عليان الهندي[*]
تقوم استطلاعات الرأي العام بدور مهم في الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية في إسرائيل. ولا تكاد تخلو مناسبة أو حدث، إلا ويجرى حولها استطلاع عام لمعرفة موقف الرأي العام الإسرائيلي منه، وبالتالي اتخاذ القرارات المنسجمة مع نتائج الاستطلاع. ومن حيث الأهمية، تحتل استطلاعات الرأي المكانة الثانية في قياس الرأي العام بعد الإحصاءات الرسمية الصادرة عن مختلف مراكز الاستطلاعات المنتشرة في إسرائيل بكثرة.
وكثيرا ما استخدمت استطلاعات الرأي من قبل القيادتين العسكرية والسياسية في تحديد وترسيم سياسات حالية أو مستقبلية أو اتخاذ قرارات، مثل استعانة رئيس وزراء إسرائيل الأسبق إسحاق رابين باستطلاعات رأي سرية بخصوص المفاوضات مع م.ت.ف والتوقيع على اتفاقيات أوسلو، أو موافقة رئيس وزراء إسرائيل السابق إيهود أولمرط على تقريب موعد الانتخابات بعد موت أريئيل شارون، الذي استعان هو أيضا باستطلاعات رأي عام من أجل تطبيق الفصل أحادي الجانب عن قطاع غزة.
ويعتبر استطلاع الرأي الحالي، الذي أجري في إسرائيل من قبل “مركز بيو للدراسات” -ومقره الولايات المتحدة- بالتعاون مع مركز أبحاث الأمن القومي في جامعة تل أبيب، امتدادا لاستطلاعات رأي بُدئ في كتابتها منذ إنشائه عام 1977 تحت مسمى استطلاعات “مركز يافة للدراسات الاستراتيجية”.
وتكمن أهمية الاستطلاع الحالي كونه جزءا من يوم دراسي بعنوان “الفسيفساء الإسرائيلية –الدين والهوية والمجتمع” الذي حاضر خلاله أحد عشر محاضرا، من بينهم البروفيسور سامي سموحة من جامعة حيفا، والبروفيسور روت غبيزون من الجامعة العبرية في القدس، والقاضي العربي إياد زحالقة القاضي الشرعي للقدس -الممثل لدولة إسرائيل، وليس لوزراة الأوقاف الفلسطينية أو الأردنية، ألين كوبرمان رئيس مجلس إدارة “مركز بيو للدراسات”.
ويعاني الاستطلاع والدراسة من مشكلتين أساسيتين هما: الأولى، أنه قسم العرب إلى مسلمين ومسيحيين ودروز، وغير ذلك. والثاني، لم يتطرق إلى التمييز العنصري الذي يعاني منه الشرقيون في إسرائيل رغم أنه تمييز غير مرئي وغير مقنن، حيث ذكرت بعض الدراسات أن إسرائيل تحتاج إلى 25 عاما كي تقضي بشكل نهائي على التمييز بحق الشرقيين في الدولة.
كما لم تتطرق القراءة إلى مواضيع أخرى في الدراسة والاستطلاع مثل استعمال المواصلات الخاصة يوم السبت، وتجنيد الرجال من التيار الديني المتزمت في الجيش، وزيادة عدد السكان اليهود المتزمتين التي تعود في كثير من أسبابها إلى كثرة الإنجاب، وليس لحركة عودة إلى الدين اليهودي، وغيرها من المواضيع.
معطيات حول المُستَطلَعين
أجري الاستطلاع على 5601 من الأشخاص بواسطة لقاءات مباشرة استخدمت خلالها اللغات الثلاث (العبرية والعربية والروسية). وشارك في الاستطلاع اليهود بما فيهم المستوطنون المنتشرون في الضفة الغربية، والفلسطينيون سكان إسرائيل، التي تشمل المسيحيين والدروز. ولم يشمل الاستطلاع الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة، باستثناء مدينة القدس. واعتبر كل من بلغ فوق الثامنة عشرة من العمر مستهدفا في هذا الاستطلاع، واستمر العمل فيه ثمانية أشهر (من تشرين أول عام 2014-أيار 2015).
الخريطة الدينية والسياسية لإسرائيل
حسب الدراسة شكل اليهود ما نسبته 81% (المعطيات الرسمية تتحدث أن 78% من سكان دولة إسرائيل هم من اليهود). وأشار أكثر من 3/4 اليهود الذين شملهم الاستطلاع أنهم ولدوا في إسرائيل. كما قسم اليهود إلى: علمانيين (40%)، ومحافظين (23%) يعتبرون أنفسهم حلقة وصل بين العلمانيين وبقية المجتمع اليهودي، ومتدينين (10%)، وحريديم (8%) (حريديم تطلق كصفة لليهود المتزمتين دينيا). وهذه النسب من مجموع السكان اليهود فقط، حيث تقل نسبتهم في المجتمع الإسرائيلي الذي يضم العرب وغيرهم. ويشار هنا إلى أن الدراسة الحالية ومعطياتها لم تشر إلى التيار الديني الناشئ في إسرائيل والمسمى “هحردليم” أي اليهود المتزمتين دينيا ووطنيا المنتشرين في مستوطنات الضفة الغربية وما يسمى بالبؤر الاستيطانية غير الشرعية. كذلك عند الإشارة إلى العلمانيين لا بد من القول إن معظم من شارك منهم في الاستطلاع، أوضح أنه يهودي ويمارس بعض ما تنص عليه الشريعة اليهودية مثل الأكل وصوم يوم الغفران.
وفيما يتعلق بالميول السياسية، ذكر 37% ممن شملهم الاستطلاع من كل اليهود أنهم يميلون إلى اليمين، بينما صنف 55% ممن شملهم الاستطلاع من اليهود على أنهم ينتمون لتيار الوسط. وفيما يتعلق بالتفاصيل ذكر 52% من اليهود المتزمتين دينيا أنهم ينتمون لتيار الوسط، فيما اعتبر 41% من المتدينين أنفسهم كذلك، بينما عد 49% من المحافظين أنفسهم من تيار الوسط، وأيدهم في ذلك 62% من العلمانيين. وفي المقابل، صرح 47% من اليهود المتزمتين دينيا أنهم ينتمون لليمين، وشاركهم الرأي نفسه 56% من المتدينين الوطنيين، و24% من العلمانيين. وفيما يتعلق باليسار أشار 8% من مجموع اليهود أنهم ينتمون لليسار معظمهم من التيار العلماني.
وأعرب 63% ممن شملهم الاستطلاع أن أحزاب اليمين في إسرائيل هي الأقرب إليهم، وأشار 30% منهم أن حزب الليكود أقرب إليهم من بقية الأحزاب الأخرى. فيما أيد 26% أحزاب المعارضة الصهيونية.
وفيما يتعلق بالفلسطينيين، أشارت الدراسة إلى أنهم يشكلون 19% من مجموع السكان، منهم 14% مسلمون، و2% مسيحيون و2% دروز، بينما أشار 1% منهم أنهم بلا دين. وحرص الاستطلاع الحالي، على تبني التقسيمة الصهيونية للعرب الفلسطينيين التي تتحدث عن أن انتماءهم الديني يعكس انتماءهم القومي، بمعنى أن الدروز (على سبيل المثال) ليسوا عربا، في حين حافظت الدراسة على وحدة اليهود بغض النظر عن اختلاف مذاهبهم.
وفيما يتعلق بالعرب تبين أن هناك تأييدا شديدا للقائمة العربية الموحدة والجبهة وبلد، حيث أعرب 51% من العرب عن تأييدهم للأحزاب المذكورة. واللافت للنظر أن نسبة المسيحيين المؤيدين للأحزاب العربية أكبر من نسبة المسلمين، وذكر 19% من الدروز أنهم يؤيدون الأحزاب العربية.
إجمالا يمكن القول إن الخريطة الدينية لإسرائيل تتغير لصالح المسلمين والعرب، حيث أشار الاستطلاع أن نسبة اليهود في إسرائيل بلغت عام 1949 ما نسبته 86%، وقد بلغت نسبتهم عام 2014 ما يقارب من 74% من مجمل عدد السكان. وفي الوقت، الذي تناقص عدد اليهود، ازدادت نسبة المسلمين 9% وأصبحوا يشكلون 18% من عدد سكان إسرائيل عام 2014. وعلى الصعيد نفسه ازدادت نسبة الدروز بـ1% وأصبحوا يشكلون 2%. أما السكان المسيحيون فقد قلت نسبتهم في عام 2014 بـ1% مقارنة مع عام 1949 وأصبحوا يشكلون 2% من مجموع سكان دولة إسرائيل، بعد أن كانوا يشكلون 3% عام 1949، لكن ذلك لا يعني أن عددهم تناقص، بل لم يتزايد بما يتناسب مع النسب المطلوبة المعطاة عند المسلمين والدروز.
الدولة اليهودية
تشير الدراسة إلى أن 9 من كل 10 أشخاص (91%) يرون ضرورة وجود دولة إسرائيل كدولة يهودية لبقاء الشعب اليهودي واستمراريته على المدى البعيد، حيث يعتقد 76% ممن شملهم الاستطلاع أن اللاسامية شائعة وآخذة في التزايد. وفي السياق المذكور يرى 98% من كل اليهود ضرورة منح الجنسية الإسرائيلية لكل اليهود بغض النظر عن مكان سكناهم.
وحول تعارض الديمقراطية مع الدولة اليهودية أشار 76% من كل اليهود الذين شملهم الاستطلاع أن بإمكان إسرائيل أن تكون يهودية وديمقراطية في آن واحد، في حين رفض 20% ذلك، ولم يجب 4% على السؤال. والمثير في الاستطلاع أن 76% ممن استطلعت آراؤهم من العلمانيين يرون عدم تعارض الدولة اليهودية مع الديمقراطية، ما يعني أن أكبر نسبة من اليهود المؤيدين للدولة اليهودية والديمقراطية جاءت من صفوف العلمانيين، إذا أخذنا بعين الاعتبار أن 58% من اليهود المتزمتين دينيا يؤيدون ذلك و79% من المتدينين و80% من المحافظين.
وفيما يتعلق بتفضيل المبادئ الديمقراطية على الشريعة والتقاليد اليهودية أشار 62% من اليهود إلى تفضيلهم المبادئ الديمقراطية، بينما أيد 24% تفضيل الشريعة والتقاليد اليهودية، ورفض 14% التعليق على الموضوع. ومن الواضح أن الفوارق متباعدة جدا في هذا المجال بين المتزمتين دينيا والمتدينين وبين العلمانيين والمحافظين حيث أشار 89% من اليهود المتزمتين دينيا و65% من المتدينين إلى تفضيلهم الشريعة اليهودية على المبادئ الديمقراطية، في حين فضل 89% من العلمانيين و56% من المحافظين المبادئ الديمقراطية.
وأشارت الدراسة إلى أن 64% من اليهود يعارضون تطبيق الشريعة اليهودية كقانون للدولة، فيما أيد ذلك 29% ولم يدل برأي 7%. ومع ذلك أبدى 66% من اليهود بمن فيهم المستوطنون القاطنون في الضفة الغربية أن الله أعطى إسرائيل للشعب اليهودي.
وفيما يتعلق بموقف العرب الفلسطينيين من الدولة اليهودية وتبعات ذلك، أشار 64% ممن شملهم الاستطلاع أنه لا يمكن لدولة إسرائيل أن تكون يهودية وديمقراطية في الوقت نفسه، في حين يرى 27% أن بإمكان الدولة اليهودية أن تكون كذلك. ومن غرائب الأمور في الاستطلاع الحالي فيما يتعلق بالعرب هو أن 28% من المسلمين لا يرون تناقضا بين الديمقراطية والدولة اليهودية، في حين كانت نسبة المسيحيين 20% والدروز 3%.
مكانة الفلسطينيين في دولة إسرائيل
على صعيد آخر، أشار 74% من عرب إسرائيل إلى أن هناك تمييزاً عنصرياً كبيراً يمارس ضدهم، في حين ذكر 74% من اليهود أنه لا يوجد تمييز ضد العرب.
وصرح 79% من العرب الذين شملهم الاستطلاع أن دولة إسرائيل هي دولة تمييز عنصري. وذكر 37% ممن شملهم الاستطلاع أنهم عانوا في السنة الماضية من نوع من أنواع التمييز. وقال واحد من كل ستة أشخاص أنه قد تم استجوابه من قبل قوات الأمن، وأضاف 17% أنه قد تم استجوابهم من قبل رجال أمن إسرائيليين، فيما قال 15% إنه قد تم منعهم من السفر، وتم تهديد 15% بسبب ديانتهم خلال الـ12 شهراً الماضية.
وذكر الاستطلاع أن المجتمع اليهودي في دولة إسرائيل شهد 25% من التمييز ضد اليهود، وفي السياق المذكور أشار 48% ممن شملهم الاستطلاع من اليهود أنهم يؤيدون طرد العرب من دولة إسرائيل، بينما رفض ذلك 46% ولم يجب بنعم أو لا 6%. وذكر واحد من كل خمسة أشخاص بالغين من اليهود في إسرائيل أنهم يؤيدون طرد العرب بشدة. وحسب التصنيف أيد طرد الفلسطينيين 59% من اليهود المتزمتين دينيا، و71% من اليهود الوطنيين المتدينين، و54% من المحافظين، و36% من العلمانيين.
وبخصوص دور الأيديولوجيا في تحديد موقف اليهود من طرد العرب، ذكر 72% منهم أن موقفهم يميل إلى اليمين، بينما أشار 55% منهم أنهم من تيار الوسط، فيما ذكر 10% أنهم من اليسار.
حل الدولتين ومسيرة السلام
أبدى 43% ممن شملهم الاستطلاع من اليهود تأييدهم لحل دولتين لشعبين. ويعتبر هذا ارتفاعا في نسبة اليهود المؤيدين لحل الدولتين مقارنة بعام 2014 التي بلغت النسبة فيه 37%، وأقل من عام 2013 الذي بلغت نسبة المؤيدين فيه لإقامة دولة فلسطينية 64%. ومقارنة بالعرب الفلسطينيين القاطنين في إسرائيل بدا السكان اليهود أقل تفاؤلا بإمكانية التوصل لحل قائم على شعار “دولتين لشعبين”.
وفي المقابل أبدى 53% من العرب موقفهم المؤيد لحل قائم على دولتين لشعبين، وهي نسبة أقل من عام 2014 (64%) وأقل بكثير من عام 2013 (80%).
وحول جدية الزعماء اليهود والفلسطينيين بإمكانية التوصل إلى سلام، أفاد 88% من اليهود أن الزعماء الفلسطينيين لا يبذلون جهوداً صادقة من أجل التوصل إلى سلام، فيما أيد 40% من العرب وجهة النظر المذكورة أعلاه.
وفيما يتعلق بالجهود المبذولة من قبل دولة إسرائيل قال 56% من اليهود إن الحكومة الإسرائيلية تبذل جهودا كافية من أجل التوصل إلى سلام، في حين رفض 40% تأييد ذلك الموقف، ولم يعبر 10% عن أي موقف.
وحول المستوطنات والمستوطنين، أوضح الاستطلاع أن 42% من اليهود يعتقدون أن المستوطنات تعزز أمن إسرائيل، في حين رفض هذا الموقف 39%، بينما ذكر 25% أن المستوطنات ليس لها تأثير سلبي أو إيجابي، ورفض 4% التعليق على الموضوع. وأيد 13% من مؤيدي اليسار وجهة النظر القائلة بأن المستوطنات تعزز أمن إسرائيل، في حين أيد ذلك 62% من مؤيدي اليمين الإسرائيلي.
وأشار الاستطلاع إلى أن 63% من سكان المستوطنات متدينون (26% منهم يهود متزمتون دينيا، و36% ينتمون للتيار الديني الوطني)، ويعتقد 65% منهم أن وجود المستوطنات يعزز أمن إسرائيل، في حين يؤيد وجهة النظر هذه 40% من بقية سكان دولة إسرائيل اليهود.
الالتزام الديني عند اليهود
عبر 30% من اليهود عن اعتقادهم بأن الديانة مهمة جدا، وذكر 22% ممن شملهم الاستطلاع أن الدين مرتبط باليهود فقط، في حين ذكر 23% أن الأمر مرتبط باليهود دينياً وحضارياً وسلالياً، فيما ذكر 55% أن العلاقة لها صلة بالسلالة والحضارة. وحول الالتزام بتعريف اليهود على أنهم صهاينة، ذكر 73% من اليهود أنهم يعتبرون أنفسهم صهاينة، فيما عبر 24% (معظمهم من المتدينين المتزمتين، ونسب قليلة جدا من المتدينين والمحافظين والعلمانيين)، عن رأيهم بأن ذلك التعريف ليس دقيقاً، ورفض 3% التعليق على الموضوع. وفي جميع الأحوال، عبر جميع من شملهم الاستطلاع عن أنهم يهود بمن فيهم من وصف نفسه بأنه لا يؤمن بديانة (3%).
وحول الالتزام بالتعاليم الدينية اليهودية ذكر 27% من اليهود أنهم يذهبون إلى الكنيس أسبوعيا، فيما صرح 21% منهم أنهم يصلون يومياً، وقال 38% إنهم لا يسافرون يوم السبت، وإن 60% صاموا يوم الغفران الماضي، وأن 93% حضروا وقفة عيد الفصح الدينية.
واللافت للنظر، أن نسبة التدين عند الرجال اليهود، أعلى من نسبتها عند النساء اليهوديات حيث تبين أن 18% من النساء يذهبن إلى الكنيس، مقابل 37% من الرجال، وأن 25% من اليهوديات يعتبرن الدين مهما في حين كانت نسبة الرجال 35%، وصرحت 16% أنهن يصلين يوميا، مقابل 26% من الرجال، وتبين أن 65% من النساء يسافرن يوم السبت في الحافلات، مقابل 59% من الرجال، وأظهر الاستطلاع أن 57% صمن يوم الغفران مقابل 64% من الرجال، فيما أوضح الاستطلاع أن 93% من النساء حضرن وقفة عيد الفصح الدينية، مقابل 92% من الرجال.
العلاقات الاجتماعية والأسرية
أوضح الاستطلاع أن العلاقات الاجتماعية بين الفئات الإسرائيلية المختلفة ليست ضعيفة فقط، بل معزولة عن بعضها البعض، حيث يعيش العرب بمعزل عن اليهود، ويعيش اليهود المتزمتون دينيا بمعزل عن العلمانيين وعن بقية الفئات الأخرى من اليهود، والحال نفسه ينطبق على المتدينين الوطنيين الذين يسكن معظمهم في مستوطنات الضفة الغربية. وأظهر الاستطلاع، أن 98% من اليهود، و85% من المسلمين، و86% من المسيحيين، و83% من الدروز، أغلب أصدقائهم ينتمون لنفس مجموعتهم الدينية. وفيما يتعلق بالعلاقات داخل كل مجموعة أفاد 55% من المتزمتين دينياً أنهم يقيمون علاقات اجتماعية فقط مع من يشبهونهم في الالتزام الديني، في حين وافقهم الرأي بذلك 72% من المتدينين الوطنيين، و48% من المحافظين، و60% من العلمانيين. ورفض التعليق على الموضوع 11% من المتدينين، و28% من المتدينين الوطنيين، و52% من المحافظين، و10% من العلمانيين.
وأفاد 95% من المتدينين المتزمتين أن أزواجهم من الفئة ذاتها التي ينتمون إليها، ووافقهم الرأي بذلك 93% من العلمانيين، في حين ذكر 48% من المحافظين أن أزواجهم من فئتهم نفسها. وذكر 90% ممن شملهم الاستطلاع من العلمانيين أنهم لن يشعروا بارتياح كبير، أو لن يرتاحوا مطلقا (72%) من فكرة زواج أحد أبنائهم أو بناتهم ممن ينتمون للتيار الديني المتزمت. وفي المقابل أوضح 95% ممن شملهم الاستطلاع من المتزمتين دينيا أنهم لا يوافقون، أو لا يوافقون بالمطلق (73%) على زواج أحد أبنائهم أو بناتهم من شخص علماني. ولم يتوقف رفض الزواج على العلمانيين فقط، بل امتد ليشمل المحافظين (88%) والمتدينين الوطنيين (58%).
خلاصة
أشار المجال الديمغرافي في الدراسة إلى أن نسبة اليهود في دولة إسرائيل تراجعت بنسبة 12% عما كانت عليه عشية “استقلالها”. لكن نسبة اليهود في كل فلسطين تراجعت عما كانت عليه عام 1948 لصالح أغلبية فلسطينية واضحة، حيث تشير المعطيات اليوم أن الفلسطينيين يزيدون عن اليهود بأكثر من نصف مليون نسمة.
وهذه المعطيات مهمة لصاحب القرار الفلسطيني وللنخب الفلسطينية في كل أماكن انتشارها، كي تدفعهم لتبني برنامج وطني شامل يأخذ بعين الاعتبار المعطيات على الأرض، التي تحاول إسرائيل إخفاءها بوساطة تقسيم الفلسطينيين إلى ديانات، أو فئات، ومناطق، كي تظل محافظة على ما يسمى بدولة الأغلبية اليهودية.
وأوضح الاستطلاع والدراسة، أن نسبة اليهود المؤيدين لإقامة دولة فلسطينية أعلى من نسبة الرافضين لها، لكن النسبة لم تصل إلى 50% نظراً لأن الذين لم يعطوا رأياً في الموضوع كانت عالية. لكن النسبة تصل إلى أكثر من 55% من المؤيدين لقيام دولة فلسطينية إلى جانب دولة إسرائيل في حال أضيف العرب إلى الاستطلاع، أو ما تسميه الدراسة “العرب الإسرائيليين”.
وفيما يتعلق بالعلاقة المتبادلة مع الفلسطينيين، أوضحت الدراسة أن المجتمع اليهودي في فلسطين التاريخية يؤيد ويمارس التمييز العنصري شعبياً ورسمياً في دولة إسرائيل، إن كان ذلك في مجال العلاقات اليومية بين الطرفين أو من خلال القوانين المعمول بها، أو من خلال سن الكنيست قوانين معادية للعرب بدعوى المحافظة على النظام والقانون وعلى الدولة اليهودية.
ولم تتطرق الدراسة والاستطلاع إلى التمييز العنصري الممارس بحق الشرقيين في دولة إسرائيل لاعتبارين هما: الأول، أنه لا توجد قوانين رسمية في هذا الموضوع. والثاني، انتقال التناقضات داخل المجتمع اليهودي من تناقضات بين شرقي (سفاردي) وغربي (اشكناز)، إلى تناقضات بين متدينين وبين علمانيين، وهو موضوع يشغل رجال الفكر والقرار في دولة إسرائيل، في البحث عن حلول واقعية، كي لا تتحول التناقضات لصراعات داخلية.
وأخيرا، أشار الاستطلاع إلى مدى التزام اليهود بتعاليم الدين اليهودي، تبين منه أن الرجال أكثر التزاما بالدين من النساء، على عكس المجتمعات الأخرى. وربما يعود السبب في ذلك إلى القيود الكثيرة التي يفرضها الدين على المرأة اليهودية مقارنة بالرجال، ما يعرضها لأنواع من التمييز، لم تحاول الدولة التي تَدعي الديمقراطية والمساواة عمل شيء لرفع هذا التمييز عن كاهل المرأة في المجتمع اليهودي.
[*] باحث في الشؤون الإسرائيلية، كاتب ومترجم عن اللغة العبرية، مقيم في رام الله- فلسطين.