
- عن المركز
- دراسات وأبحاث
- متابعات
- مراجعات
- إصدارات المركز
- وثائق
- مركز الإعلام
- مؤتمرات
نعيم ناصر[1]
"قبل أن نبرح القدس، زرت مخيمات رام الله، حيث احتشد الآلاف من اللاجئين الفلسطينيين القادمين من اللد والرملة. وكنت قد زرت مخيمات لاجئين من قبل، ولكني لم أر من قبل مثل هذا المنظر الرهيب الذي طالع عيني في رام الله.
كانت السيارة تدلف وسط هدير كهدير العاصفة، حشود منفعلة تهتف بحماسة شرقية طلباً للطعام، ورغبة في العودة إلى ديارها، وكان بينهم عدد من العجزة الذين لا حول لهم ولا قوة، طالت لحاهم، دفعوا وجوههم النحيلة داخل سيارتي، وأخذوا يلوحون بكسرالخبز، وهو ما يأنفه بكل تأكيد أي شخص عادي، ولكنها مع ذلك كانت طعامهم الوحيد، ولعله ليس ثمة خطر مباشر من أن تغدو هذه المخيمات مرتعاً لأمراض وبائية تفتك بفلسطين بأسرها. ولكن ماذا سيحدث في أوائل تشرين الأول القادم حين يبدأ موسم المطر ويأتي الجو البارد؟ خير للمرء ألا يتابع هذا الأمر إلى نهايته"[i].
(الكونت برنادوت)**
بهذه الكلمات المعبرة وصف الكونت برنادوت، مأساة اللاجئين الفلسطينيين في أيامها الأولى. وهذا الوصف ينسحب على مئات آلاف اللاجئين الذين هُجّروا من مدنهم وقراهم إلى الضفة الغربية وقطاع غزة والدول العربية المحيطة بفلسطين. وقد أجمع المؤرخون في حينه على أن نكبة الشعب الفلسطيني كانت من أفظع النكبات التي شهدتها الإنسانية بعد الحرب العالمية الثانية.
ومعروف أن مأساة الشعب الفلسطيني هي نتاج التآمر الاستعماري والصهيوني على فلسطين، الذي نجم عنه قيام دولة إسرائيل، لتكون حارسة للمصالح الإمبريالية في المنطقة، وشرطياً لقمع حركات التحرر الوطني والاجتماعي في الشرق الأوسط.
اللاجئون الفلسطينيون في الضفة الغربية
راوح عدد اللاجئين الفلسطينيين في الضفة الغربية، عموما، المدونين في قوائم وكالة غوث وتشغيل اللاجئين (الأونروا) عام 1948، ما بين 615 ألفا و635 ألف لاجئ[ii]، توجه جزء منهم إلى الضفة الغربية وقطاع غزة. وقد قدّرت إحصاءات الوكالة عدد اللاجئين إلى الضفة الغربية، حسب إحصاء عام 1952 بنحو 204 آلاف لاجئ، توزعوا على أقضية الضفة الغربية وفق النسب المئوية الآتية[iii]:
قضاء نابلس | 33,8 في المئة |
قضاء رام الله | 17,5 في المئة |
قضاء الخليل | 8,5 في المئة |
قضاء أريحا | 12,7 في المئة |
قضاء بيت لحم | 10,4 في المئة |
قضاء القدس | 8,5 في المئة |
وبعد ستين عاماً من النكبة، ارتفع عدد اللاجئين المسجلين في سجلات وكالة الغوث في الضفة الغربية بشكل كبير، فوصل في عام 2008 إلى 762,820 لاجئاً، منهم 193,370 لاجئاً يقيمون في 19 مخيماً[iv].
وترجع هذه الزيادة الكبيرة في عدد اللاجئين الفلسطينيين إلى ارتفاع نسبة المواليد التي تعد من النسب القياسية في العالم. وقد انسحبت هذه الزيادة على اللاجئين الفلسطينيين في الضفة الغربية، فارتفع عددهم من 204 آلاف عام 1952 إلى 762,820 لاجئاً عام 2008 كما مر معنا. ولا يشمل هذا الرقم اللاجئين الفلسطينيين الذين غادروا إلى الضفة الشرقية بعد حرب حزيران 1967. "وقد قدرت الحكومة الأردنية عدد هؤلاء بتاريخ 31 أيار 1968 بنحو 145 ألف لاجئ مسجلين رسميا لدى وكالة الغوث"[v].
مخيمات الضفة الغربية
أقامت وكالة الغوث، عقب النكبة أكثر من 54 مخيماً، بهدف استيعاب اللاجئين الفلسطينيين في الضفة الغربية والدول العربية المحاذية لفلسطين، وكان نصيب الضفة منها 21 مخيماً، استوعبت نحو 40 في المئة من مجمل عدد اللاجئين، عموما، وذلك حتى شهر حزيران من العام 1967.
والجدول الآتي يبين لنا بالتفصيل أسماء المخيمات في الضفة الغربية حتى العام 2008، وعدد اللاجئين في كل مخيم قياساً بعددهم عموما في الضفة الغربية. يستثنى من ذلك مخيما النويعمة في منطقة أريحا، وقدورة في منطقة رام الله، لعدم توفر إحصاءات بعدد سكانهما في سجلات الوكالة[vi]:
المنطقة | اسم المخيم | عدد اللاجئين في المخيم الواحد |
نابلس وطولكرم وجنين | عسكر | 16261 |
بلاطة | 23677 | |
الفارعة | 7754 | |
مخيم رقم (1)(عين بيت الماء) | 6854 | |
نور شمس | 9850 | |
طولكرم | 18,701 | |
جنين | 16,448 | |
أريحا | عقبة جبر | 6581 |
عين السلطان | 1966 | |
القدس ورام الله | شعفاط | 11,170 |
الأمعري | 10,703 | |
دير عمار | 2404 | |
الجلزون | 11,393 | |
قلنديا | 11,175 | |
بيت لحم والخليل | الدهيشة | 13,156 |
عائدة | 4830 | |
بيت جبريل | 2118 | |
الفوار | 8244 | |
العروب | 10,584 | |
المجموع | 19 مخيما | 193,869 |
أما اللاجئون الذين نزحوا من مخيمات الضفة الغربية إلى الضفة الشرقية عقب حرب حزيران 1967، فقد أقامت لهم وكالة الغوث عدداً من المخيمات استوعبت نحو 110,489 لاجئا من مجموع 145 ألف لاجئ نزحوا إلى الأردن.
والجدول الآتي يتضمن أسماء هذه المخيمات وعدد الذين أقاموا فيها عقب حرب حزيران[vii]:
البقعة: | 43,184 نسمة |
ماركا: | 23,095 نسمة |
الحصن: | 15,065 نسمة |
جرش: | 14,100 نسمة |
سوف: | 09,489 نسمة |
المجموع | 104,933 نسمة |
تأثير حشود اللاجئين في الأوضاع الاقتصادية
والاجتماعية للضفة الغربية
تميزت الأوضاع الاقتصادية للضفة الغربية، عموماً، بالضعف، وذلك نتيجة شح مواردها الطبيعية، وتقلص مساحة أراضيها الزراعية. وما زاد الأوضاع سوءاً سلخها عن فلسطين المحتلة سنة 1948، أولاً، واستيلاء إسرائيل على جزء من أراضيها الزراعية، ثانيا، ونزوح مئات الآلاف من اللاجئين إليها، ثالثا.
وقد أدت هذه الأسباب مجتمعة إلى تدهور الحياة المعيشية لسكان الضفة الغربية، مقيمين ولاجئين. غير أن أوضاع اللاجئين كانت أشد قسوة وبؤساً من أوضاع المقيمين، عدا قلة قليلة منهم استطاعت حمل جزء من ممتلكاتها المنقولة وظفتها لتحسين وضعها المعيشي. أما الأغلبية الساحقة منهم، فقد اعتمدت على ما كانت تقدمه لهم وكالة الغوث من معونة.
ولم تلب هذه المساعدات الاحتياجات الأساسية المطلوبة لجسم الإنسان من السعرات الحرارية بسبب قلتها، وكانت حصة الفرد الشهرية منها "عشرة آلاف غرام دقيق، و600 غرام بقول جافة، و600 غرام سكر، و500 غرام أرز، و375 غرام زيوت ومواد دهنية"[viii].
وإذا ما حوِّلت معونة الوكالة إلى قيمة نقدية، فإنها لا تتعدى دنانير أردنية محدودة. وقد "قدرت قيمة ما صرفته الوكالة على اللاجئ الفلسطيني الواحد في السنة المالية 1950-1951، حسب المعطيات الرسمية للوكالة، بنحو 39 دولاراً فقط"[ix]. وهذا المبلغ لم يقتصر على المواد الغذائية، وإنما شمل الصحة والتعليم أيضا.
ومع تعاقب السنوات أصبحت موازنة الوكالة، عموماً، تتقلص تدريجيا، حتى وصل العجز لديها، حسب نداء الطوارئ لعام 2017، 402,391,857 دولاراً[x]، بسبب انخفاض مساهمات الدول، ما أثر بالتالي في خدمات الوكالة.
وقد حال تردي الأوضاع الاقتصادية للضفة الغربية دون تحسن الظروف المعيشية للغالبية العظمى من اللاجئين. ولم يجد عدد كبير من هؤلاء، وبخاصة من هم في سن العمل، وسيلة لتحسين أوضاعهم المعيشية، في ظل بطالة كبيرة.
وجاء في تقرير للبنك الدولي للتنمية أن أكثر من 50 في المئة من القوى العاملة للاجئين الفلسطينيين في الأردن (التي كانت الضفة الغربية جزءاً منها) كانت تعاني عام 1954 من بطالة كاملة، وأن أكثر من 20 في المئة كانت تعاني من بطالة موسمية[xi].
ونتيجة لذلك نزحت موجات كبيرة من اللاجئين من الضفة الغربية إلى الضفة الشرقية والخارج. ومما سهل عمليات النزوح تلك ضم الضفة الغربية إلى الأردن، وانتقال مركز الثقل الاقتصادي إلى مدن الضفة الشرقية، وبخاصة إلى العاصمة عمان ومدينة الزرقاء.
وفي الوقت الذي استقبلت فيه الأردن مئات آلاف اللاجئين الفلسطينيين، كانت أبواب العمل في الكويت والمملكة العربية السعودية ودول الخليج مفتوحة أمام عشرات الآلاف منهم، وذلك بعد الطفرة النفطية التي شهدتها تلك البلاد.
أما اللاجئون الفلسطينيون الذين استقروا في الضفة الغربية، فقد اندمجوا في عجلة اقتصاد الضفة. وبعد حرب حزيران 1967، أصبح اللاجئون، سواء الذين استقروا في المخيمات أو خارجها، يعانون من وطأة الاحتلال الإسرائيلي في كل الصعد، مثلهم مثل سكانها المقيمين. وقد عمل اللاجئون من سكان المخيمات في مختلف المهن، والوظائف، فقد كانوا مهنيين، وتقنيين، ومديرين، وكتبة، ومعلمين، وتجاراً، وحرفيين وعمالاً ...الخ. وأمكنة العمل التي عمل فيها هؤلاء شملت مؤسسات وكالة الغوث، والمؤسسات الصناعية الفلسطينية، والمصانع والورش الإسرائيلية، بحيث باتوا يشكلون نحو ثلثي العمال الفلسطينيين العاملين في إسرائيل عموماً.
وفي ضوء ما سبق يمكن رسم اللوحة الآتية عن الأوضاع الاقتصادية للاجئين الفلسطينيين في مخيمات الضفة الغربية منذ النكبة مروراً بالنكسة وحتى العام 2008: قطاع سكاني يعتمد على المعونات التي تقدمها وكالة الغوث رغم قلتها، إضافة إلى ما يرسله أبناؤه العاملون في الخارج من دعم مالي، وقطاع يعتمد على مردود عمله في مؤسسات الوكالة، أو المؤسسات الاقتصادية الوطنية. أما القطاع الأكبر من سكان المخيمات فاعتمد على بيع قوة عمله في الأسواق الإسرائيلية.
الظروف السكنية للمخيمات
كانت بيوت المخيمات في بداية نشأتها خيماً ممنوحة من الصليب الأحمر الدولي، وقد استعيض عن "الخيم" فيما بعد، بوحدات سكنية مبنية من الطوب أو الإسمنت وألواح "الزينكو". وقد أقيمت أغلب هذه المخيمات، إن لم يكن معظمها، في ضواحي المدن. ومع تعاقب السنين توسعت المدن فبدت المخيمات وكأنها جزء منها، وقسّم المخيم الواحد إلى أحياء تضم وحدات سكنية متراصة بجانب بعضها بعضا، ولا يفصل الساكن عن جاره سوى متر أو أقل، وغالبا ما كان يحيط اللاجئ هذه المسافة بسور من الإسمنت أو "التنك" والخيش. وكان يفصل الأحياء السكنية عن بعضها بعضا شوارع ترابية توحل في فصل الشتاء، وتصبح مجاري للمياه الآسنة في فصل الصيف، ولا يتعدى عدد الغرف في الوحدة السكنية للأحياء الغرفتين أو الثلاث، تضم ما بين جدرانها ما معدله 5-7 أشخاص، وعادة ما يقيم إلى جانب الأب والأم أبناؤهم المتزوجون وأطفالهم. وكثيراً ما يسبب هذا الازدحام مشاكل صحية واجتماعية عديدة.
وكانت بيوت المخيمات في بداية نشأتها تكاد تخلو من دورات المياه، وكان اللاجئون يقضون حاجاتهم في دورات المياه العامة التي أنشأتها لهم وكالة الغوث في الأحياء. كما انعدمت في المخيمات تمديدات المياه الصالحة للشرب وللاستخدام المنزلي، ما اضطر الأهالي إلى نقل المياه إلى بيوتهم من الحنفيات العامة التي استحدثتها وكالة الغوث في الأحياء.
ومن الظواهر التي كانت تلاحظ في الأحياء السكنية، ليس في الضفة الغربية، فحسب، بل وفي المخيمات كافة، سواء تلك التي أقيمت في قطاع غزة، أو الأردن، أو لبنان، أو سورية، أنها كانت تضم في أغلبها مجموعات سكانية من المدن والقرى التي هجّر منها اللاجئون في العام 1948، وكانت تمارس فيها أسلوب حياتها السابقة في فلسطين. فعلى سبيل المثال لا الحصر، تجد أن مخيماً كمخيم الحسين في عمان أو مخيم الجلزون في رام الله يضم أحياء تعرف باسم المدينة أو البلدة التي هجّر منها سكان هذه الأحياء، كحارة اللدادوة نسبة إلى مدينة اللد، وحارة الرمالوة نسبة إلى مدينة الرملة، وحارة المحاسرة، نسبة إلى قرية بيت محسير.. وهكذا.
إن مواصلة نمط الحياة التي اعتاد عليها اللاجئون في قرى ومدن فلسطين، قبل النكبة، في المخيمات الفلسطينية، وبعدها، حمل أمرين متناقضين، كما رأى الباحث الفلسطيني باسم سرحان، الأول: التنازع الاجتماعي، والثاني التضامن الاجتماعي. وفي معرض تحليل الباحث للتنازع الاجتماعي، فقد قسمه إلى قسمين: التنازع الاجتماعي على مستوى المجتمع ككل والتنازع الاجتماعي على المستوى العائلي. وتميز الأول بالخلافات القديمة، فيما بين سكان القرى والعائلات، التي نقلها اللاجئون الفلسطينيون معهم من فلسطين، والخلافات حول المياه والأرض المخصصة للبناء.
أما الثاني فعزاه الباحث إلى الصراع بين الأهل "المتسلطين" والأبناء الذين يطمحون إلى الحرية، وإلى الصعوبات المالية للأسر.
وبخصوص مظاهر التضامن الاجتماعي في المخيمات فقد اختصره الباحث في خمس نقاط هي:
ونضيف إلى ما كتبه الباحث باسم سرحان أن واقع المخيمات بعد احتلال إسرائيل للضفة الغربية وكذلك في قطاع غزة، أضعف التنازع الاجتماعي لصالح التضامن الاجتماعي لمواجهة الاحتلال وإزاحة كابوسه عن كاهلهم وعن كاهل سكان الضفة الغربية كافة، لذا فإن النضال المشترك ضد الاحتلال هو الذي وحدهم لأنه كان يستهدفهم ويحول بينهم وبين العودة إلى ديارهم.
إن تزاوج البؤس والمرض مع حملات البطش والقمع التي شنتها وتشنها سلطات الاحتلال الإسرائيلي على سكان الضفة الغربية، عموماً، وعلى اللاجئين الفلسطينيين، خصوصاً، هدف إلى تصفية هذه المخيمات من خلال التهجير أو التوطين، فلا يمر يوم على مخيم واحد أو أكثر، إلا وتفرض فيه سلطات الاحتلال الحصار ونظام منع التجول الذي قد يصل إلى أيام معدودة أو لأكثر من أسبوع. وعادة ما يترافق منع التجول مع حملات تفتيش من بيت لبيت واعتقال وتعذيب، وهدم بيوت، وفرض غرامات مالية عالية.
إن اضطهاد سلطات الاحتلال الإسرائيلي للمواطنين الفلسطينيين في الضفة الغربية، عموما، وفي المخيمات، خصوصاً، لا يقتصر على منع التجول والحصار، وإنما يتعداهما إلى إذلال الشباب، عبر استدعائهم شبه اليومي إلى مراكز الاعتقال.
اللاجئون الفلسطينيون في قطاع غزة
مثلما عبرت قوافل اللاجئين الفلسطينيين حدود مدنها وقراها إلى الضفة الغربية، عبرت قوافل أخرى حدود مدنها إلى قطاع غزة، حيث بدأت رحلات البؤس والعذاب بعيدا عن وطنهم السليب.
كان عدد اللاجئين الفلسطينيين إلى قطاع غزة كبيراً، بحيث أصبح القطاع مستودعاً بشرياً تراكم فيه ما يزيد على ضعفي عدد سكانه الأصليين. فقد وصل عدد سكان القطاع سنة 1953، نحو 306,272 نسمة، من بينهم 97,078 مواطناً أصلياً، و209,194 لاجئاً"[xiii]. وقد هجّرت الغالبية العظمى من هؤلاء اللاجئين من مناطق يافا والرملة وبئر السبع، والمناطق المحتلة من القطاع في العام 1948.
والجدول الآتي يبين لنا عددهم، وذلك وفق فئات السكان من حضر وفلاحين وبدو، حسب تعداد عام 1953[xiv]:
السكان الحضر | السكان الريفيون | البدو | المجموع | النسبة% | |
غزة | 18,859 | 66,161 | 1,369 | 86,389 | %34,94 |
بئر السبع | 40,478 | 00,70 | 37,510 | 78,058 | %31,50 |
يافا | 32,219 | 6,018 | 4,042 | 42,279 | %17,06 |
الرملة | 7,056 | 23,755 | 8,048 | 38,859 | %15,60 |
أقضية أخرى | 1,445 | 647 | 0.91 | 2,183 | %0,88 |
المجموع | 100,057 | 96,651 | 51,060 | 247,768 | -- |
النسبة % | %40,38 | 39% | %20,60 | %100 تقريباً | %100 تقريباً |
ومن أجل استيعاب هذه الأعداد الهائلة من اللاجئين أنشأت وكالة الغوث ثمانية مخيمات هي: جباليا، والشاطئ، والمغازي، والنصيرات، والبريج، ودير البلح، وخانيونس، ورفح. غير أن هذه المخيمات لم تتسع إلا لنصف عدد اللاجئين، أما النصف الآخر فقد توزع على مدن وقرى القطاع، حتى غصت بهم تلك الأماكن. وقد فاق عددهم عدد سكانها الأصليين.
وزاد عدد لاجئي قطاع غزة، خلال أربعة عشر عاماً (من عام 1953 إلى شهر أيار (مايو) من عام 1967) أكثر من مئة ألف نسمة، حيث وصل عددهم إلى 316,776 نسمة[xv].
ولم يشهد قطاع غزة طيلة تلك الفترة الممتدة من العام 1953 وحتى حرب حزيران 1967 واحتلال ما تبقى من فلسطين، حركة نزوح سكاني خارج القطاع باستثناء مصر، وذلك بسبب القيود التي فرضتها الدول العربية على حملة الوثائق المصرية، التي منحت لسكان القطاع. هذا باستثناء قلة من العمال والموظفين يراوح عددهم بين 40 و50 ألف شخص، استطاعوا بطريقة أو بأخرى الخروج من القطاع والعمل في المملكة العربية السعودية ودول الخليج. وهؤلاء شكلوا أحد أهم الموارد المالية لقطاع غزة.
النزوح في الوطن .. والنزوح خارج الوطن
وعقب حرب حزيران 1967 واحتلال قطاع غزة، نزح عدد كبير من سكانه إلى الأردن ومصر. وقد أخذ شكل هذا النزوح ثلاث موجات في فترات زمنية متفاوتة على النحو الآتي:
الموجة الأولى: بدأت أثناء حرب حزيران وبعدها بقليل، وقد تميزت، كما يقول الباحث زياد أبو عمرو، "بهجرة خمس مجموعات سكانية اتجهت نحو كل من مصر والأردن. وقد شملت المجموعة الأولى الفدائيين الفلسطينيين الذين قاتلوا إسرائيل تحت إمرة ضابط المخابرات المصرية مصطفى حافظ في أوائل ومنتصف الخمسينات.
ويقدر عدد هؤلاء بنحو 60 رجلاً. أما المجموعة الثانية فضمت قوات جيش التحرير الفلسطيني وعددهم نحو عشرة آلاف رجل. وشملت المجموعة الثالثة موظفي الإدارة المصرية من سكان القطاع، وعددهم محدود جدا. وراوح عدد المجموعة الرابعة بين 17-20 ألف شخص معظمهم من الشباب، قامت قوات الاحتلال بتجميعهم ثم ترحيلهم عبر صحراء سيناء إلى مصر. أما المجموعة الخامسة فتعد من أضخم المجموعات وقد غادرت القطاع لأسباب مختلفة، ويقدر عددها بأربعين ألف شخص استقر عدد كبير منهم في الأردن"[xvi].
الموجة الثانية: وتمتد ما بين عامي 1967 و1969، وضمت 45 ألف نازح، معظمهم من الطلاب والعمال والموظفين مع عدد كبير من أفراد أسرهم، وكان الدافع المباشر لهذه الموجة الظروف الاقتصادية والاجتماعية القاسية، وقد توجه أغلبهم، وبخاصة فئتي العمال والموظفين، إلى السعودية ودول الخليج.
الموجة الثالثة: وبدأت بعد عام 1970، وضمت مجموعات قليلة من المواطنين نزحت لأسباب تعود إلى البطالة وازدياد تكاليف المعيشة في قطاع غزة، عموماً.
كان نصيب اللاجئين الفلسطينيين من موجات النزوح هذه كبيراً، وقد امتصت نحو أكثر من 5 في المئة من حجم زيادتهم الطبيعية. ومع ذلك فقد وصل عددهم عام 2006، حسب سجلات الأونروا نحو 478,272 لاجئاً، من إجمالي عدد سكان قطاع غزة، عموماً، البالغ 1,016,964 نسمة[xvii] يقيم في المخيمات منهم نحو 471,155 لاجئاً. وهذه الأعداد تقديرية نتيجة للتطورات المتلاحقة التي يشهدها القطاع.
والجدول الآتي يبين توزيع هؤلاء اللاجئين على المخيمات في قطاع غزة[xviii]:
المنطقة | أسماء المخيمات | عدد اللاجئين |
دير البلح | دير البلح | 19,534 |
المغازي | 22,266 | |
خانيونس | خانيونس | 63,219 |
النصيرات | النصيرات البريج | 57,120 |
28,770 | ||
رفح | رفح | 95,187 |
الرمال | الشاطئ | 78,768 |
جباليا | جباليا | 106,691 |
المجموع العام | 471,555 |
ولا تشمل أرقام هذا الجدول نحو 4,108 لاجئين هجّرتهم قوات الاحتلال إلى الضفة الغربية، بعد القمع الذي مارسته بحق سكان مخيمات القطاع في أوائل السبعينات.
كما أغفلنا من الجدول أسماء خمسة مخيمات أقامتها سلطات الاحتلال بعد احتلالها للقطاع من أجل توطين اللاجئين فيها، ولم يقم فيها إلا عدد محدود، وهي مخيم حي الشيخ رضوان، ومخيم البرازيل، ومخيم كندا، ومخيم السويد، ومخيم تل السلطان.
اقتصاد ضعيف لشعب فقير
كان قضاء غزة وبئر السبع قبل العام 1948 يشكلان، حسب التقسيم الإداري البريطاني، لـواء غزة[xix]. وقد بلغت مساحة أراضي اللواء، مضافاً إليها صحراء النقب 0 13,688,00دونم، ويشكل هذا الرقم نصف مساحة أراضي فلسطين التاريخية التي تبلغ نحو27,009,000 دونم. وقد اغتصب الصهاينة عقب النكبة أراضي قضاء بئر السبع كلها، ونحو 785 ألف دونم من أراضي قضاء غزة، ولم يبق لقطاع غزة، عقب ذلك، سوى 326 ألف دونم.
وكان قضاء غزة يعتبر من أفقر مناطق فلسطين، وقد اعتمد سكانه بشكل أساسي على الزراعة، وبخاصة الحبوب والحمضيات. لكن تقلصت مساحة أراضي هذين المحصولين كثيرا بعد اغتصاب الجزء الأكبر من أراضيه، فمن بين 22 ألف دونم مزروعة حمضيات، لم يتبق منها في حدود القضاء عام 1949 سوى أربعة آلاف دونم، ومن نحو مليون دونم كانت تزرع قمحا وشعيرا لم يتبق منها سوى 71 ألف دونم[xx].
وقطاع غزة، كما هو معروف، فقير بالموارد الاقتصادية، فباطن أرضه يخلو من الثروة المعدنية التي يمكن أن تستغل تجاريا، ومصادره المالية ضعيفة ومحدودة. وكان العنصر البشري هو الرأسمال شبه الوحيد، وبخاصة الذي عمل في السعودية ودول الخليج، وقد بلغ مقدار ما حوّله هؤلاء من أموال في حينه ضعف مردود صادرات القطاع من الحمضيات. وقد ساهمت هذه الأموال، إلى حد كبير، في استصلاح كثير من الأراضي، ونتيجة لذلك "زادت مساحة أراضي الحمضيات من 6,200 دونم عام 1954 إلى 20,909 دونمات عام 1961. وقفز هذا الرقم إلى 68,000 دونم عام 1967"[xxi]. ليعود وينخفض بعد الاحتلال إلى أقل من 20 ألف دونم بسبب مصادرة الأراضي، وتصنيف بعضها تحت ذرائع أمنية، وهي المحاذية لحدود قطاع غزة مع إسرائيل. وشكلت تجارة الحمضيات 90 في المئة من إجمالي صادرات القطاع. وقد ارتفع تصدير هذه الفاكهة من نصف مليون صندوق عام 1960 إلى مليون ونصف مليون صندوق عام 1966"[xxii]. وبعد الاحتلال وتحكم إسرائيل بالمعابر والاعتداءات المتواصلة على القطاع، أصبح القطاع التجاري يستورد البرتقال من إسرائيل. وتبعاً لهذه السياسة انخفضت كمية إنتاج الحمضيات بشكل ملحوظ بنسبة 70 في المئة عام 2006، حيث انخفضت الكمية المنتجة من 103,774 طناً عام 1994 إلى 19,500 طن عام 2006. كما انخفضت كمية تصدير الحمضيات بنسبة 90 في المئة، حيث بلغت الكمية المصدرة في العام 1994، 89,307 أطنان لتنحسر عام 2006 إلى 1733 طناً[xxiii].
أما الصناعة في قطاع غزة فقد كانت أقرب إلى الحرف اليدوية منها إلى الصناعة بمفهومها الحديث، وارتبطت باحتياجات السكان اليومية، كالمطاحن والمغازل اليدوية، وصناعة الفخار.. الخ.
وبعد التوسع في زراعة الحمضيات، وازدياد الأموال المرسلة من العاملين في الخارج، أنشئت بعض المصانع المرتبطة بهذه الزراعة، واستوعبت عدداً محدوداً من الأيدي العاملة، في حين كانت الغالبية العظمى من اللاجئين الفلسطينيين تشكو من البطالة، وتعتمد في معيشتها على ما تقدمه لها وكالة الغوث من معونات غذائية لا تفي بالحاجة ولا تسد رمقاً.
من أدنى درجات الفقر إلى الفقر
بقي الوضع الاقتصادي للاجئين الفلسطينيين في مخيمات قطاع غزة على ما هو عليه، حتى الاحتلال الإسرائيلي للضفة الغربية وقطاع غزة في العام 1967. وعقب الاحتلال شرعت السلطات الإسرائيلية بتطبيق سياسة الدمج الاقتصادي لقطاع غزة، فأنشأت مصانع تحويلية عديدة مرتبطة بالمصانع الإسرائيلية، تعتمد بشكل أساسي على الأيدي العاملة الرخيصة، وفتحت أسواقها لعشرات الآلاف من العمال الفلسطينيين، سواء من الضفة أو القطاع، الذين هم في غالبيتهم من سكان المخيمات. وأصبح قطاع غزة بفعل هذه السياسة سوقاً للأيدي العاملة الرخيصة، يعتمد اقتصاده بشكل كبير على الاقتصاد الإسرائيلي بكل ما يحتويه من أمراض.
لقد أدت السياسة التشغيلية الإسرائيلية هذه إلى تحسن نسبي في الأوضاع الاقتصادية للاجئين الفلسطينيين، وتم هذا على حساب التطور الزراعي والصناعي المستقل لقطاع غزة. كما تم في إطار اضطهادين قومي وطبقي يمارسان على سكانه بشكل يومي.
وبمعنى آخر فإن "فضل" الاحتلال على لاجئي قطاع غزة تمثل في نقلهم من أدنى درجات الفقر إلى الفقر، بمفهوم الدول المختلفة له، وبقيت الأوضاع الاجتماعية العامة للاجئين في المخيمات صعبة، مثلما كانت عليه قبل الاحتلال، وذلك على الرغم مما بدا من تحسن شكلي ظاهري.
ورغم الفاقة التي عاش في ظلها اللاجئون الفلسطينيون في قطاع غزة، لم تقدم لهم وكالة الغوث إلا بعض الصدقات التموينية، إضافة إلى خدماتها الأخرى كالتعليم والصحة التي لم تتطور لتواكب احتياجاتهم إليها.
ويمكن تلمس مدى تدهور أوضاع اللاجئين الاجتماعية من خلال ظروف سكنهم وأوضاعهم الاقتصادية كون هذين المرفقين يمثلان المعيار السليم لمعرفة أوضاع السكان عموماً.
سكن بائس وبنية تحتية ملوثة
لم تختلف ظروف سكن اللاجئين في مخيمات قطاع غزة عنها في الضفة الغربية في حقبة ما بعد النكبة وما بعد "النكسة" إن لم تكن أسوأ حالاً منها. فبيوتها متراصة بجانب بعضها بعضا، فهي عبارة عن ألواح و"براكيات" وخرائب ومبان مهلهلة بنيت من الطوب والطين، ولا يزيد عدد الغرف في الوحدة السكنية عن غرفة أو غرفتين، يتكدس فيهما، عادة ما بين ثمانية إلى عشرة أفراد. وتكاد تخلو بيوت المخيمات من دورات المياه، ويقضي اللاجئون حاجتهم في مراحيض عامة أنشأتها وكالة الغوث لهذا الغرض في أحياء المخيم، كما تفتقر إلى تمديدات المياه على غرار ما كان قائما في الضفة الغربية.
أما شوارع المخيمات فبينها وبين ما هو متعارف عليه من شوارع بون شاسع، فهي عبارة عن أزقة وممرات ملتوية، تم توسيع بعضها عنوة، على حساب بعض البيوت، بعد اشتداد مقاومة مواطني القطاع للاحتلال الإسرائيلي في أوائل السبعينات. ولا تستخدم هذه الممرات للدخول والخروج، فحسب، بل أصبحت بمثابة قنوات لمجاري المنازل، أيضا، تصب في برك صغيرة للمياه الآسنة تعشش فيها الحشرات الضارة. وتحاذي هذه البرك أكوام من القمامة. ويبدو أن وكالة الغوث كانت حريصة عليها كي لا تحرم الهوّام من موارد رزقها!!
وقد قسمت مخيمات القطاع إلى أحياء متجانسة من مواطني المدن والقرى الفلسطينية التي هجّروا منها. كما أن نمط الحياة في تلك المخيمات كان مشابهاً لنمط الحياة في مخيمات الضفة الغربية.
وبسبب ظروف السكن تلك، وفي ظل بيئة المخيمات الموبوءة، انتشرت الأمراض بكثرة بين سكانه، وبخاصة الأمراض المعدية. وقد أدى إهمال وكالة الغوث لصحة اللاجئين الفلسطينيين إلى تفاقم الأمراض في صفوفهم، ولُمس هذا في حينه من خلال عدم تطوير الوكالة لخدماتها، الصحية، وعدم إنشاء مستوصفات جديدة، وعدم زيادة كوادرها الطبية، لتستطيع تخفيف معاناة طوابير المرضى الذين كانوا يتكدسون يوميا على أبواب العيادات. وقد تقاطعت لا مبالاة الوكالة هذه مع السياسة القمعية لسلطات الاحتلال التي هدفت إلى تدمير الإنسان الفلسطيني صحياً وجسدياً.
وبعد،
فإن مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة، وكذلك تلك المقامة في الأردن ولبنان وسورية، مرآة تعكس البؤس والشقاء اللذين يرزح تحت أغلالهما الشعب الفلسطيني عموما. وهي من جهة أخرى شواهد على امتهان الإنسانية من قبل المحتلين الصهاينة.
لقد مضى 69 عاماً على مأساة هؤلاء اللاجئين، يضاف إليها مأساة الشعب الفلسطيني الواقع تحت نير الاحتلال. ورغم طول المدة فهم صابرون يناضلون من أجل تقريب يوم العودة إلى مدنهم وقراهم التي شردوا منها، ومن أجل كنس هذا الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس.
الهوامش:
كاتب وباحث فلسطيني مقيم في رام الله، ومدير تحرير مجلة "بلسم".[1]
** مبعوث الأمم المتحدة إلى فلسطين، الذي اغتالته العصابات الصهيونية في السنة نفسها التي هجّر فيها الشعب الفلسطيني عن وطنه في العام 1948.
[i]ياغي ملحس، حياة، "مشكلات اللاجئين في مخيمات الأردن" مجلة شؤون فلسطينية، عدد كانون الثاني وشباط 1976، ص 111.
[ii]هلال، جميل، "الضفة الغربية.. التركيب الاجتماعي والاقتصادي 1948–1974" مركز الأبحاث الفلسطيني، بيروت 1974.
[iv]نقلاً عن الموقع الإلكتروني الفلسطيني www.nakba.ps.
[v]"الضفة الغربية.. التركيب الاجتماعي والاقتصادي 1948–1974"، مصدر سبق ذكره.
[vi]"الموقع الإلكتروني الفلسطيني www.nakba.ps"، مصدر سبق ذكره.
[vii]مجلة العودة الصادرة في القدس بتاريخ 7/5/1983.
(مشكلات اللاجئين...)، مصدر سبق ذكره. [viii]
طنطاوي، حسين، "الصهيونية والعنف" ص 103 دار الشعب، القاهرة، 1974.[ix]
[x] الموقع الإلكتروني للأونروا www.UNRWA.org.
[xi] "الضفة الغربية.. التركيب الاجتماعي والاقتصادي"، مصدر سبق ذكره.
[xii]سرحان، باسم "مخيمات الفلسطينيين - نظرة سوسيولوجية" مجلة شؤون فلسطينية، عدد شهر آب 1974.
[xiii]أبو النمل، حسين، "قطاع غزة 1948-1967 تطورات اقتصادية وسياسية واجتماعية وعسكرية،" مركز الأبحاث الفلسطيني، بيروت، 1979.
[xiv] المصدر نفسه.
[xv] المصدر نفسه.
[xvi]جريدة الوطن الكويتية الصادرة بتاريخ 22/10/1983.
[xvii] الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني.
[xviii] المصدر نفسه.
[xix] قسمت بريطانيا فلسطين قبل قيام إسرائيل إلى ستة ألوية هي: لواء يافا، ولواء حيفا، ولواء الكرمل، ولواء القدس، ولواء نابلس، ولواء غزة.
[xx] "قطاع غزة تطورات اقتصادية واجتماعية وعسكرية"، مصدر سبق ذكره.
[xxi] المصدر نفسه.
[xxii] المصدر نفسه.
[xxiii]الطباع، ماهر "حمضيات قطاع غزة تختفي من الأسواق ويحل المستورد محلها"، وكالة فلسطين اليوم الإخبارية.