ترجمة وتحرير: يسار أبو خشوم
US’ Syria sanctions exemption driven more by political motives than humanitarian ones
مجلّة “جلوبال تايمز” الصينيّة
بقلم أندرو كوريبكو، باحث أمريكي متخصّص في العلاقات الدوليّة، مقيم في موسكو
١٣ شباط/ فبراير ٢٠٢٣
عانى ملايين الأشخاص في سوريا وتركيا من الزلزال المدمر الذي هز منطقتهم مؤخرا، حيث تم تأكيد مقتل أكثر من ٣٣ ألف شخص، وصدمت هذه الكارثة الطبيعية العالم بسبب حجم ونطاق الدمار الذي خلّفته في أعقابها. وعليه، بدأت المساعدات الدولية تتدفق على الرغم من نبذ السلطات السورية من قبل معظم الدول الغربية.
فرض الغرب الذي تقوده الولايات المتحدة عقوبات أحادية الجانب على الحكومة السورية المعترف بها من قبل الأمم المتحدة في وقت مبكر من الحرب الأهلية المستمرة منذ أكثر من عقد من الزمان والتي ساهموا هم أنفسهم في تأجيجها. كانت هذه الإجراءات تهدف إلى الضغط على الرئيس بشار الأسد للامتثال لمطالبهم السياسية، والذي يقدّم مثالا صارخا على تدخّل الدول الأجنبية في الشؤون الداخلية لسوريا التي سعت إلى إنهاء حكومته. لكنهم فشلوا في قلب غالبية السكان ضده، ورغم ذلك ما زالوا متموضعين في المكان ذاته حتى يومنا هذا.
اقترح المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، بتاريخ ٨ شباط/ فبراير أنه “في أعقاب الكارثة، ينبغي للولايات المتحدة أن تضع الهواجس الجيوسياسية جانبا وأن ترفع فورا العقوبات أحادية الجانب عن سوريا، لفتح أبواب المساعدات الإنسانية لسوريا”. هذا الموقف يتماشى مع القانون الدولي والإنساني والأخلاقي.
ومن جهته، أعلن الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، بتاريخ ٩ شباط/ فبراير أنّ “الأزمة الإنسانية في شمال غرب سوريا تتفاقم بالفعل، مع بلوغ الاحتياجات أعلى مستوياتها منذ بدء النزاع”. وشدّد على أنّ “هذه اللحظة يجب على الجميع فيها أن يوضّح بجلاء عدم وجود عقوبات من أيّ نوع تعيق إغاثة الشعب السوري في الوقت الراهن”.
إنّ الاستمرار في فرض عقوبات من جانب واحد خارج سلطة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لا يؤدي سوى إلى استمرار معاناة السوريين. وأنّ التشبث بالسياسة الفاشلة المتمثلة في معاقبة الأشخاص العاديين من خلال الوسائل الاقتصادية، والذي يتم بهدف تشجيعهم على الانقلاب على حكومتهم وبالتالي تعزيز أهداف السياسة الخارجية الأمريكية، يأتي بنتائج عكسية على المصالح الموضوعية للولايات المتحدة بعد مثل هذه الكوارث.
تحت ضغط كبير من المجتمع الدولي، أعلنت وزارة الخزانة الأمريكية في وقت متأخر من تاريخ ٩ شباط/ فبراير عن إعفاء لمدة ١٨٠ يوما من العقوبات المفروضة على سوريا “لجميع المعاملات المتعلقة بجهود الإغاثة من الزلزال”.
من وجهة نظر المصالح الأمريكية، قد يساعد هذا التطور في تحسين نظرة السكان المستهدفين، إذ يجعلهم يعتقدون أن واشنطن تخفف بشكل ملموس من بعض معاناتهم. إنّ الإبقاء على العقوبات في مكانها سيؤدي إلى استياء أعمق لأن الناس سيبدأون في الشعور بأنّ الولايات المتحدة تريدهم أن يعانوا بقسوة كعقوبة إضافية لفشلهم في الانقلاب على حكومتهم حتى هذه اللحظة. وبدلا من تعزيز مصالح الولايات المتحدة، ستزيد هذه السياسة من تآكلها.
من خلال رفعها العقوبات بشكل انتقائي ومؤقت عن سوريا استجابة للكارثة الطبيعية التي عصفت بذاك البلد، من الممكن أن تؤسس الولايات المتحدة لسابقة جديدة؛ أيّ أنّه في حال تعرّضت دولة أخرى خاضعة للعقوبات لكارثة مماثلة، قد تخفف الولايات المتحدة عقوباتها بشكل انتقائي ومؤقت أيضا بحجة تسهيل شحن المساعدات. لا يعني هذا أنّ الانفراج في العلاقات سيكون مضمونا، لكن يمكن لكل طرف الاستفادة من منح هذا السيناريو فرصة على الأقل.
باختصار، من المرجّح أن يكون قرار الولايات المتحدة برفع عقوباتها عن سوريا انتقائيّا ومؤقتا مدفوعا بالبراغماتية السياسية أكثر من الدوافع الإنسانية. إذ تهدف واشنطن إلى تخفيف الضغط الدولي عليها وتحسين نظرة الشعب السوري إلى الولايات المتحدة. يبقى أن نرى ما إذا كانت واشنطن تسعى أيضا لخلق فرصة سياسية لاستئناف المحادثات مع القيادة السورية. على أيّة حال، جاء قرار الولايات المتحدة بدوافع سياسيّة خفيّة وليس بدوافع إنسانية كما زعمت.