ترجمة ومراجعة: مرح حرز الله

الصراع الإسرائيلي-الفلسطيني: خطورة رسائل “اللاحل
اللاءات الستة التي تعزز نتيجة الدولة الواحدة والصراع الدائم

The Israeli-Palestinian Conflict: The Danger of ‘No Solution’ Messaging

معهد الولايات المتحدة للسلام- السفير هشام يوسف: المقال باللغة الإنجليزية

17 شباط (فبراير) 2022

ينطلق السفير هشام يوسف، الدبلوماسي المصري السابق والخبير في قضايا حل الصراع، في مقاله من الاتفاق العام في موقف المعارضة اليمينية والائتلاف الحاكم في الحكومة الإسرائيلية غير المهتم بإحياء عملية السلام الفلسطينية-الإسرائيلية والمعارض لإقامة دولة فلسطينية. حيث يرى يوسف أن اتفاق المعارضة اليمينية والائتلاف الحاكم يرسل رسالة واضحة مفادها أنه لن تعقد مفاوضات ولن يتم التوصل إلى حل قائم على دولتين في أي وقت قريب، مما قد يضع الإسرائيليين والفلسطينيين على مسار متجه نحو الكارثة.

لاءات إسرائيل الستة

يعود الكاتب بالذاكرة إلى اجتماع القادة العرب في الخرطوم عام 1967 الذي قدم استراتيجية للتعامل مع دولة الاحتلال الإسرائيلي عرفت بلاءات الخرطوم الثلاث وهي: لا اعتراف بإسرائيل، لا مفاوضات مع إسرائيل، ولا سلام مع إسرائيل. ويبدو أن الاستراتيجية الإسرائيلية الحالية تجاه الفلسطينيين تتبنى هي الأخرى ست لاءات تحيط بمختلف جوانب الصراع وتتحكم بكيفية التعاطي معها. تكمن المفارقة المأساوية هنا في تبادل الأدوار؛ فقد تحطم الموقف العربي تدريجياً عبر السنوات وصولاً إلى مبادرة السلام العربية عام 2002 والتي اعترفت ضمناً بإسرائيل، وقبلت المفاوضات باعتبارها الطريق الاستراتيجي لحل الصراع، وكانت تهدف إلى تحقيق السلام وإقامة علاقات دبلوماسية طبيعية بين كل الدول العربية وإسرائيل. أما الموقف الإسرائيلي الذي أظهر شيئاً من المرونة في السابق، بات متشدداً بشكل ملحوظ لدرجة أن إسرائيل هي من تقدم لاءاتها هذه المرة وهي: لا مفاوضات، ولا حل الدولتين، ولا حل الدولة الواحدة، ولا تجميد المستوطنات، ولا سيادة فلسطينية في القدس الشرقية، ولا عودة للاجئين الفلسطينيين إلى إسرائيل.

هناك إجماع سياسي على صعيد الائتلاف الحكومي الحالي والمعارضة الإسرائيلية حول رفض إقامة دولة فلسطينية، دون أن يعني ذلك قبول نتيجة الدولة الواحدة، حيث ترفض الغالبية الأكبر في إسرائيل مقاربة الدولة الواحدة ثنائية القومية لأنها تقوض الطابع اليهودي لدولة إسرائيل وبالتالي تمس جوهر تأسيسها. وتعارض الحكومة الإسرائيلية إطلاق أي شكل من أشكال المفاوضات السياسية مع الفلسطينيين مشيرة إلى عدم سماحها بإقامة دولة فلسطينية وعدم نيتها ضم الأراضي الفلسطينية المحتلة رغم دعمها لبناء المستوطنات واستمرار مصادرة الأراضي الفلسطينية المحتلة لصالح الاستيطان. والأسوأ من ذلك أن إصرار القيادة الإسرائيلية على رفض السيادة الفلسطينية في القدس يزداد بثبات إلى حد رفض أي تقسيم للمدينة والتأكيد أن ليس لإسرائيل سوى عاصمة واحدة هي مدينة القدس وأن المدينة ليست عاصمة إلا لدولة إسرائيل. وأخيراً، أخذ الموقف الإسرائيلي تجاه قضية اللاجئين منحنى أكثر تشدداً لدرجة أن إسرائيل ترفض أي محاولة لإعادة توطين اللاجئين في إسرائيل وتشن هجمات على وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا).

تناقضات الوضع الراهن

يسلط الكاتب الضوء على التعارض بين هدف تحسين الظروف المعيشية للفلسطينيين المُعلن والسياسات الإسرائيلية بحق الفلسطينيين مثل هدم المنازل، وعمليات الإجلاء، وعدم اتخاذ إجراءات صارمة بحق اعتداءات المستوطنين والمتطرفين على الفلسطينيين. وبأخذ الفشل المتكرر للجهود الرامية إلى تحقيق السلام الاقتصادي بعين الاعتبار، يبدو أن قائمة اللاءات الستة تشير ضمنا إلى قبول الوضع الراهن واعتباره أفضل الطرق للمضي قدماً في الصراع إلا أن المعطيات على الأرض بما فيها العدوان المتكرر على قطاع غزة المحاصر، والتوتر في مناطق الضفة الغربية والقدس الشرقية تشير إلى أن الوضع الراهن لا يمكن أن يستمر على هذا النحو. وعلى الرغم من تأكيده على ضرورة تصدي إسرائيل للعواقب المباشرة الناجمة عن تفاقم الصراع كونها الطرف الأقوى فيه والطرف المسيطر فعلياً على غالبية الأراضي، يُذكّر الكاتب أيضًا بالحاجة إلى تصدي القيادة الفلسطينية إلى الانقسام السياسي وما يفرضه من تحديات على الساحة الفلسطينية.

أخيراً، وعلى الرغم من أن العودة إلى المفاوضات خيار لا يلوح بالأفق في الوقت الحالي، إلا أن الكاتب يشدد على أن تحقيق السلام لا يزال ممكناً وضرورياً حتى في ظل أوقات عصيبة كتلك التي نشهدها اليوم. وينهي مقالته بالتركيز على الأهمية الكبيرة للاتفاق على أفق سياسي من أجل السير نحو حل الصراع وتجنب حالة اليأس السائدة في الأوساط الفلسطينية والإسرائيلية.

 

للتحميل اضغط هنا