوع من أنواع العملة أم أن الخيري في هذا المثال كان به نقص، إذ لم يرد حوله إلا إشارة واحدة فقط، وعلى الأرجح أنه ليس عملة بل نوع من أنواع الحلي.
وأشارت السجلات أيضا إلى خيري دار الخلافة، وبلغ سعره عام 1292هـ1875م 20 قرشاً، ويبدو أنه أحد أنواع العملة إذ ورد ذكره ضمن قائمة العملات التي وجدت في تركة المتوفى عبد الحميد سليمان قطينة(126).
3- الجهـادي:
وهو نقد ذهبي سمي بذلك نسبة للجهاد وخصص للنفقات الحربية، وقد ضرب في عهد السلطان محمود الثاني عام 1225هـ/1810م(127).
وقد ميزت السجلات الشرعية بين نوعين من الجهادي، وهما "جهادي طري" وكان يعادل عام 1281هـ/1864م ثمانين قرشا(128)ً ومن أجزائه النصف، وبلغ سعر صرف نصف "الجهادي الطري" عام 1274هـ/1857م أربعين قرشاً صاغاً أو ستين قرشاً شركاً(129)، وحافظ على القيمة نفسها في عام 1281هـ/1864م(130) ثم ارتفع سعر صرفه عام 1287هـ/1870م إلى خمسة وأربعين قرشاً صاغاً(131) وبذلك يكون سعر صرف "الجهادي الطري" عام 1287هـ/1870م تسعين قرشاً.
أما النوع الثاني فكان "جهادى يابس" وكانت قيمته الشرائية أقل من "الجهادي الطري"، فقد بلغت عام 1278هـ/1861م ستة وخمسين قرشاً(132) ومن أجزائه التي أشارت إليها السجلات نصف جهادي يابس وبلغ سعر صرفه عام 1287هـ/1870م ثمانية وعشرين قرشاً(133) وبذلك يكون قد حافظ على قيمته طول تسعة أعوام.
4- الفندقلي (البندقلي):
عرف بهذا الاسم نسبة إلى البندقية في إيطاليا، حيث كان يضرب بها أولاً، ثم أصبح يضرب في الآستانة(134). وكان هذا النقد على نوعين: فندقلي قديم (عتيق) وضرب في عهد السلطان سليم الثالث 1204-1223هـ/ 1789-1807م وكان يساوي 200 قرش رائج، وفندقلي جديد ضرب في عهد السلطان مصطفى الرابع 1222-1223هـ/ 1807-1808م ويزن درهما وقيراطا وربعا(135).
وأشارت السجلات الشرعية إلى نوعين من الفندقلي هما: فندقلي جنزير، وفندقلي بلا جنزير، ومن أجزائهما نصف فندقلي، وربع فندقلي الذي كان أكثر شيوعاً وتداولاً من فئة النصف، فقد بلغت قيمة ربع الفندقلي بجنزير عام 1278هـ/1861م ثلاثة عشر قرشاً(136)، ثم انخفض في العام نفسه إلى اثني عشر قرشاً(137). وبلغت قيمته الشرائية عام 1292هـ/1875م أحد عشر قرشاً(138). وبالتالي يتضح أن قيمة قطعة الفندقلي بجنزير تراوحت ما بين 44-52 قرشاً.
أما ربع الفندقلي بلا جنزير فقد بلغت قيمته عام 1278هـ/1861م عشرة قروش(139) أي أن قيمة قطعة الفندقلي بلا جنزير بلغت 40 قرشاً وهذا يعني أن القيمة الشرائية للفندقلي بجنزير أعلى من القيمة الشرائية للفندقلي بلا جنزير.
وأشارت السجلات إلى ربع فندقلي سادة حيث بلغ سعره عام 1281هـ/1864م أحد عشر قرشاً(140)، وبلغ في دمشق السعر نفسه عام 1276هـ/1860م(141)، وعلى الأرجح أن يكون المقصود به هو الفندقلي بلا جنزير، إذ أن قيمة ربع الفندقلي بجنزير بلغت في هذا العام وفي الشهر نفسه (ذي القعدة) ثلاثة عشر قرشا(142) ولا يعقل أن تنخفض قيمته في شهر واحد قرشين.
ومن النقود الذهبية التي أشارت إليها السجلات الشرعية ولكن بشكل قليل ذهب مشخص، وبلغ سعره عام 1292هـ/1875م ستين قرشاً(143) والذهب اليوسفي وبلغت قيمته الشرائية عام 1305هـ/1883م مائتين وسبعين قرشاً(144). وأشير أيضاً إلى الظريفة واستخدمت لتحميل الحلق بها(145)، ومن فئاتها ربع الظريفة وبلغت قيمتها عام 1292هـ/1875م ثلاثة قروش(146).
وأوردت السجلات الشرعية إشارات قليلة لبعض النقود التي استخدمها الأهالي على نطاق قليل منها الألتق، وهي كلمة عثمانية مكونة من مقطعين آلتي وتعني ستة، ولق للدلالة على النسبة ومعنى المقطعين ذو الستة،(147) وهو نقد فضي ضرب في عهد السلطان محمود الثاني ما بين سنتي 1249هـ/1833م – 1255هـ/1838م، وبلغ سعره عام 1304هـ/1884م خمسة قروش، فقد ادعت نجيبه بنت نمر عبد القادر من قرية لفتا على كل من خديجة بنت إسماعيل مصطفى أبو شنك زوجة المتوفى أحمد موسى وفاطمة بنت عواد موسى والدة المتوفى بأن لها في ذمة المتوفى ثمانمائة قرش سعر الآلتق خمسة قروش(148). ومن أجزائه نصف الآلتق، وربع الآلتق، وذكرت سالنامة ولاية سورية سنة 1316هـ/1898م أن قيمة الآلتق في مناطق الولاية كانت تتراوح بين ستة قروش إلى ستة قروش وعشرين بارة(149).
ووجد في القدس نقد نحاسي عرف بالسحتوت وبلغ سعره عام 1289هـ/1872م ثلاث بارات(150). وأشير أيضاً إلى ريال الشليك وهو نقد مصري (151) وبلغت قيمته عام 1278هـ/1861م أحد عشر قرشاً(152). ووردت إشارة إلى ليرة أبو طير، وكانت قيمتها عام 1280هـ/1863م اثني عشر قرشاً(153).
لم تكن النقود العثمانية مقتصرة على النقود المعدنية، فقد جرت أول محاولة لإصدار عملة ورقية في عهد السلطان عبد المجيد 1839-1861م، حيث صدر للتداول "قوائم نقدية معتبرة"، كانت بحكم نوع من سندات الخزينة، فطرحت في البداية قائمة بفائدة من فئة 400 كيس وكل كيس يحتوي على 500 قرش، ثم طرحت قائمة بالأجل من فئة 3200 كيس أي 160000 ليرة عثمانية، وكانت هذه القوائم بفائدة مقدارها 8% ويعني ذلك أنها كانت بمثابة سندات دين تثبت الفائدة أكثر من كونها نقداً(154).
وقد تعرضت هذه القوائم للتزوير والتزييف، خاصة أنها كانت تكتب بخط اليد وعدم وجود أرقام متسلسلة لها، ما جعل الدولة تلجأ بين الحين والآخر إلى طباعتها وتغيير أشكالها، ومع ذلك فقد استمرت محاولات تزويرها ما اضطر الدولة إلى أن تقوم بين الحين والآخر برفع القوائم وسحبها من الأسواق.
الخـاتمة:
يتضح مما سبق أن القرش الذي يعد الوحدة الأساسية في التعامل النقدي كان من أكثر العملات العثمانية تداولاً في المنطقة، وقد ميزت السجلات الشرعية بين نوعين من القرش هما القرش الصاغ وهو العملة الرسمية، والقرش الشرك الذي كانت قيمته تختلف من مدينة إلى أخرى ومن عام لآخر. ولعل تفاوت قيمة القرش قد أدى إلى أن يقوم البعض بتحديد قيمة المبلغ المستخدم في العمليات التجارية من بيع وشراء ورهن ودين، على أساس تحديد قيمة الليرة العثمانية أو الريال المجيدي نظراً لثبات قيمة هاتين العملتين مقارنة مع القرش، وقد احتل الريال المجيدي المرتبة الثانية في التعامل بعد القرش ويليه مباشرة الليرة العثمانية.
واتضح من خلال الجداول السابقة تذبذب أسعار صرف العملات العثمانية بمختلف أنواعها وعدم ثبات قيمتها وسعرها، ما انعكس سلباً على ثقة الأهالي بها وانصرافهم لاستخدام النقود الأجنبية وبخاصة الليرة الفرنسية.
ولعل اضطراب النقود العثمانية وتذبذب أسعار صرفها ناجم عن الضعف الاقتصادي والفوضى الاقتصادية والنقدية في الدولة العثمانية، الأمر الذي أدى إلى رواج الكثير من العملات العثمانية في وقت واحد وتلاعب الصيارفة والمحتكرين بقيمتها بعيداً عن رقابة الدولة.
الهـوامش:
عارف العارف، المفصل في تاريخ القدس، القدس، مطبعة المعارف 1960، ص337.
[*] أستاذ محاضر - جامعة القدس.