مهند عبد الحميد[1]
كان الحكم بالنفي في العصور التي سبقت العصر الحديث عقوبة بالغة الشدة، النفي حينذاك لا يقتصر على قضاء سنوات بعيداً عن الأسرة والديار التي ألِفَها، بل يعني النبذ وحرمان المَنْفي من الإحساس بأنه في وطنه مستبدلاً الماضي العادي بمرارة الحاضر وغموض المستقبل. صورة المنفى اختلفت في القرن العشرين حين تحولت من عقوبة بحق أفراد، إلى عقوبة قاسية تُفرَض على مجتمعات وشعوب بأسرها، كما حدث مع الشعب الأرمني والشعب الفلسطيني وشعوب أخرى، ففي راوندا حدثت مجازر على خلفية عرقية أفضت إلى مقتل 800 ألف شخص وفرار ما يقرب من مليوني شخص من المدنيين في غياب تدخل النظام الدولي لحمايتهم. بيد أن إقصاء وترحيل شعوب خارج أوطانها لم ينف عقوبة نفي الأفراد – كعقوبة الإبعاد التي مارستها دولة الاحتلال الإسرائيلي مثلا- بالترافق مع العقوبات الجماعية.
[1] باحث وناقد فلسطيني.