ترجمة وتحرير: يسار أبو خشوم

الحرب في أوكرانيا: إسرائيل تفتح ترسانتها العسكريّة بحذر لكييف

Guerre en Ukraine : Israël entrouvre prudemment son arsenal militaire 

 

جريدة “لوموند” الفرنسيّة

 

بقلم إيمانويل جرينسسبان، متخصص في شؤون شرق أوروبا وآسيا الوسطى

 

٢٣ كانون الثاني (يناير) ٢٠٢٣

يوضّح الكاتب في هذا المقال بأنّه فور اعتلاء بنيامين نتنياهو السلطة من جديد، بدأت إسرائيل بفتح ترسانتها العسكريّة بعد مطالب ملحّة من كييف، رغم العلاقة الشخصيّة التي تربط نتنياهو بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين. إذ كشف دبلوماسي أوكراني بأنّ إسرائيل ستقوم بتزويد بلاده بتقنيات متقدمة للكشف عن التهديدات المحمولة جوّا بهدف تحذير السكان الأوكرانيين في حال إطلاق صواريخ أو طيّارات دون طيّار معادية.

 وينوّه إلى أنّ الحكومة الإسرائيليّة السابقة بقيادة يائير لابيد، قد أعلنت في تشرين الأول/ أكتوبر الماضي بأنّها زوّدت أوكرانيا بأجهزة إنذار مبكر لأغراض مدنيّة، مع التأكيد على عدم نيّتها نقل أسلحة، خشية ردّ روسي محتمل في سوريا، إذ تتيح القوّات الروسيّة المتواجدة هناك شنّ غارات إسرائيليّة على أهداف إيرانيّة لوقف نقل الأسلحة إلى لبنان عبر الحدود السوريّة. مشيرا إلى أنّه، رغم ذلك، تؤكّد مصادر عدّة تزويد الحكومة الإسرائيليّة أوكرانيا بتقنيات استخباراتية وعسكريّة متقدمة من خلال شركات خاصة أو دول وسيطة مع الحيلولة دون التحقق من هذه المعلومات.

سوء فهم متبادل

وفقا للكاتب، أشارت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكيّة في عددها الصادر بتاريخ ١٧ كانون الثاني/ يناير، إلى توقّف معارضة إسرائيل لنقل مستودع استراتيجي للذخائر الموجود على إراضيها إلى أوكرانيا، الأمر الذي من شأنه أن يعيد الدفء للعلاقات الإسرائيلية الأوكرانية، التي بردت منذ بدء الغزو الروسي لأوكرانيا بفعل موقف إسرائيل “المحايد” في الصراع. في منتصف كانون الأول/ ديسمبر، اتصل بوتين بنتنياهو لتهنئته بفوزه في الانتخابات التشريعية، وبعد أسبوعين، التقى الأخير مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في اجتماع لم يهدّئ الأجواء. بعد ذلك، في ٣ كانون الثاني/ يناير، اتّصل وزير الخارجيّة الروسي، سيرجي لافروف، بنظيره الإسرائيلي، إيلي كوهين، الذي تولّى منصبه للتوّ، مما أثار استياء الدبلوماسيّة الأوكرانية.

لعدم تزويد أوكرانيا بالأسلحة، رفضت حكومة يائير لابيد أيّ اتصال مع سيرجي لافروف وأدانت جرائم الحرب التي ارتكبها الجيش الروسي. وأشار كوهين، في خطابه الرسمي الأول مطلع كانون الثاني/ يناير، إلى “مراجعة” للموقف الإسرائيلي من النزاع الروسي الأوكراني، ولا سيما الرغبة في “التحدّث بشكل أقل علانية” حول هذا الموضوع، مع مواصلة تقديم المساعدات الإنسانية لأوكرانيا التي بلغت حتى الآن نحو ٣٠ مليون دولار.

كما اضطر وزير الخارجيّة الأوكراني دميترو كوليبا إلى الانتظار حتى ١٩ كانون الثاني/ يناير لإجراء أول مكالمة هاتفية مع نظيره الإسرائيلي، أعلن خلالها إيلي كوهين إعادة فتح السفارة الإسرائيلية في كييف “في غضون ستين يوما”. كما قبل الوزير الإسرائيلي دعوة لزيارة أوكرانيا دون تحديد موعد. وفي حال تمّت هذه الزيارة، سيكون إيلي كوهين أعلى مسؤول إسرائيلي يزور أوكرانيا منذ ٢٤ شباط/ فبراير ٢٠٢٢.

من جهة أخرى عبّر الرئيس الأوكراني في أيلول/ سبتمبر الماضي عن “صدمته” من رفض إسرائيل توفير دفاعات مضادة للطائرات لبلاده، مستهجنا: “لا أفهم ما يحدث في إسرائيل!”. وفقا للكاتب، يظهر بأن سوء الفهم متبادل. إذ يورد على لسان ميلان تشيرني، الباحث المتخصص في الشؤون الروسيّة الإسرائيلية، بأنّ “الرأي العام الإسرائيلي مؤيّد إلى حد كبير لأوكرانيا، لكنه أيضا شديد الحساسية للتصويت في الأمم المتحدة لصالح قرارات تدين بلادهم فيما يتعلق بالصراع الإسرائيلي الفلسطيني”، إذ أنّ أوكرانيا في الأمم المتحدة ليست من بين حلفاء إسرائيل، وأحيانا تصوّت ضدها، وأحيانا تمتنع عن التصويت.

الطائرات المسيّرة الإيرانيّة

بعد أن استخدم الجيش الروسي الطيارات المسيّرة الإيرانيّة “شاهد” ضد البنية التحتيّة الأوكرانيّة لمدة خمسة أشهر، طلب السفير الأوكراني لدى إسرائيل بـالاستفادة من التكنلوجيا الإسرائيليّة المتقدّمة والرخيصة في هذا الشأن، إذ أنّ إسقاط هذا النوع من الطائرات ذو كلفة باهظة جدا على الجيش الأوكرانيّ. يجادل الكاتب، بأنّ المسألة بالنسبة إلى إسرائيل لا تتعلق بطبيعة الأسلحة المقدّمة لأوكرانيا إن كانت هجوميّة أو دفاعيّة، بل تتعلّق بالتواجد الروسي في سوريا ومدى أثره على أمن إسرائيل، الأمر الذي يجعل من المسألة الأوكرانيّة قضيّة ثانويّة بالنسبة إلى الحكومة الإسرائيليّة. ويؤكّد السفير الإسرائيلي السابق في موسكو، تسفي ماغن، أنّه رغم الدعم الروسي لإيران في سوريا إلّا أنّ هناك اتفاقا بين روسيا وإسرائيل على عدم عرقلة أعمال كلّ منهما في سوريا، لكن يحّذر بأنّه في حال دعمت روسيا المشروع النووي الإيرانيّ بشكل عمليّ، فسينقلب الأمر رأسا على عقب.

وأكثر ما يقلق المسؤولين العسكريين الإسرائيليين في هذه القضيّة، هو أنّه في حال زوّدت إسرائيل أوكرانيا بأسلحة مضادة للطيران، فقد يتم تشريحها من قبل الروس، ونقل المعلومات المستخلصة عن آلية عمل هذه الأسلحة وعيوبها للإيرانيين الذين بدورهم سينقلون تلك المعلومات لأعداء إسرائيل المباشرين “حزب الله” في لبنان، و”حماس” في غزّة.

ويختم الكاتب مقاله بعرض وجهة نظر مسؤول عسكري إسرائيلي رفض الكشف عن هويّته، الذي يرى بأنّ إسرائيل بالكاد تمتلك الأسلحة الكافية للحفاظ على أمنها في مواجهة الخطر الإيراني في المنطقة، وأنّ التعاون العسكري بين إسرائيل وأوكرانيا لا يتمّ في ليلة وضحاها بل يحتاج عدة سنوات ربما، كما حصل سابقا بين إسرائيل وأذربيجان، إذ حصلت الأخيرة على أسلحة من إسرائيل بعد انتظار دام عشر سنوات.

للتحميل اضغط هنا