سميح شبيب
عقد المجلس المركزي الفلسطيني، دورته السادسة والعشرين، صباح يوم السبت 26/4/2014، في مدينة رام الله، بمقر الرئاسة، بمشاركة رئيس دولة فلسطين، محمود عباس، وبحضور 86 عضواً من مجموع 114. وبعد التأكد من الحضور، أعلن أمين سر المجلس الوطني، السفير محمد صبيح، بأن النصاب قانوني.
استهل رئيس المجلس الوطني الفلسطيني، سليم الزعنون، كلمته. بالإشادة باتفاق المصالحة وإنهاء حالة الانقسام، وشدد على ضرورة عدم التباطؤ في تطبيق هذا الاتفاق. وأكد على أننا نواجه اليوم، تهديدات نتنياهو الأخيرة، ونحن موحدون. وأثنى على قرار القيادة الفلسطينية بالانضمام إلى خمس عشرة اتفاقية ومعاهدة دولية مما يرسخ الشخصية القانونية لدولة فلسطين، ويؤسس لمرحلة جديدة في التعامل مع إسرائيل ووضع حد لسياسة المماطلة الإسرائيلية.
وألقى الرئيس محمود عباس، خطاباً شاملاً. أكد خلاله بأن الوضع الراهن في ظل الاستيطان والتصعيد الإسرائيلي غير مقبول، مشدداً على التمسك بإنهاء الانقسام.
وجدد الرئيس على الثوابت الوطنية قائلاً: “لا مفر لنا إلا بالوصول إلى الحقوق الثابتة وبإقامة الدولة المستقلة وعاصمتها القدس الشريف، ونحن متمسكون بحق العودة بالاستناد إلى مبادرة السلام العربية وبناء على القرار 194، ونحن لم نسقط حق العودة”.
لاقت هذه الكلمة، ترحيباً واسعاً، من القوى الفلسطينية كافة، في وقت اعتبرتها إسرائيل، بمثابة طلقة الرحمة، على مسار المفاوضات!!!
ناقش المجلس، خلال فترة انعقاده جدول أعمال اشتمل على المحاور التالية:
تقرير الرئيس محمود عباس رئيس دولة فلسطين وتقرير اللجنة التنفيذية، وتطورات العملية السياسية، والأوضاع في مدينة القدس، وتصاعد الاستيطان بشكل غير مسبوق، والأسرى في سجون الاحتلال، والمصالحة الوطنية، وتفعيل دور المجلس المركزي ولجانه في المرحلة الحالية، ودراسة سبل تفعيل المقاومة الشعبية، تفعيل الانضمام إلى 63 منظمة دولية.
توصل المجلس المركزي على ضوء مناقشاته وأعماله، إلى جملة من النقاط والقرارات.
على الصعيد السياسي والتفاوضي، حمَّل المجلس المركزي إسرائيل كامل المسؤولية عن تخريب الجهود الدولية والأميركية الهادفة إلى التوصل لتسوية سياسية للصراع.
وتأسيساً عليه، رأى المجلس، أن أي استئناف للمفاوضات والعملية السياسية يتطلب التزام إسرائيل الواضح بمرجعية حدود عام 1967، وقرارات الأمم المتحدة، وبالوقف الشامل للاستيطان بما في ذلك في القدس الشرقية، وبتنفيذ الالتزامات والاتفاقات السابقة، مقدمة ضرورية لأي بحث لاحق في قضايا المفاوضات الأخرى بما فيها قضية الأمن، وذلك وصولا إلى معاهدة سلام تشمل كل القضايا.
وأكد المجلس المركزي على رفض أي اتفاق إطار يشكل بديلا عن المرجعيات المعتمدة دوليا، مع التمسك بمرجعية قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة، وما تضمنته حول حدود 1967 بما فيها القدس، وحول حقوق اللاجئين وفقا للقرار 194 وحول عدم شرعية الاستيطان وضم القدس وكافة الإجراءات الإسرائيلية التي نفذتها على الأرض.
التمسك بإنهاء الاحتلال بصورة شاملة عن أراضي دولة فلسطين وعدم شرعية الاستيطان بكل مسمياته، ورفض تبادل الأراضي.
الإصرار على إطلاق سراح معتقلي الدفعة الرابعة والبالغ عددهم ثلاثين أسيرا من قدامى الأسرى وعودتهم إلى بيوتهم، واستمرار العمل من أجل إطلاق سراح بقية الأسرى.
التوجه إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة ومجلس الأمن من أجل رفض وإدانة الاستيطان وكافة إجراءات تهويد القدس والاعتداءات على الكنائس والمساجد وخاصة المسجد الأقصى واستصدار قرار يدعو الدول الأعضاء إلى فرض عقوبات ومقاطعة الشركات والمؤسسات الداعمة له.
إن المجلس المركزي الفلسطيني وهو يتمسك بكامل حقوق الدولة الفلسطينية وخاصة حقها في الاستقلال والسيادة وتمثيلها في كافة المؤسسات الدولية وانضمامها إلى جميع المعاهدات والمواثيق، فإنه يدرك أن واقع هذه الدولة الراهن هو واقع دولة تحت الاحتلال وأنه يرفض القبول باستمرار هذا الواقع.
إن سلطة الاحتلال المتمثلة بدولة إسرائيل والتي تواصل التنكر لكل الاتفاقات السابقة عليها أن تتحمل المسؤولية والتبعات السياسية والقانونية والعملية كافة، التي ترتبها عليها اتفاقيات جنيف الأربع وبروتوكولاتها الإضافية، وأنه تقع عليها تبعات كل أشكال الإخلال والانتهاكات لهذه الاتفاقات وللقانون الدولي والدولي الإنساني، وبناء عليه فإن المجلس المركزي يدعو الدول السامية المتعاقدة على اتفاقيات جنيف الأربع لاتخاذ الإجراءات الضرورية لإلزام إسرائيل (سلطة الاحتلال) بتحمل مسؤولياتها كافة وفقا لهذه الاتفاقيات والبروتوكولات الإضافية.
وأكد المجلس المركزي رفضه المطلق لمطلب حكومة إسرائيل الاعتراف بها كدولة يهودية.
تفعيل توقيع فلسطين على وثائق جنيف، وتأكيد حق دولة فلسطين في استكمال الانضمام للاتفاقات والمعاهدات والمنظمات الدولية وفقا للخطة التي تم اعتمادها بهذا الخصوص.
العمل مع الأطراف الدولية المعنية بالعملية السياسية من أجل إعادة بنائها على أساس قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة، وتنسيق جهود هذه الأطراف من خلال مجلس الأمن أو من خلال عقد مؤتمر دولي للسلام بما يقود إلى تنفيذ قرارات الأمم المتحدة، ووقف استمرار تلاعب إسرائيل بالمجتمع الدولي وبكل مساعي السلام.
المصالحة الوطنية وإنهاء الانقسام
أكد المجلس المركزي على دعمه الكامل للاتفاق الذي أنجزه وفد منظمة التحرير مع حركة حماس في 23 نيسان (إبريل)، وعلى ضرورة الإسراع في تنفيذه بما يضمن تشكيل حكومة التوافق الوطني برئاسة الرئيس محمود عباس في أسرع وقت وصولا إلى إجراء الانتخابات وتفعيل منظمة التحرير الفلسطينية ومعالجة كل ما تبع الانقسام من سلبيات على الصعيد المجتمعي والقانوني والديمقراطي. كما أكد المجلس رفضه للتهديدات والحملة المحمومة التي تشنها حكومة إسرائيل ضد اتفاق المصالحة الفلسطينية.
الوضع الداخلي
أكد المجلس المركزي الفلسطيني وهو الجهة التي قررت باسم المجلس الوطني إنشاء السلطة الوطنية الفلسطينية، أن قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة بالاعتراف بدولة فلسطين على حدود الرابع من حزيران (يونيو) 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، وبمكانتها كعضو مراقب في الأمم المتحدة وبتوالي الاعترافات بها ورفع مكانتها التمثيلية، قد خلقا وضعا جديدا باتجاه تكريس المركز القانوني لدولة فلسطين، وعليه فإن المجلس المركزي يقرر تشكيل لجنة من بين أعضائه تقدم توصياتها بهذا الشأن إلى اللجنة التنفيذية والمجلس خلال مدة لا تزيد عن ثلاثة أشهر، من أجل مواصلة وتعزيز كافة الخطوات الضرورية التي تضمن تكريس هذا المركز الجديد لدولة فلسطين داخليا وخارجيا، استنادا إلى وثيقة الاستقلال التي تضمن نظامها الديمقراطي التعددي.
القدس
يدعو المجلس المركزي إلى اعتبار قضية القدس، في أولوية القضايا الوطنية، والعربية والدولية، وإلى العمل مع الجامعة العربية ومنظمة التعاون الإسلامي لإعلان القدس العاصمة السياسية والروحية والثقافية الرمزية للعرب والمسلمين، وإلى مواصلة طرح قضيتها في كافة المحافل الدولية وفي الجمعية العامة للأمم المتحدة ومنظماتها وهيئاتها.
غزة
يؤكد المجلس على بذل أقصى الجهود وعلى كافة المستويات لرفع المعاناة عن أبناء شعبنا في قطاع غزة من خلال فك الحصار وتوفير المتطلبات الإنسانية التي تمنع استمرار التدهور الحاصل على جميع المستويات في قطاعنا الصامد، وأن تتولى حكومة التوافق الوطني المنشودة هذه المهمة كأولوية لها، والمباشرة في عملية إعادة إعمار القطاع كي يتمكن شعبنا هناك من مواصلة دوره المجيد في حركة النضال الوطني والصمود في وجه الضغوط والاعتداءات الإسرائيلية، ويطالب المجلس الدول المتبرعة لصندوق إعمار غزة الإيفاء بالتزاماتها.
الأسرى:
يحيي المجلس صمود أبناء حركتنا الأسيرة، ويؤكد على النضال من أجل إطلاق سراحهم، ويعتبر قضيتهم قضية مركزية على الصعيد السياسي الوطني ويدعو إلى مواصلة حشد الدعم والمساندة الدولية من أجل الإفراج عنهم ووقف الاعتداءات الإسرائيلية المتواصلة ضدهم. ويؤكد المجلس ضرورة استمرار رعاية عائلات الأسرى وصون كرامتهم وتنفيذ القانون الخاص بهذا الشأن.
المقاومة الشعبية:
يحيي المجلس استمرار واتساع المقاومة الشعبية ويدعو إلى تعزيزها وتوفير كل مقاومات نهوضها المتواصل، وإلى دعم المبادرات التي تقوم بها قطاعات مختلفة من أبناء شعبنا في عموم الوطن، دفاعا عن الأرض ومن أجل حمايتها من غول التوسع الاستيطاني والجدار العنصري، كما يؤكد على أهمية تعزيز التنسيق والوحدة والعمل المشترك بين كافة القوى الوطنية والشعبية لتطوير المقاومة الشعبية الشاملة.
تطوير وتفعيل منظمة التحرير الفلسطينية
يؤكد المجلس على ضرورة الإسراع في تفعيل وتطوير منظمة التحرير الفلسطينية ومؤسساتها كافة من خلال إعادة تشكيل المجلس الوطني واعتماد الانتخابات لعضويته حيثما أمكن، مع المحافظة على طابعه التمثيلي والجبهوي بوصفه عنوان وحدة وتمثيل الشعب الفلسطيني في كافة أماكن تواجده، وإعادة تشكيل المجلس المركزي وانتخاب لجنة تنفيذية جديدة مع المحافظة على انتظام ودورية اجتماعات مؤسساته.
كما يدعو إلى تفعيل مؤسسات الشعب الفلسطيني في الشتات من خلال مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية والاتحادات الشعبية الفلسطينية.
رحبت الأوساط السياسية الفلسطينية، بما توصل إليه المجلس المركزي من قرارات، ورأت فيها مقررات تساعد على إعادة بناء م.ت.ف وتحديثها، ورافعة للنهوض الوطني، في مواجهة التعنت الإسرائيلي.
سميح شبيب[*]
[*] رئيس تحرير “شؤون فلسطينية”