ترجمة ومراجعة: مرح حرز الله
إسرائيل-فلسطين: تجاوز العمل كالمعتاد
Israel-Palestine: Getting Beyond Business as Usual
مجموعة الأزمات الدولية: المقالة باللغة الإنجليزية
27 كانون الثاني (يناير) 2022
تحاول مجموعة الأزمات الدولية من خلال هذا التعقيب الذي نشرته على موقعها الالكتروني حث الاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء فيه على الضغط على إسرائيل بما يتماشى مع سياسات الاتحاد الأوروبي بشأن الصراع الفلسطيني الإسرائيلي ويحول دون تفاقمه أكثر فأكثر. تدرك المجموعة أن التوصل إلى حل فعال للصراع في فلسطين وإسرائيل سوف يتطلب تحولاً نموذجياً غير مرجح في السياسة الدولية، إلا أن الحاجة الكبيرة لمنع الصراع من التفاقم تجعل من الضرورة أن يعمل الاتحاد الأوروبي مع الولايات المتحدة وغيرها من الدول من أجل اتخاذ خطوات من شأنها التخفيف من تأثير ضم إسرائيل للضفة الغربية المحتلة بحكم الأمر الواقع ودعم تجديد المجال السياسي الفلسطيني، والعمل في الوقت نفسه على اعتماد مقاربة للصراع تعطي الأولوية لاحترام حقوق الإسرائيليين والفلسطينيين على قدم المساواة.
توصيات مجموعة الأزمات للاتحاد الأوروبي
أوردت مجموعة الأزمات الدولية عدة توصيات للاتحاد الأوروبي اشتملت على نقاط تحيط بالصراع الفلسطيني الإسرائيلي ومجرياته من عدة جوانب. جاء الاستيطان في مقدمة اقتراحات المجموعة حيث دعت الاتحاد الأوروبي إلى الضغط على إسرائيل لوقف بناء المستوطنات وهدم المنازل، والتصدي لعنف المستوطنين المدعوم من الدولة، والامتناع عن طرد الفلسطينيين من سكان القدس الشرقية، والالتزام بشروط التفاهم التاريخي المعروف بالوضع الراهن في الحرم الشريف، وإلغاء تصنيف الإرهاب عن مؤسسات المجتمع المدني الفلسطيني الستة التي كانت إسرائيل قد وصفتها بالإرهاب في وقت سابق. ومن ثم تطرقت المجموعة للأوضاع الداخلية الفلسطينية، فأشارت إلى ضرورة الدفع باتجاه المصالحة الفلسطينية، وتشجيع السلطة الفلسطينية على عقد الانتخابات، وتوسعة المجتمع المدني الفلسطيني وتوفير الحماية له. وأخيراً، قدمت المجموعة مقترحاً يتعلق بجانبي الصراع حيث دعت الاتحاد الأوروبي إلى ربط التعاون الأوروبي مع إسرائيل والسلطة الفلسطينية بأهداف الاتحاد الأوروبي مثل استبعاد النشاط الاستيطاني غير القانوني من الاتفاقيات الثنائية، وثني إسرائيل عن تقييد وصول التمويل إلى السلطة الفلسطينية والتوقف عن تضييق الخناق على مؤسسات المجتمع المدني الفلسطيني.
تطورات الصراع الحالية
كانت الأحداث الأخيرة في مدينة القدس المحتلة والضفة الغربية والعدوان الأخير على قطاع غزة بمثابة تذكير قوي بأن الوضع الراهن للصراع خطير وأنه بات يأخذ منحى أكثر حدة وانتشاراً خاصة مع اندلاع الاحتجاجات في الضفة الغربية والداخل المحتل على نطاق واسع. ساهمت التهديدات بطرد العائلات الفلسطينية من حي الشيخ جراج، والقيود المفروضة على حركة الفلسطينيين في المدينة المقدسة ومحيطها وخاصة في شهر رمضان، ومنع المقدسيين من التصويت في الانتخابات الفلسطينية التي كان من المقرر عقدها في العام 2021 في تردي الأوضاع في مدينة القدس. ولم تنتهِ الأمور عند هذا الحد، بل تأجج الصراع أكثر وأسفر عن عدوان جديد طال قطاع غزة المحاصر.
أما على الجانب الآخر من الصراع، تواصل الحكومة الإسرائيلية الجديدة عمليات توسيع المستوطنات وهدم منازل الفلسطينيين على قدم وساق، حيث أدى تزايد أعمال العنف التي يرتكبها المستوطنون بحق الفلسطينيين بحماية من دولة إسرائيل إلى تدمير مصادر رزق الفلسطينيين لا سيما أثناء موسم حصاد الزيتون. ولقد طالت الممارسات الإسرائيلية بحق الفلسطينيين ست مؤسسات مجتمع مدني فلسطينية ممولة من الاتحاد الأوروبي حيث حظرت إسرائيل تمويلها بحجة انتمائها إلى حزب الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين الذي تعتبره إسرائيل تنظيماً إرهابياً.
تغيير نهج الاتحاد الأوروبي
يلقي هذا التعقيب بمسؤولية إنهاء الصراع سلمياً أو تخفيف حدة التوترات على أطراف الصراع الرئيسية مع الإشارة إلى أن أمراً كهذا قد لا يحدث دون وجود ضغط دولي. وبما أن الاتحاد الأوروبي يلتزم الصمت حيال ما يحدث على أرض الواقع فإن دوله الأعضاء تتقبل الاحتلال العسكري الإسرائيلي وضم الضفة الغربية بحكم الأمر الواقع مما يشكل تناقضاً مباشراً مع هدف التوصل إلى حل قائم على وجود دولتين أو دعم القانون الدولي أو التوصل إلى حل تفاوضي ينهي الصراع بشكل دائم.
وبالنظر إلى كون الاتحاد الأوروبي المانح الدولي الأهم للسلطة الفلسطينية ولاعباً هاماً في قضايا حل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، فلا بد أن يذهب أبعد من مجرد تقديم تصريحات شفوية دون اتخاذ خطوات عملية لتعزيز سياساته أو محاسبة أحد طرفي الصراع على السلوكيات التي تتعارض مع الرؤية الأوروبية للصراع. ويلفت المقال النظر إلى أن محاولة إدارة الصراع تقترب من الإذعان للتدهور المستمر في الأوضاع على الأرض وانتهاك حقوق الفلسطينيين بينما تقل احتمالات تطبيق حل الدولتين. وتشدد مجموعة الأزمات الدولية على جزئية ضرورة دعم تصريحات الاتحاد الأوروبي بالأفعال وعدم الاكتفاء بالكلام من أجل تهدئة الأوضاع والتوصل الى ظروف مواتية لإيجاد حل للصراع. وبغض النظر عن شكل الحل السياسي الذي سينهي الصراع، ترى المجموعة أنه لا بد من استناد الخطوات القادمة إلى المبادئ الأساسية لاحترام القانون الدولي وحماية حقوق الإنسان على جانبي الصراع.
ينتهي التعقيب بالإشارة إلى أن أي مقاربة دولية جديدة يفكر فيها الاتحاد الأوروبي ودوله الأعضاء، لا بد أن تأخذ في حسبانها تعذر الدفاع عن مسار الصراع الحالي أكثر من ذلك، وأن حرمان الشعب الفلسطيني من صوت وطني وحدوي من خلال تقسيمه لن يؤدي إلى سلام أو استسلام، وأن أياً من طرفي الصراع لديه حق التفرد في تقرير المصير.