إبراهيم سميح ربايعة*
ملخص
لماليزيا وإندونيسيا ثقل هام في دعم القضية الفلسطينية بجنوب شرق آسيا بشكل خاص، وعلى المستوى الآسيوي بشكل عام، فالبلدان لم يندفعا لفتح علاقات دبلوماسية مع إسرائيل عند انطلاق مسار التسوية بداية التسعينات، ما جعل دورهما هاماً كورقة دعم فلسطيني وكمعطل لاختراق آسيا إسرائيلياً، لكن اختلافاتٍ بنيوية وسلوكية لنظامين السياسيين للبلدين قادت لخصوصية في قراءة كل بلد للقضية الفلسطينية من جهة، وفي شكل الدعم ومرتكزاته الآيديولوجية من جهة أخرى. تبحث هذه الورقة في خصوصية طبيعة دعم كل من الدولتين للقضية الفلسطينية، ودورهما إقليمياً في هذه المساحة ومحددات علاقة الشارع والنظام السياسي في كل من البلدين بالقضية الفلسطينية.
مقدمة
تمتلك ماليزيا وإندونيسيا خصوصية على مستوى جنوب شرق آسيا كدولتين بغالبية سكانية مسلمة، إذ تتربع إندونيسيا على قمة الدول الإسلامية من حيث التعداد السكاني، فيما تشكل ماليزيا ثقلاً اقتصادياً مميزاً على مستوى إقليمها وعلى مستوى الدول الإسلامية بشكل عام.
وشكلت العلاقة الفلسطينية بهاتين الدولتين داعماً هاماً للقضية الفلسطينية من بابين: الأول دورهما في الحد من اختراق إسرائيل لجنوب شرق آسيا، ودول الآسيان بشكل خاص، وعملهما على حشد دعم ومناصرة للقضية الفلسطينية في تلك المنطقة، والثاني عدم وجود علاقات دبلوماسية رسمية بين الدولتين وإسرائيل، وربطهما أي علاقات رسمية مع إسرائيل بإنهاء الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية.
ولعل آخر مواقف البلدين تعكس المحددين المذكورين؛ إذ قامت ماليزيا –مؤخراً- بفتح سفارة كاملة التمثيل لبلادها لدى دولة فلسطين، وعلى أرض الأردن بسبب معيقات الاحتلال، فيما ردعت إندونيسيا أستراليا ومنعتها من نقل سفارتها إلى القدس، مستخدمة تأثير المصالح المتبادلة بين البلدين.
في المقابل، بدأت فلسطين تنظر إلى الشرق باهتمام أكبر خلال السنوات العشر الأخيرة، إذ تمخضت زيارة الرئيس محمود عباس لليابان عام 2010 عن بلورة فكرة مؤتمر لتعاون دول شرق آسيا من أجل التنمية في فلسطين “سيباد” الذي نُظمت منه ثلاث نسخ أعوام 2013 و2014 و2018 في دول آسيا العضوة، فيما عقدت النسخة الرابعة عام 2019 في فلسطين.
تضم “سيباد” ثماني دول آسيوية أبرزها اليابان وإندونيسيا وماليزيا، فيما تتمتع خمس منظمات ودول بصفة المراقب، ورغم أن الهوية الأساسية لـ”سيباد” تقوم على استفادة فلسطين من التجربة التنموية الآسيوية في بناء المؤسسات والتأسيس لتنمية مستدامة، إلا أن الهوية السياسية حاضرة من خلال التأكيد الدائم على حل الدولتين وإنهاء الاحتلال ومساندة الحقوق الفلسطينية. ففي البيان الختامي للاجتماع الثالث الذي عقد في بانكوك، تمسك المؤتمر بالعمل على تهيئة البيئة المواتية لإقامة الدولة الفلسطينية، والتأكيد على دعم الأونروا في وجه الأزمات التي تواجهها، وتحدث البيان عن خطة دعم تنموي لثلاث سنوات تركز على قطاعات الحكم المحلي والمياه والزراعة والمشاريع المتوسطة والصغيرة والتكنولوجيا والتعليم المهني وغيرها من القطاعات الحيوية، وهذا ما تمت متابعته في اللقاء التالي الذي عقد في فلسطين (1).
وفي ظل القواسم المشتركة بين فلسطين وإندونيسيا وماليزيا، وأهمها الثقافة الدينية، فإنهما تمثلان قاعدتي ارتكاز أساسيتين لأي توسع للدبلوماسية الفلسطينية في آسيا، ومن هنا من المهم الإشارة إلى أن كلتا الدولتين تمتلك بنية سياسية ومحددات مختلفة للسياسة الخارجية، ورغم دعمهما المستمر للقضية الفلسطينية سياسياً ودبلوماسياً وبشكل أقل تنموياً واقتصادياً، إلا أن محددات وأسباب وأشكال هذا الدعم مختلفة، كما أن تحولات بنى النظامين تفرض إعادة قراءة لمستقبل العلاقة والدعم من قبل إندونيسيا وماليزيا للحل الفلسطيني.
تقدم هذه الورقة قراءة لخصوصية كل من النظامين السياسيين وأثر التركيبة الإثنية- الدينية على السلوك السياسي الخارجي لكل من الدولتين، وتطور محددات السياسة الخارجية لكلتا الدولتين تجاه القضية الفلسطينية.
أولاً: ماليزيا: موقف ثابت وسياسة متحركة
فرضت التركيبة الإثنية في ماليزيا بناء نظام سياسي يقوم على تقاسم المصالح بين الغالبية المالاوية التي تشكل حوالي 58.9% من مجموع السكان، والصينية التي تشكل 22.6% من مجموع السكان، فيما يشكل الهنود 6.7% إلى جانب 11.8% سكان أصليون، وترتبط بهذه التركيبة الإثنية تركيبة دينية فسيفسائية، فرغم أن الملايو مجموعة متجانسة دينياً، إلا أن الإثنيات الأخرى تتنوع بين البوذية والهندوسية والمسيحية، وهذا ما وضع الدولة أمام مفاصل وتحديات سياسية متلاحقة، لعل أبرزها الاضطرابات العرقية التي شهدتها البلاد عام 1969، وأودت بحياة أكثر من 140 مواطناً في مواجهات بين الملايو والصينيين لخلاف على بنية النظامين السياسي والاقتصادي (2).
فرضت هذه الاضطرابات سياسات تمييز إيجابي لصالح الملايو هدفت لتمكينهم وإعطائهم مساحة أوسع في المشاركة السياسية والاجتماعية والاقتصادية بمواجهة الإثنية الصينية ذات النفوذ الاقتصادي الواسع. أما النظام السياسي فهو ملكي دستوري يعتمد على الانتخاب “elective constitutional monarchy” ، مع تقسيم فيدرالي وبنية برلمانية تقوم عليها الحكومة. وفي التطبيق تتركز معظم الصلاحيات بيد رئيس الوزراء بمقابل صلاحيات ملكية انكمشت تدريجياً على تعاقب الملوك الذين لا تتجاوز فترة ولايتهم 5 سنوات. أما البرلمان بغرفتيه؛ الشيوخ التي تضم ممثلي الولايات الثلاث عشرة، ومجلس النواب الذي يتكون من 222 عضواً، يقوم بالمهام التشريعية التقليدية إلى جانب ترشيح رئيس مجلس الوزراء لتعيينه من قبل الملك، والمصادقة على تركيبة الحكومة والرقابة عليها (2).
تصنف الديمقراطية في ماليزيا على أنها غير مكتملة، إذ هيمنت المنظمة القومية الملاوية المتحدة “UMNO” على صنع القرار بشكل مركزي في الدولة منذ أول انتخابات شهدتها البلاد عام 1959، ورغم أن العقود التالية شهدت تخطيطاً اقتصادياً غير مسبوق ونهضة تنموية هائلة، إلا أن الجدل بخصوص منهجية رسم السياسات العامة واتخاذ القرار بقيت موضع جدل بين الإثنيات الرئيسية الثلاث، رغم تشكيل تحالفات واسعة للحكم ضمت مكونات البلاد الرئيسية[i].
ومنذ العام 2013، قاد رئيس الوزراء العائد لموقعه مهاتير محمد حملة قوية ضد “أمنو” بعد تصاعد الاتهامات بالفساد والترهل، وترأس محمد تحالف الأمل الذي جمع مكونات الشعب الماليزي لمواجهة الحزب الحاكم، وأتت نتائج الانتخابات البرلمانية بفوز تحالف الأمل بـ122 مقعداً مقابل 76 مقعداً من مقاعد البرلمان لـ”أمنو”، ما أعاد رجل النهضة الاقتصادية الأول للواجهة من جديد كرئيس للوزراء (3).
- محددات السياسة الخارجية الماليزية
حافظت ماليزيا على علاقات دولية متوازنة وزخم في الحضور الدولي عبر الكتل والتجمعات الإقليمية والدولية على المستويين السياسي والثقافي، ويمكن اعتبار الهوية الدينية والتنمية الاقتصادية أهم محددين في السياسة الخارجية الماليزية، إذ تحافظ ماليزيا على حضور فاعل في منظمة التعاون الإسلامي، وتحتفظ بعلاقات عميقة مع الدول الإسلامية الكبرى كتركيا والسعودية والباكستان، كما أنها كانت من الدول التي عملت على تأسيس تجمع الدول الإسلامية الكبرى، والذي كان تجمعاً لكبريات الاقتصاديات الإسلامية أسسه الرئيس التركي الأسبق نجم الدين أربكان عام 1997. أما على مستوى التنمية الاقتصادية، فتنشط ماليزيا في “الآسيان” وهو التجمع الاقتصادي الأهم لدول آسيا، وتطور علاقتها وشراكتها الاقتصادية باستمرار مع الصين والولايات المتحدة الأميركية.
اتسمت السياسة الخارجية الماليزية بالاستقرار والثبات منذ ثمانينات القرن الماضي، إذ تولى رئيس الوزراء مهاتير محمد منصبه عام 1981 واستمر في موقعه حتى عام 2003، قبل أن يعود بانتخابات دراماتيكية عام 2018. وقد وجه سياسته الخارجية منذ وصوله لموقعه إلى الآسيان أولاً، والدول الإسلامية ثانياً، ودول عدم الانحياز ثالثاً، ودول الكومونولث رابعاً، ما شكل تحولاً وابتعاداً عن سياسة ماليزيا التقليدية التي أسست عليها الدولة منذ الاستقلال، والتي أعطت العلاقة مع الغرب ودول الكومونولث وبريطانيا أولوية.
- ماليزيا وفلسطين: الانتقال إلى الدعم الكامل
على المستوى الفلسطيني، افتتحت منظمة التحرير مكتبها التمثيلي في كوالالمبور منذ العام 1981، بتمثيل دبلوماسي كامل، وذلك بعد تولي مهاتير محمد منصبه كرئيس للوزراء في ولايته الأولى، كثاني دولة في العالم بعد الباكستان، ما شكل بداية لدعم ماليزي عميق للقضية الفلسطينية في مواقع الفعل الدبلوماسي الماليزي الأساسية وهي: الأمم المتحدة بأجهزتها ومنظماتها الفرعية، ودول عدم الانحياز، والآسيان، إلى جانب مساحات الدعم التقليدية كمنظمة التعاون الإسلامي (4). هذا لا ينفي اهتمام الحكومات الماليزية السابقة، منذ حكومة الاستقلال التي ترأسها تنكو عبد الرحمن 1957-1970، وتون عبد الرزاق 1971-1976، وتون حسن أون 1976-1981، إلا أن الاهتمام السابق لمهاتير محمد لم يكن عنصراً أصيلاً في السياسة الماليزية، بل كان دعماً إنسانياً أحياناً، وجزءاً من التفاعل مع قضايا العالم الإسلامي أحياناً أخرى، بينما أصبحت القضية الفلسطينية ومواجهة الخطاب الصهيوني جزءاً أصيلاً من السياستين الداخلية والخارجية الماليزية، وامتد التضامن وتكامل الدعم للنضال الفلسطيني بين المستويين الشعبي والرسمي.
برز دور ماليزيا الداعم لفلسطين في الجمعية العامة من خلال الحشد لاستصدار قرارات متلاحقة داعمة للقضية الفلسطينية منذ العام 1981، ومن أبرز تلك التحركات تمثيل ماليزيا لوزراء خارجية الدول الإسلامية لاستصدار قرارات حول وضع القدس المحتلة، والحراك لاستصدار قرار من الجمعية العامة لطرد إسرائيل بين عامي 1982 و1983. أما على المستوى الداخلي، فقد شكل اليوم الدولي للتضامن مع الشعب الفلسطيني حالة داخلية تعكس التضامن الشعبي الواسع مع القضية الفلسطينية، لما لها من انعكاس عقائدي عند الأغلبية المسلمة في البلاد.
وعلى المستوى المالي، دعمت ماليزيا وكالة غوث وتشغيل اللاجئين “الأونروا” منذ العام 1981 بشكل مستمر، ووجهت دعمها للاجئين الفلسطينيين في الضفة وقطاع غزة، كما أنها قدمت 100 مليون دولار بشكل طارئ للاجئين الفلسطينيين في لبنان بعد الاجتياح الإسرائيلي والجرائم التي تعرضت لها هذه المخيمات، ودون إغفال المساعدات المساندة الأخرى في مجالات التعليم والتعليم العالي خلال ثمانينات القرن الماضي، كان دور ماليزيا مهماً في حشد دعم إقليمي على مستوى دول الآسيان لدعم القضية الفلسطينية وعرقلة برامج الاختراق الإسرائيلية لهذا التكتل، ومن الأمثلة المبكرة على هذا السلوك السياسي احتضان كوالالمبور مؤتمراً أممياً عام 1983 حول القضية الفلسطينية، بمشاركة أساسية لدول الآسيان ودول عربية بارزة، وسط فعاليات شعبية ورسمية واسعة تحت اسم “أسبوع فلسطين” (4).
ترافق الدعم الماليزي للقضية الفلسطينية برفض قاطع لأية علاقات دبلوماسية مع إسرائيل، إذ درجت كوالالمبور على رفض أية فعاليات دولية تحضرها إسرائيل، كما أن الدعم الماليزي تصاعد خلال الانتفاضة الفلسطينية الأولى التي انطلقت عام 1987، إذ أطلقت وزارة الخارجية الماليزية صندوقاً تمويلياً لدعم الفلسطينيين في قضايا التعليم والاحتياجات الأساسية، في ظل ما خلقته الانتفاضة من انعكاسات إنسانية وقيود على التعليم في الضفة وقطاع غزة، كما تم رفع التمثيل الدبلوماسي الفلسطيني لتتم مساواته بالبعثات الدبلوماسية الكاملة المقيمة في كوالالمبور. ودفع هذا الدعم الرئيس الراحل ياسر عرفات إلى القول خلال زيارته الثانية عام 1990 إن ماليزيا أقرب للفلسطينيين من بعض الدول العربية، كما وصف العلاقات بين الطرفين بأنها تاريخ طويل من الصداقة المميزة (4).
ج. أثر مسار التسوية السياسية على شكل العلاقة
رغم اختراق إسرائيل لآسيا بعد اتفاق أوسلو، إلا أن ماليزيا رفضت إقامة علاقات دبلوماسية مع إسرائيل بعد انطلاق عملية التسوية السياسية في الشرق الأوسط، ولم تستجب لضغوطات إسرائيل المتكررة لتطبيع العلاقات بين البلدين، ورغم ترحيب ماليزيا بعملية السلام ودعوتها لحل سلمي وعادل للقضية الفلسطينية، إلا أنها استمرت في مواجهة انتهاكات الاحتلال الإسرائيلي تجاه الفلسطينيين من خلال حضورها المستمر في المنظمات الدولية والإقليمية.
استثمرت ماليزيا عضويتها المؤقتة في مجلس الأمن الدولي عام 1990 وضغطت باتجاه إصدار قرار أممي لحماية المدنيين الفلسطينيين، وفق الآليات الأممية المعتمدة في حماية الشعوب، كما أن الدور الماليزي كان مهماً في استصدار القرار الأممي رقم 799، الذي قضى بإعادة مبعدي مرج الزهور إلى ديارهم عام 1992. إلى جانب ذلك، ضغطت ماليزيا بأكثر من مناسبة من أجل إعمال الفصل السابع في القرار المذكور (5).
من المهم الإشارة هنا إلى أن إيمان مهاتير محمد ودعمه المطلق للقضية الفلسطينية ومعاداته الشرسة للمشروع والفكر الصهيونيين انعكاس مباشر لفكره السياسي المنطلق من عقيدته الدينية، فقد عزا رئيس الوزراء الماليزي الأزمة الاقتصادية التي تعرضت لها بلاده وما سمي بالنمور الآسيوية عام 1997 إلى التدخلات الصهيونية ومؤامراتهم على بلاده. كما أن خطابه السياسي تجاه إسرائيل والصهيونية كان مباشراً وحاداً وجريئاً في كافة المناسبات، ورغم مطالبات إسرائيل بالاعتذار مراراً، إلا أنه وحكومته رفضوا التراجع عن انتقاداتهم الحادة لإسرائيل والصهيونية.
أبدت ماليزيا دعمها الكامل لمنظمة التحرير بعد توقيع اتفاق أوسلو، وأكدت الدولة الماليزية أنها تساند ما تقبل به منظمة التحرير في سبيل تحقيق الدولة والاستقلال، إلا أنها حافظت على تحفظها وعدم ثقتها بإسرائيل وخطواتها التالية.
رغم ذلك، استمر الدور التقليدي لماليزيا بتقديم الدعم المالي والفني للسلطة الوطنية الفلسطينية الناشئة بشكل مباشر أو من خلال المنظمات الأممية ذات الصلة، كما أنها لعبت دوراً بارزاً بتشكيل الأمين العام للأمم المتحدة فريقاً فنياً لدعم وإسناد وتمكين الاقتصاد الفلسطيني الناشئ، وذلك على هامش اجتماعات الأونكتاد في منتصف تسعينات القرن الفائت (5).
استمر الشارع الماليزي بدعم القضية الفلسطينية، وشهدت البلاد مظاهرات واسعة لمساندة القضية الفلسطينية، خاصة عند كل عدوان إسرائيلي على قطاع غزة منذ العام 2007، إلا أن أكبر المظاهرات المساندة كانت تلك التي خرجت رفضاً لقرار ترامب بنقل سفارة بلاده إلى القدس واعتبار المدينة المقدسة عاصمة لدولة إسرائيل عام 2017، إذ شارك الشارع الماليزي بقوة في هذه المسيرات بحضور رئيس الوزراء السابق رزاق نجيب ورئيس الوزراء الحالي مهاتير محمد (6).
وقدم رئيس الوزراء الماليزي خطابات قوية ومساندة للحقوق الفلسطينية في كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة عامي 2018 و2019، تلقى على إثرها اتهامات بمعاداة السامية وتحقير اليهود، إلا أنه دافع عن مواقفه واستمر عليها معتبراً أن تهم معاداة السامية تهدف لتكميم الأفواه ومنع انتقاد جرائم الاحتلال (7).
إن دعم مهاتير محمد العضوي للقضية الفلسطينية ظهر بوضوح في تشرين الأول (أكتوبر) عام 2019، عند إعلانه على هامش أعمال القمة الـ18 لعدم الانحياز عن فتح سفارة ماليزية في فلسطين بتمثيل دبلوماسي كامل، تقام مؤقتاً بالعاصمة الأردنية عمان لتعذر فتحها في الأراضي الفلسطينية بسبب معيقات الاحتلال (8). ورغم إطلاق حملة واسعة لدعم وكالة الأونروا في ماليزيا بعد قرار الحكومة الأميركية وقف دعمها للوكالة، إلا أن مجموع ما قدمته ماليزيا للوكالة عام 2018 على أساس الالتزام بلغ حوالي 268 ألف دولار(9).
وأخيراً شهد التبادل التجاري بين البلدين قفزات كبيرة، إذ بلغت الواردات الفلسطينية من ماليزيا بين شهري كانون الثاني وتشرين الثاني من العام 2018 حوالي 7.7 مليون رينجت ماليزي (حوالي 1.85 مليون دولار أميركي)، بارتفاع بلغ حوالي 32% مقارنة بالعام الذي سبقه (10).
ولكن، ورغم عدم وجود قنوات رسمية للتجارة بين تل أبيب وكوالالمبور، إلا أن ماليزيا تعد واحدة من وجهات التجارة الإسرائيلية الخفية، إذ يقدر حجم التبادل التجاري غير المعلن بين البلدين حتى عام 2012 بحوالي 714 ألف دولار، معظمها من منتجات شركة “إنتل” الإسرائيلية في مجالات التكنولوجيا الدقيقة. ورغم ضآلة هذه الأرقام، إلا أنها تشكل مؤشراً هاماً لتوجهات قد تتطور في حال حدوث أية تحولات سياسية ماليزية (11).
د. تصاعد حضور “حماس” في ماليزيا
تصاعد التضامن الماليزي مع حركة “حماس” بشكل قوي وواضح بعد العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة عام 2012، إذ وصل رئيس الوزراء الماليزي السابق محمد عبد الرزاق نجيب لقطاع غزة في أول زيارة رسمية على هذا المستوى، وأعلن تضامنه المطلق مع الفلسطينيين بمواجهة العدوان الإسرائيلي، وأُطلقت حملات واسعة في ماليزيا عبر مؤسسات خيرية وأهلية خصصت لدعم القضية الفلسطينية، وفي هذه المرحلة تركز الخطاب الداعم لفلسطين بخطاب إغاثي إنساني حقوقي مرتبط بقطاع غزة وما يتعرض له من عدوان وحصار، وخطاب وجداني شعائري يقوم على فضح ممارسات الاحتلال في القدس المحتلة.
لكن هذه الزيارة لاقت انتقاداً واسعاً من القيادة الفلسطينية، إذ أنها جاءت من دون أي تنسيق رسمي وفق القنوات الدبلوماسية المتعارف عليها، ورغم أن نجيب أكد لاحقاً، خلال لقاء جمعه بمستشار الرئيس الفلسطيني للشؤون الدينية محمود الهباش، وخلال مكالمة هاتفية مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس، أن زيارته جاءت لأسباب إنسانية ودعماً للكل الفلسطيني بمواجهة الاحتلال، إلا أنه وفي مقابلة صحفية اعتبر أن حركة “فتح” لم تكن راضية عن الزيارة (12)، وفي هذا التوصيف مؤشر للتحول في السياسة الماليزية تجاه القضية الفلسطينية بعد عام 2007، إذ أصبحت هذه السياسة تتعامل مع تمثيل مزدوج وثقلين سياسيين متناظرين، لا نظاماً سياسياً فلسطينياً رسمياً، ممثلاً بمنظمة التحرير وقيادتها، وحركة سياسية كـ”حماس”.
درج الحزب الحاكم منذ العام 2013 على دعوة وفد من حركة “حماس” لمؤتمر الحزب السنوي، يترأسه بالعادة رئيس المكتب السياسي السابق لحركة “حماس” خالد مشعل، وتجري على هامشه سلسلة لقاءات رسمية مع رئيس الوزراء وأهم الوزراء في الحكومة وقادة الأحزاب، ما خلق قنوات اتصال دائمة ومفتوحة بين الجانبين.
وفي العام 2019، التقى مشعل برئيس الوزراء الماليزي مهاتير محمد ووزيري الدفاع والداخلية ونائب وزير الداخلية، إلى جانب قادة الأحزاب الرئيسية في البلاد، وكان من نتائج الزيارة تقديم ماليزيا للفلسطينيين 140 منحة دراسية في 13 جامعة بقيمة تصل لحوالي 3 ملايين دولار، على أن تدار هذه المنحة عن طريق المنظمة الفلسطينية للتربية والثقافة والعلوم، وهي مؤسسة أهلية محسوبة على حركة “حماس”، فاعلة وناشطة في ماليزيا ويديرها فلسطينيون (13).
وبهذا، انتقل التضامن الماليزي الرسمي بامتداده الشعبي مع القضية الفلسطينية من التضامن العام قبل عام 1981 الذي لم تكن فيه القضية الفلسطينية حاضراً إلزامياً في المحددات السياسية الماليزية، إلى الدعم العضوي الذي أدمج فيه مهاتير محمد القضية الفلسطينية في خطابه الرسمي وسلوكه السياسي الداخلي والخارجي، وأخيراً مرحلة الانخراط المباشر الذي تراكم على حالة التضامن العضوي، والمتمثل بفتح ماليزيا أرضها للفلسطينيين، ما رفع عدد الجالية هناك إلى حوالي 4000، معظمهم من قطاع غزة مع حضور لفلسطينيي سوريا، ودعم سياسي أيديولوجي لحركة “حماس”.
فجّر اغتيال العالم الفلسطيني الشاب فادي البطش في ماليزيا عام 2018، الذي ادعت تقارير إسرائيلية أنه عالم بدور بارز في كتائب القسام، جدلاً حول حضور الجناح العسكري لحركة “حماس” في ماليزيا[2]، ورغم ما خلقه هذا الاغتيال من غضب شعبي تجاه إسرائيل وتضامن أكبر مع القضية الفلسطينية والفلسطينيين بين الأوساط المالاوية، إلا أنه أعاد الجدل بين الأقليات، وتحديداً الصينية، حول ضرورة هذا الدعم وجدواه، كما أن هذا الجدل عاد وتصاعد على مواقع التواصل الاجتماعي حين خصصت الدولة المنح الدراسية عن طريق المنظمة الفلسطينية للتربية والثقافة والعلوم (13).
رغم أن ماليزيا احتفظت بعلاقاتها التقليدية كما دأبت مع منظمة التحرير والمؤسسة الفلسطينية الرسمية لاحقاً، كما أنها بقيت داعماً رئيسياً لفلسطين في الأمم المتحدة، إلا أنها طورت علاقات مختلفة وأكثر عمقاً مع حركة “حماس”. فأصبحت ماليزيا كما تركيا ساحة خارجية مركزية لقيادات الحركة وظهيراً مالياً وسياسياً مهماً في استدامة الحضور الحمساوي الخارجي.
هـ . مستقبل العلاقات
تعد فلسطين بشكل عام، والقدس وغزة بشكل خاص، جزءاً من الثقافة السياسية الشعبية للأغلبية المالاوية المسلمة، إذ تتفاعل هذه الأغلبية بشكل كبير مع تطورات المشهد في فلسطين، وتعكس تضامنها من خلال مسيرات الدعم الواسعة والمؤتمرات وحملات الإغاثة ونشاط المؤسسات الأهلية والجمعيات الخيرية الداعمة لفلسطين، وهذا ينسجم مع السلوك السياسي للنخبة الحاكمة منذ العام 1981.
فرض العامل الفلسطيني نفسه على الخطاب السياسي لهذه النخب، وأصبح مادة تستخدم بكثافة في الحملات الانتخابية ومهرجانات الأحزاب، كما أن كل فعل سياسي داعم لفلسطين يكتسب دعماً شعبياً وينعكس إيجاباً على شعبية النظام الحاكم، لكن، وفي ظل النقاش الداخلي الماليزي حول مستقبل النظام السياسي، والبحث عن شكل إدماجي وبناء يقوم على المواطنة لا التمييز الإيجابي للأغلبية المالاوية، تواجه القضية الفلسطينية تحديات محتملة على الساحة الماليزية، أبرزها صعود التصنيف الديني للقضية الفلسطينية على حساب الخطاب الحقوقي الإنساني الأخلاقي، وهذا يجلب رد فعل قد يكون سلبياً من قبل مكونات المجتمع الأخرى، خاصة فيما يتعلق بملف تطبيع العلاقات مع إسرائيل، ففي ظل غياب المانع الأخلاقي قد تقود أية تسويات ومحاصصات داخلية لفتح علاقات دبلوماسية مع دولة الاحتلال.
إن استخدام الورقة الفلسطينية في السياسة الماليزية الداخلية، مثلها مثل الورقتين السورية وملف الروهينغا، قادت لتصنيف ماليزيا كقاعدة دولية متقدمة لحركة “حماس”، إذ أن التسهيلات والدعم والاهتمام التي تحظى بها الحركة في هذه الدولة تجعل منها حاضنة مريحة لتطوير بنيتها وعلاقاتها الدولية، ورغم حفاظ ماليزيا على علاقاتها الرسمية الجيدة مع دولة فلسطين، إلا أن علاقات النظام السياسي والأحزاب المالاوية مع “حماس” وبناها الداعمة، التي تمارس مهام السفارة أحياناً، تشكل حاجزاً وعائقاً أمام بناء منظومة من التنسيق التكاملي بين القيادتين الماليزية والفلسطينية.
ثانياً: إندونيسيا: دعم متوازن
رغم التقارب الجغرافي والثقافي بين إندونيسيا وماليزيا، إلا أن الوضع مختلف من حيث طبيعة وتركيبة المشهدين السياسي والإثني، فإندونيسيا أكبر الدول الإسلامية من حيث عدد السكان بحوالي 253 مليوناً، وهي دولة شاسعة من حيث المساحة ومعقدة من حيث الجغرافيا كأرخبيل بحوالي 6000 جزيرة مأهولة، تشكل الإثنية الجاوية “نسبة لجزيرة جاوة التي يسكنها نصف السكان” الأغلبية المطلقة، يدين 88% من السكان بالإسلام مع توزع الأقلية المتبقية على البوذية والهندوسية والمسيحية.
جنبت التركيبة الإثنية المتجانسة البلاد أي محاصصة أو تقاسم على أساس عرقي في مراكز السلطة والقوة، فمع الاستقلال أسس أحد رموز التحرر من الاحتلال الهولندي أحمد سوكارنو (1945-1967) نظاماً سياسياً أسماه الديمقراطية الموجهة(Guided Democracy) ، وانتصر لليسار على حساب الأحزاب الإسلامية في البلاد، وكان من أهم مؤسسي حركة عدم الانحياز بعد أن استضاف مؤتمر باندونغ عام 1955، وجمع 29 من أهم القادة الآسيويين والأفارقة (14).
اتسمت السياسة الخارجية الإندونيسية بالثبات والاستقرار وفق مبادئ رئيسية ناظمة؛ إذ شكلت السياسة والتفاعلات الداخلية محدد السياسة الخارجية المركزي، واتسمت هذه السياسة بالبراغماتية الديناميكية، ومناوئة الاستعمار ودعم حق التحرر وتقرير المصير، وهذا ما أكدته الوقائع وأكده الرئيس الإندونيسي الأسبق “سوسيلو بامبانج يودو هنو” في خطاب استعرض فيه السياسة الخارجية للبلاد عام 2005.
ركز صناع القرار الإندونيسيون على إظهار الهوية الوطنية للبلاد كأكبر دولة إسلامية من حيث عدد السكان ومركز جيوسياسي أساسي في جنوب شرق آسيا دون أسلمة هذا الخطاب السياسي، وفي هذا السياق يمكن فهم دور إندونيسيا كمؤسس للآسيان وحركة عدم الانحياز، وفاعل في منظمة التعاون الإسلامي (15).
وبعد سقوط حكم الجنرال سوهارتو الذي خلف سوكارنو وحكم بين عامي 1967 و1998، أضيف على الهوية الوطنية محدد الديمقراطية كثالث أكبر ديمقراطية في العالم، وأكبر دولة ديمقراطية ذات أغلبية مسلمة. ومن المهم الإشارة إلى أن الدستور الإندونيسي لا ينص على أن الإسلام هو دين الدولة ولا يحدد قانونياً النظام السياسي بالشريعة الإسلامية، بل إن دينية الأحزاب كانت مقيدة حتى رحيل سوهارتو (15).
- علاقات مبكرة وسياسة داعمة للحقوق الفلسطينية
كما في العديد من الأقاليم والدول الإسلامية، حضرت المسألة الفلسطينية في الفكر السياسي الإندونيسي مبكراً، إذ طرحت المسألة بشكل قوي في المؤتمرات السنوية للجمعية المحمدية، وهي ثقل رئيسي للإسلام الوسطي أسست عام 1912، كما شكلت دراسة آلاف الإندونيسيين في الأزهر والمملكة العربية السعودية -لاحقاً- قاعدة لتوسيع فهم الشارع الإندونيسي المسلم للمسألة الفلسطينية بشكل خاص، وللقضايا العربية بشكل عام (16).
شكلت زيارة رئيس الهيئة العربية العليا المفتي الحاج أمين الحسيني عام 1948 لإندونيسيا بداية مبكرة للعلاقات عالية المستوى بين الشعبين والبلدين، إذ قدم المفتي في حينه دعمه المطلق لحرية إندونيسيا واستقلالها من الاستعمار الهولندي، الذي كان قد أعلن عام 1945، لكن لم يتحقق على الأرض إلا عام 1949[3]، ولا يزال الشارع الإندونيسي يذكر هذه الزيارة ويعتبر فلسطين أول من اعترف باستقلال إندونيسيا.
بالمقابل، كانت إندونيسيا من أوائل الدول التي تعترف بإعلان الاستقلال الفلسطيني في 15 تشرين الثاني عام 1988، وافتتحت على إثرها سفارة فلسطينية كاملة التمثيل في جاكرتا عام 1989، كما قدم سفير فلسطين أوراق اعتماده للرئيس الإندونيسي في جاكرتا عام 1990، وقدم السفير الإندونيسي في تونس أوراق اعتماده للرئيس الفلسطيني ياسر عرفات، كسفير لجاكرتا لدى دولة فلسطين.
وقبل ذلك، كانت المواقف الإندونيسية تجاه القضية الفلسطينية داعمة وقوية، فبالإضافة للجامع الديني، شكلت مناهضة الإمبريالية ودعم حرية الشعوب واستقلالها مرتكزات أساسية في سياسة الرئيس الإندونيسي الأول أحمد سكارنو، إذ رفضت بلاده خلال التحضيرات للمؤتمر الأفروآسيوي في باندونغ عام 1955 حضور إسرائيل ومشاركتها (17)، رغم الضغوط التي حاولت إسرائيل ممارستها عبر مينمار التي هددت بالانسحاب إن لم تشارك إسرائيل، مقابل حضور المفتي الحاج أمين الحسيني وأحمد الشقيري، ضمن وفدي اليمن وسوريا على التوالي.
إن سياسة إندونيسيا تجاه القضية الفلسطينية كانت واضحة ومحددة منذ مراحل مبكرة، إذ اتسمت هذه السياسة بالدعم الكامل من خلال المنظمات الدولية، خاصة دول عدم الانحياز، استناداً لمرتكزين: الأول مرتبط بحق الاستقلال وتقرير المصير، والثاني وبدرجة أقل العامل الديني، وهو عامل تصاعد مع بداية التحول الديمقراطي وصعود الأحزاب الدينية في البلاد عام 1998.
صنفت السياسة الخارجية الإندونسية في عهد سوهارتو القضية الفلسطينية والصراع العربي الإسرائيلي، كشذوذ عن مسار التحرر وانعتاق الشعوب من الاستعمار، وهيمنة مرفوضة تجاه الشعب الفلسطيني والمحيط العربي، وثبتت رفضها المستمر لأي علاقات دبلوماسية مع إسرائيل، دون أن تظهر في هذه السياسة أي محددات ترتبط بالدين، إذ أكد الرئيس الإندونيسي الأسبق عام 1987 أن دعم بلاده للقضية الفلسطينية يستند للعدل كمحدد مركزي في سياسة إندونيسيا الخارجية.
وفي الممارسة السياسية، حرص نظام سوهارتو حتى بداية التسعينات على عدم استخدام الخطاب الديني في تقديم مواقف بلاده تجاه القضية الفلسطينية، ولعل أبرز محددات هذا الحرص كان الخوف من أن يشكل هكذا موقف دعماً ومادة سياسية داعمة للأحزاب والأطر الإسلامية في البلاد، التي كانت تشكل القوى الرئيسية المنظمة والقادرة على الحشد وتهديد النظام في حينه.
- أثر مسار التسوية على العلاقات
شكلت رئاسة إندونيسيا لحركة عدم الانحياز عام 1992 نقطة تحول كسرت من خلالها حالة القطيعة بين تل أبيب وجاكرتا، إذ التقى وزير خارجية إسرائيل في حينه شمعون بيريس بنظيره الإندونيسي علي العطاس على هامش مؤتمر أممي في فيينا عام 1993، وأبدى الوزير الإندونيسي استعداد بلاده لتطبيع العلاقات مع تل أبيب في حال حدوث تقدم ملموس بالعملية السلمية التي كانت طور التفاعل في حينه.
وإن كان لقاء وزيري خارجية البلدين جاء خجولاً وغير معلن ولا رسمي، فإن زيارة رئيس وزراء إسرائيل الأسبق إسحق رابين لجاكرتا ولقاء سوهارتو في ذات العام، وبعد أسابيع من زيارة سابقة للرئيس الفلسطيني ياسر عرفات لإندونيسيا، كانت الحدث المفاجئ وغير المتوقع، تبعتها زيارات لوفود تجارية وبعثات سياحية متبادلة، ولقاء ثانٍ بين رابين وسوهارتو في نيويورك عام 1995 (16).
قادت هذه التحولات إلى قبول رئيس جمعية نهضة العلماء في حينه، أكبر جمعية إسلامية بالعالم بعضوية تزيد على 25 مليون عضو، عبد الرحمن وحيد (Gus Dur)، الذي أصبح فيما بعد رئيساً للبلاد، دعوة بيريس لحضور توقيع اتفاق السلام بين إسرائيل والأردن عام 1994، بل إن وحيد أصبح لاحقاً عضواً في مجلس أمناء مؤسسة شمعون بيريس للسلام، وقدم خطاباً فيه عام 1997(16).
ومع سقوط سوهارتو عام 1998، أمسك وحيد بزمام البلاد لكن بشروط ومحددات سياسية مختلفة، إذ خرجت إندونيسيا من حالة الكبت السياسي التي صاحبت حكم سوهارتو، وانفتحت البلاد سياسياً من خلال طفرة في المجتمع المدني والأحزاب السياسية، ما خلق حالة من الحساسية العالية عند بنى النظام السياسي، خاصة البرلمان والحكومة والرئاسة، للرأي العام، الذي أصبح قادراً على استخدام صندوق الاقتراع والشارع لتصحيح السياسات العامة غير الشعبية.
وفي ظل هذه التحولات في البيئة السياسية، كان من الطبيعي أن يصعد الإسلام كمحدد مركزي في السياسة الخارجية، ما عرقل محاولات الرئيس وحيد للاعتراف بإسرائيل، إذ رفض البرلمان كل محاولات الرئيس في هذا السياق، وخرج الشارع بقوة لينسجم مع هذا الرفض وبشكل قوي، وهذا ما امتد على رفض حضور بعثة برلمانية إسرائيلية لمؤتمر دولي ذي صلة في جاكرتا عام 1999. ورغم أن الرئيس وحيد تابع لقاءاته مع شمعون بيريز، والتي كان آخرها عام 2000، إلا أنه لم يتمكن من إحداث اختراق في ملف تطبيع العلاقات بين البلدين (18).
وخلال السنوات الأخيرة، أبدى رئيس الوزراء الإسرائيلي رغبته القوية بإنشاء علاقات دبلوماسية رسمية مع جاكرتا، ففي لقاء جمعه بصحفيين مسيحيين، من ضمنهم صحفية إندونيسية، أشار نتنياهو إلى رغبة بلاده القوية بفتح علاقات قوية مع جاكرتا، ورغم صدور تقارير غير رسمية تحدثت عن تقديم تل أبيب مساعدات إغاثية لجاكرتا، إلا أن الحكومتين تجاهلتا التقارير ورفضتا التوضيح (19).
تعد السياحة إحدى القنوات المحدودة المفتوحة جزئياً بين البلدين، إذ زار إسرائيل حوالي 40 ألف سائح إندونيسي عام 2017، وهم مقسمون إلى حجاج مسلمين يأتون للمسجد الأقصى، ومسيحيين في زيارات دينية، وجزء منهم من اليهود الإندونيسيين. بالمقابل لا أرقام محددة حول عدد الزوار الإسرائيليين لجاكرتا، الذين يحصلون على تأشيرة دخول استثنائية بدعوة من مواطن إندونيسي، ومن المهم الإشارة إلى أن مدينة تندانو الإندونيسية تعد مركزاً لنشاط اليهود المحليين واستقطاب داعمين لفتح العلاقات مع إسرائيل، إذ شيد عام 2010 أطول برج شمعدان يهودي في العالم (20).
وفي تموز (يوليو) عام 2019، زارت بعثة تجارية إندونيسية، يرأسها نائب رئيس اتحاد التجارة الإندونيسي مفتي حسن تل أبيب، والتقت بمسؤولين إسرائيليين في مجالات التجارة والصناعة، في محاولة ضمن سلسلة محاولات متبادلة لإحداث اختراق نوعي في هذا المجال، لكن كل هذه المحاولات لم تثمر عن اختراقات حقيقية في مستويات التجارة بين البلدين، التي تتم بطريقة غير مباشرة عبر استخدام المُصدّر الإسرائيلي سنغافورة كمحطة وسيطة مع تغيير اسم دولة المنشأ (11).
ج. علاقات مستقرة ودعم ثابت
يمكن وصف العلاقات الفلسطينية الإندونيسية منذ العام 2001 بالمستقرة، وتقوم على الدعم العضوي الدائم بناءً على محددي العدالة وحق تقرير المصير من جهة، والرابط الأيديولوجي الديني من جهة أخرى، ويمكن تفصيل هذه العلاقة في ثلاث مساحات: مساحة الدعم السياسي، ومساحة العلاقات الدبلوماسية، ومساحة الزيارات الدينية.
وكان الرئيس محمود عباس قد زار إندونيسيا في أكثر من مناسبة، أولاها في 21 من تشرين الأول (أكتوبر) عام 2007، لقي خلالها استقبالاً خاصاً من قبل الرئيس الإندونيسي سوسيليو يوديونو، إذ وقع خلال هذه الزيارة ثلاث اتفاقيات هامة للتعاون المشترك؛ الأولى في مجال التدريب وبناء القدرات الإدارية والفنية، والثانية اتفاقية تعاون بين وكالتي أنباء البلدين الرسميتين، والثالثة اتفاقية توأمة بين مدينتي القدس الشريف وجاكرتا. وفي الشق السياسي، واصل الرئيس الإندونيسي سياسة بلاده الرسمية بتبنى الموقف الفلسطيني تجاه الاحتلال والسلام في الشرق الأوسط (21).
إن ثقل إندونيسيا وحضورها على مستوى آسيا بشكل عام، والآسيان بشكل خاص، ودورها كدولة إسلامية مركزية، يفسر زيارة الرئيس الفلسطيني لهذه الدولة لاحقاً في مناسبتين أيضاً، عامي 2010 و2016، كما التزمت إندونيسيا بدعمها الفني والتقني والمادي لفلسطين من خلال تنظيمها حوالي 158 برنامجاً تدريبياً استفاد منها 1800 فلسطيني من قطاعات مختلفة، كما أن إندونيسيا دعمت بين عامي 2011 و2016 إنشاء المستشفى الإندونيسي في قطاع غزة، الذي مولت منظمات أهلية إندونيسية إنشاءه بحوالي 9 ملايين دولار، وهو أول مستشفى ينشأ في القطاع منذ عقود (22).
ورغم عدم وجود إندونيسيا على خارطة كبار المانحين المساندين مالياً لفلسطين، إلا أن إسهامها لم ينقطع سواء أكان عبر الاتفاقيات المباشرة المذكورة أعلاه، أم عبر الدعم المباشر لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين “الأونروا”، الذي بلغ حوالي 360 ألف دولار بين عامي 2009 و2014 (23).
كما عكست جاكرتا اتفاقية التوأمة بينها وبين القدس من خلال عقدها للمؤتمر الدولي حول مسألة القدس عام 2015، بالتعاون مع منظمة التعاون الإسلامي وبالشراكة مع لجنة الأمم المتحدة المعنية بممارسة الشعب الفلسطيني لحقوقه غير القابلة للتصرف، إذ شهد هذا المؤتمر حضور ممثلي المنظمات الأممية والإسلامية والعربية ووزراء خارجية دول عربية وإسلامية وممثلي منظمات أهلية من مختلف الدول (24).
وفي العام 2016، استضافت جاكرتا، وبناء على طلب القيادة الفلسطينية، قمة إسلامية طارئة لنقاش الأوضاع في القدس، خرجت بتوصيات وقرارات لتعزيز الدعم السياسي والدبلوماسي والاقتصادي للمدينة المقدسة والتحركات الفلسطينية بمواجهة إجراءات الاحتلال التعسفية، ومن المهم الإشارة إلى أن القمة تبنت مقترح الرئيس الإندونيسي جوكو ويدودو بمقاطعة منتجات المستوطنات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967 (25).
في خطابه أمام مجلس الأمن، في جلسة خاصة لنقاش القضية الفلسطينية والأوضاع في الشرق الأوسط في كانون الثاني عام 2019، تبنى وزير الخارجية الإندونيسي ريتنو مارسودي المواقف الفلسطينية كاملة، واعتبر أن حق فلسطين الطبيعي الحصول على العضوية الكاملة في الأمم المتحدة، خاصة مع الدعم الدولي الكبير لفلسطين برئاستها لمجموعة الـ77 والصين. كما طالب الوزير مارسودي بآلية دولية متعددة الأطراف لرعاية عملية السلام ورفض تقليص أو إلغاء دور وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، كما دعا لتدخل دولي عاجل لمعالجة الكارثة الإنسانية في قطاع غزة (26).
تكرر هذا الدعم في اجتماع صيغة آريا بمجلس الأمن في أيار (مايو) عام 2019، إذ أكد وزير الخارجية الإندونيسي تبني بلاده الدائم لحل الدولتين، ومعارضة فرض الأمر الواقع والاستيطان وانتهاكات حقوق الإنسان المصاحبة لذلك، كما دعا لإحكام القانون الدولي ودعم عملية السلام وفق قواعد وأسس دولية ضامنة (27).
ومن أبرز مواقف إندونيسيا الداعمة للقضية الفلسطينية منعها نقل سفارة أستراليا للقدس المحتلة، إذ قررت أستراليا نقل سفارتها للقدس بعد طلب إسرائيلي، وإثر نقل الولايات المتحدة الأميركية سفارتها إلى المدينة، إلا أن أستراليا عدلت عن قرارها بشكل رسمي بعد تهديد إندونيسي بقطع العلاقات التجارية بين البلدين، إذ يبلغ حجم التبادل التجاري السنوي بين الطرفين حوالي 250 مليون دولار، كما تم توقيع اتفاقية تجارة حرة بين البلدين بعد عدول أستراليا عن قرارها (28) .
خاتمة واستنتاجات
مع بدء عملية التسوية عام 1991، فقدت القضية الفلسطينية ورقة ضغط هامة بعد فتح العلاقات الدبلوماسية بين الهند والصين من جهة، وإسرائيل من جهة أخرى، ما شكل اختراقاً إسرائيلياً نوعياً في الشرق، في المقابل شكل عدم تطبيع العلاقات بين ماليزيا وإندونيسيا من جهة وإسرائيل من جهة أخرى ورقة فلسطينية إستراتيجية لتأمين الدعم الآسيوي، ومنع اكتساح إسرائيل للقارة الصفراء بشكل مطلق، خاصة في ظل تصاعد علاقاتها الاقتصادية مع دول آسيا المركزية الأخرى إلى جانب الهند والصين، مثل كوريا الجنوبية وسنغافورة اللتين ارتبطتا باتفاقية تجارة حرة مع إسرائيل، وتايوان واليابان وتايلند والفلبين، التي ترتبط بعلاقة قوية مع إسرائيل أيضاً.
من هنا، يمكن اعتبار الورقة الماليزية- الإندونيسية حائط صد أخيراً أمام اختراق إسرائيل لآسيا بشكل مطلق، وهذا ما يشكل رصيداً فلسطينياً هاماً على مستويي القوة الناعمة والمصلحة في الطريق لأي تسوية مستقبلية، تماماً كما في حالة الدول الإسلامية المركزية كالباكستان وإيران والدول العربية وفي مقدمتها دول الخليج العربي.
إن إدارة هذه الورقة بفاعلية تقوم على مرتكزين أساسيين: الأول مرتبط بدور الدولتين المركزي في جنوب شرق آسيا، إذ منعت المعارضة الماليزية الإندونيسية إسرائيل من أن تكون دولة آسيوية فذهبت باتجاه أوروبا سياسياً واقتصادياً ورياضياً وثقافياً، كما عطلت الدولتان أي علاقة إسرائيلية مركزية مع الآسيان كتكتل اقتصادي، إلى جانب منعهما لتبني أي من الدول في نطاقهما الجيوسياسي مواقف منسجمة ومنحازة لمواقف إسرائيل تجاه القضية الفلسطينية، آخر الأمثلة كان ثني إندونيسيا لأستراليا عن نقل سفارتها إلى القدس المحتلة.
وفي هذه المساحة أيضاً تلعب الدولتان دوراً بارزاً في دعم وتعزيز الحضور الفلسطيني في مساحات الفعل الدبلوماسي المركزية التي تنشطان بها، مثل الآسيان ومجموعة عدم الانحياز، مثال هذا تنموياً دعمهما الفاعل لفلسطين من خلال “السيباد”.
المرتكز الثاني هو السياسة الداخلية لكل من البلدين، فرغم الدعم المطلق للحقوق الوطنية الفلسطينية على مستويي الشارع ومراكز صنع القرار في البلدين منذ الاستقلال وحتى اليوم، إلا أن الدعم الإندونيسي بقي رسمياً بعيداً عن الانخراط العضوي في القضية الفلسطينية، ولم تتم أدلجته دينياً، على عكس الحال في ماليزيا، حيث أصبحت القضية الفلسطينية جزءاً من الخطاب السياسي الماليزي الداخلي، بأدلجة وهوية دينية عاليتين، ورغم الخطاب الداعم عضوياً للقضية الفلسطينية، إلا أن ارتباط هذا الخطاب بالأيديولوجيا الدينية في مجتمع متنوع إثنياً يستجلب استعداءً من غير “المالايو”، ويجعل مساحة الدعم السياسي للقضية الفلسطينية هشاً أمام أي تحول سياسي في البلاد بعد حقبة رئيس الوزراء الحالي مهاتير محمد.
ما يعزز هذه الهشاشة في مستقبل الموقف الماليزي من القضية الفلسطينية طبيعة وشكل حضور حركة “حماس” في البلاد، سياسياً واقتصادياً، وتعامل صانع القرار الماليزي مع “حماس” والقيادة الفلسطينية كطرفي نقيض بذات الوزن، أي كـ”فتح” و”حماس”، على حد تعبير رئيس الوزراء الماليزي السابق رزاق نجيب، فماليزيا في العديد من المجالات، مثل الجانب الثقافي، تتعامل مع مؤسسات مقربة من حركة “حماس” كممثل رسمي لفلسطين، متجاوزة القنوات الدبلوماسية الرسمية الممثلة بالسفارة.
تولي إسرائيل اهتماماً كبيراً لإحداث اختراقات وتطبيع العلاقات مع الدولتين، وبشكل خاص إندونيسيا التي تضم جالية يهودية محدودة وتفتح بشروط باب الزيارات بين البلدين، إلا أن الشارع الإندونيسي حالياً، وفي ظل التحول الديمقراطي في البلاد يشكل حائط صد لهكذا اختراق، كما أن الحكومة تتعامل مع التمثيل الفلسطيني بشكل رسمي ومن خلال القنوات الدبلوماسية، إضافة إلى رفضها فتح مكتب تمثيل مع حركة “حماس”، رغم وجود علاقات جيدة بين “حماس” ومكونات النظام السياسي الإندونيسي.
أخيراً، من المهم عدم حصر العلاقات الفلسطينية الماليزية، والفلسطينية الإندونيسية باللاعبين الرسميين، خاصة في ماليزيا، إذ من الضروري خلق شبكات تواصل إستراتيجية مع الإثنيات الأخرى كالصينية والهندية، إذ أن هذا التنوع في العلاقات يحمي من “تسليع” القضية الفلسطينية وتحويلها لمادة استقطاب ومناكفة سياسية داخلية، ومن المهم أن تكون هذ العلاقات حزبية من جهة، وثقافية من جهة أخرى.
للتحميل اضغط هناالهوامش
* مدير برنامج السياسات العامة في مركز الأبحاث، مختص في قضايا التحولات السياسية والتنمية.
- البيان الختامي لمؤتمر “سيباد” الثالث. وزارة الخارجية اليابانية . [Online] 06 27, 2018. [Cited: 10 20, 2019.] https://www.mofa.go.jp/files/000377305.pdf.
- Croissant, Aurel and Philip Lorenz. Comparative Politics of South East Asia. Cham: Springer International Publishing AG, 2018, pp. 150-155.
- الجزيرة، “أمنو”.. حزب ماليزي انهزم بعد عقود من الحكم. [Online] 05 13, 2018. [Cited: 10 20, 2019.] .
- Mohamed, Abdul Majid Hafiz, Abdullah Ayoade Ahmad and Mohd Afandi Salleh. Determinant of Mahathir’s Foreign Policy towards Palestine Conflict. 9, 2017, World Applied Sciences Journa, Vol. 35, pp. 1772-1776.
- سعد اكريم. السياسة الخارجية الماليزية تجاه القضية الفلسطينية 2003-2015 ، غزة : جامعة الأقصى (رسالة ماجستير)، 2016.
- Koss, Maren. The Malaysian-Palestinian Relationship and Transnational Networks. Singapore : NUS, 2019.
- The Times of Israel. [Online] 08 13, 2018. [Cited: 10 10, 2019.]http://bit.ly/2Dkvyuv ..
- The Star. Malaysia to open embassy accredited to Palestine in Jordan, says Dr M. [Online] 10 25, 2019. [Cited: 10 28, 2019.]http://bit.ly/2OoqqvD.
- موقع الأونروا . الأونروا. [Online] 12 31, 2018. [Cited: 10 28, 22019.] https://www.unrwa.org/sites/default/files/overall_donor_ranking.pdf.
- New starits Times. Malaysia to explore potential collaborations with Palestine – MITI. New starits Times. [Online] 01 24, 2019. [Cited: 10 15, 2019.]http://bit.ly/37HiSMs.
- Rotunno, Lorenzo and Vezina, Pierre-Louis. Israel’s Open-Secret Trade. Marseille : Aix-Marseille School of Economics, 2016. Working paper.
- Ahmad, Razak. PM explains Gaza visit. The Star Online. [Online] 01 24, 2013. [Cited: 10 27, 2019.] https://www.thestar.com.my/news/nation/2013/01/24/pm-explains-gaza-visit.
- Abu Amer, Adnan. Hamas considers Malaysia its gateway to Asia. Middle East Monitor. [Online] 06 25, 2019. [Cited: 10 27, 2019.] https://www.middleeastmonitor.com/20190625-hamas-considers-malaysia-its-gateway-to-asia/.Ghoshal, Baladas. Democratic Transition and Political Development in Post-Soeharto Indonesia. Ghoshal, Baladas. 3, 2004, Contemporary Southeast Asia: A Journal of International and Strategic Affairs, Vol. 26, pp. 506-529.
- Anwar, Dewi Fortuna. Foreign Policy, Islam and Democracy in Indonesia. 2010, Journal of Indonesian Social Sciences and Humanities, Vol. 3, pp. 37-54.
- Barton, Greg and Rubenstein, Colin. Indonesia and Israel: A Relationship in Waiting. 1, s.l. : Jerusalem Center for Public Affairs, 2005, Jewish Political Studies Review, Vol. 17, pp. 157-170.
- Diplomacy As Theatre: Staging the Bandung Conference of 1955. Shimazu, Naoko. 1, 2014, Modern Asian Studies, Vol. 48, pp. 225-252.
- Smith, Anthonoy. Indonesia’s Foreign Policy under Abdurrahman Wahid: Radical or Status Quo State? 3, s.l. : Institute of Southeast Asian Studies (ISEAS), 2000, Contemporary Southeast Asia, Vol. 22, pp. 498-526.
- رافائيل أهرين. نتنياهو: لدينا “علاقات ممتازة” مع إندونيسيا. تايمز أوف إسرائيل
- . [Online] 10 15, 2018. [Cited: 10 09, 2019.] .
- Israel Indonesia Agency . [Online] [Cited: 10 08, 2019.] https://www.israelindonesia.agency/.
- وكالة الأنباء الفلسطينية “وفا”- مركز المعلومات،. [Online] 2007. [Cited: 10 07, 2019.] http://www.wafainfo.ps/ar_page.aspx?id=4490.
- رويترز، . [Online] 2016 01, 2016. [Cited: 10 07, 06.] https://reut.rs/2NZHqXJ
- Indonesian Ministry of Foreign Affairs. [Online] 03 26, 2019. [Cited: 10 07, 2019.] https://kemlu.go.id/portal/en/read/23/halaman_list_lainnya/the-palestinian-issue.
- [Online] 12 15, 2015. [Cited: 10 08, 2019.] https://unispal.un.org/DPA/DPR/unispal.nsf/0/7FBF620ED6779EEE85257F30005A4E80.
- منظمة التعاون الإسلامي. JAKARTA DECLARATION. [Online] 2016. [Cited: 10 08, 2019.] https://www.oic-oci.org/docdown/?docID=17&refID=6.
- وزارة الخارجية الإندونيسية . [Online] 01 24, 2019. [Cited: 10 02, 2019.] .
- وزارة الخارجية الإندونيسية . [Online] 05 09, 2019. [Cited: 10 02, 2019.] .
- The Conversation. Australia not moving embassy to Jerusalem. Will Oz-Indo relations improve? The Conversation. [Online] 12 21, 2018. [Cited: 10 24, 2019.] https://theconversation.com/australia-not-moving-embassy-to-jerusalem-will-oz-indo-relations-improve-109101.
- Case, Willian. Routledge Handbook of Southeast Asian Democratization . New York : Routledge, 2015.
[2] بلا مؤلف، اغتيال فادي البطش: الحرب الأمنية بين حماس وإسرائيل، مركز رؤيا للتنمية السياسية، http://www.vision-pd.org/AR/Articles/The-assassination-of-Fadi-al-Batsh. استرجع بتاريخ 17-09-2019.
[3] Ministry of Foreign Affaits of the republic of Indonesia. Important Momoent in the History of Indonesian Deplomacy. https://kemlu.go.id/portal/en/read/47/tentang_kami/important-moments-in-the-history-of-indonesian-diplomacy. Referred 27/09/2019.