
- عن المركز
- دراسات وأبحاث
- متابعات
- مراجعات
- إصدارات المركز
- وثائق
- مركز الإعلام
- مؤتمرات
د. أمجد غانم – أمين عام مجلس الوزراء
منذ بدء عملها، تواجه الحكومة الفلسطينية الحالية (الحكومة الثامنة عشرة التي تشكلت في نيسان\ إبريل 2019)، ظروفاً سياسية واقتصادية داخلية وخارجية معقدة وبالغة الصعوبة فرضها الاحتلال مدعوماً بالإدارة الأمريكية ضمن تحالف أنتج ما يسمى "صفقة القرن"، الخارجة عن القانون الدولي والاتفاقيات الموقعة. وارتبط بهذه الصفقة حصار سياسي ومالي أمريكي، وقرصنة إسرائيلية للأموال الفلسطينية، واعتداءات مستمرة لسرقة الأراضي والعقارات وهدم المنازل وتعطيل مشاريع التنمية سيما في القدس ومحيطها. وفي هذا العام جاءت أزمة الجائحة العالمية "فيروس كورونا – كوفيد 19" التي تطوّر فهمُنا لطبيعتها وحجمها وتأثيرها علينا بشكل سريع ومتراكم خلال الأشهر القليلة الماضية. رغم صعوبة هذه الظروف، تعمل القيادة والحكومة الحالية بجد وثبات واستباقية وبجهود موظفيها على تقديم الأفضل للمواطنين وتثبيت الحق الفلسطيني. وفي ظل هذه الأزمة الأخيرة، انتهجت فلسطين نموذجاً مرناً خاصاً بإدارة الأزمات، يأخذ بعين الاعتبار الخصوصية الفلسطينية كأرض محتلة محدودة الموارد، وليتيح هذا النموذج دوراً فعالاً لكل مستوى من مستويات إدارة الأزمة، وما انبثق عنها من لجان، وأجهزة تنفيذية حكومية وشعبية، كل ذلك بالشراكة مع كافة الجهات المعنية (stakeholders) الداخلية والخارجية، وبالمحافظة على سيادة القانون واحترام حقوق الإنسان. في هذه الورقة استعراض لهذا النجاح الإداري وما استخلصناه من دروس وعبر لمواجهة أي قضايا مستقبلية.
نشرح في هذا المقال الموجز نموذج إدارة الأزمة من منظور فلسطيني، وعناصر الاستراتيجية وخصائصها، والإجراءات الإدارية المرتبطة بها، ومعايير التنفيذ والدروس المستفادة، ويمثل هذا النموذج نهج الحكومة وأداءَها في التعامل مع الجائحة منذ منتصف كانون الثاني (يناير) وحتى 25 أيار (مايو) 2020.
مبادئ استراتيجية مواجهة الوباء
لنجاح تطبيق الإستراتيجية الوطنية لمكافحة وباء الكورونا، حددت الحكومة عدة مبادئ أخذت بعين الاعتبار هدف الإستراتيجية القائمة أولاً على منع وصول الوباء إلى فلسطين والحد من انتشاره للمحافظة على صحة المواطنين وأرواحهم، وكذلك احتياجات جميع الشركاء، ومن خصائص هذه الاستراتيجية الاستباقية التي أدت الى توقيت القرارات بما يخدم المواطنين ويحد من تفشي الوباء (بُعد نظر). ومن ميزات هذه الاستراتيجية التواصل الفعال مع جميع الجهات على الصعيد الوطني والدولي، وتشمل جميع الأجهزة الحكومية المدنية والأمنية والقطاع الخاص والمجتمع المدني والجهات الدولية. والمرونة في اتخاذ القرارات التي ركزت على منع تفشي الوباء وخفض البيروقراطية الإدارية وإصدار القرارات بالسرعة اللازمة وتخصيص الموارد المالية المطلوبة دون تأخير، مع المحافظة على عجلة الحياة اليومية بالحد الأدنى. ولتحقيق مبدأ الشفافية، فقد تم تزويد المعلومات للجمهور بشكل دقيق ومتواصل بشأن حالة الوباء وجميع القرارات والتوجيهات المتخذة للتصدي له، مما أدى الى منع الإشاعات وطمأنة المواطنين حيث تم عقد أكثر
من 100 مؤتمر صحفي، وأصدرت لجنة المتابعة اليومية 85 تقرير متابعة حتى الآن، وارتبط بذلك الإنسيابية والوضوح في اتخاذ قرارات يتبعها تعليمات وإجراءات تنفيذية ومسؤوليات وصلاحيات مُمكّنة للجهات المختصة ليتمكن الجميع من تنفيذ ما هو مطلوب منهم في الوقت المحدد وفي ظل سيادة القانون واحترام حقوق الإنسان. وقد تمت الاستفادة من تجارب الدول الأخرى في مكافحة هذا الوباء على الصعيد الإقليمي أو العالمي.
مثّلت مبادئ استراتيجية مكافحة وباء الكورونا في فلسطين الأسس السليمة التي بُنيت عليها معايير الإستراتيجية والتي تم تطبيقها بنجاح وفقاً لهذه المبادئ، ووفقاً لآليات تنفيذية ارتبطت بمسوؤوليات وصلاحيات محددة على الأرض تكاملت فيما بينها لتعطي نتائج إيجابية. لقد انسجمت معايير إدارة الأزمة مع الممارسات الإدارية العالمية لإدارة الأزمات، وشملت:
القيادة الفاعلة لاستراتيجية مواجهة الأزمة – مستويات وهيكل إدارة الأزمة
استجابت القيادة السياسية الفلسطينية بشكل استراتيجي مبكّر لمواجهة تداعيات انتشار الجائحة عالمياً، حيث تم إعلان حالة الطوارئ بالمرسوم الرئاسي الأول يوم 5 آذار (مارس) 2020، والذي تم تجديده لمدة شهر آخر، وثم إعلان الحالة مرة أخرى بتاريخ 5 أيار (مايو) 2020 ولمدة شهر.
ومنذ بوادر ظهور الوباء وانتشاره عالمياً سيما في الصين، نهاية العام 2019، بدأ مجلس الوزراء الفلسطيني، منتصف كانون الثاني (يناير) 2020، بمتابعة حالة الوباء العالمي بشكل مستمر، وأدركت القيادة الفلسطينية خطورته وأهمية اتخاذ تدابير استباقية تمنع وصول الفيروس الى فلسطين وتحد من انتشاره. ومنذ البداية وبعد صدور المرسوم الرئاسي الأول بشأن حالة الطوارئ، تم تشكيل هيكل لإدارة الأزمة (مخطط (1)) مؤلف من 3 مستويات رئيسة متصلة لإتخاذ القرارات على المستوى الوطني والمحلي في المحافظات، مدعومة بهياكل مؤسسية تنسيقية وإعلامية وأمنية، تجعل من قضية الوباء شأناً وطنياً يشارك الجميع في مواجهته، وهي: المستوى السياسي ممثلاً بالرئيس ورئيس الوزراء والقيادة السياسية، وهم من يقع على عاتقهم اتخاذ القرارات الجوهرية مثل إعلان حالة الطوارئ، ولجنة الطوارئ الوطنية برئاسة رئيس الوزراء، ومؤلفة من عدد من القيادات السياسية وعدد من الوزراء ذوي الاختصاص.
تألف المستوى التنفيذي من عدة أطراف منها الأجهزة الحكومية المدنية والأمنية وجهات الاختصاص القادرة على تنفيذ خطة الحكومة لمواجهة الأزمة مثل وزارة الصحة والإقتصاد والزراعة والعمل والتنمية الاجتماعية والمواصلات والإتصالات، وشمل هيكل إدارة الأزمة لجان طوارئ المحافظات بقيادة المحافظ في كل محافظة، وعضوية مديري مديريات وزارات الاختصاص في المحافظات إضافة الى رؤساء الدوائر الأمنية في المحافظات. وتم متابعة حالة الطوارئ من خلال لجنة مؤلفة من المساعد الأمني لوزير الداخلية وممثلي عدد من وزارات الاختصاص مثل الصحة والزراعة والإعلام والمواصلات والإقتصاد والخارجية والعمل والشرطة والدفاع المدني.
وشمل هيكل إدارة الأزمة، الخلية الإعلامية بقيادة الناطق الرسمي للحكومة وعضوية الإعلاميين من وزارة الصحة والداخلية، وكذلك منظومة الشركاء المحليين التي شملت المجتمع المدني، والقطاع الخاص (جمعية الفنادق، المستشفيات الخاصة والأهلية)، والمؤسسات الإعلامية، والنقابات (نقابة الأطباء)، والاتحادات (اتحاد عمال فلسطين)، حيث يقع على عاتقهم دور تكاملي وإسناد لقيادة الأزمة ودعمها المعنوي والمادي، إضافة للشركاء الدوليين من دول عربية وصديقة ومنظمات دولية داعمة لتقديم الخبرات والدعم المالي والمساندة في مواجهة الأزمة من خلال المؤسسات العالمية مثل منظمة الصحة العالمية (WHO).
مرونة العمليات الحكومية الإدارية والصحية واستمرار الخدمات الأساسية
اتخذت الحكومة في جلساتها العادية والطارئة أكثر من 60 قراراً للتعامل مع احتياجات الأجهزة الميدانية والمواطنين لمواجهة الفيروس والآثار المترتبة عليه في المراحل المختلفة لانتشار الفيروس ومن اللحظة الأولى لاكتشافه، ونلخص أدناه بعضاً من هذه القرارات والإجراءات.
قامت وزارة الصحة بجهود كبيرة في مكافحة الوباء وبدعم وتوجيه مباشر من رئيس الحكومة، ومن ذلك تخطيط الخرائط الوبائية وتحديثها بشكل يومي وفحص العينات في جميع محافظات الوطن، وجميع القادمين من دول العالم للتأكد من خلوهم من الوباء وتنسيق ذلك مع الأردن ومصر وفق آلية متفق عليها لمواجهة الوباء على معبري الكرامة ورفح. وتم تجهيز مناطق حجر صحي لعلاج المصابين، وإعداد البروتوكولات الصحية للتعامل مع المصابين ومحيطهم، واتخاذ ما يلزم من إجراءات لتجهيز الطواقم الطبية بما يشمل إجراءات السلامة العامة، وإصدار التعليمات اللازمة لكيفية التعامل مع الفيروس وتعميمها على جميع مرافق الدولة والمنشآت، واتخاذ الإجراءات اللازمة للحجر الصحي لأي مواطن تواصل مع مصابين بفيروس كورونا.
وتم بشكل منسق مع الصحة إلغاء حجوزات الفنادق لجميع رعايا الدول التي ينتشر فيها الفيروس، وتعميم قائمة هذه الدول على الفنادق بشكل مستمر، وقامت وزارة الخارجية بالتواصل مع سفراء وقناصل وممثلي هذه الدول لاتخاذ ما يلزم من إجراءات للمحافظة على سلامة رعاياهم وعودتهم إلى بلادهم.
وتم تعطيل كافة المدارس والجامعات ورياض الأطفال خلال فترة الطوارئ، وتأجيل أي مؤتمرات مقررة الانعقاد في الأراضي الفلسطينية، وتوقف سفر المسؤولين، ومُنع التجمع أو التجمهر، ومُنع التنقل بين المحافظات، وتم إغلاق جميع المديريات في المحافظات ما عدا مديريات الصحة والمالية والاقتصاد والتنمية الاجتماعية والشؤون المدنية، مع استمرار العمل في المقار الرئيسية للدوائر الحكومية بالحد الأدنى من الموظفين لإنجاز القضايا التي تهم المواطنين والمرتبطة بسير الحياة اليومية. ومُنح رؤساء الدوائر الحكومية صلاحية إصدار أذونات الحركة والتنقل الخاصة بموظفيهم، ومُنح المحافظون صلاحية إصدار أذونات الحركة والتنقل للقطاع الخاص والأهلي لتقديم الخدمات الأساسية مثل مزودي خدمات الاتصالات والإنترنت، وخدمات القطاع الزراعي، ومصانع الأدوية والأغذية وما يرتبط بها، ونقل البضائع للتصدير والاستيراد. وتم نشر قوات الأمن والشرطة وبقية الأجهزة الأمنية، في مختلف المدن ومداخلها حفاظاً على الأمن العام وتطبيق كامل الإجراءات مع بقاء حرية التنقل متاحة للقضاة، وإتاحة التنقل للمحاميين المزاوليين فقط.
في الجانب المالي، خصص مجلس الوزراء مبلغ (100 مليون شيقل) كموازنة طارئة لتغطية احتياجات التعامل مع الوباء، والأخذ بعين الاعتبار في قانون الموازنة الأثر المالي المتعلق بتأثر فلسطين بفيروس كورونا وانعكاساته على مختلف القطاعات الاقتصادية، مع ضمان التدفق النقدي الأسبوعي لوزارة التنمية الاجتماعية بشكل منتظم لتغطية احتياجات (50 ألف أسرة) انضمت إلى نظام المساعدات خلال هذه المرحلة الصعبة. كذلك، تم إنشاء صندوق "وقفة عز" بقرار من رئيس الوزراء من مجموعة من رجال الأعمال لتنظيم جمع التبرعات في صندوق واحد ليتم صرفها على الاحتياجات الطبية والاجتماعية والعمال الذين توقف عملهم، وتم تعميم رقم حساب بنكي خاص بإيداع التبرعات المقدمة من الجمهور لمواجهة فيروس كورونا ليتسنى لهم الدعوة للتبرع عبر هذا الحساب.
شكّلة قضية العمال في الداخل إحدى القضايا الجوهرية في مكافحة الوباء، لذلك قامت وزارة العمل بالتعاون مع هيئة الشؤون المدنية والأجهزة الأمنية بمتابعة حركة العمال والإشراف على دخولهم وخروجهم، وإجراء الفحوصات لهم وتقديم التوعية لهم. أمّا العمال في السوق الفلسطيني، فقد أشرف وزير العمل الفلسطيني، بناءً على طلب مجلس الوزراء، وبالتنسيق مع الاتحاد العام لنقابات عمال فلسطين، على إعداد وتوقيع اتفاقية مع أصحاب العمل من القطاع الخاص لضرورة الالتزام بحقوق العمال المحليين خلال حالة الطوارئ وإجراءات الحجر الإلزامي، وعدم إنهاء أعمالهم بل دفع رواتبهم كاملة أو نصف راتب على الأقل خلال هذا الظرف الطارئ الذي تمر به البلاد، واعتبار انهاء عمل أي موظف خلال هذ المرحلة عملاً مخالفاً للقانون.
وشكلت الحكومة لجنة اقتصادية لإعادة العمل، حيث قامت بإجراء الدراسات الاقتصادية والاجتماعية والأمنية، وتقييم الآثار المترتبة على حالة الطوارئ، وتقديم الحلول لمعالجة الآثار، حيث قدمت اللجنة مجموعتين من التوصيات التي تحولت الى إجراءات في الميدان.
وعملت وزارة التربية والتعليم بالتعاون مع وزارات الاختصاص (الصحة، والداخلية، والحكم المحلي، والمواصلات)، وبالشراكة مع الأمانة العامة لمجلس الوزراء على إعداد خطة محكمة لعقد امتحان الثانوية العامة في موعده ضمن الإجراءات الصحية الصارمة. وتم ذلك من خلال لجنة شُكلت لهذه الغاية والتي عقدت اجتماعات مهمة نتج عنها أيضاً خطة مخاطر وكيفية التعامل معها.
الحفاظ على سلاسل تزويد الأدوية والأغذية ومراقبة الأسواق
عملت الحكومة على ضمان استمرار تدفق المواد الغذائية والدوائية للأسواق حيث استثني من إجراءات الإغلاق محلات البقالة والمواد التموينية والصيدليات والمخابر ومصانع الأدوية والمُكمّلات الصحية ومصانع الأغذية، وتم السماح بالحركة والتنقل للمواطنين داخل المحافظات أثناء النهار من الساعة العاشرة صباحاً وحتى الخامسة مساءً للتزوّد بالمتطلبات الأساسية. وتم إعطاء حرية الحركة للشاحنات بين المحافظات لنقل المواد الدوائية والصحية والمواد الغذائية من مستودعات تخزينها أو أماكن إنتاجها من المَزارع إلى محلات البيع. وكذلك تم السماح بنقل البضائع من وإلى المعابر وبين المحافظات لأغراض الاستيراد والتصدير، حيث قامت الأجهزة الأمنية المكلفة بضبط إيقاع الحركة أثناء النهار وفق هذه الإجراءات وتصاريح الحركة والنقل الصادرة عن المحافظين.
وقامت الأجهزة الحكومية في المديريات في المحافظات بمراقبة توفر المواد الأساسية من أغذية وأدوية، وعملت طواقم وزارات الاقتصاد والزراعة والصحة والمواصلات على تنسيق استمرار وصول وتوفر المواد في الأسواق، كما عملت على إعلان قوائم الأسعار لهذه السلع ومراقبة صلاحيتها وأسعارها من خلال الزيارات الميدانية العشوائية للمحال التجارية، واتخاذ الإجراءات بحق المخالفين بدعم وتنسيق مع النيابة العامة والشرطة.
الإعلام والشفافية وتوفير المعلومات الصحيحة
لتعزيز الشفافية وتوصيل المعلومات للجمهور بشكل متواصل، شكل رئيس الوزراء منذ اليوم الأول للأزمة خلية إعلامية برئاسة الناطق الرسمي باسم الحكومة تضم الأجهزة المختصة وخبراء في وسائل التواصل الإجتماعي (social media)، وعقدت اللجنة اجتماعات يومية لمناقشة التطورات والاقتراحات ولقاء الضيوف على وسائل الإعلام لتوعية المواطنين حول سُبل الوقاية ومكافحة المرض في ظل عدم وجود علاج له، وتلمس نبض المواطنين والاستماع إلى ملاحظاتهم والإجابة عليها ونقلها لذوي الاختصاص، وتوجيه رسائل للتجار لضبط الأسعار، وتعزيز الثقافة الصحية لديهم والسلوكيات السليمة لمنع العدوى، واهتمت اللجنة بالتحذير الدائم من الشائعات وحصرها ومحاربتها بالمعلومة الصحيحة من مصدرها، وتزويد الصحفيين بالمعلومات الموثوقة وتعزيز التواصل معهم، والذي أدّى إلى تجفيف منابع الاشاعات والأخبار المفبركة والكاذبة من بداية مواجهة الوباء.
وبالإضافة إلى المؤتمرات الصحفية المفصلية التي عقدها رئيس الوزراء ليشرح فيها القرارات الرئيسية حول الأزمة والإتجاهات المستقبلية، فقد عقد الناطق الإعلامي بمشاركة وزارة الصحة والداخلية أكثر من 100 مؤتمر صحفي بمعدل مرتين يوميا لإطلاع الناس على ما يستجد من معلومات حول الإصابات بالوباء وكيفية تعامل الحكومة مع الشؤون الداخلية والخارجية ذات العلاقة. ولمزيد من الشفافية حول عمل الوزارات أثناء الجائحة، استضاف الناطق الإعلامي الوزراء جميعهم خلال مؤتمراته الصحفية ليقدموا بيانات ومعلومات تفصيلية تهم المواطنين، وللإجابة على أسئلة الصحفيين.
بيئة آمنة ضمن سيادة القانون واحترام حقوق الإنسان
قامت الأجهزة الأمنية بقيادة رئيس الوزراء/ وزير الداخلية بتشكيل خلية أزمة منعقدة على مدار الساعة مكونة من رؤساء الأجهزة الأمنية لإدارة الحالة الأمنية في فلسطين، حيث تم نشر الحواجز الخارجية على كافة مداخل المدن والقرى وتأمينها لضمان الإغلاق والسيطرة من خلال حواجز ثابتة داخل المدن من الشرطة والأمن الوطني والمخابرات والاستخبارات والأمن الوقائي للحفاظ على الأمن الداخلي والحد من حركة المواطنين. وتم تسيير دوريات مشتركة بنظام القواطع، وتم نشر قوات الأمن في محيط أماكن الحجر الصحي في كافة المحافظات.
تابعت الأجهزة الأمنية ميدانياً تنفيذ تعليمات رئيس الوزراء بالإغلاق وفقاً لحالة الطوارئ التي تمر بها البلاد، حيث عملت الأجهزة كافة وشرطة السياحة على إخلاء كافة المحافظات من السياح الأجانب وتأمين سلامتهم وعودتهم، ومتابعة ضبط وحفظ الأمن في أماكن الحجر الصحي بجميع المحافظات، ومتابعة أي بلاغات عن مخالطين محتملين لمصابين، وضبط تنقل العمال من وإلى الداخل بالإضافة إلى مراقبة المحال التجارية بالتنسيق مع جهات الاختصاص لضبط الالتزام بالتسعيرة الرسمية من وزارة الاقتصاد، وقامت الأجهزة الأمنية وبالتعاون مع جهات الاختصاص بإتخاذ الإجراءات بشأن بعض المنتجات والسلع الفاسدة.
والتزمت أجهزة إنفاذ القانون بالمحافظة على التطبيق السليم للقانون والنظام والقرارات الصادرة عن الرئيس ورئيس الوزراء ومجلس الوزراء بالتزامٍ تام باحترام حقوق الإنسان، وعلى الرغم من بعض الإشاعات والانتقادات التي ظهرت إلا أن الحكومة كعادتها تمتعت برحابة صدر واستمرت سياستها بحماية الحريات والتعبير عن الرأي، وتم توضيح وجهات النظر حول الآراء المختلفة بمزيدٍ من توعية الجمهور والشفافية والمعلومات الدقيقة. وخلال المؤتمرات الصحفية اليومية صباحاً ومساءً قدمت الحكومة نموذجاً إيجابياً في التعامل الإعلامي وحرية الرأي والصحافة الناقدة.
تكامل الشراكات مع المجتمع المدني والقطاع الخاص والدول المانحة
أوضحت الحكومة منذ البداية أن أزمة كورونا ليست قضية قطاعية تديرها وزارة الصحة وحدها، وإنما قضية وطنية تشاركية تهُم القطاعات جميعها، وعمل رئيس الوزراء على تكامل الشراكة بين كافة مؤسسات الدولة وتكاتف الجهود، والاستثمار في العمل التطوعي للشباب خلال هذه الأزمة التي تواجهنا، إضافة الى زيادة حملات التوعية المجتمعية للوقاية والحد من انتشار الفيروس.
وبالشراكة مع القطاع الخاص أُنشِئ صندوق «وقفة عِز» لمساعدة الفئات المحتاجة في المجتمع ودعمها، والذي جمع حوالي (60 مليون شيقل) تم توزيعها على الفئات المستهدفة. وكذلك تم العمل مع سلطة النقد والبنوك لإنشاء صندوق بقيمة (300 مليون دولار) لدعم الشركات المتوسطة والصغيرة للمحافظة على استمرارية أعمالها.
واجتمع دولة رئيس الوزراء وأعضاء من الحكومة مع مؤسسات القطاع الخاص؛ شاملاً المجلس التنسيقي للقطاع الخاص ومركز التجارة الفلسطيني واتحاد الصناعات، ومع الاتحادات والنقابات ومديري المستشفيات الخاصة والأهلية واتحاد الفنادق (والذين وضعوا كافة مستشفياتهم وفنادقهم تحت تصرف الحكومة) لتحقيق التكامل بين القطاعين الخاص والعام في مواجهة الأزمة دون مبالغة أو استهتار بخطورة الوضع، ولخلق حالة توازن بين الإحتياجات الصحية للمواطنين والمتطلبات الاقتصادية.
وتم تشكيل لجان شعبية من القوى وفصائل العمل الوطني في مختلف المحافظات (المدن والقرى والمخيمات) للمساهمة في الجهد الوطني لمكافحة الجائحة تحت عنوان "بتعاوننا ووعينا سنهزم كورونا"، لرفد الجهد الحكومي بأعمال مهمة شملت تعقيم السيارات والمراكز العامة، وتوجيه حركة العمال، وتوفير الطرود الغذائية للفئات المحتاجة لا سيما في المناطق الأكثر تضرراً.
وبسبب الظروف المالية الصعبة التي يفرضها الاحتلال، تواصلت الحكومة بشكل مكثف مع الجهات المانحة للحصول على الدعم المالي اللازم لمواجهة الوباء، وتمكنت من الحصول على دعم من عدد من الدول مثل دولة قطر بقيمة (10 ملايين دولار)، والكويت بقيمة (5.5 مليون دولار،) والصناديق العربية والإسلامية بقيمة (5.5 مليون دولار)، ودعم تجهيزات من المملكة العربية السعودية بقيمة (3 ملايين دولار)، ودعم بواسطة منظمة الصحة العالمية بقيمة (4.7 مليون دولار)، والوكالة الفرنسية AFD بقيمة(1.3 مليون دولار)، بالإضافة إلى جهات أخرى متبرّعة محلية ودولية، حيث بلغ مجموع المساعدات المالية والعينية الملتزم بها من قبل كافة الأطراف المحلية والدولية حوالي (40 مليون دولار)
الدروس المستفادة