ترجمة وتحرير : يسار أبو خشوم 

إسرائيل تمحو الخط الأخضرمنذ عام ١٩٦٧

 Depuis 1967, Israël gomme la « ligne verte »

 مجلة أوريان ٢١ الفرنسيّة

 بودين لوس

 صحفيّة وباحثة بلجيكيّة متخصصة في شؤون الشرق الأوسط

 ٤ حزيران/ يونيو ٢٠٢٢

بعد هدنة عام ١٩٤٩ التي أعقبت حرب إسرائيل مع العرب لاحتلال فلسطين، حدّدت الأمم المتّحدة الخط الفاصل بين الأراضي المحتلّة عام ١٩٤٨ والأراضي المحتلّة عام ١٩٦٧، بلفظ أسمته “الخطّ الأخضر” بعد امتناع العرب خلال المفاوضات العربيّة الإسرائيليّة عن استخدام مصطلح “حدود”. تحاول الكاتبة في هذا المقال الإجابة عن السؤال التالي: “ماذا تبقّى من الخطّ الأخضر في عام ٢٠٢٢؟”.

نقطة الانطلاق: النكسة

 تبدأ الكاتبة بالتذكير باحتفالات إسرائيل بالذكرى الخامسة والخمسين لاحتلال الضفة الغربيّة والقدس الشرقيّة وقطاع غزّة ومرتفعات الجولان السوريّة عام ١٩٦٧ والتي لا تحظى بتغطيّة إعلاميّة دوليّة. مشيرة إلى أنّ إسرائيل منذ ذلك العام وهي تعمل على محو الخط الأخضر بشكل تدريجيّ ومتسارع، وهذا ما شكّل أحد ركائز سياسة رئيس الوزراء السابق، بنيامين نتيناهو، على وجه الخصوص في كافّة ولاياته، من خلال توسيع الاستيطان ومحاولة تطبيعه والسعي إلى قتل أي فرصة سياسية لتحقيق السلام مع الفلسطينيين والعمل فقط على تحقيق ما يسمى بـ “السلام الاقتصادي”.

توضّح الكاتبة بأنّ هذا الطموح بمحو الخطّ الأخضر بدأ فعليّا في ١٨ تشرين الأول من عام ١٩٦٧، عندما نقل وزير العمل الإسرائيلي، إيغال ألون، قرارا إلى لجنة الأمن الوزارية بأن إسرائيل لن تطبع الخط الأخضر على خرائطها الرسمية. بدلاً من ذلك، ستكون الحدود الموضحة على الخريطة هي الخط الذي انتشر فيه الجيش في نهاية حرب ١٩٦٧. وإن نشر خريطة جديدة وفقا لخطوط هدنة ١٩٤٩، كما قال ألون،” لن تعكس الواقع السياسي وسيتم تفسيره على أنه ما زلنا نعتبر هذه الخطوط احتمالية ممكنة”.

العامل الحاسم: الاستيطان

 تحاجج الكاتبة بأن الاستيطان كان العامل الحاسم والرئيسي في محو الخط الأخضر. ففي عام ١٩٧٦ بدأ الاستيطان يأخذ منحى متسارعا في الأراضي الفلسطينيّة ولا سيّما بمحاذاة الخطّ الأخضر، لدواع أمنيّة -الحجّة المعتادة للسلطات الإسرائيليّة- ليتم محوه مع مرور الوقت، على الأرض وفي عقول الإسرائيليين أنفسهم.

تشير الكاتبة بأن عدد المستوطنين الإسرائيليين في عام ٢٠٢٢ بات يربو على ٧٠٠ ألف مستوطن، وهذا العدد المهول ساهم في محو هذا الخط من الذهنيّة الإسرائيليّة، حتى أن السلطات الإسرائيليّة أزالته من مناهجها التعليميّة، فالجيل الجديد من الإسرائيليين لا يعلم عنه شيئا رغم أهميّته القانونيّة.

ترسيخ الفصل العنصريّ

 توضّح الكاتبة بأنّ محو الخطّ الأخضر ترافق مع مفاقمة مأساة الفلسطينيّين من خلال تكثيف ممارسات التمييز العنصري وترسيخ سيادة مجموعة على حساب أخرى. إذ تقول: “”بينما يستطيع اليهود الإسرائيليون عبور الخط الأخضر بحريّة في كلا الاتجاهين، دون إدراك ذلك غالبا، فإن هذا بالتأكيد ليس هو الحال بالنسبة للفلسطينيين، ولعبور الحدود ودخول إسرائيل، يجب على الفلسطينيين من الضفة الغربية وقطاع غزة التقدم بطلب للحصول على تصريح خاص، يعتمد إصداره على معايير ذاتية وأحيانا تعسفيّة؛ الفلسطينيون الذين يتم العثور عليهم داخل الخط الأخضر بدون هذا التصريح يُعاقبون بقسوة”.

كما أوردت فقرة مما خلصت إليه مؤسسة بتسيلم الإسرائيليّة في تقريرها الشهير الصادر في ١٢ كانون الثاني ٢٠٢١ والتي أوضحت فيها بأنّ ” مئات الآلاف من المستوطنين اليهود يسكنون الآن في مستوطنات دائمة شرقي الخط الأخضر، وكأنهم غربه. تم ضم القدس الشرقية رسميا إلى الأراضي الخاضعة لسيادة إسرائيل، وضمت الضفة الغربية عمليا. والأهم من ذلك، أن هذا التمييز يحجب حقيقة أن المنطقة بأكملها بين البحر الأبيض المتوسط ​​ونهر الأردن تخضع لمبدأ واحد، وهو تعزيز وترسيخ سيادة مجموعة “اليهود” على أخرى “الفلسطينيين””.

خاتمة

تختم الكاتبة المقال بالتأكيد على أن الخط الأخضر منذ حرب عام ١٩٦٧ قد حكم عليه بالاندثار التدريجي. حيث باتت إسرائيل تسيطر على السكان غير اليهود في الضفة الغربيّة والقدس الشرقيّة، وبات المستوطنون الأيديولوجيون يتجاهلون هذا الخط ويرغبون في التخلص منه بشكل نهائي، بينما بالنسبة للسكان اليهود في إسرائيل الذين تزيد أعمارهم عن ٦٥ عاما، يظلّ الخطّ الأخضر ذكرى غامضة في أحسن الأحوال. فقط الفلسطينيون في الضفة الغربية يواصلون تجربته يوميا في أجسادهم، كقيد مكاني وإداري وعسكري وعقلي في الوقت ذاته.

 

للتحميل اضغط هنا